عرض مشاركة واحدة
قديم 05-28-2010
  #1
حمامة المدينة
مشرفة القسم العام وقسم التراث والتاريخ
 الصورة الرمزية حمامة المدينة
 
تاريخ التسجيل: Sep 2009
المشاركات: 645
معدل تقييم المستوى: 15
حمامة المدينة will become famous soon enough
افتراضي محافظة العبد على صفائه وحضوره مع الله تبارك وتعالى

هذا وصفٌ لورّاث رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ أجسامُهم مع الناس وقلوبهم مع الله جلَّ وعلا .

هذه مرتبة عالية ،

وهذا واحد من أخلاق النبي عليه الصلاة والسلام : (( وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ )) [ القلم /4 ] ،

فاختلاطه عليه الصلاة والسلام بالنّاسِ والأمورِ الدنيوية واشتغالهُ بالحروبِ والأهلِ والتبليغِ لا يشغله عن الله تعالى .

لكن بالنسبة لغيره عليه الصلاة والسلام كلُّ واحد على حسب طاقته وطبيعته البشرية .

فكلّما خفَّف جانب البشرية يقوى الجانب الروحي ،

ويكون تعلقه بالله تعالى وصفاؤه وحضوره معه أكثر ؛

وهذا الرزق المعنوي كالرزق المادي ، أعطى الله بعض الناس أكثر من بعض ،

قال تعالى : (( وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ )) [ الأنعام /165 ] . هكذا شأنه جل وعلا .

لكن على المؤمن أن لا يكتفي بهذا التقسيم ، لأنه لا يعرف في الحقيقة هل لـه استعداد للترقي أم لا ،

بل عليه أن يجاهد نفسه بأمـر الله : (( وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا )) [ العنكبوت /69 ] .

مَن أراد أن يكون من هذا القسم فله علاج ودواء لمرضه الذي هو فيه ، وهو :

أولاً:
تهذيبُ النفس ومخالفتُها : (( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهـَا وَقَـدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)) [ الشمس /9-10 ] .

ثانياً : الاعتقاد الصحيح في حقّ الله جلّ وعلا وفي حق صفاته الجليلة

وفيما يتعلق بالحشر والنشر والحساب والعقاب والجنة والنار ، وكلِّ الأمور الغيبية ،

أعني : اعتقادَ أهل السنة والجماعة :((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)) [ البقرة /3 ] .

ثالثاً : التمسّكُ بشرع الله جلَّ جلاله ، لا بالقيل والقال بل بحسب الحِلِّ والحُرمة ؛

وذلك بالتمسك بالكتاب المبين واتباع الرسول عليه الصلاة والسلام .

ويدخل في ذلك أمور كثيرة منها : (( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ )) [ المؤمنون /1-2 ] ، (( وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ ))

[ يونس / 109 ] . . . هـذا كـلُّه يدخل في التمسك بالشريعة .

رابعاً : بقيَ شيء آخر وهو سُلَّم للوصول إلى هذه الفضائل جميعـاً ، وهو ذكر الله تعالى .

فمَن دخل الخلوة فلْيُكثرْ من ذكر الاسم المفرد ( الله ) ،

ومَن لم يدخل الخلوة فليكثر من ذكر ( لا إله إلا الله ) والصلاةِ على رسول الله عليه الصّلاة وأفضل السلام .

موضوعُ هذا المقال واحدٌ من طرقِ الولاية ، وهو مقامٌ عالٍ .

وطرقُ الولاية كثيرةٌ ،

لكنَّ أفضلّها اتّباعُ رسول الله صلى الله عليه وسلم في العادات والعبادات ،

وعدمُ الميل إلى الكشف والكرامات ، لأنّ هذه الأمور ليست مهمّة ؛ فركعتان بعد الوضوء ـ مثلاً ـ أهَمُّ منها .

مَن وصل إلى هذا المقام عليه أن لا يرى لنفسه مرتبة ولا مقاماً ولا أي شيء ،

وعليه إذا أمكن أن يتعلق بشخص يوجِّهه ، لأنه لا يمكن الوصول إلى هذه الفضائل بدون واسطة .

فلو قيل : بعض الأولياء وصلوا إلى ما وصلوا بدون التمسك بالواسطة ، نقول :

هؤلاء لم يتمسكوا بالواسطة ظاهراً ولكنهم تمسكوا بالواسطة باطناً ،

فهم يستفيدون من أرواح الأولياء المتقدمين ، كما قال الأستاذ بديع الزمان رضي الله عنه :

إني استفدت من الإمام الرباني والشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أبي الحسن الشاذلي وغيرهم رضي الله عنهم .

لكن لا يمكن لشخص أن يستفيد من أرواح الأولياء المتقدمين إلا إذا كان من أهل الدّيوان ؛

فإذا كان من أهل هذا المقام فهو يجتمع بهم ويسأل ويُجاب ويصحَّح له .


منقول

حمامة المدينة غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس