الموضوع: الكلمات
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-2011
  #43
عبدالرزاق
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبدالرزاق
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 329
معدل تقييم المستوى: 14
عبدالرزاق is on a distinguished road
افتراضي رد: الكلمات

الكلمة الثامنة والعشرون

هذه الكلمة تخـص الجنة، وهي عبارة عن مقامين؛ المقام الأول يشـير الى عـدد من لطائف الجنة. والمقام الثاني قد جاء باللغة الـعربية(1) وهو خلاصة الكلمة العاشرة وأساسها. اثبـت فيه وجود الجنة باثنتـي عشرة حقيقة قاطعة متسلسلة اثباتاً ساطعاً، لذا لا نبحث هنا عن اثبات وجود الجنة، وانما نقصر الكلام على اسئلة وأجوبة حول بعض أحوال الجنة التي تتعرض الى النقد وسوف تُكتب ان شاءالله كلمة جليلة حول تلك الحقيقة العظمى.

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

] وبشّر الذين آمنوا وعملوا الصالحات اَنّ لَهم جنّاتٍ تجري من تحتها الأنهارُ كلّما رُزقُوا منها من ثمرةٍ رزقاً قالوا هذا الذي رُزقنا من قبلُ واُتوا به مُتشابهاً ولهم فيها أزواجٌ مطهّرةٌ وهم فيها خالدون[ (البقرة: 25)

(هذه أجوبة قصيرة عن عدد من اسئلة تدور حول الجنة الخالدة).

ان آيات القرآن الكريم التي تخص الجنة، هي أجمل من الجنة، وألطف من حورها، وأحلى من سلسبـيلها. هذه الآيات البينات لم تدع مزيداً لكلام. لذا نضع درجات سلّمٍ، تقريباً لتلك الآيات الساطعة الأزلية الرفيعة الجميلة للفهم. فنذكر باقة من مسـائل لطـيفة هي نماذج أزاهيرٍ من جنـة القرآن. ونشير اليها في خمسة رموز ضمن أسئلة وأجوبة.

نعم! ان الجنة شاملة جميع اللذائذ المعنوية، كما هي شاملة جميع اللذائذ (المادية) الجسمانية أيضاً.

سؤال: ما علاقة الجسمانية (المادية) القاصرة الناقصة المتغيرة القلقة المؤلمة، بالأبدية والجنة؟ فما دامت الروح تكتفي بلذائذها العلوية في الجنة، فلِمَ يلزم حشر جسماني للتلذذ بلذائذ جسمانية؟

الجواب: على الرغم من كثافة التراب وظلمته، نسبة الى الماء والهواء والضياء فهو منشأٌ لجميع أنواع المصنوعات الإلهية، لذا يسمو ويرتفع معنىً فوق سائر العناصر.. وكذا النفس الانسانية على الرغم من كثافتها، فانها ترتفع وتسمو على جميع اللطائف الانسانية بجامعيتها، بشرط تزكيتها.

فالجسمانية كذلك هي أجمع مرآة لتجليات الأسماء الإلهية، وأكثرها احاطة واغناها.. فالالات التي لها القدرة على وزن جميع مدخرات خزائن الرحمة الإلهية وتقديرها، انما هي في الجسمانية، اذ لو لم تكن حاسة الذوق التي في اللسان مثلاً حاوية على آلاتٍ لتذوق الرزق بعدد أنواع المطعومات كلها، لَما كانت تحسّ بكل منها، وتتعرف على الاختلاف فيما بينها، ولَما كانت تستطيع ان تحس وتميز بعضها عن بعض.

وكذا فان أجـهزة معرفة أغلب الأسماء الإلهية المتجلية، والشعور بها وتذوقـها وادراكها، انما هي في الجسمانية.

وكذا فان الاستعدادات والقابليات القادرة على الشعور والاحساس بلذائذ لا منتهى لها، وبانواع لا حدود لها، انما هي في الجسمانية.

يفهم من هذا فهماً قاطعاً - كما اثبتناه في الكلمة الحادية عشرة - ان صانع هذه الكائنات، قد أراد ان يعرّف بهذه الكائنات جميعَ خزائن رحمته، ويعلّم بها جميع تجليات اسمائه الحسنى، ويذيق بها جميع أنواع نِعَمه وآلائه، وذلك من خلال مجرى حوادث هذه الكائنات وانماط التصرف فيها، ومن خلال جامعية استعـدادات الانسان.. فلابد اذن من حوض عظيم يصبّ فيه سيل الكائنات العظيـم هذا.. ولابد من معرض عظيم يعرض فيه ما صُنع في مصنع الكائنات هذا.. ولابد من مخزن أبدي تخزن فيه محاصيل مزرعة الدنيا هذه .. أي لابـد من دار سعادة تشبه هذه الكائنات الى حدٍ ما، وتحافظ على جميع أسسها الجسمانية والروحانية.. ولابد أن ذلك الصانع الحكيم والعـادل الرحيم، قد خص لذائذ تليق بتلك الآلات الجسمانية أجرة لوظائفها، ومثوبة لخدماتها، واجـراً لعباداتها الخاصة. والاّ - أي بخلاف هذا - تحصل حالة منافـية تماماً لحكمته سبحانه وعدالته ورحمته، مما لا ينسجم ولا يليق بجمال رحمته وكمال عدالته مطلقاً. تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

سؤال: أن أجزاء الكائن الحي في تركيب وتحلّل دائمين، وهي معرّضة للانقراض ولا تنال صفة الأبدية، وان الأكل والشرب لبقاء الشخص نفسه ومعاشرة الزوجة لبقاء النوع، فصارت - هذه الأمور - أموراً أساسية في هذا العالم، اما في العالم الأبدي والأخروي فلا حاجة اليها، فلِمَ اذن درجت ضمن لذائذ الجنة العظيمة؟

الجواب: أولاً: ان تعرض جسم حي للانقراض والموت في هذا العالم، ناجم من اختلال موازنة الواردات والصرفيات (أي بين ما يرد وما يستهلك) فالواردات كثيرة منذ الطفولة الى سن الكمال، وبعد ذلك يزداد الاستهلاك، فـتضيع الموازنة، ويموت الكائن الحي..

اما في عالم الأبدية، فـان الذرات تبقى ثابتة لا تتعرض للتركيب والتحلل، أو تستقر المـوازنـة، فهي تامة ومستمرة بين الـواردات والصرفيات(1)، ويصبح الجسم أبدياً مع اشتغال مصنع الحياة الجسمانية لاستمرار تـذوق اللذائذ. فعلى الرغـم من ان الأكـل والـشرب والعـلاقات الزوجية، ناشئة عـن حاجة في هذه الدنيا وتُفضي الـى اداء وظيفة، فقد أودعـت فيها لذائذ حـلوة ومتنوعة ترجح على سائر اللذائذ، اجرة معجلة لتلـك الوظيفة.

فما دام الأكل والنكاح مدار لذائذ عجيبة ومتنوعة الى هذا الحد، في دار الألم هذه، فلاشك ان تلك اللذائذ تتخذ صوراً رفيعة جداً وسامية جداً، في دار اللذة والسعادة، وهي الجنة فضلاً عن لذة الأجرة الأخروية للوظيفة الدنيوية، التي تزيدها لذة، وعلاوة على لذة الشهية الأخروية اللطيفة نفسها، بدلاً عن الحاجة الدنيوية - التي تزيدها لذة أخرى - حتى تزداد تلك اللذائذ لطافة وذوقاً بحيث تكون لذة جامعة لجميع اللذائذ، ونبعاً حياً فياضاً للذائذ لائقة بالجنة وملائمة للأبدية. اذ المواد الجامدة التي لا شعور لها ولا حياة، في دار الدنيا هذه، تصبح هناك ذات شعور وحياة بدلالة الآية الكريمة:

] وما هذه الحياة الدنيا الاّ لهو ولعبٌ وان الدار الاخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون[ (العنكبوت: 64).

فالاشجار هناك كالانسان هنا، تدرك الأوامر وتنفّذها، والاحجار هناك كالحيوانات هنا، تطيع ما تُؤمر. فاذا قلت لشجرة: إعطيني ثمرة كذا تعطيك حالاً، وان قلت لحجر: تعال هنا، يأتيك.

فما دامت الاشجار والاحجار تتخذ مثل هذه الدرجات العالية من الصفات، فلاشك ان الأكل والشرب والنكاح تتخذ صوراً رفيعة عالية، مع محافظتها على حقيقتها الجسمانية التي تفوق درجاتها الدنيوية بنسبة سمو درجة الجنة على الدنيا.

سؤال: يحضر أعرابي مجلس الرسول e لدقيقة واحدة، فيكسب محبة للّه. ويكون معه e في الجنة حسب ما ورد في الحديث الشريف ( المرء مع من أحب)(1)، فكيف يعادل فيض غير متناهٍ يناله الرسول الكريم مع فيض هذا الأعرابي؟

الجواب: نشير الى هذه الحقيقة السامية بمثال:

رجل عظيم أعد ضيافة فاخرة جداً، في بستان مزهر رائع الجمال. وهيأ معرضاً في منتهى الزينة والابداع، جامعاً لجميع أنواع المطعومات التي تحس بها حاسة الذوق، شاملاً جميعَ المحاسن التي ترتاح اليها حاسة البصر، ومشتملاً على جميع الغرائب التي تبهج قوة الخيال. وهكذا وضع فيه كل ما يرضي ويطمئن كل حاسة من الحواس الظاهرة والباطنة.

والآن يذهب صديقان معاً الى تلك الضيافة ويجلسان جنباً الى جنب على مائدة واحدة في مكان مخصص. ولكن لكون أحدهما يملك حاسة ذوق ضعيفة، لا يتذوق الاّ شيئاً قليلاً من تلك الضيافة، ولا يرى كثيراً من الأشياء، لأن بصره ضعيف. ولا يشم الروائح الطيبة، لانه فاقد لحاسة الشم. ولا يفهم خوارق الأشياء، لعجزه عن ادراك غرائب الصنعة.. أي لا يستفيد من تلك الروضة الرائعة، ولا يذوق من تلك الضيافة العامرة الاّ واحداً من ألف، بل من مليون مما فيها، وذلك حسب قابلياته الضعيفة. اما الآخر، فلأن جميع حواسه الظاهرة والباطنة، وجميع لطائفه من عقل وقلب وحسّ، كاملة مكتملة، متفتحة منكشفة بحيث يحس جميع دقائق الصنعة من ذلك المعرض البهيج، وجميع ما فيه من جمال ولطائف وغرائب، يحس كلاً منها ويتذوقها، مع انه جالس مع الرجل الأول.

فلئن كان هـذا حاصلاً في هذه الدنيا المضطربة المؤلمة الضيقة، ويكون الفرق بينهما كالـفرق بين الثرى والثريا، فلابد - بالطريق الأولى - أن يأخذ كل امرئٍ حـظه من سُفرة الرحمن الرحيم، فـي دار السعادة والخلود، ويحسّ بما فيهـا على وفـق استعداداته - رغم كونه مع مَن يحب. فالجنان لا تمنع ان يكونا معاً بالرغـم من تفاوتها، لأن طبقات الجنة الثماني، كل منها أعلى من الأخرى، الا ان عرش الرحمـن سقف الكل(2). اذ لو بنيت بيوت متداخلة حول جبل مخروطـي، كل منها أعلى من الآخر، كـالــدوائــر المحــيــطــة بالجبــل، فان تلك الـدوائــر تعلــو الواحــدة عـلى الأخرى، ولكن لا تمنع الواحدة الأخرى عن رؤية الشمس، فنور الشمس ينفـذ في البيوت كلها. كذلك الجنان شبيهة بهذا المثال الى حدٍ، كما تفهم من الأحاديث الشريفة.

سؤال: ورد في أحاديث شريفة ما معناه: ان المرأة من نساء أهل الجنة يُرى مخ سوقها من وراء سبعين حلّة(1)، ما معنى هذا وما المراد منه؟ وكيف يعد هذا جمالاً؟

الجواب: ان معناه جميل جداً، بل جماله في منتهى الحسن واللطف. وذلك:

في هذه الدنيا القبيحة الميتة التي أغلبها قشر، يكفي للجمال والحسن أن يبدو جميلاً للبصر، ولا يكون مانعاً للألفة. بينما في الجنة التي هي جميلة وحيّة ورائعة وكلها لبّ محض لا قشر فيها تطلب حواسُ الانسان كلها - كالبصر ـ ولطائفه كلها، أخذ حظوظ أذواقها المختلفة، ولذائذها المتباينة من الجنس اللطيف، وهن الحور العين، ومن نساء الدنيا لأهل الجنة، وهن يفضلن الحور العين بجمالهن، بمعنى ان الحديث الشريف يشير الى انه ابتداء من أعلى طبقة من جمال الحلل حتى مخ السيقان في داخل العظام، كل منها مدار ذوق لحس معين وللطيفة خاصة.

نعم؛ ان الحديث الشريف يشير بتعبير (على كل زوجة سبعون حلة، يرى مخ سوقهما).

ان الحور العين جامعة لكل نوع من أنواع الزينة والحسن والجمال المادية والمعنوية، التي تشبع وترضي كل ما في الانسان من مشاعر وحواس وقوى ولطائف عاشقة للحس، ومحبة للذوق، ومفتونه بالزينة، ومشتاقة الى الجمال.. بمعنى ان الحور يلبسن سبعين طرزاً من أقسام زينة الجنة، دون ان يستر أحدها الآخر، اذ ليس من جنسه، بل يبدين جميع مراتب الحسن والجمال المتنوعة بأجسادهن وأنفسهن وأجسامهن بأكثر من سبعين مرتبة حتى يظهرن حقيقة اشارة الآية الكريمة:

] وفيها ما تَشتهيه الأنفسُ وتَلذّ الأعينُ[ (الزخرف: 71).

ثم ان الحديث الشريف يبين: ان ليس لأهل الجنة فضلات بعد الأكل والشرب، اذ ليس في الجنة ما لا يحتاج اليه من مواد قشرية زائدة.

نعم، ما دامت الاشجار في هذه الدنيا السفلية، وهي في أدنى مرتبة من ذوات الحياة، لا تترك فضلات مع تغذيتها الكثيرة، فلِمَ لا يكون اهل الطبقات العليا، وهم أهل الجنة دون فضلات؟

سؤال: لقد ورد في أحاديث نبوية هذا المعنى؛ انه ينعم على بعض أهل الجنة ملكاً بقدر الدنيا كلها، ومئات الآلاف من القصور ومئات الآلاف من الحور العين، فما حاجة رجل واحد الى هذه الكثرة من الاشياء؟ وما يلزمه منها؟ وكيف يكون ذلك؟ وماذا تعني هذه الأحاديث؟

الجواب: لو كان الانسان جسداً جامداً فحسب، أو كان مخلوقاً نباتياً وعبارة عن معدة فقط، أو عبارة عن جسم حيواني، وكائن جسماني موقت بسيط مقيد ثقيل، لما كان يملك تلك الكثرة الكاثرة من القصور والحور،ولا كانت تليق به. ولكن الانسان معجزة من المعجزات الإلهية الباهرة، بحيث لو يُعطى له ملك الدنيا كلها وثروتها ولذائذها في هذه الدنيا الفانية وفي هذا العمر القصير فلا يُشبع حرصَه، حيث هناك حاجات لقسم من لطائف غير منكشفة.

بينما الانسان في دار السعادة الأبدية، وهو المالك لاستعدادات غير متناهية، يطرق باب رحمة غير متناهية، بلسان احتياجات غير متناهية، وبيد رغبات غير متناهية، فلاشك ان نيله لاحسانات إلهية كما ورد في الأحاديث الشريفة معقول وحق وحقيقة قطعاً.

وسنرصد هذه الحقيقة السامية بمنظار تمثيلي على النحو الآتي:

ان لكل بستان من البساتين الموجودة في (بارلا) صاحبه ومالكه كما هو الحال في بستان هذا الوادي(1)، الاّ ان كل نحل وطير وعصفور في (بارلا) يستطيع القول: ان جميع بساتين (بارلا) ورياضها متنزهاتي وميدان جولاني، بالرغم من انه تكفيه حفنة من قوت. أي انه يضم (بارلا) كلها في ملكه. ولا يجرح حكمه هذا اشتراك الآخرين معه.

وكذلك الانسان - الذي هو حقاً انسان - يصح له أن يقول: ان خالقي قد جعل لي هذه الدنيا كلها بيتاً، والشمس سراجاً، والنـجوم مصــابيــح، والأرض مهــداً مفروشاً بزرابي مبثوثة مزهرة. يقول هذا ويشكر ربه. ولا ينقض حكمَه هذا اشتراك المخلوقات الأخرى معه في الدنيا، بل المخلوقات تزيّن الدنيا وتجمّلها.

تُرى لو أدّعى انسان أو طير نوعاً من التصرف، في مثل هذه الدوائر العظمى، ونال نعماً جسيمة في هذه الدنيا الضيقة جداً ، فكيف يُستبعد اذن الاحسان إليه بملك عظيم، ما بين كل درجتين مسيرة خمسمائة عام في دار سعادة واسعة أبدية؟.

ثم اننا نشاهد ونعلم في هذه الدنيا الكثيفة المظلمة الضيقة وجود الشمس بعينها في مرايا كثيرة جداً في آن واحد.. ووجود ذاتٍ نورانية في أماكن كثيرة في آن واحد.. وحضور جبرائيل عليه السلام في ألف نجم ونجم وامام العرش الاعظم، وفي الحضرة النبوية وفي الحضرة الإلهية في آن واحد.. ولقاء الرسول e أتقياء أمته في الحشر الأعظم في آن واحد.. وظهوره e في الدنيا في مقامات لا تحد فـي آن واحد.. ومشاهدة الأبدال - وهم نوع غريب من الأولياء - في أماكن كثيرة في وقت واحد.. وانجاز العوام من الناس في الرؤيا ومشاهدتهم عـملَ سنة كاملة في دقيقة واحدة.. ووجود كل انسان بالقلب والروح والخيال في أماكن كثيرة، وتكوين علاقات معها في آن واحد.. كل ذلك معلوم ومشهود لدى الناس.

فلاشك ان وجود أهل الجنة - الذين تكون اجسامهم في قوة الروح وخفتها وفي سرعة الخيال - في مائة ألف مكان ومعاشرتهم مائة ألف من الحور العين، وتلذذهم بمائة ألف نوع من أنواع اللذائذ، في وقت واحد، لائق بتلك الجنة الأبدية، الجنة النورانية، غير المقيدة، الواسعة، وملائم تماماً مع الرحمة الإلهية المطلقة، ومنطبق تماماً مع ما أخبر به الرسول الكريم e فهو حق وحقيقة، ومع كل هذا فان تلك الحقائق العظيمة السامية جداً لا توزن بموازين عقولنا الصغيرة.

نعم، لا يلزم العقول الصغيرة ادراك تلك المعاني.

لأن هذا الميزان لا يتحمل ثقلاً بهذا القدر.

] سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا اِلاّ ما عَلَّمْتَنا اِنَّكَ اَنْتَ الْعَليمُ الْحَكيم[

] ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا[ (البقرة:286)

اللهم صلّ على حبيبك الذي فتح أبواب الجنة بحبيبيته وبصلاته، وايدت امته على فتحها بصلواتهم عليه، عليه الصلاة والسلام.

اللّهم ادخلنا الجنة مع الابرار بشفاعة حبيبك المختار آمين.





ذيل صغير

يخص جهنم

ان الايمان يضم بذرة جنة معنوية، كما ان الكفر يخفي نواة زقوم جهنم معنوية، كما اثبتنا ذلك في الكلمة الثانية والثامنة.

اذ كما ان الكفر بذرة لجهنم، فجهنم كذلك ثمرة له. وكما ان الكفر سبب لدخول جهنم، كذلك سبب لوجودها وايجادها، لانه: لو كان هناك حاكم صغير ذو عزة وغيرة وجلال بسيط، وقال له رجل فاسد الخلق متحدياً: انك لا تقدر على تأديبي، ولن تقدر عليه. فلاشك انه سيبني سجناً لذلك الشقي ويلقيه فيه ولو لم يكن هناك سجن.

بينما الكافر بانكاره وجود جهنم، يكِذّب مَن له العزة المطلقة والغيرة المطلقة والجلال المطلق، ويسند الى القدير المطلق العجزَ، ويتّهمه بالكذب والعجز، فهو بكفره يتعرض لعزته بشدة، ويمس غيرته بقوة، ويطعن في جلاله بعصيان. فلاشك انه لو لم يكن لوجود جهنم أي سبب كان، وهو فرض محال، فانه سبحانه يخلق جهنم لذلك الكافر الذي يتضمن كفره هذا الحد من التكذيب واسناد العجز ويلقيه فيها.

] ربنا ما خلقتَ هذا باطلاً سُبحانكَ فقنا عذاب النار[ (آل عمران:191).
__________________
رفيقك علم الله فلابد ان لا تنسى رفيقك
عبدالرزاق غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس