عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-2009
  #1
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي ألا موت يباع فأشتريه

قالوا: كانت حالة المهلبي الوزير قبل الاتصال بالسلطان حال ضعف وقلة، وكان يقاسي منها قذى عينه، وشجى صدره، فبينما هو ذات يوم في بعض أسفاره مع رفيق له من أصحاب الجراب والمحراب، إلا أنه من أهل الآداب، إذ لقي في سفره نصباً، واشتهى اللحم، فلم يقدر على ثمنه، فقال ارتجالاً:

ألا موت يباع فأشتريـه
فهذا العيش ما لا خير فيه
ألا موتٌ لذيذ الطعم يأتي
يخلّصني من العيش الكريه
إذا أبصرت قبراً من بعيد
وددت لو آنني ممّا يليـه
ألا رحم المهيمن نفس حرٍّ
تصدّق بالوفاة على أخيه


فاشترى له رفيقه بدرهم واحد لحماً، فأسكن به قرمه وتحفظ الأبيات وتفارقا، وضرب الدهر ضرباته، حتى ترقت حالة المهلبي إلى أعظم درجة من الوزارة فقال:


رقّ الزمان لفاقتـي ورثى لطول تحرّقي
وأنالني ما أرتجـى وأجار ممـا أتّقـي
فلأصفحنْ عمّا أتاه من الذنوب السبّق
حتى جنايتـه بمـافعل المشيب بمفرقي

وحصل الرفيق تحت كلكل من كلاكل الدهر، ثقل عليه بركه وهاضه عركه فقصد حضرته، وتوصل إلى إيصال رقعة تتضمن أبياتاً منها:

ألا قل للوزير فدته نفسـي
مقال مذكّر ما قد نسيـهٍ:
أتذكر إذ تقول لضنك عيشٍ
ألا موتٌ يباع فأشتريـه؟

فلما نظر فيها تذكره، وهزته أريحية الكرم، للحنين إليه، ورعاية حق الصحبة فيه، والجري على من قال:

إن الكرام إذا ما أسهلوا ذكروا *** من كان يألفهم في المنزل الخشن

وأمر له في عاجل الحال بسبعمائة درهم ووقع في رقعته " مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء " ثم دعا به وخلع عليه ،وقلده عملاً يرتفق به، ويرتزق منه


منقوووووول
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس