عرض مشاركة واحدة
قديم 08-28-2010
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي دمشق حاضرة الأمويين أقدم مدن الدنيا

حواضر الإسلام.. فتحها أبوعبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد
دمشق حاضرة الأمويين أقدم مدن الدنيا


من المصدر ©منظر عام لمدينة دمشق

د. أحمد الصاوي

يسمونها “الشام” رغم أن هذا الاسم لم يعد له وجود إلا في كتب التاريخ، إنها دمشق، أقدم مدينة مسكونة في العالم بأسره، وتتحدث المصادر العربية دوماً عن قدمها، فيذكر بعضها أن الذي شيدها هو “دمشق” أحد حفدة سام بن نوح، ويشير البعض الآخر إلى أن إبراهيم عليه السلام أقام فيها، ويرى بعض الجغرافيين العرب أنها المقصودة بالآية الكريمة “إرمَ ذاتِ العمادِ، التّي لَمْ يخلقْ مثلها في البلاد” سورة الفجر - 7 و8.

بغض النظر عن هذه التفسيرات فقد أثبتت الحفائر الأثرية أنها كانت موجودة منذ الألف الثالثة قبل الميلاد، وقد سجل اسمها على جدران معبد الكرنك بمصر، وكان يعرف في المصرية القديمة باسم “تيماسكي”، وقد كانت لفترة من الزمن عاصمة لمملكة آرامية هي “دار ميسق” ومنها اشتق الاسم دمشق.

وظلّت دمشق مدينة مأهولة بالسكان في عهود الإغريق والرومان، وازدهرت منشآتها من معابد وأقواس رومانية.




وقيض لدمشق بعد فتحها في أعقاب معركة اليرموك التي قادها الصحابي الجليل خالد بن الوليد أن تصبح حاضرة لخلافة الأمويين بعد أن آلت مقاليد الحكم إلى معاوية بن أبي سفيان الذي آثرها على المدينة المنورة والكوفة حاضرتي الخلفاء الراشدين نظراً لوجود أنصاره بالشام ولقرب دمشق من حدود أعدائه البيزنطيين وتركز مخالفيه وخصومه السياسيين بالحجاز والعراق.
وعني الأمويون بدمشق فشيد معاوية بها قصراً منيفاً أطلق عليه اسم “القصر الأخضر”. وحسبما يذهب الحميري في كتابه “الروض المعطار” فقد فرش الوليد بن عبدالملك طرق دمشق بالرخام الأبيض المختم باللازورد تختيماً متداخلاً، وإذا كانت هذه الطرقات المفروشة بالرخام لم تصل إلينا، فقد احتفظت دمشق بالمسجد الجامع الذي شيده الوليد بن عبد الملك ما بين سنتي 88 و96 هـ “707 و715م”. وهو أول بناء يختطه المسلمون في دمشق بعد فتحها، وقد كان أولاً مجرد مصلى في الجزء الشرقي من كنيسة أقيمت على أنقاض معبد وثني قديم للإله حدد. وحدث أن أبا عبيدة بن الجراح عند فتح المدينة دخل دمشق من جهة الغرب ووصل إلى شطر الكنيسة الغربي، وقد وقّع الصلح، بينما دخل خالد بن الوليد من الباب الشرقي عنوة وفتح الشطر الشرقي من الكنيسة حرباً.

وأدى سقوط الخلافة الأموية ومقتل مروان بن محمد آخر خليفة أموي في عام 132 هـ إلى بعض التراجع في عمارة دمشق، حتى رأينا هارون الرشيد يرسل إلى الحسين بن عمار عامله عليها يعاتبه على تدهور أحوالها قائلاً: “ولّيتك دمشق وهي جنة تحيط بها غدر تتكفأ أمواجها على رياضٍ كالدراري فما برح بك التعدي لإرقاقهم أن جعلتها أجردَ من الصخر وأوحش من القفر”.

ولكن دمشق سرعان ما استعادت نماءها وظهرت في العصر العباسي معالمها المميزة بها إلى اليوم، حيث صارت تتألف من أحياء مغلقة تتضمن مسجداً وحماماً وأسواقاً، ولكل حي شيخ وحارس وباب مغلق.

وقد لفتت دمشق أنظار الرحالة والمؤرخين بفضل غوطتها اليانعة وموقع المدينة على سفح جبل قاسيون والأنهار السبعة التي تغذيها، حتى أنها وصفت بأنها البلد الذي تمت محاسنه، ووافق ظاهره باطنه، فحيثما مشيت شممت طيباً وأينما توجهت رأيت منظراً عجيباً.

ومنذ عصر الطولونين “254 - 292 هـ” ارتبط مصير دمشق بولاية مصر، وصار الولاة يتطلعون إلى ضمها حتى يسهل عليهم الدفاع عن ممتلكاتهم في مصر، إذا أرادت الخلافة في بغداد مهاجمتها، وما أن انفصلت دمشق عن الطولونيين حتى استولى عليها محمد بن طغج الإخشيد ولم يغير زوال الدولة الإخشيدية على يد الفاطميين في عام 358 هـ من الأمر شيئاً، إذ دخلها الفاطميون وضموها هي وكل بلاد الشام إلى أملاك خلافتهم، وظلت دمشق جزءاً من الدولة الأيوبية وسلطنة المماليك في مصر حتى انتهى هذا الوضع الوحدوي بالغزو العثماني لدولة المماليك.وتحتفظ المدينة ببعض أبراج أسوارها القديمة مثل برج نور الدين وهو مربع القاعدة، ثم يستدير، ويقع هذا البرج جنوب باب الجابية، وهناك أيضا برج الملك الصالح أيوب ويقع شرقي باب توما.

وتحفل دمشق بأسواقها القديمة وهي ضيقة شبه مستقيمة تقوم على طرفيها الدكاكين المختلفة، ويغطي السوق “سقيفة” من الخشب أو من المعدن. وتتكاثف الأسواق قرب المسجد الجامع مثل سوق العطارين والبزورية والخياطين والقبلقجة والحرير والصاغة وسوق القناديل. ويعتبر سوق الحميدية الأشهر بين أسواق دمشق، وهو مؤلف من قسمين، الغربي منهما أنشىء في عهد السلطان عبد الحميد الأول، وعرف بالسوق الجديد في عهد الوالي محمد باشا العظيم، أما القسم الثاني وهو الشرقي فيمتد من العصرونية إلى باب البريد، وقد أنشىء في عهد عبد الحميد الثاني وبأمر من الوالي راشد ناشد باشا، وأطلق علي السوق بأكمله سوق الحميدية لأنه بني في عهدي عبد الحميد الأول والثاني.

ويعد الجامع الأموي أهم المقاصد السياحية بالمدينة حيث يعاين زواره القبر المعروف للقائد الشهير صلاح الدين الأيوبي، وكان القائد الفرنسي “غورو” قد زاره عقب سيطرة قواته على دمشق إبان الحرب العالمية الأولى وحدثه مخاطباً إياه في قبره بقوله ها قد عدنا يا صلاح الدين، الآن انتهت الحروب الصليبية ويعبر الجامع الأموي بصدق عن عظمة العمارة الإسلامية وروعة فنون الزخرفة المتمثلة في لوحات رائعة من الفسيفساء.

وقد تعرضت دمشق عبر تاريخها لنوائب عدة، لعل أقلها خطراً تلك الحرائق المتكررة التي دمرت أجزاء من الجامع الأموي وزخارفه، وغم ذلك كله فهي لاتزال تحمل عبق تاريخ طويل ومجيد يتناسب وكونها أقدم مدينة مأهولة في العالم، وأول حاضرة لخلافة إسلامية ترامت أطرافها من حدود الصين والهند شرقاً إلى بلاد الأندلس غرباً.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس