عرض مشاركة واحدة
قديم 11-24-2008
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: لمـاذا تهـتم إسـرائـيـل بـالأدب العـربـي؟

والأدب الحديث

أما الاهتمام بالأدب العربي الحديث وترجمته فيحظى باهتمام أكبر ومتابعة أدق ودراسات أوفى في ضوء الصراع العسكري والسياسي بين إسرائيل والدول العربية, لأن (الأعمال الأدبية تزخر بالثراء الذي يمكن الاستفادة منه في الاستبصار بالمتغيرات المتعددة التي ينطوي عليها أي واقع اجتماعي).

ويكفي أن نشير هنا إلى الدراسة التي أعدها يهوشافاط هركابي الذي عمل رئيسا لجهاز المخابرات الإسرائيلي إلى جانب كونه أستاذا بالجامعة العبرية, مستعينا فيها بدراسة القصة العربية الحديثة ليزعم أن ضعف الروابط الاجتماعية بين العرب وانعدام تماسكهم الاجتماعي هو السبب الذي أدى إلى هزيمتهم على أرض المعركة في حرب الخامس من يونيو عام 1967م. فيشير إلى أن انعدام روح الفريق بين العرب, والروح الفردية التي تسودهم انتقلت إلى ميدان القتال فكانت سببا رئيسيا في هزيمتهم. وقد استدل على ذلك بالصورة السائدة للبطل في القصة العربية الحديثة, مستنتجا أن هذا البطل يتسم بالانعزالية عن أقرانه وأن شعوره بالاغتراب يهيمن على عالمه.

من هذا المنطلق كان الاهتمام بالأدب العربي الحديث وترجمته. وكانت بداية ترجمة هذا الأدب مع قصة (الأيام) لطه حسين التي قام بها مناحيم كابليوك عام 1932. كما قام المترجم نفسه بترجمة بعض قصص محمود تيمور, كما ترجم شموئيل ريجولانت, مجموعة قصصية أخرى لمحمود تيمور عنوانها (إلى الجنة) تصور حياة المجتمع المصري وترسم صورة مفصلة للأحياء الفقيرة في القاهرة.

الرواية أولاً

وتركز أعمال الترجمة على الأعمال الروائية بشكل خاص, لأنها تقدم صورة بانورامية شاملة تساعد الباحث الاجتماعي الإسرائيلي على إعادة التركيبة الاجتماعية للواقع أكثر من أي جنس آخر. ومن أبرز الأدباء القصاصين والروائيين الذين ترجمت أعمالهم الروائية والمسرحية إلى العبرية توفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويوسف إدريس وغيرهم. ومن روايات توفيق الحكيم التي ترجمت إلى العبرية (يوميات نائب في الأرياف) (1945), و(عودة الروح) (1957) ومن مسرحياته (طعام لكل فم), و(الزمار),وغير ذلك وترجم لنجيب محفوظ رواية (زقاق المدق)(1969م) و(اللص والكلاب) (1970), و(الحب تحت المطر) (1976), و(الشحاذ) (1978), و(بين القصرين) (1981), وثرثرة فوق النيل (1982), و(ميرامار) (1983), و(قصر الشوق) (1984), و(السكرية) (1987), و(أولاد حارتنا) (1990) وغير ذلك. كما ترجمت من أعمال يوسف إدريس رواية (العيب) واثنتا عشرة قصة قصيرة تصور حياة القرية والمدينة في مصر, ومنها (أرخص ليالي) و(الناس) و(طبلية من السماء), و(نظرة), و(مارش الغروب), و(جمهورية فرحات) وغير ذلك. كما قام اسحاق شموش وباروخ مورين باختيار ست وعشرين قصة مصرية قصيرة نشرت عام 1954م, وقد مثلت هذه القصص مختلف التيارات والأساليب الأدبية لعدد من الأدباء المصريين الذين يمثلون أجيالا مختلفة مثل محمود تيمور ولاشين والمازني ونجيب محفوظ ومعاصريه. فنجد في هذه المجموعة قصصا لسيد قطب, باعتباره أحد قادة حركة الإخوان المسلمين, وعبدالرحمن الشرقاوي, باعتباره كاتبا يساريا, وقصصا للعنصر النسائي مثل أمينة السعيد وبنت الشاطيء وغيرهما. (وكثيرا ما تنشر مع هذه الترجمات دراسات وتحليلات أدبية لهذه الأعمال القصصية, إذ يحاول بعض الدارسين أخذ العبر والتوصل إلى بعض الاستنتاجات بالنسبة للاتجاهات الفكرية لدى طبقة المثقفين المصريين ونواحي تفكيرهم إزاء الأوضاع الاجتماعية والسياسية الراهنة كما يقول د. ساسون سوميخ.

أطراف الصراع

وهكذا كانت للترجمات من الأدب المصري الحديث نصيب الأسد, نظرا للمكانة التي تحتلها مصر بين الدول العربية في مجال الإبداع الأدبي من ناحية ودورها المحوري في الصراع العربي الإسرائيلي من ناحية أخرى. ولكن هذا لم يعن أن هذه الترجمات تجاهلت الأدب العربي في الدول العربية الأخرى التي تمثل أطرافا أخرى في الصراع مع إسرائيل. فترجمت بعض الأعمال القصصية للأديب اللبناني توفيق عواد وميخائيل نعيمة وليلى بعلبكي وجبران خليل جبران وغيرهم. ومن العراق ترجمت أعمال قصصية للكتاب ذي النون أيوب وعبدالملك نوري وغائب طعمة وغيرهم. ومن القصص السوري ترجمت أعمال زكريا تامر وغيره. كما ترجم د. شمعون بلاص مجموعة قصصية أسماها (قصص فلسطينية) صدرت عام 1970 ضمت هذه المجموعة ترجمة عبرية لخمس عشرة قصة تتمحور حول القضية الفلسطينية, فعكست الشعور بالعداء والكراهية لليهود باعتبارهم محتلين مغتصبين للوطن الفلسطيني, كما عالجت هذه المجموعة مشاكل الواقع الفلسطيني والأردني, ورسمت صورة بانورامية لهذا الواقع.

والشعر أيضاً

وبعيدا عن الأدب القصصي الذي كان للمصريين فيه الباع الأكبر ـ فترجم منه المترجمون الإسرائيليون الكثير والكثير ـ توجه هؤلاء المترجمون إلى الشعراء العراقيين واللبنانيين والسوريين دون المصريين, ويعود السبب في ذلك إلى (ظهور جيل من الشعراء في العراق ترأسوا الحركة الشعرية التي تعرف بالشعر الحر, هذه الحركة التي نادت بالتحرر من القالب التقليدي لشعر الوزن والقافية, أما السبب في الاهتمام بالشعراء اللبنانيين أو السوريين فهو أن معظمهم مثل الاتجاه التجريبي الجديد. وعلى الرغم من أن هذا التوجه يبدو في ظاهره أكاديميا صرفا يسعى إلى متابعة كل ما هو جديد, فإنه في الحقيقة ينضوي تحت ما سلف تناوله من قبل وهو رصد المتغيرات والتحولات الاجتماعية, فلا يمكن تحليل التحولات الكبرى في أدب ما وفهمها وتفسيرها بمعزل عن التحليل الاجتماعي للعوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والعلمية.

لكل هذا ترجمت الأعمال الشعرية للشعراء العراقيين مثل عبدالوهاب البياتي وبدر شاكر السياب ونازك الملائكة وغيرهم, ومن الشعراء اللبنانيين أدونيس ويوسف الحاج وأنس الحاج وغيرهم, ومن الشعراء السوريين نزار قباني ومحمد الماغوط وغيرهما, ومن الشعراء الفلسطينيين معين بسيسو وفدوى طوقان وغيرهما.


محمد أحمد صالح
مجلة العربي
عدد 514
1/09/2001


عن روض الرياحين
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس