مواجهة الأسماء الحسنى
تتجلَّى الأسماء الإلهية للمراقب لعزة الربوبية
"قال الإمام أبو العزائم - رضي الله عنه -:" إن الأولياء تتفاوت مراتبهم بحسب مشاهدهم:
فأول مرتبة تواجهك فيها أنوار الأسماء (1) : أن تتنـزَّل من أنانيتك وتدبيرك واختيارك، وتلاحظ أنك طفل في مهد ربِّك، يتولاَّك بعنايته، ويحفظك بلطفه، ليس لك في الوجود بعير ولا نقير، وعند ذلك يرفع الله عنك الهموم، ويدفع البلايا، ويعطف عليك القلوب. فترى آثار اسمه:"الرحيم" يحيط بك ، وأنوار اسمه:"الكريم" تعمُّك، يغفر الله لك الهفوات، كما يسامح الوالد ابنه الصغير، وتشاهد انفعال النفوس لك، والحنوّ عليك، كما تحنو النفوس على الأطفال الصغار، فيتجلَّى بالعناية والحفظ، واللطف والكرم.
فاطرح الحول والطَّول، والفهم والتدبير، وقل له: تولاَّني يا بصير، يا خبير.
كذلك أولياء الله مع الله، سلَّموا له الأمور (3) ، ورضوا بالمقدور، وهذه معاملتهم مع الحق سبحانه وتعالى، أما مع الخلق فهم نبهاء، عقلاء، يقدِّرون الأشياء ، ويميزون بين مراتب العالم، وينـزلون كل حقيقة في منـزلتها (3) . " اهـ161
اقتباس:============================== الحاشية ==============================
(1) : يقول الشيخ الأكبر سيدي محيي الدين بن عربي رضي الله عنه وأرضاه، وعنَّا به:" أنوار الأسماء نور ينبسط على المعدومات والموجودات، فلا يتناهى امتداد انبساطها، وتمشي العين مع انبساطها، فينبسط نور عين صاحب هذا المقام فيعلم ما لا يتناهى كما لا يجهل مالا يتناهى بتضاعف الأعداد، وهذا علامة من يكون الحق بصره، فالأسماء كلها موجودة، والمسمَّيات منها ما هي معدومة العين لذاتها، ومنها ما هي متقدّمة العدم لذاتها، وهي التي تقبل الوجود والأحوال لا تقبل الوجود مع إطلاق الاسم على كل ذلك، فللأسماء الإحاطة والإحاطة لله لا لغيره. فمرتبة الأسماء الإلهية وما فضل آدم الملائكة إلا بإحاطته بعلم الأسماء فإنه لولا الأسماء ما ذكر الله شيئاً ولا ذكر الله شيء، فلا يذكر إلا بها، ولا يذكر و يحمد إلا بها، فما زاحم صفة العلم في الإحاطة إلا القول، والقول كله أسماء، ليس القول غير الأسماء، والأسماء علامات ودلائل على ما تحتها، فقد ظهر له ما لا يمكن ذكره. انظر: الفتوحات المكية - 2/489.
(2) : وهذا حال كل ولي لله تعالى من أهل الله العارفين، حيث سلَّموا له سبحانه في كل الأمور كما كان عليه سيدنا إبراهيم حين سأله جبريل وقت كان - على نبينا وعليهما أفضل الصلاة والسلام - ملقى في النار فقال له : " علمه بحالي يغني عن سؤالي" ، فقد فوَّض الأمر كلَّه لله تعالى فأنقذه الله تعالى مما هو فيه وقال للنار: {كوني برداً وسلاماً على ابراهيم}، وكذلك من كان على تلك الحالة من التفويض لا بدَّ أن يبدل الله نار الذل إلى برد العز ونار الضعف إلى برد القوة ونار الفقر إلى برد الغنى وهكذا ....في جميع المحن والبلايا .
(3) : فهم رضي الله عنهم سكارى صاحون، فانون باقون، تراهم مع الخلق بأشباحهم، ومع الخالق بقلوبهم وأرواحهم، إذا ما نظرت إلى أمورهم الدنيوية تراهم على غاية الدقة، والعلم بما هو حلال وما هو حرام، حكَّموا الشرع في حركاتهم وسكناتهم وأقوالهم وأعمالهم، وفي أعمال الآخرة باقون بأذواقهم وأحوالهم، ومعرفتهم بربهم." اهـ 161
(يتبع إن شاء الله تعالى مع: الرتبة الثانية من مراتب الولاية:.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات