عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #46
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الاستحضار براق الأخيار‏



"استحضر قوله تعالى:‏‎ { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ } (1)‏ ‏ ‏.


وأنه سبحانه وتعالى محيطٌ بالعالم، أقرب إليك من نفسك، له ‏عظمةٌ تدكُّ الجبال، وله لطفٌ وجمالٌ يدعو إلى الوصال، فاجعل ‏قلبك كأنه ينطق:‏‎ {الله ‏}‏. أو أن الاسم الشريف منقوش على ‏القلب ، واستغرق في الذكر ، فالقلب يذكر حضوراً، واللسان ‏يذكر لفظاً، والأذن تسمع اسم حبيبها.‏


فاستحضر أنك هنا غريب، ولا راحةَ لك إلا في وطنك ‏الأول، وهو وصولك إلى مولاك، فيحصل للقلب جواذب ‏وهيام، ويستديم الجهاد بين العبد وحظه، حتى يكاشفه الله ‏بالحقيقة.‏


استحضر سعة رحمة الله، وأقبل عليه بالكلية، حتى ينقلك ‏إلى حضرة العبودية، فتكون عنده تعالى ، ويكفيك أنك متى ‏ذكرت الله ذكرك (2)، وهذا هو الشرف العظيم، ‏قال تعالى: ‏{ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ } ( 3)

‏ ‏ ‏. ‏
يعني: ذكر الله للعبد أكبر من الصلاة وهي ذكر العبد لله .‏" اهـ185


اقتباس:============================ الحاشية ====================

(1) ‎ ‎‏: سورة الحديد - الآية 4. ‏

‏ ويكون الاستحضار بمراقبة العبد نفسه أنه في معية الله تعالى دائماً، وأن الله سبحانه ‏وتعالى يراقبه في كل أحواله، ولا يكون هذا إلا برياضة النفس وتربيتها على يد شيخ ‏تربية عارف بمداخل النفس وأمراض القلوب، يأخذ بيد المريد إلى حضرة ربه بعد ان ‏يخليه من كل خلق ذميم، ويحليه بكل خلق حميد كريم، فتثمر مراقبتنا لله عز وجل ‏الرفق بخلق الله ونتأنى في تحصيل ما نطلبه منه سبحانه، ونحلم على من خالفنا وعصانا ‏وآذانا، وهذا الخلق من أكمل أخلاق الرجال وقليل فاعله، ومن تخلق به ذوقا لم يصر ‏عنده غلظة ولا فظاظة لا على من أمره بالإغلاظ عليهم كالكفار، وكذلك من تخلق ‏به لم يتكدر ممن أبطأ في قضاء في الحاجة أبدا لأن الرسول لم يبطأ بها، وإنما أبطأ ‏بها وقتها المضروب لها في علم الله، وكذلك من تخلق به لا يقابل أحدا آذاه بنظير فعله ‏أبدا، ولو أن جاريته رمت ولده في نار فمات لم يقابلها ولا بكلمة تغيظها، بل ربما ‏أعتقها تماما للحلم. ولا بد لمن يريد أن يتخلَّق بهذا الخلق من سلوك على يد شيخ ‏ناصح يصبر معه على المجاهدة والرياضة حتى يدخله حضرات الأسماء الإلهية، فينصبغ ‏في حضرة الرحيم، والحليم، والصبور، ويصير لا يتكلف لرفق ولا حلم ولا صبر كما ‏لا يتكلف لدخول النفس وخروجه من خياشيمه، ومن لم يسلك فمن لازمه الإخلال ‏بهذا الخلق ويدرك في نفسه مشقة وتعبا. فاسلك يا أخي على يد شيخ إن أردت ‏التخلُّقَ بهذا ، والله يتولى هداك.


(2) ‎ ‎‏: ولهذا شواهد كثيرة من الحديث الشريف؛ منها: قوله سبحانه وتعالى في الحديث ‏القدسي الجليل: (أنا جليسُ من ذكرني). رواه الديلمي بلا سند عن عائشة مرفوعا، ‏وعند البيهقي في الشعب عن أُبَي بن كعب قال: قال موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام: يا رب أقريب أنت فأناجيك أو بعيد فأناديك؟ فقيل له:" يا موسى أنا ‏جليس من ذكرني". ‏


‏وعند البيهقي أيضا في موضع آخر أن أبا أسامة قال لمحمد بن النضر: " أما ‏تستوحش من طول الجلوس في البيت؟ فقال: ما لي أستوحش وهو يقول:" أنا جليس ‏من ذكرني". وعن محمد بن نضر الحارثي، أنه قال لأبي الأحوص: أليس تروي أنه ‏قال: " أنا جليس من ذكرني" فما أرجو بمجالسة الناس؟. وعند البيهقي معناه في ‏المرفوع عن أبي هريرة أنه قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز ‏وجل قال:" أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه"، ورواه الأوزاعي عن أبي ‏هريرة موقوفا ومرفوعا، والمرفوع أصح، ورواه الحاكم وصححه عن أنس بلفظ قال ‏الله تعالى :"عبدي أنا عند ظنك بي، وأنا معك إذا ذكرتني".‏


(3) ‎ ‎‏: سورة العنكبوت – آية 45.‏



(يتبع إن شاء الله تعالى مع: " .... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس