الموضوع: المكتوبات
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-03-2011
  #40
عبدالرزاق
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبدالرزاق
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 329
معدل تقييم المستوى: 14
عبدالرزاق is on a distinguished road
افتراضي رد: المكتوبات

نـوى الـحقائــق

توضيح

منذ مدة وعمي العزيز ((بديع الزمان)) لا يتوجه الى المسائل عقلاً بل قلباً. وما يظهر على قلبه يمليه عليّ ويقول: ((ان العلم هو ما يستقر في القلب، فلو استقر في العقل وحده لا يكون ملك الانسان)). وكان يقول: ((ان هذه المسائل ليست قواعد علمية وحدها، بل ما اتخذته وجداناً من اسسٍ لبعض دساتير قلبية)). وقد أمرني: ((انتخب ما يروق لك مما سنح لقلبي)) فانا بدوري اقتطفت هذه الفقرات من آثاره الآتية:

نقطة من نور معرفة الله ـ اشارات الاعجاز في مظان الايجاز ـ سنوحات ـ شعاعات معرفة النبي e ـ رموز ـ طلوعات ـ محاكمات ـ مناظرات ـ اشارات ـ قزل ايجاز .

عبدالرحمن

( من الطبعة الاولى المطبوعة في مطبعة الاوقاف الاسلامية باستانبول سنة 1337)المترجم.

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه اجمعين.

1 - عصرٌ مريض، وعنصر سقيم، وعضو عليل، وَصفَتها الطبية هي إتباع القرآن.

2 - قارة شاسعة عظيمة الجانب، رديئة الطالع.. دولة مشهورةٌ عريقة المجد، سيئة الحظ.. أمة عزيزة جليلة القدر، بلا رائد.. وصفتُها الطبية الاتحاد الاسلامي.

3 - ان الذي لا يملك قبضة قوية يستطيع بها حمل الارض وجميع النجوم والشموس وتحريكها كحبات المسبحة، لا يستطيع ادعاء الخلق والايجاد؛ اذ كلّ شيء مربوط بغيره.

4 - ان احياء جميع ذوي الارواح يوم الحشر لا يثقل على القدرة الإلهية كما لا يثقل عليها احياء حشرة وانشائها بعد سبات عميق طوال الشتاء بما يشبه الموت؛ لأن القدرة الإلهية ذاتية، لا تتغير قطعاً، ولا يمكن أن يتخا العجزُ، ولا تتداخل فيها العوائقُ، فليس فيها مراتب مطلقاً، وكل شيء بالنسبة اليها سواء.

5 - ان الذي خلق عين البعوضة هو الذي خلق الشمس ايضاً.

6 - والذي نظّم معدة البرغوث هو الذي نظم المنظومة الشمسية ايضاً.

7 - ان في تأليف الكون اعجازاً باهراً، بحيث لو فرضنا - فرضاً محالاً - ان كل سبب من الاسباب الطبيعية فاعلٌ مختارٌ، مقتدرٌ، لسجَدَت تلك الاسبابُ جميعُها ـ بكمال العجزـ امام ذلك الاعجاز، قائلة: [سبحانك .. لا قدرة لنا.. انك انت العزيز الحكيم](1).

8 - ان الاسباب لم تُمنحَ التأثير الحقيقي.. هكذا تقتضي الوحدة والجلال. إلاّ ان الاسباب قد اصبحت ستاراً بين يدي القدرة في جهة المُلك.. هكذا تقتضي العزة والعظمة، وذلك لئلا تُرى في ظاهر النظر يدُ القدرة مباشِرةً للامور الخسيسة في جهة المُلك.

9 - ان جهة الملكوت التي هي محل تعلّق القدرة في كل شئ، شفافة نزيهة.

10ـ ان عالم الشهادة ستار مزركش ملقى على عوالم الغيب.

11ـ يلزم لايجاد نقطة في مكانها الصحيح، قدرة مطلقة تستطيع ايجاد الكون كله، ذلك لأن كل حرف من حروف كتاب الكون الكبير - لا سيما ما كان ذا حياة - له وجه ناظر الى كل جملة من جمل الكتاب، وله عين شاخصة اليها.

12ـ لقد اشتهرت حادثة: انه بينما كان الناس يراقبون هلال العيد، ولم يره أحد، اذا بشيخ هرم يحلف أنه قد رأى الهلال، ثم تبين ان ما رآه لم يكن هلالاً بل شعرة بيضاء مقوسة قد تدلت من حاجبه! فاين تلك الشعرة من الهلال؟ واين حركات الذرات من فاعل تشكيل الانواع؟

13ــ الطبيعة مطبعة مثالية وليست طابعة، نقش لا نقّاش، قابلة للانفعال لا فاعلة، مِسطرَ لا مصدر، نظام لانظّام، قانون لا قدرة، شريعة ارادية لا حقيقة خارجية.

14ــ ان الانجذاب والجذبة المغروزين في الوجدان - الذي هو فطرةٌ ذات شعور - ليس إلاّ من جذبة حقيقية جذابة.

15ــ ان الفطرة لا تكذب، ففي البذرة ميلان للنمو، اذا قال: سأنبت، سأثمر، فهو صادق. وفي البيضة ميلان للحياة، اذا قال: سأكون فرخاً، فيكون باذن الله، وهو صادق، واذا قال ميلان التجمد في غرفة من ماء: سأحتل مكاناً أوسع فلا يستطيع الحديد - رغم صلابته - ان يكذبه. بل إن صدقَ قوله يفتت الحديد، فهذه الميول انما هي تجليات الأوامر التكوينية الصادرة عن الأرادة الإلهية.

16ــ ان القدرة الازلية التي لا تترك النملة من دون أمير والنحلَ من دون يعسوب، لا تترك البشر من دون نبي ايضاً، وان انشقاق القمر كما هو معجزة احمدية للانسان في عالم الشهادة، فالمعراج ايضاً معجزة احمدية كبرى للملائكة والروحانيات في عالم الملكوت. وقد اثبتت ولاية نبوته بهذه الكرامة الباهرة، فكانت شخصيته المشرقة كالشعلة الوضاءة كالبرق والبدرفي عالم الملكوت.

17ــ ان كلمتي الشهادة شاهدتان احداهما على الاخرى. فالكلمة الاولى برهان لـمّي للثانية، والثانية برهان إنّي للاولى(1).

18ــ ان الحياة نوعٌ من تجلي الوحدة في الكثرة، لـذا فـهـي تـدفـع الـى الاتحاد، فالحيـاة تجعـل الشيء الواحـد مالكاً لكل شيء.

19ــ ان الروح قانون ذو وجود خارجي، وناموس ذو شعور، وهو آتٍ من عالَم الأمر وصفةِ الارادة، كالقوانين الفطرية الثابتة الدائمة. وقد كستْه القدرةُ الوجودَ الحسي، وجعلتْ سيالةً لطيفة صَدَفَةً لذلك الجوهر. ان الروح الموجود اخ للقانون المعقول. كلاهما دائـمي وكلاهما آتٍ من عالــم الأمـر. ولو ألبست القدرةُ الازلية قوانين الانواع وجوداً خارجياً لأصبحت روحاً، ولو طرح الروحُ الشعورَ، لأصبح قانوناً لا يموت ايضاً.

20ــ انما تُشاهد الموجودات بالضياء، ويُعرف وجود الموجودات بالحياة، فكل منهما كشّاف.

