عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #45
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

"وحضرة الألوهية حضرة الغنى المطلق، والعز المحقَّق.


يقول الله سبحانه وتعالى لنبيه سيد الخلائق - صلى الله ‏عليه وآله وصحبه وسلم:‏‎ { وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن ‏تَخْشَاهُ}‏ ‏(1) ‏.‏


فحضرة الألوهية ترتعد من عزتها فرائص المقرَّبين. ‏والعارف بالله لا يأمن مكر الله، ولو صرَّفه الله في العوالم، ولا ‏ييأس من روح الله، ولو انغمس في الذنوب العظائم، لا يرى ‏في الوجود مخلوقاً أنقص من نفسه، ولا يتعالى على مخلوق ، ‏وتأخذه الغيرة بالله على انتهاك الحرمات، وهو فانٍ عن نفسه، ‏وحظِّه، وجميع الشهوات، عرف أن كل شيء ما خلا الله ‏باطل، فلم يرتكن على مخلوق لأنه رأى إشراقة الجمال فتنعَّم ‏بشهودها، وشرب الطهور من قول الله تعالى:‏{‏ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ ‏فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ } (2)‏ ‏ ‏.‏


انطوت العبارة، وانكشفت حقائق الآثار، فشاهد العدم ‏بارزاً بنور القدم، فقال: " سبحانك يا قدير! يا من أقمت ‏العبد في صورة "السميع، البصير".‏


ومن أراد أن يتنعَّم بشهود الحضرة فعليه أولاً أن يتطهَّر من ‏الذنوب الظاهرة بالتوبة، ومن العيوب الباطنة بالخشية، ثم ‏يغسل وجوده الباطل بماء الحقيقة، حتى يرجع لأصله، ويحظى ‏بوصله، فإن وجود العبد بنفسه باطل، وهو حدثٌ يجب ‏الطهارة منه، فيتحقق المدد من جنابه، فضلاً منه إليه، ويكون ‏هو الدليل عليه، سطعت أنوار ودِّه فجميع الورى يسبحون ‏في نوره.... .




والله لولا الله ما اهتدينا = ولا تصدَّقنا ولا صلينا (3)

1والله لـولا الله مـا iiاهتدينـا ولا تصدَّقنا ولا صلينا (3)



هو الموفق الهادي، وعليه توكلي واعتمادي، لولا ظهوره ‏ما ظهرت الكائنات، ولولا نوره ما لاحت المخلوقات." اهـ182


اقتباس:======================= الحاشية =====================‏

(1) ‎ ‎‏: سورة الأحزاب – الآية 37.‏

(2) ‎ ‎‏: سورة البقرة – الآية 115.‏

(3) ‎ ‎‏: وهذا البيت من جملة الأشعار التي أنشدها سيدنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم متمثلاً ‏بها لا منشئاً لها، فهو صلى الله عليه وآله وسلم لم يقل الشعر حيث عصمه الله منه . ‏وقد ثبت في الصحيح أنه صلى اللّه عليه وسلم تمثل يوم حفر الخندق بأبيات عبد اللّه ‏بن رواحة رضي اللّه عنه، ولكن تبعاً لقول أصحابه رضي اللّه عنهم، فإنهم كانوا ‏يرتجزون وهم يحفرون فيقولون:‏

لا هم لولا أنت ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سكينة علينا *** وثبت الأقدام إن لاقينا
إن أولاء قد بغوا علينا *** إذا أرادوا فتنة أبينا

‏ ويرفع صلى اللّه عليه وسلم صوته يقوله: أبينا، ويمدها، وقدر روى هذا بزحاف في ‏الصحيحين أيضاً، وكذا ثبت أنه صلى اللّه عليه وسلم قال يوم حنين وهو راكب ‏البغلة يقدم بها في نحور العدو:‏

أنا النبي لا كذب *** أنا ابن عبد المطلب

لكن قالوا: هذا وقع اتفاقاً من غير قصد لوزن شعر، بل جرى على اللسان من غير ‏قصد إليه، وكذلك كا ثبت في الصحيحين عن جندب بن عبد اللّه رضي اللّه عنه ‏قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غار، فنكبت إصبعه، فقال صلى اللّه ‏عليه وسلم:‏

هل أنت إلا اصبع دميت *** وفي سبيل اللّه ما لقيت

‏ وكل هذا لا ينافي كونه صلى اللّه عليه وسلم ما علم شعراً وما ينبغي له، فإن اللّه تعالى ‏إنما علمه القرآن العظيم ‏{الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من ‏حكيم حميد} ، وليس هو بشعر كما زعمه طائفة من جهلة كفار قريش، ولا كهانة ‏ولا سحر يؤثر، كما تنوعت فيه أقوال الضلال وآراء الجهال، وقد كانت سجيته ‏صلى اللّه عليه وسلم تأبى صناعة الشعر طبعاً وشرعاً. قال صلى اللّه عليه وسلم: "لأن ‏يمتلئ جوف أحدكم قيحاً خير له من أن يمتلئ شعراً" . أخرجه الإمام أحمد عن أبي ‏هريرة مرفوعاً، قال ابن كثير. وإسناده على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

‏ على أن الشعر فيه ما هو مشروع وهو هجاء المشركين، الذي كان يتعاطاه شعراء ‏الإسلام، كحسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد اللّه بن رواحة وأمثالهم وأضرابهم ‏رضي اللّه عنهم أجمعين، ومنه ما فيه حكم ومواعظ وآداب، كما يوجد في شعر ‏جماعة من الجاهلية، ومنهم (أمية ابن أبي الصلت) الذي قال فيه رسول اللّه صلى اللّه ‏عليه وسلم: "آمن شعره وكفر قلبه"، وقد أنشد بعض الصحابة رضي اللّه عنهم للنبي ‏‏صلى اللّه عليه وسلم مائة بيت يقول صلى اللّه عليه وسلم عقب كل بيت: ‏‏"هيه"، يعني يستطعمه فيزيده من ذلك، وفي الحديث: "إن من البيان سحراً وإن من ‏الشعر حكماً" أخرجه أبو داود من حديث أبي بن كعب وابن عباس رضي اللّه ‏عنهما. ولهذا قال تعالى: ‏{وما علمناه الشعر}‏ .‏" اهـ 182





(يتبع إن شاء الله تعالى مع الاستحضار براق الأخيار‏.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس