عرض مشاركة واحدة
قديم 01-23-2010
  #119
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الوَاسِعُ جَلَّ جَلالُهُ


"هو الذي يسع بعلمه كل شيء، وورسع برحمته كل الوجود، ووسع بقدرته جميع الخلائق في حفظ نظامها، ووسع بحلمه الجهلاء (1) .

واسمه تعالى "الواسع" له تجليات واسعة، لا يعلمها إلا الراسخون في العلم، وبقدر ما فاتك من معرفة الواسع، بقدر ما تجهل من الحقيقة، ولا نهاية للوسعة، فقف عند حدِّ الأدب.

وقد ورد في الحديث الصحيح: أن الله تعالى يتجلَّى لعباده يوم القيامة في صورة يجهلونها، ويقول لهم: أنا ربكم، فينكرونه. ويتجلَّى لهم في صورة أخرى يعرفونها، فيقرون له ويقولون: "نعم أنت ربنا" (2) ، وذلك لجهلهم بوسعة التجلي.

ولما كان العبد الكامل لا يسع قلبه غير حبيبه، كذلك كان العبد لا يسعه إلا ربه، لأن العوالم ضيّقةٌ أمام العارف (3) .

قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( لي ساعةٌ لا يسعني فيها غير ربي ) (4) .

وتلك الساعة عند العارفين دونها الأرواح، وهي فوق نعيم الجنة.

ومتى أشرقت على قلبك أنوار "الواسع" كثرت معلوماتك، واتَّسعت معارفك، وانشرح صدرك، فلا تغضب على سفيه، ولا تحقد على جهول.
قال سيدنا معاوية رضي الله عنه: أعوذ بالله من جهلٍ لا يسعه حلمي، ومن ذنب لا يسعه عفوي." اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... أنت الواسع الذي أدهشت بوسعك العالم، وحيرت عظمتك كل حكيم عالِم، لك الإطلاق في الظهور، ولك التجلي في المظاهر ومشاهد النور، حيرتنا في الوسعة المحدودة، فكيف تكون سعة أنوارك وصفاتك المشهودة، غمرت العاصين بنعمتك، ووسعت الموجودات بقدرتك، ووسعت الجاني بعفوك الشامل، ووسعت الضعفاء برزقك الواصل. أشرق على قلبي بنور اسمك الواسع، فأسع الخلائق بالرحمة،وأفرح لهم بالنعمة، وأسع الجاهل بحلمي، وأسع أهل الأذى بالعفو، وأشهد أني أنا العدم والظاهر فيمن أنواره الواسعة من نور القدم، فأشهدني أنوار الواسع في نفسي وفي الآفاق، وأدخلني في حمى الرب الخلاق،إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".اهـ.



(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الإسم الشريف " الحَكِيمُ جَلَّ جَلالُهُ ... )


(1) : وقال بعض العارفين: الواسع الذي لا نهاية لبرهانه، ولا غاية لسلطانه. وقيل: واسع في علمه فلا يجهل، واسع في قدرته فلا يعجل. وقيل: الواسع الذي لا يعزب عنه أثر الخواطر في الضمائر. وقيل: الواسع الذي إفضاله شامل، ونواله كامل . فنعمة الله تعالى على عبده فيما يقبضه عنه من الدنيا أكثر وأوفر من نعمته عليه فيما يبسطه له منها،لأن قربه منه بقدر بعده عن الدنيا . حكي أن الوزير المعتصم بعث مالاً إلى أبي الحسين النوري ليفرقه على أصحابه، فوضعه النوري في بيت، ثم قال للفقراء: ادخلوا البيت، واحملوا منه بقدر حاجتكم، فدخلوا، فمنهم من أخذ دانقاً، ومنهم من أخذ درهماً، ومنهم من أخذ أكثر ، فلما خرجوا قال لهم: قُربكم من الحق وبُعدُكُم على مقدار ما أخذتم.

(2) : في الحديث الطويل الذي رواه البخاري في صحيحه بسنده عن أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ أُنَاسٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ قَالُوا لا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ هَلْ تُضَارُّونَ فِي الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَيْسَ دُونَهُ سَحَابٌ قَالُوا لا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ فَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ وَيَتْبَعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فِي غَيْرِ الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا أَتَانَا رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ فَيَأْتِيهِمْ اللَّهُ فِي الصُّورَةِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا فَيَتْبَعُونَهُ وَيُضْرَبُ جِسْرُ جَهَنَّمَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يُجِيزُ وَدُعَاءُ الرُّسُلِ يَوْمَئِذٍ اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ وَبِهِ كَلالِيبُ مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ أَمَا رَأَيْتُمْ شَوْكَ السَّعْدَانِ قَالُوا بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ فَإِنَّهَا مِثْلُ شَوْكِ السَّعْدَانِ غَيْرَ أَنَّهَا لا يَعْلَمُ قَدْرَ عِظَمِهَا إِلا اللَّهُ فَتَخْطَفُ النَّاسَ بِأَعْمَالِهِمْ مِنْهُمْ الْمُوبَقُ بِعَمَلِهِ وَمِنْهُمْ الْمُخَرْدَلُ ثُمَّ يَنْجُو حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنْ الْقَضَاءِ بَيْنَ عِبَادِهِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ النَّارِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ مِمَّنْ كَانَ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ فَيَعْرِفُونَهُمْ بِعَلامَةِ آثَارِ السُّجُودِ وَحَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ مِنْ ابْنِ آدَمَ أَثَرَ السُّجُودِ فَيُخْرِجُونَهُمْ قَدْ امْتُحِشُوا فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءٌ يُقَالُ لَهُ مَاءُ الْحَيَاةِ فَيَنْبُتُونَ نَبَاتَ الْحِبَّةِ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ وَيَبْقَى رَجُلٌ مِنْهُمْ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ فَيَقُولُ يَا رَبِّ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا فَاصْرِفْ وَجْهِي عَنْ النَّارِ فَلا يَزَالُ يَدْعُو اللَّهَ فَيَقُولُ لَعَلَّكَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ فَيَقُولُ لا وَعِزَّتِكَ لا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ فَيَصْرِفُ وَجْهَهُ عَنْ النَّارِ ثُمَّ يَقُولُ بَعْدَ ذَلِكَ يَا رَبِّ قَرِّبْنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَيَقُولُ أَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لا تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ وَيْلَكَ ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ فَلا يَزَالُ يَدْعُو فَيَقُولُ لَعَلِّي إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ تَسْأَلُنِي غَيْرَهُ فَيَقُولُ لا وَعِزَّتِكَ لا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ فَيُعْطِي اللَّهَ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ أَنْ لا يَسْأَلَهُ غَيْرَهُ فَيُقَرِّبُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ فَإِذَا رَأَى مَا فِيهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَسْكُتَ ثُمَّ يَقُولُ رَبِّ أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ ثُمَّ يَقُولُ أَوَلَيْسَ قَدْ زَعَمْتَ أَنْ لا تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ مَا أَغْدَرَكَ فَيَقُولُ يَا رَبِّ لا تَجْعَلْنِي أَشْقَى خَلْقِكَ فَلا يَزَالُ يَدْعُو حَتَّى يَضْحَكَ فَإِذَا ضَحِكَ مِنْهُ أَذِنَ لَهُ بِالدُّخُولِ فِيهَا فَإِذَا دَخَلَ فِيهَا قِيلَ لَهُ تَمَنَّ مِنْ كَذَا فَيَتَمَنَّى ثُمَّ يُقَالُ لَهُ تَمَنَّ مِنْ كَذَا فَيَتَمَنَّى حَتَّى تَنْقَطِعَ بِهِ الأَمَانِيُّ فَيَقُولُ لَهُ هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولا قَالَ عَطَاءٌ وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ جَالِسٌ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ لا يُغَيِّرُ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ حَتَّى انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ قَالَ أَبُو سَعِيدٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ حَفِظْتُ مِثْلُهُ مَعَهُ.

(3) : وقد جاء في حكم سيدي ابن عطاء الله: " مطالع الأنوار القلوب و الأسرار ". يعني : أن مواضع طلوع الأنوار المعنوية و هي نجوم العلم و أقمار المعرفة و شموس التوحيد إنما هي قلوب العارفين و أسرارهم، فهي كالسماء التي تشرق فيها الكواكب، بل تلك الأنوار المعنوية أشد إشراقاً في الحقيقة من الكواكب الحسية. وقد قال بعض العارفين: إذا كان الله تعالى قد حرس السماء بالكواكب والشهب كي لا يسترق السمع منها، فقلب المؤمن أولى بذلك؛ أي لأنه عرش تجلي الحق كما يشير إليه قوله سبحانه في الحديث القدسي: " ما وسعني أرضي ولا سمائي وإنما وسعني قلب عبدي المؤمن " فتأمل هذا الأمر الأعلى الذي أعطيه هذا القلب حتى صار لهذه الرتبة أهلاً ومن هنا قال أبو الحسن الشاذلي: لو كشف عن نور المؤمن العاصي لطبق ما بين السماء والأرض، فما ظنك بنور المؤمن المطيع ؟ .

(4) :قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " لي مع الله وقت لا يسعني فيه ملك مقرب ولا نبي مرسل" . تذكره ساداتنا الصوفية رضي الله عنهم وعنا بهم، كثيرا، وهو في رسالة القشيري بلفظ: " لي وقت لا يسعني فيه غير ربي"، ويقرب منه ما رواه الترمذي في شمائله وابن راهويه في مسنده عن علي في حديث:" كان صلى الله عليه وسلم إذا أتى منـزله جزأ دخوله ثلاثة أجزاء جزءا لله وجزءا لأهله وجزءا لنفسه ثم جزأ جزأه بينه وبين الناس". كذا في اللآلئ، وزاد فيها ورواه الخطيب بسند قال فيه الحافظ الدمياطي أنه على رسم الصحيح، وقال القاري بعد إيراده الحديث.

قلت: ويؤخذ منه أنه أراد بالملك المقرب جبريل وبالنبي المرسل أخاه الخليل انتهى فليتأمل، ثم قال القاري وفيه إيماء إلى مقام الاستغراق باللقاء المعبر عنه بالسكر والمحو والفناء انتهى.‏

انظر: كشف الخفاء ومزيل الإلباس للعجلوني - الحديث رقم 2159. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس