عرض مشاركة واحدة
قديم 01-19-2009
  #1
صبا الجمال
عضو شرف
 الصورة الرمزية صبا الجمال
 
تاريخ التسجيل: Oct 2008
المشاركات: 915
معدل تقييم المستوى: 16
صبا الجمال is on a distinguished road
الشيخ المجاهد العالم العامل بديع الزمان النورسي





الشيخ المجاهد العالم العامل بديع الزمان النورسي



الشيخ المجاهد العالم العامل بديع الزمان النورسي ، هو من هو علماً ومكانة في تاريخ تركيا الحديثة التي شهدت وما تزال تشهد تطورات خطيرة منذ بداية القرن العشرين ، وما تزال آثاره حتى الآن يتفاعل بها المجتمع التركي المعاصر ، الذي يلقى الألاقي في عهود العلمانية والعلمانيين الذين انسلخوا من دينهم ، وحاربوا شعوبهم في عقيدتهم وقيمهم وأخلاقهم.




المولد :


ولد سعيد النورسي الملقب بـ (بديع الزمان) في قرية (نورس) الواقعة شرقي الأناضول في تركيا عام (1294هـ - 1877م) مع أبوين صالحين كانا مضرب المثل في التقوى والورع والصلاح ، ونشأ في بيئة كردية يخيم عليها الجهل والفقر، كأكثر بلاد المسلمين في أواخر القرن الماضي ، وبدايات هذا القرن. وإلى قريته (نورس) ينسب.

علمه :
وقد بدت عليه أمارات الفطنة والذكاء منذ طفولته ، ولما دخل (الكتاب) وتتلمذ على أيدي المشايخ والعلماء بهرهم بقوة ذاكرته ، وبداهته ، وذكائه ، ودقة ملاحظته ، وقدرته على الاستيعاب والحفظ ، الأمر الذي جعله ينال الإجازة العلمية وهو ابن أربع عشرة سنة بعد أن تبحر في العلوم العقلية والنقلية بجهده الشخصي ، فقد حفظ عن ظهر غيب ، ثمانين كتاباً من أمهات الكتب العربية كما حفظ القرآن الكريم في وقت مبكر من حياته الخصبة الحافلة.

كما عكف على دراسة العلوم العصرية ، أو العلوم الكونية الطبيعية ، (رياضيات ، وفلك ، وكيمياء ، وفيزياء ، وجيولوجيا) والجغرافيا والتاريخ والفلسفة الحديثة وسواها من العلوم ، حتى غدا عالماً فيها ، ومناظراً فذاً للمختصين بها ، وصار له رصيد ضخم من المعلومات ، مكنه من الانطلاق من مرتكزات علمية سليمة.
كان طالب العلم سعيد النورسي شديد الاحتفال والاشتغال والتعلق بالفلسفة والعلوم العقلية ، وكان لا يقنع ولا يكتفي بالحركة القلبية وحدها ، كأكثر أهل الطرق الصوفية ، بل كان يجهد لإنقاذ عقله وفكره من بعض الأسقام التي أورثتها إياه مداومة النظر في كتب الفلاسفة.




مع القرآن الكريم :

في عام 1894 تناهى إلى سمعه أن وزير المستعمرات البريطاني (غلادستون) وقف في مجلس العموم البريطاني ، وهو يحمل المصحف الشريف بيده ، ويهزه في وجوه النواب الإنكليز ، ويقول لهم بأعلى صوته : ( ما دام هذا الكتاب موجوداً، فلن تستطيع أوربا السيطرة على الشرق ، ولا أن تكون هي نفسها في أمان. لذا ، لا بد لنا من أن نعمل على إزالته من الوجود ، أو نقطع صلة المسلمين به). فصرخ العالم الشاب سعيد النورسي من أعماقه : "لأبرهنن للعالم أجمع ، بأن القرآن العظيم شمس معنوية لا يخبو سناها ، ولا يمكن إطفاء نورها".



رؤيا صادقة :

ورأى النورسي رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلم ، وسأله أن يدعو الله له : أن يفهمه القرآن ، ويرزقه العمل به ، فبشره الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – بذلك ، قائلاً له : سيوهب لك علم القرآن ، شريطة ألا تسأل أحداً شيئاً.
وأفاق النورسي من نومه ، وكأنما حيزت له الدنيا بل أين هو من الدنيا ، وأين الدنيا منه.. أفاق وكأنما حيز له علم القرآن وفهمه ، فقد آلى على نفسه ألا يسأل أحد شيئاً ، استجابة لشرط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد وهبه الله ما تمنى، وصار القرآن أستاذه ، ومرشده وهاديه في الدياجير التي اكتتفت تركيا الكمالية.



بديع الزمان في مهب الأعاصير :


نستطيع تمييز مرحلتين في حياة الإمام سعيد النورسي :

الأولى : مرحلة سعيد القديم ، وتبدأ من مولده حتى نفيه إلى بلدة (بارلا) عام 1926 ، وهذه المرحلة هي مرحلة الإعداد الذاتي لنفسه ، ومرحلة العمل الفردي ، وخوض المعارك السياسية ، مدافعاً عن الخلافة ، وعن القرآن والإسلام ، مهاجماً أعداء الإسلام وأعداء الخلافة والقرآن.



وفي هذه المرحلة :



وفي هذه المرحلة سافر إلى إستانبول عام 1896 ليقدم مشروعاً لإنشاء – جامعة إسلامية حديثة في شرقي الأناضول – بلاد الأكرد – وأطلق عليها اسم (مدرسة الزهراء) لتكون على منوال ( الأزهر ) في مصر ، غير أنها تختلف عن الأزهر بتدريس العلوم الحديثة إلى جانب العلوم الشرعية والعربية ، وذلك من أجل النهوض بالأكراد المسلمين المهملين الذين يفنك بهم الجهل والفقر والتخلف ، ولكن النورسي لم يلق قبولاً من السلطان عبدالحميد ومن وزير داخليته.



وفي عام 1907 سافر مرة أخرى إلى إستانبول ، للغرض ذاته ، وقابل السلطان عبدالحميد ، وانتقد الاستبداد ونظام الأمن واستخبارات القصر (يلدز) فأثار عليه حاشية السلطان ، وأحالوه إلى محكمة عسكرية.



وكان النورسي في منتهي الشجاعة في التعبير عن رأيه أمام القضاة العسكريين ، الأمر الذي جعل رئيس المحكمة يحيله إلى الأطباء النفسانيين ، للتأكد من سلامة قواه العقلية ، وكانت لجنة الأطباء المؤلفة من طبيب تركي ، وآخر أرمني ، وثالث رومي ومن طبيبين يهوديين (!!!) قررت وضعه في مستشفى (طوب طاش) للمجانين) (!!!).



وعندما حضر طبيب نفساني إلى المستشفى ، لفحص قواه العقلية ، بادره النورسي بحديث رائع عميق يأخذ بالألباب ، فما كان من الطبيب إلا أن يكتب في تقريره : لو كانت هناك ذرة واحدة من الجنون عند بديع الزمان ، لما وجد عاقل واحد على وجه الأرض.





مع وزير الداخلية :



ثم أحيل النورسي إلى وزارة الداخلية ، وكان الحوار التالي بينه وبين وزير الداخلية الذي حسب أن النورسي كسائر من عرف يمكن شراؤه بثمن بخس ، فلطالما اشترى الوزراء علماء بدارهم معدودة ، فكان الوزراء والعلماء والسائرون في ركابهم ، كارثة على الشعوب والمبادئ والقيم.



- قال له الوزير في فرح وطمأنينة : إن السلطان يخصك بالسلام مع مرتب بمبلغ ألف قرش ، وعندما تعود إلى بلدك سيجعل مرتبك ثلاثين ليرة كما أرسل لك ثمانين ليرة هدية سلطانية.



- قال بديع الزمان هي شموخ : لم أكن أبداً متسول مرتب ، ولن أقبله ولو كان ألف ليرة لأنني لم آت لغرض شخصي ، وإنما لمصلحة البلد ، فما تعرضونه علي ليس سوى رشوة السكوت.



- قال الوزير مهدداً : إنك بهذا ترد الإرادة السلطانية ، والإدارة السلطانية لا ترد.



- أجابه بديع الزمان بتحد : إنني أردها ، لكي يستاء السلطان ويستدعيني عند ذلك أستطع أن أقول له قولة الحق.



- قال الوزير متوعداً : إن العاقبة ستكون غير سارة.



- قال بديع الزمان في استهانة : تعددت الأسباب والموت واحد ، فإن أعدم فسوف أرقد في قلب الأمة ، علماً بأنني عندما جئت إلى إستانبول كنت واضعاً روحي على كفي اعملوا ما شئتم ، فإني أعني ما أقول : إنني أريد أن أوقظ أبناء الأمة ، ولا أقوم بهذا العمل إلا لأنني فرد من هذا البلد ، لا لأقتطف من ورائه مرتباً ، لأن خدمة رجل مثلي للدولة لا تكون إلا بإسداء النصائح ، وهذه لا تتم إلا بحسن تأثيرها ، وهذا لا يتم إلا بترك المصالح الشخصية فإنني معذور إذن عندما أرفض المرتب.



- ذعر الوزير من كلام الشيخ ، ومن صرامة موقفه ، فقال له لين : إن ما ترمي إليه من نشر المعارف في بلدك هو موضع دراسة في مجلس الوزراء حالياً.



- بديع الزمان : إذن فلم يتأخر نشر المعارف ، ويستعجل في أمر المرتب ؟ لماذا تؤثرون منفعتي الشخصية على المنفعة العامة ؟

يتبع بمشيئة الله
صبا الجمال غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس