المعاني والمباني
"اطرح القشور، وخذ اللُّب فهو نور، فالموجودات كلهُّا قسمان: مباني، ومعاني. فالمباني هي: الأشباح. والمعاني هي: الأرواح مملوءة براحٍ (1) من حضرة القدوس.
فمن طلب المباني فقد طلب الحظَّ الفاني، ومن طلب المعاني نال الصفاء الروحاني، فجسمك مبنى وروحك معناه، ولفظك مبنى والمعنى فيه نوره وضياه، فالآثار مباني، والآيات الإلهية معاني، وتجليات الأسماء والصفات هي الراح للعاشق، وفهم أسرار الشريعة هو الشفاء لكل صادق.
فإذا تكلَّمت فاطرح الألفاظ، يتجلَّى لك الذي أنطقك، وأبرزهان وحلاَّها.
وإذا سمعت فاطرح اللفظ الظاهر، وتجوَّل في معناه، تر "السَّميع" يتجلَّى للجميع، وتفنى عن الاختيار والتدبير.
وإذا نظرت شيئاً من الماديات فاشهد "القَيُّوم" الذي أمدَّها بالحياة وتسخير الكائنات.
فإذا أكلت فلا تحجب بلذَّة الطعام عن "البَرِّ"، " السَّلام".
وإذا شممت طيباً لاح لك "اللطيف".
وإذا خرج منك البول أو الغائط تجلَّى لروحك "الدافع" الذي دفع عنك الأذى والضر.
وإذا أكلت فاشهد "النافع" الذي سهَّل لك الغذاء، ويسَّرَ لك القوت في هناء.
وإذا أعطاك الأموال والبنين فاشهد الرب المعين.
وإذا حملت معك سلاحاً فاشهد" الحفيظ" " الواقي".
وإذا نمت فاشهد "القاهر"، "المميت" فالنوم هو الموت الأصغر (2) .
وإذا رأيت جميلاً فاذكر الذي جمَّله (3) .
وإذا شهدت كاملاً فاشهد الذي كمَّله.
وإذا رأيت النار فاشهد "الجبَّار".
وإذا رأيت النعيم فاذكر "الكريم"." اهـ
اقتباس:================= الحاشية =====================
(1) : الرَّاحُ: في أصل اللغة هي الّتي يَرتاحُ شَارِبُها لها (وُيقَالُ: بَلْ هِيَ الّتي يَسْتَطِيبُ الشَّارِبُ رِيحَها) ، (وُيقَالُ: بَلْ هِيَ الّتي يَجِدُ شَارِبُهَا رَوْحاً، (وقد جمع ابْنُ الرُّوميّ هَذِهِ المعاني في قولِهِ وأحْسَنَ: (من الكامل):
والله ما أدْرِي لأيَّةِ عِلَّةٍ *** يدْعونَهَا في الرَّاحِ باسْمِ الرَّاح
ألِرِيحِهَا أم رَوْحِها تَحْتَ الحَشَا *** أمْ لارْتِيَاحِ نَدِيمِهَا المرْتَاحِ
(2) : والموت: هو النوم الأكبر، وهو أخو النوم.
(3) : وصدق من قال: وإذا رأيت الله في الكل فاعلاً رأيت جميع الكائنات ملاحا." اهـ117
(يتبع إن شاء الله تعالى مع وقد أشار الحديث الشريف إلى تلك المعاني.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات