عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2008
  #14
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

نتابع كتاب الوصايا للشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي



[وصية:

وعليك بالتودد لعباد الله من المؤمنين بإفشاء السلام وإطعام الطعام والسعي في قضاء حوائجهم وأعلم أن المؤمنين أجمعهم جسد واحد كإنسان واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى كذلك المؤمن إذا أصيب أخوه المؤمن بمصيبة فكأنه هو الذي أصيب بها فيتألم لتألمه ومتى لم يفعل ذلك المؤمن مع المؤمنين فما ثبتت أخوة الإيمان بينه وبينهم فإن الله قد آخى بين المؤمنين كما آخى بني أعضاء جسد الإنسان وبهذا وقع المثل من النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) وأعلم أن المؤمن كثير بأخيه وأن المؤمن لما كان من أسماء الله ما ينضاف إلى ذلك من خلقه على الصورة ثبت النسب والمؤمن أخو المؤمن لا يسلمه ولا يخذله فمن كان مؤمناً بالله من حيث ما هو الله مؤمن فإنه يصدقه في فعله وقوله وحاله وهذه هي العصمة فإن الله من كونه مؤمناً يصدقه الله في ذلك ولا يصدق إلا الصادق فإن تصديق الكاذب على الله محال فإن الكذب عليه محال وتصديق الكاذب كذب بلا شك فمن ثبت إيمانه من كون الله مؤمناً فإن هذا العبد لا شك أنه من الصادقين في جميع أموره مع الله لأنه مؤمن بالله ومؤمن به أيضاً فتنبه لما دللتك عليه ووصيتك به في الإيمان بالله من كونه مؤمناً تنتفع فإني قد أريتك الطريق الموصل إلى نيل ذلك واعتصم بالله (( ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم )) فإن الله على صراط مستقيم وليس إلا ما شرعه لعباده .]

وصية





:لا تكترث لما يصيبك الله به من الرزايا في مالك ومن يعز عليك من أهلك مما يسعى في العرف رزية ومصاباً وقل (( إنا لله وإنا إليه راجعون )) عند نزولها بك وقل فيها كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( ما أصابتني من مصيبة إلا رأيت أن الله على فيها ثلاث نعم النعمة الواحدة حيث لم تكن المصيبة في ديني والنعمة الثانية حيث لم يكن ما هو أكبر منها فدفع الله بها ما هو أعظم منها والنعمة الثالثة ما جعل الله فيها من الأمر بالكفارة لما كنا نتوفاه من سيئات أعمالنا وأعلم أن المؤمن في الدنيا كثير الرزايا لأن الله يحب أن يظهره حتى ينقلب إليه طاهراً مطهراً من دنس المخالفات التي كتب الله عليه في الدنيا أن يقام فيها فلا يزال المؤمن مرزأًً في عموم أحواله وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ( مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تصرعها الريح مرة وتعدلها أخرى حتى تهيج .]


وصية:
عليك بتلاوة القرآن وتدبره وأنظر في تلاوتك إلى ما حمد فيه من النعوت والصفات التي وصف الله بها من أحبه من عباده فانصف بها وما ذم الله في القرآن من النعوت والصفات التي اتصف بها من مقته الله فاجتنبها فإن الله ما ذكرها لك وأنزلها في كتابه عليك وعرفك بها ألا لتعمل بذلك فإذا قرأت القرآن فكن أنت القرآن لما في القرآن واجتهد أن تحفظه بالعمل كما حفظته بالتلاوة فإنه لا أحد أشد عذاباً يوم القيامة من شخص حفظ أية ثم نسيها كذلك من حفظ آية ثم ترك العلم بها كانت عليه شاهدة يوم القيامة وحسرة وإنه قد ثبت عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم في أحوال من يقرأ القرآن ومن لا يقرؤه من مؤمن ومنافق فقال صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب ) يعني بها التلاوة والقراءة فإنها أنفاس تخرج فشبهها بالروائح التي تعطيها الأنفاس (وطعمها طيب) يعنى به الإيمان ولذلك قال ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً فنسب الطعم للإيمان ثم قال ( ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل الثمرة طعمها طيب ) من حيث أنه مؤمن ذو إيمان ( ولا ريح لها ) من حيث أنه غير تال في الحال التي لا يكون فيها تاليا وإن كان من حفاظ القرآن ثم قال ( ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب ) لأن القرآن طيب وليس سوى أنفاس التالي والقارئ في وقت تلاوته وحال قراءته ( وطعمها مر) لأن النفاق كفر الباطن لأن الحلاوة للإيمان لأنها مستلذة ثم قال ( ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها ) لأنه غير قارئ في الحال وعلى هذا المساق كل كلام طيب فيه رضى الله صورته من المؤمن والمنافق صورة القرآن في التمثيل غير أن القرآن منزلته لا تخفى فإن كلام الله لا يضاهيه شيء من كل كلام مقرب إلى الله فينبغي للذاكر إذا ذكر الله متى ذكره أن يحضر في ذكره ذلك ذكراً من الأذكار الواردة في القرآن فيذكر الله به ليكون قارئاً في الذكر وإذا كان قارئاً فيكون حاكياً للذكر الذي ذكر الله به نفسه وإذا كان كذلك فقد أنزل نفسه فيه منزلة ربه منه وهو قوله (( فأجره حتى يسمع كلام الله )) وقوله (( إن الله قال على لسان : عبده سمع الله لمن حمده )) ويقال للقارئ يوم القيامة ( اقرأ وارق ) ورقيه في الدنيا في أيام التكليف في قراءته أن يرقى من تلاوته إلى تلاوته بأن يكون الحق هو الذي يتلو على لسان عبده كما يكون سمعه الذي به يسمع وبصره الذي به يبصر ويديه اللتين بهما يبطش ورجليه اللتين بهما يسعى كذلك في لسانه الذي به ينطق ويتكلم فلا يحمد الله ولا يسبحه ولا يهابه إلى بما ورد في القرآن عن استحضار منه لذلك فيرقى من قراءته بنفسه إلى قراءته بربه فيكون الحق هو الذي يتلو كتابه فيرتفع يوم القيامة في الآية التي ينتهي إليها في قراءته ويقف عندها إلى الدرجة التي تليق بتلك الآية التي يكون الحق هو التالي لها بلسان هذا العبد عن حضور من العبد التالي لذلك فإن أفضل الكلام كلام الله الخاص المعروف في العرف .]
يتبع بعون الله
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس