الموضوع: اللمعات
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-01-2011
  #12
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: اللمعات

اللـمعة الـخامسة عشرة

وهي فهارس كليات رسائل النور: الكلـمات، الـمكتوبات، واللـمعات – الى اللـمعة الرابعة عشرة – وحيث أن كل مـجـموعة خصـّت بفهرستها لذا لـم تدرج هنا.

اللـمعة السادسة عشرة

باسـمه سبـحانه

} وَاِنْ مِنْ شَيءٍ اِلاّ يُسَبـح بـحـمدِهِ{ (الاسراء:44)

السلام عليكم ورحـمة الله وبركاته!

اخوتي الأعزاء الصدّيقين: العالـم صبري، الـحافظ علي، مسعود، الـمصطفون، خسرو، رأفت، بكر بك، رشدي، لطفيون، الـحافظ احـمد، الشيـخ مصطفى وآخرون.

لقد احسست احساساً قلبياً أن أبيـّن لكم باختصار أربع مسائل صغيرة ولكنها مهمة، تلك التي اصبـحت موضع تساؤل.. ابيـّنها لكم للعلـم والاطلاع.

السؤال الاول الـمثير:

أخبر احد اخواننا وهو السيد عبدالله جابرازادة كما اخبر أناس آخرون ايضاً عن أن اهل الكشف قد قالوا بـحدوث بشارات وفتوح لاهل السنة والـجـماعة وتكشف عنهم الغمة في رمضان الـماضي، ولكن لـم يظهر شيء من هذا القبيل!

فسألوني: كيف يـخبر امثال هؤلاء من اهل الولاية والكشف عما هو خلاف الواقع؟

وخلاصة ما اجبتهم مباشرةً، وهو من سوانـح القلب، هي:

لقد ورد في الـحديث الشريف ما معناه: ان البلاء ينزل وتقابلـه الصدقة فتردّه(1).

يتبين من هذا الـحديث الشريف: ان الـمقدرات عندما تأتي من الغيب للوقوع، تأتي مرتبطة ببعض الشروط. فتتأخر عن الوقوع بتأخر الشروط. فتتأخر ايضاً الـمقدّرات التي اطلع عليها الاولياء من اصحاب الكشف اذ ليست مقدرات مطلقة، بل مقيدة ببعض الشروط، فلعدم حدوث تلك الشروط لا تقع تلك الـحادثة. إذ تلك الـحادثة كالأجل الـمعلق، قد كتبت في لوح الـمـحو والاثبات، الذي هو نوع من انواع سجل اللوح الازلي. فالكشف قلـما يرقي الى اللوح الازلي، بل لا يستطيع معظم الكشوف الرقي الى هناك. فبناءً على هذا:

ان الاخبار التي اُخبرت عنها في شهر رمضان الفائت وعيد الاضحى وفي اوقات اخرى، وبناء على الاستنباط أو بنوع من الكشفيات، لـم تـجد شروطها الـمعلقة بها، لذا لـم تأت الى ميدان الواقع. فالـمـخبرون عنها لا يُكذّبون، لأن تلك الـحوادث كانت مقدّرة، الاّ انها لا تقع الاّ بـمـجيء شروطها، واذ لـم تأت الشروط فلا تقع الـحادثة.

نعم! ان الدعاء الـخالص الذي يرفعه معظم اهل السنة والـجـماعة في رمضان الـمبارك دفعاً للبدع، كان شرطاً وسبباً مهماً لـه، ولكن دخول البدع في الـجوامع في الشهر الـمبارك مع الاسف حجبت الاستـجابة والقبول، فلـم تفرج الكربة ولـم تكشف الغمة؛ اذ كما تدفع الصدقةُ البلاءَ – بدلالة الـحديث الشريف – فالدعاء الـخالص من الاكثرين يـجذب الفرج العام الشامل. ولكن لأن القوة الـجاذبة لـم تأتِ الى الوجود، فلـم توهب الفرج والفتـح.

السؤال الثاني الـمثير:

بينـما كان ينبغي القيام بـمـحاولة، والشروع بتدبير، ازاء وضع سياسي مهيـج، في غضون هذين الشهرين، إذ كانت تؤدي تلك الـمـحاولة – باحتـمال قوي – الى ما يفرحني ويدخل البهجة في قلوب الكثيرين من اخوتي الـمقربين؛ لـم أعبأ بذلك الوضع، بل قمت خلافاً لـه احـمل فكراً في صالـح اهل الدنيا الذين يضايقونني! فظلّ البعض في حيرة مضاعفة من امري، اذ قالوا: ان السياسة التي يتبعها ضدك هذا الـمبتدع وثلة من الـمنافقين الرؤساء، كيف تـجدها حتى لا تهاجـمها؟

وخلاصة جوابي:

ان اعظم خطر على الـمسلـمين في هذا الزمان هو فساد القلوب وتزعزع الإيـمان بضلال قادم من الفلسفة والعلوم. وان العلاج الوحيد لإصلاح القلب وانقاذ الإيـمان انـما هو النور واراءة النور. فلو عُمل بهراوة السياسة وصولـجانها واُحرز النصر، تدنى اولئك الكفار الى درك الـمنافقين. والـمنافق – كما هو معلوم – أشد خطراً من الكافر وأفسد منه. فصولـجان السياسة اذاً لا يصلـح القلب في مثل هذا الوقت، حيث يُنزل الكفر الى اعماق القلب ويتستر هناك وينقلب نفاقاً.

ثم ان شخصاً عاجزاً مثلي، لا يـمكنه ان يستعمل النور والـهراوة معاً في هذا الوقت، لذا فانا مضطر الى الاعتصام بالنور بـما املك من قوة، فيلزم عدم الالتفات الى هراوة السياسة اياً كان نوعها. أما ما يقتضيه الـجهاد الـمادي، فتلك الوظيفة ليست مناطة بنا حالياً. نعم! ان الـهراوة هي لوقف تـجاوز الكافر أو الـمرتد عند حدّه، ولكن لا نـملك سوى يدين، بل لو كانت لنا مائة من الايدي ما كانت تكفي الاّ للنور فلا يد لنا تـمسك بهراوة السياسة.

السؤال الثالث الـمثير:

ان هجوم الاجانب كانكلترا وايطاليا على هذه الـحكومة في الآونة الأخيرة يؤدي الى إثارة الـحـمية الإسلامية وهي ركيزة حقيقية ومنبع قوة معنوية لـحكومات خلت في هذا الوطن منذ أمد بعيد وستصبـح وسيلة لإحياء الشعائر الإسلامية – الى حدٍ ما – ولدفع شيء من البدع.. فلـم عارضتَ هذه الـحرب بشدة وسألت الله أن تـحل القضية بسلام وأمان. فقد اصبـحت منـحازاً لـحكومة الـمبتدعين، وهذا بذاته وبنتائجه موالاة للبدع!؟

الـجواب: نـحن نسأل الله الفرج والبشارة والسرور والفتـح، ولكن ليس بسيف الكفار.. فسحقاً لسيوفهم ولتكن وبالاً عليهم. نـحن لسنا بـحاجة ولا نرجو الفائدة من سيوفهم، لأن اولئك الاجانب الـمتـمردين هم الذين سلطوا الـمنافقين على أهل الأيـمان، وهم الذين ربّوا الزنادقة في احضانهم.

أما مصيبة الـحرب وبلاؤها، فهي ضرر بالغ لـخدمتنا القرآنية، لأن معظم اخواننا العاملين الـمضحين الفضلاء لا يتـجاوز اعمارهم الـخـمس والاربعين سنة، فيضطرون الى الذهاب للـحرب تاركين الـخدمة القرآنية الـمقدسة. ولو أن لي مبلغاً من الـمال، لكنت ادفعه – بكل رضاي – لأجل انقاذ هؤلاء الاخوة الاكارم، حتى لو كان البدل النقدي ألف ليرة! ان انـخراط مئات من اخواننا العاملين في الـجندية، ومزاولتهم الـجهاد الـمادي خسارة فادحة لـخدمتنا، أشعر أنها تعدل اكثر من مائة ألف ليرة. بل ان ذهاب ((ذكائي)) الى الـجندية خلال السنتين الـماضيتين، أفقدنا اكثر من ألف ليرة من الفوائد الـمعنوية.

وعلى كل حال فان القدير ذا الـجلال الذي يطهـّر وجه السـماء الـملبـّد بالغيوم ويبرز الشمس الساطعة في وجه السـماء اللامع خلال دقيقة واحدة، هو القادر ايضاً على ان يزيل هذه الغيوم السوداء الـمظلـمة الفاقدة للرحـمة، ويُظهر حقائق الشريعة كالشمس الـمنيرة بكل يسر وسهولة وبغير خسارة.

اننا نرجو هذا من رحـمته الواسعة، ونسألـه سبـحانه الاّ يكـّلفنا ذلك ثمناً غالياً. وان يـمنـح رؤوس الرؤساء العقل ويهب لقلوبهم الإيـمان. وهذا حسبنا، وحينها تتعدل الامور بنفسها وتستقيـم.

السؤال الرابع الـمثير:

يقولون: ما دام الذي في ايديكم نور، وليس هراوة وصولـجاناً، فالنور لايُعارض ولايُهرب منه، ولا ينـجـم من إظهاره ضرر، فلـم اذاً توصون اصدقاءكم بأخذ الـحذر وتـمنعونهم من ابراز رسائل نيّرة كثيرة للناس كافة؟.

مضمون جواب هذا السؤال باختصار هو:

ان رؤوس كثير من الرؤساء مـخـمورة، لا يقرأون، واذا قرأوا لا يفهمون، فيؤولونه الى معنى خطأ، ويعترضون ويهاجـمون. لذا، وللـحيلولة دون الـهجوم ينبغي عدم اظهار النور لـهم لـحين افاقتهم واسترجاع رشدهم.

ثم ان هناك غير منصفين كثيرين، ينكرون النور، أو يغمضون اعينهم دونه، لاغراض شخصية خاصة، أو خوفاً أو طعماً..

ولأجل هذا اوصى اخوتي ايضاً ليأخذوا حذرهم ويـحتاطوا للأمر، وعليهم الاّ يعطوا الـحقائق احداً من غير اهلـها، والاّ يقوموا بعمل يثير اوهام اهل الدنيا وشبهاتهم عليهم(1).

























خاتـمة

تسلـمت اليوم رسالة من السيد رأفت، ولـمناسبة سؤالـه عن اللـحية النبوية الشريفة اقول: انه ثابت في الـحديث الشريف: ان عدد الشعرات التي سقطت من لـحيته الشريفة e مـحدود، وهو عدد قليل، يتراوح بين ثلاثين الى اربعين، أو لا يتـجاوز الـخـمسين والستين من الشعرات، ولكن وجود الشعرات في الوف الاماكن، استوقفني ودفعني الى التأمل والتفكر في حينه، فورد الى خاطري في ذلك الوقت:

ان شعرات اللـحية الشريفة الـموجودة الآن – في كل مكان – ليست هي شعرات اللـحية الشريفة وحدها، بل ربـما شعرات من رأسه الـمبارك e ، اذ الصحابة الكرام الذين ما كانوا ليضيعوا شيئاً منه e قد حافظوا على تلك الشعرات الـمنورة الـمباركة – كلـما حلق – والتي تبقى دائماً، فتلك الشعرات تربو على الألوف وهذا يـمكن ان يكون مكافئاً للـموجود الـحاضر.

وورد ايضاً الى خاطري: تُرى هل الشعر الـموجود في كل جامع بسند صحيـح هو ثابت ايضاً انه من شعره e حتى تكون زيارتنا لـه معقولة؟

فسنـح ببالي فجأة: ان زيادة تلك الشعرات انـما هي وسيلة، وهي سبب لقراءة الصلوات على الرسول الكريـم e ، وهي مدار مـحبته وتوقيره. فلا تُنظر الى ذات الوسيلة، وانـما الى جهة كونها وسيلة، لذا فإن لـم تكن هي شعرة حقيقية من شعراته e فهي تؤدي وظيفة تلك الوسيلة ما دامت تـحسب – في الظاهر – هكذا، وتلقاها الناس شعره من شعراته e . فتكون تلك الشعره وسيلة لتوقيره e ومـحبته واداء الصلوات عليه، فلا يلزم السند القطعي لتشخيص ذات الشعر وتعينيه بل يكفي الاّ يكون هناك دليل قاطع بـخلافه، لأن ما يتلقاه الناس وما قبلته الامة ورضيت به يكون في حكم نوع من الـحجة. وحتى لو اعترض بعض اهل التقوى على مثل هذه الامور سواءً من جهة التقوى أو الأخذ بالاحوط أو العمل بالعزيـمة فانـما يعترضون على شعرات خاصة، ولو قيل انها بدعة، فانها داخلة ضمن البدعة الـحسنة، لأنها الوسيلة للصلوات على الرسول الكريـم e .

ويقول السيد رأفت في رسالته: ((ان هذه الـمسألة قد اصبـحت مثار الـمناقشة بين الاخوان)). فاوصي اخواني: الاّ يناقشوا فيـما يـمكن ان ينـجـم عنه الانشقاق والافتراق، وانـما عليهم أن يتعلـموا تباحث الامور من دون نزاع، وعلى نـمط التداول في الافكار.

باسـمه سبـحانه

} وَاِنْ مِنْ شَيءٍ اِلاّ يُسَبـح بـحـمدِهِ{ (الاسراء:44)

السلام عليكم ورحـمة الله وبركاته

اخوتي الاعزاء من ((سنركنت))(1) السادة: ابراهيـم، شكري، الـحافظ بكر، الـحافظ حسين، الـحافظ رجب.

ان الـمسائل الثلاث التي ارسلتـموها بيد الـحافظ توفيق، يعترض عليها الـملـحدون منذ أمد بعيد:

اولاها: ان الـمعنى الظاهري لقولـه تعالى:

} حتى اذا بَلَغَ مَغْربَ الشَمْس وَجَدَها تَغْرُبُ في عَينٍ حـمئةٍ {

(الكهف:86)

هو: انه رأى غروب الشمس في ماء عينٍ ذي طين وحرارة.

ثانيتها: اين يقع سد ذي القرنين؟

ثالثتها: نزول سيدنا عيسى عليه السلام وقتلـه الدجال في آخر الزمان.

ان اجوبة هذه الاسئلة طويلة، الاّ اننا نشير اليها باختصار فنقول:

ان آيات القرآن الكريـم مبينة على اساليب اللغة العربية، وبوجه يفهمه عموم الناس بظاهر النظر، لذا كثيراً ما بينت الـمسائل بالتشبيه والتـمثيل.

فقولـه تعالى: } تَغْرُبُ في عَينٍ حـمئةٍ {

يعني: ان ذا القرنين قد شاهد الشمس تغرب في ما يشبه عيناً موحلة وحامية، عند ساحل البـحر الـمـحيط الغربي، أو شاهد غروبها في عين جبل بركاني ذي لـهيب ودخان.

أي انه شاهد في ظاهر النظر غروبها في سواحل البـحر الـمـحيط الغربي، وفي جزء منه الذي تراءى لـه من بعيد كأنه بُركة او حوض عينٍ واسعة، فشاهد غروبها الظاهري خلف الابـخرة الكثيفة الـمتصاعدة من مياه الـمستنقعات الواقعة عند سواحل البـحر الـمـحيط الغربي، لشدة حرارة شمس الصيف.. او شاهد اختفاء الشمس – التي هي عين السـماء (1)– في عين ملتهبة انفلقت حديثاً على قمة جبل بركاني تقذف بـحـمـمها مازجة التراب والصخور والـمعادن السائلة.

نعم ان تعابير القرآن الكريـم البليغة الـمعجزة ترشد بهذه الـجـملة الى مسائل كثيرة:

فاولاً ان سياحة ذي القرنين كانت الى جهة الغرب.. وفي وقت عزّ الـحر.. ونـحو الـمستنقعات.. وموافقتها أوان غروب الشمس.. وحين انفلاق جبل بركاني.. كل هذا تشير به الآية الكريـمة الى مسائل مليئة بالعبر منها استيلاء ذي القرنين على افريقيا استيلاءً تاماً.

ومن الـمعلوم ان الـحركة الـمشهورة للشمس انـما هي حركة ظاهرية، وهي دليل على حركة الارض الـخفية – غير الـمـحسوس بها – وهي تـخبر عن تلك الـحركة. وليس الـمراد حقيقة الغروب(2).

ثم ان كلـمة ((عين)) انـما هي للتشبيه، اذ البـحر العظيـم يُرى من بعيد كحوض صغير، فتشبيه البـحر الـمشاهد من خلف الضباب والابـخرة الـمتولدة من الستنقعات والبرك بلفح الـحرارة بـ((عين حـمئة)) أي عين تنبع من طين، وكذا استعمال كلـمة ((عين)) التي تعني في اللغة العربية: الينبوع والشمس والبصر، ينطوي على سرّ بلاغي دقيق وعلاقة وثيقة(3).

فكما بدا الغروب لنظر ذي القرنين من بُعد هكذا. فان الـخطاب القرآني النازل من العرش الاعظم الـمهيـمن على الاجرام السـماوية، حرىّ بهذا الـخطاب السـماوي ومنسجـم مع عظمته ورفعته قولـه بأن الشمس الـمسخرة سراجاً في مضيف رحـماني، تـختفي في ((عين)) ربانية وهي البـحر الـمـحيط الغربي، معبراً باسلوبه الـمعجز ان البـحر ((عين)) حامية. نعم هكذا يبدو البـحر للعيون السـماوية.

حاصل الكلام:

ان التعبير بـ((عين حـمئة)) للبـحر الـمـحيط الغربي انـما هي بالنسبة لذي القرنين الذي رأى من بُعد ذلك البـحر العظيـم كأنه عين ماء. أما النظر القرآني الذي هو قريب الى كل شيء، فلا ينظر نظر ذي القرنين من بعيد الذي يداخلـه خداع البصر، بل لانه نزل من السـماء مطلعاً عليها، ولانه يرى الارض ميداناً او قصراً واحياناً مهداً او صحيفة، فان تعبيره بـ((عين)) للبـحر العظيـم وهو الـمـحيط الاطلسي الغربي الـمغطى بالضباب والابـخرة انـما يبين علوه ورفعته وسـموه وعظمته.

سؤالكم الثاني:

اين يقع سد ذي القرنين؟ ومَن يأجوج ومأجوج؟

الـجواب: لقد كتبت سابقاً رسالة حول هذه الـمسألة، فألزمت الـحجة ملاحدة ذلك الوقت. إلاّ انني لا املك تلك الرسالة، فضلاً عن ان حافظتي لاتـمدني بشيء فقد عطلت اشغالـها. علاوة على أن هذه الـمسألة قد تطرق اليها ((الغصن الثالث من الكلـمة الرابعة والعشرين)) لـهذا نشير اشارة في غاية الاختصار الى نكتتين او ثلاث فحسب تعود الى هذه الـمسألة وهي:

انه بناءً على ما بيـّنه اهل العلـم الـمـحققون، وابتداء اسـماء عدد من ملوك اليـمن بكلـمة ((ذي)) – كذي يزن – وما يشير اليه عنوان ((ذي القرنين)) فان ذا القرنين هذا ليس هو الاسكندر الرومي (الـمقدوني) وانـما هو احد ملوك اليـمن الذي عاصر سيدنا ابراهيـم عليه السلام وتلقى الدرس من سيدنا الـخضر عليه السلام. بينـما جاء الاسكندر الرومي قبل الـميلاد بـحوالي ثلاثمائة سنة ودرس على يد ارسطو.

ان التاريـخ الذي دوّنه الانسان يضبط الـحوادث الى حد ما قبل ثلاثة آلاف عام. لذا فان نظر هذا التاريـخ الناقص القاصر لا يستطيع ان يـحكم بصواب على حوادث ما قبل زمن سيدنا ابراهيـم عليه السلام، فإما يذكرها مشوبة بالـخرافات، أو ينكرها او يوردها باختصار شديد.

أما سبب اشتهار ((ذي القرنين)) اليـماني هذا في التفاسير بالاسكندر، فيعود الى:

أن احد اسـماء ذي القرنين هو الاسكندر، فهو الاسكندر الكبير، والاسكندر القديـم. او نظراً لأن القرآن الكريـم لدى ذكره لـحادثة جزئية يذكرها لكونها طرفاً لـحوادث كلية، فان الاسكندر الكبير الذي هو ذو القرنين؛ مثلـما اسس سدّ الصين الشهير بارشاداته النبوية بين الاقوام الظالـمة والـمظلومة وليصدّ عنهم غاراتهم فان قواداً عظاماً عديدين كالاسكندر الرومي وملوكاً اقوياء اقتدوا بذي القرنين – في الـجهة الـمادية – وان قسـماً من الانبياء والاقطاب الاولياء – وهم ملوك معنويون للانسانية، ساروا على اثره في الـجهة الـمعنوية والارشاد.. فهؤلاء اسسوا السدود بين الـجبال(1) التي هي من الوسائل الـمهمة لإنقاذ الـمظلومين من شر الظالـمين. ثم بنوا القلاع في قمـم الـجبال، فشيـّدوا تلك الـموانع إما بقوتهم الـمادية الذاتية أو بارشاداتهم وتوجيهاتهم وتدابيرهم. حتى بنوا الاسوار حول الـمدن والـحصون في اواسطها، الى ان بلغ الامر الى استعمال وسيلة أخيرة هي الـمدافع الثقيلة والـمدرعات الشبيهة بالقلاع السيارة.

فذلك السد الذي بناه ذو القرنين وهو اشهر سد في العالـم ويبلغ طولـه مسيرة ايام انـما بناه ليصد به هجـمات اقوام شريرة اطلق عليهم القرآن الكريـم اسـم يأجوج ومأجوج ويعبر عنهم التاريـخ بقبائل الـمانـجور والـمغول الذين دمـّروا الـحضارة البشرية مرات ومرات. وظهروا من وراء جبال هملايا فأهلكوا العباد وخرّبوا البلاد شرقاً وغرباً. فصار ذلك السد الـمبني بين جبلين قريبين من سلسلة هملايا مانعاً امام هجـمات هؤلاء الاقوام الـهمـجية، وحائلاً دون غاراتهم العديدة على الـمظلومين في الصين والـهند.. ومثلـما اسس ذو القرنين هذا السد فقد بنيت سدود كثيرة اخرى بهمة ملوك ايران القدماء في جبال القفقاس في منطقة الـمضيق صداً للنهب والسلب والغارات التي امتهنتها اقوام التتر. وهناك سدود كثيرة من هذا النوع.

فالقرآن الكريـم لأنه يـخاطب البشرية كافةً، فانه يذكر ظاهراً حادثة جزئية ويذكـّر بها احداثاً مشابهة لـها.

فمن زاوية النظر هذه تـختلف الروايات واقوال الـمفسرين حول السد ويأجوج ومأجوج.

ثم ان القرآن الـحكيـم قد ينتقل من حادثة الى اخرى بعيدة عنها وذلك من حيث الـمناسبات الكلامية وعلاقاتها. فالذي لا يعرف هذه العلاقات يظن ان زمانَي الـحادثتين قريبان. وهكذا فإخبار القرآن عن قيام الساعة عقب خراب السد، ليس هو لقرب الزمان، وانـما لأجل نكتتين من حيث الـمناسبات الكلامية، أي: كما ان هذا السد سيُدمر فستدمـّر الدنيا كذلك.

ثم ان الـجبال التي هي سدود فطرية إلـهية راسخة وقوية لا تُنسف الاّ بقيام الساعة، فهذا السد ايضاً قوي كالـجبال لا يدكّ الاّ بقيام الساعة، وسيبقى الكثير منه ويدوم حتى لو عملت فيه عوامل التغيير على مدى الزمان من خراب وهدم.

نعم! ان سد الصين الذي هو فرد من كلية سد ذي القرنين ما زال باقياً مشاهداً على الرغم من مرور الوف السنين، وانه يُقرأ كسطر طويل كـُتب بيد الانسان على صحيفة الارض، يـُقرأ سطراً مـجسـماً متـحجراً ذا مغزى من التاريـخ القديـم.

سؤالكم الثالث:

وهو حول قتل عيسى عليه السلام للدجال. ففي ((الـمكتوب الاول والـخامس عشر)) جواب شافٍ لكم وهما في غاية الاختصار.















باسـمه سبـحانه

} وَاِنْ مِنْ شَيءٍ اِلاّ يُسَبـح بـحـمدِهِ{ (الاسراء:44)

السلام عليكم ورحـمة الله وبركاته

اخويّ الوفيين الصدّيقين الـمضحيين العزيزين: العالـم صبري، والـحافظ علي.

ان سؤالكما الـمهم حول الـمغيبات الـخـمسة الـموجودة في ختام سورة لقمان، يـحتاج الى جواب في غاية الاهمية، الاّ أنني – مع الاسف – اعاني من حالة روحية واحوال مادية.. تـحول بيني وبين الـجواب الشافي. ومع هذا سأشير اشارة فحسب، في غاية الاجـمال الى بضع نقاط يتعلق بها سؤالكما:

ان فحوى سؤالكما هذا هو ان الـملـحدين يعترضون على كون وقت نزول الغيث ونوعية الـجنين في الرحـم من الـمغيبات الـخـمسة فينتقدون قائلين: ان وقت نزولـه يُكشف عنه في الـمراصد الـجوية، فاذن يعلـمه كذلك غيرُ الله، وان جنس الـجنين في رحـم الام يـمكن معرفته، ذكراً كان أم انثى باشعة رونتكن. بـمعنى انه يـمكن الاطلاع على الـمغيبات الـخـمسة!

الـجواب: لـما كان وقت نزول الغيث غير مرتبط بقاعدة مطردة، فانه يرتبط مباشرة بالـمشيئة الإلـهية الـخاصة، ويتبع الارادة الإلـهية الـخاصة، فينزل من خزينة رحـمته تعالى دون وساطة. وإن سرّ حكمته هو الآتي:

ان اهم حقيقة في الكون واثمن ماهية فيه هي الوجود، الـحياة، النور، الرحـمة وان هذه الاربعة متوجهة مباشرة ودون وسائط وحجب الى القدرة الإلـهية ومشيئتها الـخاصة، بينـما تـحجب الاسباب الظاهرة في الـمصنوعات الإلـهية الاخرى تصرّف القدرة الإلـهية، وتستر القوانين الـمطردة والقواعد الثابتة – الى حدٍ ما – الارادة الإلـهية ومشيئتها، الاّ ان تلك الـحجب والاستار لـم توضح امام الـحياة والنور والرحـمة؛ لعدم جريان حكمة وجودها في تلك الامور.

وحيث ان الرحـمة والـحياة اهم حقيقتين في الوجود، وان الغيث منشأ الـحياة ومدار الرحـمة بل هو عين الرحـمة، فلابد الاّ تكون الوسائط حجباً أمامها، ولابد الاّ تستر القاعدة الـمطردة الـمشيئة الإلـهية الـخاصة بها، وذلك ليضطر كل فرد في كل وقت، وفي كل امر الى الشكر واظهار العبودية والى السؤال والتضرع والدعاء؛ اذ لو كانت تلك الامور على وفق قاعدة معينة لانسدّ باب الشكر والرجاء منه تعالى استناداً الى القاعدة الـمطردة. فطلوع الشمس مع ما فيه من منافع معلومة، لانه مرتبط بقاعدة معينة، فلا يُسأل الله سبـحانه عن طلوعها ولا يشكر عليه شكراً خاصاً ولا يعدّ ذلك من امور الغيب، لأن البشر يعرفون بالعلـم الذي توصلوا اليه وبوساطة تلك القاعدة موعد شروق الشمس غداً.

ولكن جزئيات الغيث ليست مرتبطة بقاعدة معينة، لذا يضطر الناس في كل وقت الى التضرع والتوسل الى رحـمته تعالى. ولـما كان علـم البشر، لا يستطيع ان يـحدد وقت نزول الغيث، فقد تلقاه الناس نعمة خاصة لا تصدر الاّ من خزينة الرحـمة الإلـهية، فيشكرون ربهم شكراً حقيقياً عليها. وهكذا فهذه الآية الكريـمة تُدخل وقت نزول الغيث بين الـمغيبات الـخـمسة من هذه الزاوية التي ذكرناها. أما الاحساس بالاجهزة في الـمراصد عن مقدمات وقت نزولـه، ومن ثم تعيين وقته فهذا ليس علـماً بالغيب، بل هو علـم بالاطلاع على بعض مقدمات نزولـه حينـما يقترب الى عالـم الشهادة بعد صدوره من الغيب، مثلـما يُعلـم بنوع من احساس مسبق أخفى الامور الغيبية حينـما تـحصل، أو بعد قربه من الـحصول ولا يعدّ ذلك معرفة بالغيب، وانـما هو معرفة بذلك الـموجود، او بالـمقرّب الى الوجود.

حتى انني اشعر احياناً بشعور مرهف في اعصابي، بـما سيأتي من الغيث قبل مـجيئه باربع وعشرين ساعة. بـمعنى ان الغيث مقدمات ومبادىء، فتلك الـمبادىء تبدي نفسها على صورة رطوبة تُشعر ما وراءها من الغيث، فيكون هذا الـحال وسيلة لوصول علـم البشر كالقاعدة الـمطردة، الى امور قد صدرت عن الغيب وخرجت منه ولـمـّا دخلت الى عالـم الشهادة.

اما معرفة نزول الغيث الذي لـم يطأ قدمه عالـم الشهادة، ولـم يـخرج بعدُ من الرحـمة الإلـهية الـخاصة بـمشيئتها الـخاصة، فانـما هو خاص بعلـم علام الغيوب.

بقيت الـمسألة الثانية التي هي:

معرفة جنس الـجنين في رحـم الام باشعة رونتكن، هذه الـمعرفة لا تنافي قطعاً ما تفيده الآية الكريـمة: } ويَعْلـم مَا في الأرحَام { (لقمان:34) من معنى الغيب. لأن الـمراد من العلـم الـمذكور فيها لا ينـحصر في ذكورة الـجنين وانوثته وانـما الـمراد منه معرفة الاستعدادات البديعة الـخاصة بذلك الطفل والتي هي مبادىء الـمقدرات الـحياتية، وهي مدار ما سيكسبه في الـمستقبل من اوضاع. وحتى معرفة ختـم الصمدية وسكتها الرائعة البادية على سيـماه.. كلـها مرادة في ذلك الـمعنى بـحيث ان العلـم بالطفل وبهذه الوجوه من الامور خاص بعلـم علام الغيوب وحده، فلو اتـحدت مئات الالوف من افكار البشر النافذة كأشعة رونتكن لـما كشفت ايضاً عن ملامـح الطفل الـحقيقية في وجهه وحده تلك الـملامـح التي تـحـمل من العلامات التي تفرقها وتـميزها عن كل فرد من افراد البشرية قاطبة، فكيف اذن يـمكن كشف السيـماء الـمعنوية في استعداداته وقابلياته التي هي خارقة بـمئات الالوف من الـمرات عن ملامـح الوجه!

ولقد قلنا في الـمقدمة: ان الوجود والـحياة والرحـمة من اهم حقائق الكون ولـها اعلى مقام ومرتبة فيه. لذا تتوجه تلك الـحقيقة الـحياتية الـجامعة بـجـميع دقائقها ولطائفها الى ارادة الله الـخاصة ورحـمته الـخاصة ومشيئته الـخاصة.

واحد اسرار ذلك هو ان الـحياة بـجـميع اجهزتها منشأ للشكر، ومدار للعبادة والتسبيـح، ولذلك لـم توضع دونها القاعدة الـمطردة التي تـحجب رؤية الارادة الإلـهية الـخاصة ولا الوسائط الظاهرية التي تستر رحـمته الـخاصة سبـحانه.

ان الله سبـحانه وتعالى تـجليين اثنين في سيـماء الـجنين الـمادي والـمعنوي.

الاول:

يدل على وحدته سبـحانه وأحديته وصمديته، اذ الـجين يشهد على وحدانية خالقه وصانعه بتطابق اعضائه الاساس وتوافق اجهزته الانسانية مع سائر البشر. فذلك الـجنين ينادي بصراحة هذا اللسان قائلاً: من الذي وهب لي هذه السيـماء في الاعضاء هو ذلك الصانع الذي وهب لـجـميع البشر الذين يشبهونني في أساسات الاعضاء. وهو سبـحانه صانع جـميع ذوي الـحياة.

فهذا اللسان الذي يدل به الـجنين على الصانع الـجليل ليس لساناً غيبياً، بل هو معلوم يـمكن معرفته والوصول اليه، حيث انه يتبع قاعدة مطردة ويسير على وفق نظام معين ويستند الى نوعية الـجنين، فهذا العلـم لسان ناطق وغصن قد تدلى من عالـم الغيب الى عالـم الشهادة.

الـجهة الثانية:

وهي ان الـجنين ينادي بلسان سيـماء استعداداته الـخاصة وسيـماء وجهه الشخصية فيدل على اختيار صانعه ومشيئته الـمطلقة وارادته الـخاصة ورحـمته الـخاصة. فهذا اللسان لسان غيبي آت من هناك، فلا يستطيع ان يراه احد قبل وجوده غير العلـم الازلي، ولا يـمكن ان يـحيط به سواه. فبـمشاهدة جهاز من الف جهاز من سيـماء الـجنين في الرحـم، لا يُعلـم هذا الانسان.

الـحاصل:

ان سيـماء الاستعدادات في الـجنين، وسيـماء وجهه دليل الوحدانية وحجة الاختيار والارادة الإلـهية.

وستكتب إن وفق الله تعالى بضع نكات حول الـمغيبات الـخـمسة. اذ لا يسـمـح الوقت الـحاضر ولا حالتي باكثر من هذا. واختـم كلامي.



الباقي هو الباقي



سعيد النورسي



















باسـمه سبـحانه

} وَاِنْ مِنْ شَيءٍ اِلاّ يُسَبـح بـحـمدِهِ{ (الاسراء:44)

السلام عليكم ورحـمة الله وبركاته

اخي العزيز الصدّيق الـمتلـهف رأفت بك!

أنك تسأل في رسالتك عن اللطائف العشر، وحيث أنني لست في حالة تدريس الطريقة الصوفية، ولعلـماء الطريقة النقشبندية مؤلفات تـخص اللطائف العشر، وان وظيفتنا في الوقت الـحاضر هي استـخراج الاسرار القرآنية واستنباطها، لا نقل الـمسائل الـموجودة في بطون الكتب! فلا تـمتعض من عدم استطاعتي تقديـم التفاصيل. إِلاّ انني اقول:

ان الامام الرباني قد عبـّر عن اللطائف العشر بالقلب والروح والسر والـخفي والأخفى. وذكر ان لكل عنصر من العناصر الاربعة في الانسان لطيفة انسانية ملائمة ومنسجـمة معه. وذكر اجـمالاً عن رقي كل لطيفة من تلك اللطائف واحوالـها في كل مرتبة اثناء السير والسلوك. وبالنسبة لي ارى أن لطائف كثيرة مندرجة في ماهية الانسان الـجامعة وفي استعداده للـحياة الاّ ان عشراً منها قد اشتهرت حتى أن الـحكماء والعلـماء الظاهريين ايضاً قد جعلوا تلك اللطائف العشر اساساً لـحكمتهم في صورة اخرى حيث قالوا: أن الـحواس الـخمس الظاهرة نوافذ أو نـماذج لـحواس خـمس باطنة. حتى ان ما اشتهر لدى العوام والـخواص من لطائف الانسان العشر منسجـمة مع اللطائف العشر لدى ارباب الطرق الصوفية. فمثلاً: الوجدان والاعصاب والـحس والعقل والـهوى والقوى الشهوية والقوة الغضبية، اذا الـحقت هذه اللطائف بالقلب والروح والسر، تُظهر اللطائف العشر في صورة اخرى. وهناك لطائف اخرى كثيرة غير هذه اللطائف، امثال: السائقة، الشائقة، الـحس قبل الوقوع.

فلو كتبت حقيقة هذه الـمسألة لطالت كثيراً، لذا اضطر الى قطع التفاصيل نظراً لضيق وقتي.

اما سؤالك الثاني الذي يتعلق ببـحث الـمعنى الاسـمي والـمعنى الـحرفي، فمثلـما اشارت كتب النـحو عامة اليه في بداياتها، فقد وضحته توضيـحاً كافياً بالامثلة كتب علـم الـحقيقة كالكلـمات والـمكتوبات ويعدّ من الاسراف الاسهاب في الايضاح لـمن يـملك ذكاءً ودقة ملاحظة مثلك.

فانك اذا نظرت الى الـمرآة من حيث انها زجاجة، ترى مادتها الزجاجية، وتكون الصورة الـمتـمثلة فيها شيء ثانوي، بينـما ان كان القصد من النظر الى الـمرآة رؤية الصورة الـمتـمثلة فيها، فالصورة تتوضح امامك حتى تدفعك الى القول: } فتبارك الله احسن الـخالقين { (الـمؤمنون:14) بينـما تبقى زجاجة الـمرآة أمر ثانوي.

النظرة الأولى تـمثل ((الـمعنى الاسـمي)) أي: زجاجة الـمرآة معنى مقصود، وصورة الشخص الـمتـمثلة فيها ((معنى حرفي)) غير مقصود.

أما النظرة الثانية فصورة الشخص هي الـمقصود، فهي اذن معنى ((إسـمى)) أما الزجاج فمعنى ((حرفي)).

وهكذا ورد في كتب النـحو تعريف الاسـم أنه: دلّ على معنى في نفسه. أما الـحرف فهو: ما دلّ على معنى في غيره.

فالنظر القرآنية الى الـموجودات تـجعل الـموجودات جـميعها حروفاً، أي انها تعبـّر عن معنى في غيرها، بـمعنى انها تعبتّر عن تـجليات الاسـماء الـحسنى والصفات الـجليلة للـخالق العظيـم الـمتـجلية على الـموجودات.

اما نظرة الفلسفة الـميتة فهي تنظر على الاغلب بالنظر الاسـمي الى الـموجودات، فتزل قدمها الى مستنقع الطبيعة.

وعلى كل حال فلا متسع لي من الوقت كي اتكلـم كثيراً، حتى أنني لا استطيع ان اكتب القسـم الأخير الـمهم من الفهرس الذي هو سهل يسير. بلـّغ سلامي الى رفقائك في الدرس وبـخاصة خسرو، بكر، رشدي، لطفي، الشيـخ مصطفى، الـحافظ احـمد، سزائي، الـمـحـمدون والعلـماء واني لادعو للاطفال الابرياء الـمباركين في بيتكم الـمبارك.

الباقي هو الباقي

اخوكم

سعيد النورسي
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس