عرض مشاركة واحدة
قديم 02-20-2009
  #1
أبو يوسف
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
المشاركات: 518
معدل تقييم المستوى: 16
أبو يوسف is on a distinguished road
افتراضي ابن خلدون ينشد في المولد

قال ابن خلدون رحمه الله :
ثم أخذت نفسي بالشعر، وانثال عليّ منه بحور، توسطت بين الإجادة والقصور، وكان مما أنشدته إيّاه، ليلة المولد النبوي من سنة اثنتين وستين وسبعمائة:


أسرفن في هجري وفي تعذيبـي = وأطلن موقف عبرتي ونحيبي
وأبين يوم البين وقفة ساعــة = لوداع مشغوف الفؤاد كئيب
لله عهد الظاعنين وغــادروا = قلبي رهين صبابة ووجيب
غربت ركائبهم ودمعي سافـح = فشرقت بعدهم بماء غروب
يا ناقعاً بالعتب غلة شوقهـم = رحماك في عذلي وفي تأنيبي
يستعذب الصب الملام وإننـي = ماء الملام لدي غير شروب
ما هاجني طرب ولا اعتاد الجوى = لو لا تذكر منزل وحبيب
أصبوا إلى أطلالٍ كانت مطلعـاً = للبدر منهم أو كناس ربيب
عبثت بها أيدي البلى وتـرددت = في عطفها للدهر أي خطوب
تبلى معاهدها وإن عهودهــا = ليجدها وصفي وحسن نسيبي
وإذا الديار تعرضت لمتيـــم = هزته ذكراها إلى التشبيب
إيه عن الصبر الجميل فإنـــه = ألوى بدين فؤادي المنهوب
لم أنسها والدهر يثني صرفــه = ويغض طرفي حاسد ورقيب
والدار مونقة محاسنها بمـــا = لبست من الأيام كلى قشيب
يا سائق الأظعان يعتسف الفـلا = ويواصل الأسآد بالتأويب
متهافتاً عن رحل كل مذلــل = نشوان من أين ومس لغوب
تتجاذب النفحات فضل ردائـه = في ملتقاها من صبا وجنوب
إن هام من ظمأ الصبابة صحبـه = نهلوا بمورد دمعه المسكوب
أو تعترض مسراهم سدف الدجى = صدعوا الدجى بغرامه المشبوب
في كل شعب منية من دونهــا = هجر الأماني أو لقاء شعوب
هلا عطفت صدورهن إلى التـي = فيها لبانة أعين وقلوب
فتؤم من أكناف يثرب مأمنــاً = يكفيك ما تخشاه من تثريب
حيث النبوة آية مجلــــوّة = تتلو من الآثار كل غريب
سر عجيب لم يحجبه الثــرى = ما كان سر الله بالمحجوب

ومنها بعد تعديد معجزاته صلى الله عليه وسلم ، والإطناب في مدحه:

إني دعوتك واثقاً بإجابتـــي = يا خير مدعو وخير مجيب
قصرت في مدحي فإن يك طيبـاً = فبما لذكرك من أريج الطيب
ماذا عسى يبغي المطيل وقد حوى = في مدحك القرآن كل مطيب
يا هل تبلغني الليالـــي زورةً = تدني إليّ الفوز بالمرغوب
أمحو خطيئاتي بإخلاصي بهــا = وأحط أوزاري وإصر ذنوبي
في فتية هجروا المنى وتعــودوا = إنضاء كل نجيبة ونجيب
يطوي صحائف ليلهم نوق الفلا = ما شئت من خببٍ ومن تقريب
إن رنم الحادي بذكـرك رددوا = أنفاس مشتاق إليك طروب
أو غرد الركب الخلي بطيبــة = حنوا لمغناها حنين النيب
ورثوا اعتساف البيد عن آبائهم = إرث الخلافة في بني يعقوب
الظاعنون الخيل وهي عوابـس = يغشى مثار النقع كل سبيب
والواهبين المقربات صوافنــاً = من كل خوار العنان لعوب
والمانعين الجار حتى عرضــه = في منتدى الأعداء غير معيب
تخشى بوادرهم ويرجى حلمهم = والعز شيمة مرتجىً ومهيب

(( تاريخ ابن خلدون : ج7 ، ص 406 ))


جَزى اللَهُ اِبنَ خَلدون حَياةً = مُنَعَّمَةً وَخُلداً في الجِنانِ
فَكَم والى وَأَولى مِن جَميل = وَبِرٍّ بِالفِعالِ وَبِاللّسانِ
__________________
خَليليَّ وَلّى العمرُ مِنّا وَلَم نَتُب = وَنَنوي فعالَ الصالِحات وَلَكِنّا
أبو يوسف غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس