اسدالله واسد رسوله رضي الله عنه
الحلقة الخامسة من رجال حول الرسول على "العربية"
حمزة بن عبد المطلب.."أسد الله" الذي أُكلت كبده في "أحد"
قبر حمزة بالمدينة
دبي- حيان نيوف
تروي الحلقة الخامسة من برنامج "رجال حول الرسول"، الذي تبثه العربية، اليوم الأربعاء 26-8-2009، في الساعة 5:20 بتوقيت السعودية، قصة حياة الصحابي حمزة بن عبد المطلب.
وابرز ما في قصة حياة حمزة التمثيل الذي حصل بجسده في معركة أحد، و في هذه المعركة كانت هند قد حرضت وحشي بن حرب على قتل حمزة بن عبد المطلب، حيث وعدته بالحرية –و قد كان عبدا لها- إن قتل حمزة. و لما قتل وحشي حمزة جاءت هند إلى حمزة و قد فارق الحياة، فشقت بطنه و نزعت كبده، و مضغتها ثم لفظتها، وذلك انتقاما منه لأنه قتل عمها وأباها في معركة بدر.
يقول محمد عبد الرازق: كان التمثيل أفظع من القتل، فلو كان الأمر توقف عند القتل فقط لهان .. لكان الأمر أهون، ولكنهم مثلوا به فبقرت بطنه وأخرج كبده فحقيقة هذا التمثيل تأثر له النبي جداً وتأثر له الناس.
بدوره يقول محمود الدالاتي: حمزة رضي الله عنه كان بطل معركة أحد بكل جدارة وبلا منازع، ولا أدل على ذلك أن النبي (ص) بعد إستشهاد حمزة رضي الله عنه وأرضاه حزن حزناً شديداً ووقف على جسده وهو مقطع وقد مثل به المشركون تمثيلاً عجيباً.
في منتصفِ شهرِ شوال من السنةِ الثالثة للهجرة فَقَد المسلمون في المدينة المنورة أبرزَ قائدٍ عسكري لديهم، وهو حمزةُ بنُ عبدِ المطلب، الذي كان دورُه أقربَ ما يكون إلى دورِ القائدِ العام لجيشِهم الناشئ الصغير، ولكنه المؤثرُ الفاعلُ في تطوراتِ الأحداث في تلك المرحلة، بعد النصرِ الكبيرِ الذي حققَه في معركةِ بدر في السنة الثانيةِ للهجرة، وما تلاها من مواجهاتٍ قبلَ المعركةِ التي استشهد فيها حمزة، وهي معركةُ أُحُدْ، التي جرتْ بجوارِ الجبل الشهير المسمى بهذا الاسم قربَ المدينةِ المنورة.
كاد جيشُ المشركين أن يُهزم، فبدأ ينسحبُ من أرضِ المعركة. وعندما رأى الرماةُ على الجبل ذلك، ظنُّوا أن المعركةَ انتهت، فنزلوا منه. وكان خالدٌ يتحينُ الفرص، فاقتحم الجبلَ بفرسانه، وقَتل بقيةَ الرماة، وشن هجوماً مضادا فرَّق به جيشَ المسلمين، وأُشيع بأن الرسولَ قتل، فاضطربت صفوفُهم.
وكان المشركون يُتابعون حمزةَ بدقة، فتمكنَ أحدُ رُماتِهم واسمُه وَحشي من قتلِه بِحَرْبَتِه. وكان لمقتلِه أثرٌ كبير على المسلمين.
أمر الرسولُ صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتراجُعِ نحو شِعْبٍ أسفلَ جبلِ أُحد، لتجميعِ صفِّهم. ثم أدارَ الرسولُ المعركةَ بكفاءة. ولما أدرك أبو سفيان إمكانَ تَجمُّعِ المسلمين، أسرعَ بسحبِ جيشه، ورأى أن ما حدثَ يشكل انتصارا، بعد أن تمكنوا من قتلِ حمزةَ وغيرِه.
كان أولَ شيء فَعَلَه الرسولُ صلى الله عليه وسلم بعد انجلاءِ المعركة هو دفنُ الشهداء، وكان عددُهم نحوَ سبعين، في مقدمتِهم حمزةُ بنُ عبدِ المطلب، ومُصعبُ بنُ عُمَيْر، حاملُ لواءِ المهاجرين.
كان حمزة رضي الله عنه في الثامنةِ والخمسين من عُمُره حينما استُشهد، ولم يَبْكِ الرسولُ أَحدا مثلما بَكى حمزة، فقد كان القائدَ الذي يُعتمد عليه.
كان حمزةُ أخَا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم في الرَّضاعة، وأقربَ أعمامِه إليه، وأشدَّهم دفاعاً عنه، وكان لإسلامِه أكبرُ الأثر في نُصرة المسلمين وهم مستضعفون في مكة، في مطلع سنواتِ الدعوة النبوية.
لافتة تدل على موقع شهداء أحد
أخوة الرضاعة
يقول د. صفوت حجازي: النبي (ص) وحمزة أخوان من الرضاعة وكانوا في عمر واحد وكانوا قريبين جدا من بعضهم البعض فإذا قلنا أن أبو بكر والرسول اصدقاء طفولة فحمزة والنبي (ص) كانا أخوان في الرضاعة .
اشتُهر حمزةُ في نشأتِه في مكةَ بفروسيةٍ عالية، وكان موصوفاً بالشجاعة والقوة، حتى عُرف بأنه أعزُّ فتيانِ قريش، وأشدُّهم شكيمة. ولُقِّبَ بصائدِ الأُسود.
وكان لإسلامِ حمزةَ في مرحلةٍ مبكرة من الدعوة، أثرٌ كبير في نُصرة المسلمين والدفاع عنهم. وتمكَّن بذلكَ من وضعِ حدٍ لاعتداءاتِ أبي جهل بشكل خاص على الرسول والمسلمين.
في السنةِ السابعة من البعثة كان حمزةُ مع المحاصَرين من بني هاشم في شِعبِ أبي طالب. ولكنهم خرجوا فيما بعدُ من هذا الحصار، وهم أشدُّ قوةً وأكثرُ صلابة. ثم هاجر إلى المدينةِ المنورة قُبيل هجرةِ النبي بوقتٍ قصير.
وفي الشهور الأولى التي تلت الهجرة، بدأ دورُه العسكريُ يبرز، فقد عَقَد الرسولُ أولَ لواءٍ لحمزةَ بنِ عبدِ المطلب، وبَعَثُه في ثلاثينَ رجلاً من المهاجرين لاعتراضِ قافلةٍ لقريش، ولم يَحصُل بين الطرفين قتال، لكنه كانَ أولَ استعراضٍ للقوةِ من جانب المسلمين، وكان ذلك إشعاراً لقريش بأن قوافلَها التجاريةَ لم تَعُدْ في أمان إذا واصلتْ تدبيرَ مكائدِها ضدَّ المسلمين.
قتال قريش
أما الدورُ القتاليُ والقياديُ الكبيرُ لحمزة، فكان في غزوةِ بدر في السنةِ الثانيةِ للهجرة.
في تلك المعركةِ الحاسمة، شاركَ حمزةُ في القضاءِ على أبرزِ مقاتلي قريش، ومن بينهم شَيْبةُ وعُتبةُ ابنا ربيعة، وبذلك أثَّرَ أعمقَ الأثر في معنوياتِ قريش. وكان حمزةُ بِحَقٍّ بطلَ غزوةِ بدرِ الكبرى.
وبعد معركةِ بدر، وفي شهر شوال من السنةِ الثانية للهجرة، كان حمزةُ حاملَ لواءِ النبيِّ في غزوةِ بني قُيْنُقاع، الذين حاوَلوا أن يوقعوا بين الأنصار، فتمَّ إجلاؤُهم عن المدينة. وهكذا فإن نتائجَ غزوتيْ بدرِ وبني قُيْنُقاع، ودورَ حمزةَ فيهما، فَضْلاً عن دورِه في نصرةِ المسلمين في مكة، كلُّ ذلك كانَ من بين الأسبابِ التي جعلتْ قريشاً وحلفاءَها يَسعوْن لقتلِ حمزةَ بأيَّ وسيلة، وهذا ما تمَّ لهم في معركة أُحد.
كان حمزةُ بنُ عبدِ المطلب إذنْ، فارسَ المسلمينَ الأول، وكان يُسمى أسدَ الله، وسيدَ الشهداء.