21ــ ان النصرانية سوف تلقي السلاح وتستسلم للاسلام سواءً بالانطفاء او بالإصطفاء، فلقد تمزقت النصرانية عدة مرات حتى انتهت الى البروتستانية. وتمزقت البروتستانية فاقتربت من التوحيد، وهي تتهيأ للتمزّق مرة اخرى. فإما إنها تنطفئ وينتهي أمرُها، وإما أن تجد تجاهها الحقائق الاسلامية الجامعة لأسس النصرانية الحقّة ومبادئها، فتستسلم. وقد اشار الرسول e الى هذا السرّ العظيم بأنه: سينزل عيسى (عليه السلام)وسيكون من امتي ويعمل بشريعتي.

22ــ ان الذي يسوق جمهور الناس الى الاتباع وامتثال الاوامر هو ما يتحلى به المصدر من قدسية، هذه القدسية هي التي تدفع جمهور الناس الى الانقياد اكثر من قوة البرهان ومتانة الحجة.

23ــ ان تسعين بالمائة من مسائل الشريعة – التي هي الضروريات والمسلـّمات الدينية - كل منها عمود من الالماس، أما المسائل الاجتهادية الخلافية فهي تمثل عشرة بالمائة فقط. ولا ينبغي ان يكون تسعون عموداً من الالماس تحت حماية عشرة منها من ذهب، فالكتب الفقهية والاجتهادات ينبغي ان تكون مرايا ومناظير لرؤية القرآن وليست حُجُباً وظلالاً وبديلاً عنه.

24ــ كل مَن يملك استعداداً للاجتهاد يستطيع ان يجتهد لنفسه إلاّ انه لا يستطيع ان يشرّع.

25ــ ان الدعوة الى أي فكر كان منوطةٌ بقبول جمهور العلماء لها والاّ فهي بدعة، مردودة.

26ــ ان الانسان لكونه مكرّماً فطرة يبحث عن الحق دوماً، واثناء بحثه يعثر على الباطل احياناً فيخفيه في صدره ويحفظه، وقد يقع الضلالُ - بلا اختيار منه - على رأسه اثناء تنقيبه عن الحقيقة، فيظنه حقاً، فيلبسه كالقلنسوة.

27ــ ان للقدرة مرايا كثيرة جداً، كل منها أشفّ وألطف من الاخرى. وهي تتنوع، من الماء الى الهواء، ومنه الى الاثير، ومنه الى عالم المثال، ومنه الى عالم الارواح بل الى الزمان والى الفكر.

ففي مرآة الهواء تصبح الكلمة الواحدة ملايين الكلمات. فان قلم القدرة يستنسخ سرّ هذا التناسل بشكل عجيب. ان الانعكاس إما يحوي الهوية او يحوي الهوية مع الماهية. ان تماثيل المادة - أي صورها - الكثيفة عبارة عن اموات متحركة، أما تماثيل الارواح النورانية في مراياها فحيّة مرتبطة بالحياة، ان لم تكن عينُها فليست غيرَها.

28ــ اذا انتفضت الشمسُ بحركتها المحورية، فلا تسقط ثمارُها، وإن لم تنتفض فان ثمارها من السيارات تسقط وتتفرق.

29ــ ان نور الفكر ظلام يفجر ظلماً مالم يتوهج بضياء القلب ويمتزج به. فكما اذا لم يمتزج نهار العين الابيض غير المنور بليلها الاسود(1) فلا تكون بصراً، كذلك لا بصيرة لفكرة بيضـاء لا توجـد فيهـا سويـداء القـلـب.

30ــ اذا لم يكن في العلم اذعان القلب فهو جهل، لأن الالتزام شئ والاعتقاد شئ آخر.

31ــ ان تصوير الاباطيل تصويراً جيداً إضلالٌ للاذهان الصافية.

32ــ ان العالم المرشد ينبغي ان يكون كالشاة لا كالطير. فالشاة تُطعِم بَهْمَتها اللبن والـطير تلـقم فراخهـا الـقئ.

33ــ ان وجود شئ يتوقف على وجود جميع اجزائه، بينما عدمُه يتوقف على عدم جزءٍ منه، لذا يميل الشخص الضعيف الى التخريب لإثبات قدرته، فيرتكب اعمالاً سلبية تخريبية بدل افعال ايجابية تعميرية.

34ــ اذا لم تمتزج دساتير الحكمة مع نواميس الحكومة ولم تمتزج قوانين الحق مع روابط القوة فلن تكون مثمرة بين جمهور العوام.

35ــ لقد وضع الظلمُ على رأسه قلنسوةَ العدالة ولبست الخيانةُ رداءَ الحمية واُطلق على الجهاد اسم البغي وعلى الأسر اسم الحرية. وهكذا تبادلت الاضدادُ صُوَرَها.

36ــ ان السياسة الدائرة على المنافع وحش رهيب.

37ــ ان التودد الى وحش جائع لا يثير شفقته بل يثير شهيته فضلاً عن أنه يطالب باجرة انيابه واظفاره.

38ــ لقد اظهر الزمانُ أن الجنة ليست رخيصة وان جهنم ايضاً ليست زائدة عن الحاجة.

39ــ قد صارت مزية الخواص من اهل الدنيا التي تستدعي التواضع والتراحم سبباً للتكبرّ والغرور، وصار عجز الفقراء وفقر العوام المستثيران للرحمة والاحسان سبباً لأسارتهم وسفالتهم.

40ــ ان كان في شئ ما محاسنُ وشرف فسرعان ما يُهدى الى الخواص ويُنسَب اليهم. اما ان كان فيه سيئات فيلصقوها بالعوام وينسبوها اليهم.

41ــ اذا لم تكن للفكر غاية ومثلٌ عليا، أو نُسيت تلك الغاية، أو تنوسيت تحولت الاذهان الى ((انا)) - الافراد - ودارت حولها.

42ــ لو تأملت في مساوئ جمعية البشر لرأيت: اس اساس جميع اختلالاتها وفسادها، ومنبع كل الاخلاق الرذيلة في الهيئة الاجتماعية، كلمتين فقط:

احداهما: إن شبعتُ فلا عليّ ان يموت غيري من الجوع.

والثانية:إكتسب انت لآكل أنا،واتعبْ انت لاستريح انا.

والقاطع لعرق الكلمة الاولى ليس إلاّ ((الزكاة)). والمستأصل والدواء للكلمة الثـانية ليس إلاّ((حرمة الربا)).

ان عدالة القرآن تقف على باب العالم وتصيح في الربا: ممنوع، لا يحق لك الدخول! ان البشرية لما لم تصغ الى هذا الكلام تلقت صفعة قوية. وعليها أن تُصغي اليها قبل ان تتلقى صفعة اقوى وأمرّ.

43ــ ان حروب الدول والشعوب - بعضها بعضاً - ستتخلى عن ساحتها لتحل محلها حروب الطبقات البشرية؛ لان الانسان كما لا يرضى ان يكون اسيراً لا يرضى ان يكون أجيراً ايضاً.

44ــ ان الذي يسلك الى مقصد طريقاً غير مشروع، كثيراً ما يعاقَب بخلاف مقصوده، فان جزاء محبةٍ غير مشروعة - كمحبة اوروبا - هي عداء غادر من المحبوب.

45ــ ينبغي النظر الى الماضي والى المصائب بنظر ((القدر)) بينما النظر الى "المستقبل" والى المعاصي يلزم ان يكون من زاوية التكليف، فالجـبـر والاعتـزال يـتصـالحـان هـنـا.

46 - ينبغي عدم اللجوء الى العجز فيما يمكن حلّه، وعدم الالتجاء الى الجزع فيما لا يمكن علاجه.

47 - ان جراح الحياة تلتئم، بيد أن جراحات العزة الاسلامية وشرف الامة وسيادتها غائرة جداً.

48ــ سيكون زمانٌ؛ تسبب فيه كلمةٌ واحدة توريط جيش كامل في الحرب، وطلقة واحدة ابادة ثلاثين مليون نسمة(1).

وستكون هناك أحوالٌ: حركةٌ بسيطة - عندئذ - تسمو بالانسان الى اعلـى عليين .. وفعـل صغير يُرديه في اسفل سافلين..

49ــ ان حبة واحدة من صدقٍ تبيد بيدراً من الاكاذيب، وان حقيقة واحدة افضل من بيدر من الخيالات.

عليك ان تصدُق في كل ما تتكلمه ولكن ليس صواباً ان تقول كل صدق؛ اذ



[ لايلزم من لزومِ صدق كل قول ٍ، قولَُ كل صدقٍ ]

50 - مَنْ أحسن رؤيته حَسُنتْ رويّته وجمل فكره ومن جمل فكره تمتع بالحياة والتذ بها.

51ــ ان الأمل يبعث الحياة في الناس،واليأس يقتلهم.

52ــ هذه الدولة الاسلامية التي اخذت على عاتقها - منذ السابق - القيام بفريضة الجهاد - فرضاً كفائياً - اعلاء لكلمة الله وحفاظاً على استمرار حرية العالم الاسلامي، وهو كالجسد الواحد، ووضعت نفسها موضع الفداء للعالم الاسلامي، وحامل راية الخلافة، ستعوّض عما اصابها من مصائب وتزيلها السعادة التي سوف يَرفُل بها عالم الاسلام.. ان هذه المصيبة قد عجلت بعث الاخوة الاسلامية وظهورها في ارجاء العالم الاسلامي تلك الاخوة التي هي جوهر حياتنا وروحها.

53 - ان اسناد محاسن المدنية الى النصرانية التي لا فضل لها فيها، واظهار التدني والتقهقر قريناً بالاسلام الذي هو عدوّ له، دليل على دوران المقدرات بخلاف دورتها، وعلى قلب الاوضاع.

54 - ان قطعة الماسٍ نادرةٍ مهما كانت صدئةً، افضل من قطعة زجاج لامعة دوماً.

55 - ان الذين يبحثون عن كل شئ في المادة، عقولهم في عيونهم، والعين لاتبصر المعنويات.

56ــ اذا وقع المجاز من يد العلم الى يد الجهل، ينقلب الى حقائق مادية، ويفتح الباب الى الخرافات.

57ــ ان احساناً يزيد على الاحسان الإلهي، ليس باحسان؛ اذ ينبغي وصف كل شئ بمــا هـو عليـه من صفــات.

58 - ان الشهرة تُملّك الانسانَ ما ليس له.

59 - ان الحديث النبوي معدن الحياة وملهم الحقائق.

60 - ان احياءَ الدين، إحياءٌ للامة، وحياة الدين نور الحياة.

61 - ان القرآن الكريم الذي هو رحمة للبشرية كافة. انما يقبل المدنية التي تكفل سعادة العموم أو في الاقل سعادة الاكثرية المطلقة، بينما المدنية الحاضرة قد



تأسست على خمسة اسس سلبية:ـ

1ــ نقطة استنادها وركيزتها: القوة، وهذه من شأنها: التجاوز والاعتداء.

2ــ هدفها وقصدها: المنفعة، وهذه من شأنها: التزاحم.

3ــ دستورها في الحياة: الجدال والصراع، وهذا من شأنه: التنازع.

4ــ رابطتها بين الكتل البشرية هي العنصرية والقومية السلبية التي تنمو وتتوسع بابتلاع الآخرين وشأنها التصادم الرهيب.

5ــ خدمتها للبشرية خدمة جذابة: تشجيع الهوى والهوسات وتلبية رغبات النفس الأمارة ذلك الهوى الذي هو سبب لمسخ الانسان مسخاً معنوياً.

اما المدنية التي تتضمنها الشريعة الأحمدية وتأمر بها:

فان نقطة استنادها: الحق بدلاً من القوة، والحق من شأنه: العدالة والتوازن.

وهدفها: الفضيلة بدلاًمن المنفعة، والفضيلة من شأنها: المودّة والتجاذب.

جهــة الوحدة فيـهــا: الرابطـة الدينية والوطنية والصنفية(1) بدلاً من العنصرية والقومية، وهذه الرابطة من شأنها: الأخوة المخلصة والمسالـمة الجادة والـدفاع فقط عند الاعتـداء الخارجي.

دستورها في الحياة:التعاون بدلاً من الجدال والصراع، والتعاون من شأنه: الاتحاد والتساند.

وتضع الهدى بدلاً من الهوى، والهدى من شأنه:رفع الانسان روحياً الى مراقي الكمالات.

فلا ترخِ يدك عن الاسلام الذي هو حامي وجودنا، واستعصم به، وإلاّ هلكت.

62ــ ان المصائب العامة انما تنزل لأخطاء الاكثرية، فالمصيبة نتيجةُ جنايةٍ ومقدمةُ مكافأة.

63ــ ان الشهيد يعدّ نفسه حياً، ولكونه لم يذق سكرة الموت، يرى الحياة التي ضحّى بها باقيةً وغير منقطعة. إلاّ انها على افضل وجه وانزهه.

64- العدالة القرآنية المحضة، لا تهدر دم برئ ولا تزهق حياته حتى لو كان في ذلك حياة البشرية جمعاء. فكما أن كليهما في نظر القدرة سواء، فهما في نظر العدالة سواء ايضاً. ولكن الذي تمكّن فيه الحرصُ والانانية يصبح انساناً يريد القضاء على كل شئ يقف دون تحقيق حرصه حتى تدمير العالم والجنس البشري ان استطاع.

65ــ ان الخوف والضعف يشجعان التأثيرات الخارجية.

66ــ لا تُضحّى مصلحةٌ محقّقة في سبيل مضرّة موهومة.

67ــ ان السياسة الحالية لاستانبول مرض شبيه بمرض (اسباني)، يسبب الهذيان.

68ــ ليس نادراً أن يتحسن مجنون اذا قيل له: انت سليم انت طيب، وليس من المستبعد أن يفسد عاقل اذا قيل له: انت فاسد انت طالح!

69ــ عدوّ العدوّ صديق ما دام عدوّاً له، وصديق العدو عدوّ ما دام صديقاً له.

70 – امر العناد هو: أنه اذا ما ساعد شيطانٌ امرءاً قال له: انه ((مَلَك)) وترحمّ عليه. بينما اذا رأى مَلَكاً في من يخالفه في الرأي، قال: ((انـه شيطان قد بدّل لباسه)). فيلعنه.

71 - قد يكون دواء مرض سماً لداءٍ آخر. واذا جاوز الدواء حدَّه انقلب الى ضده.

72 – [ الجمعية التي فيها التساند آلة خُلقتْ لتحريك السكنات، والجماعة التي فيها التحاسد آلة خلقتْ لتسكين الحركات ].

73 - اذا لم يكن في الجماعة الواحد الصحيح(1)، يصغر الجمع والضم، كالضرب الكسري في الحساب.

74ــ كثيراً ما يلتبس عدم القبول بقبول العدم، مع ان عدم القبول دليله عدم ثبوت الدليل، أما قبول العدم فيحتاج الى دليل العدم، فاحدهما شك والآخر إنكار.

75 - ان الشك في المسائل الايمانية، اذا أسقط دليلاً واحداً بل حتى مائة دليل، فلا يورث المدلول أي ضرر كان، لان هناك آلاف الادلة.

76 - يجب اتباع السواد الاعظم (من الناس). اذ لما اعتمد الامويون على الاكثرية والسواد الاعظم، فانهم دخلوا - مع تهاونهم - في نهاية الامر في عداد اهل السنة والجماعة.بينما العلوية، فلإعتمادها على قلة العدد انتهى الامر ببعض منهم ـــ مع تصلبها ـــ الى الدخول في الرافضية.

77 - ان كان الاتفاق في الحق اختلافاً في الأحق، يكون الحق احياناً أحق من الأحق، والحسن أحسن من الأحسن. ويحق لكل امرئٍ ان يقول في مذهبه: ((هو حق، هو حسن))، ولكن لا يحق له القول: ((هو الحق هو الحسن)).

78 - لولا الجنة لما عذّبت جهنم.

79 - كلما شابَ الزمانُ شبَّ القرآنُ، وتوضحت رموزه. وكما يتراءى النور كالنار، تتراءى احياناً شدة البلاغة مبالغة.

08 - ان مراتب الحرارة عبارة عن تداخل البرودة، ودرجات الحُسن عبارة عن تداخل القبح. أما القدرة الازلية فهي ذاتية ولازمة وضرورية، لذا لا يتخللها العجز فلا مراتب فيها. كل شئ بالنسبة اليها سواء.

81ــ ان تمثال الشمس (صورتها) الذي هو تجلّ لفيضها، يبيّن الهوية نفسها على سطح البحر، وفي قطراته.

82ــ ان الحياة من تجلي التوحيد، ومنتهاها تكسب الوحدة.

83ــ ما دام الولي في الناس، وساعة الاجابة في الجمعة، وليلة القدر في رمضان، واسم الله الاعظم في الاسماء الحسنى، والأجَل في العمر.. مجهولاً، ستظل لسائر الافراد قيمتها واهميتها؛ فان عشرين سنة من عمر مبهم افضل من الف سنة من عمر معلوم النهاية.

84ــ ان عاقبة المعصية في الدنيا، دليل على العقاب الاخروي.

85ــ ان الرزق ذو اهمية في نظر القدرة كأهمية الحياة. فالقُدرة تُخرج الرزق والقَدَرُ يلبسه - الّلباس المعين - والعناية تربيّه وترعاه، فالحياة محصّلة مضبوطة- أي مشاهدة محدّدة - اما الرزق فهو غير محصل - آنيّاً - وتدريجي، ومنتشر، يحمل المرءَ على التدبر. لا موت من الجوع، لان الشخص لا يموت قبل استهلاك الشحم وسائر المواد المدخرة في الجسم. اذن فسبب الموت هو المرض الناشئ من ترك العادة، لا إنعدام الرزق.

86 - ان رزق أكلة اللحوم الوحشية الحلال هو جيف الحيوانات التي لا حدّ لها، وهي اذ تتناول رزقها تنظف وجه البسيطة ايضاً.

87 - لقمةٌ بفلسٍ واحد واخرى بعشرة فلوس مثلاً كلتاهما متساوية قبل دخولهما الفم، وبعد مرورهما من الحلقوم مع فارق واحد هو تلذذ الفم بها لعدة ثوانٍ، لذا فان صرف عشرة فلوس بدلاً من فلس واحد إرضاءً لحاسة الذوق الموظفة بالتفتيش والحراسة أسفه انواع الاسراف.

88 - كلما نادت اللذائذ ينبغي الاجابة بـ((كأنني أكلت)) فالذي جعل هذا دستوراً له كان بوسعه ان يأكل مسجداً مسمىً بـ((كأنني اكلت))(1) فلم يأكل.

89 - لم يكن اكثر المسلمين في السابق جائعين، فكان الترفّه جائز الاختيار، أما الآن فهم جائعون فلا اختيار في التلذذ.

90ــ ينبغي التبسم في وجه الألم المؤقت والترحيب به اكثر من التبسم للّذة المؤقتة، اذ اللذات الماضية تُنطِق المرء بالحسرات وما هي إلاّ ترجمان لألمٍ مستتر بينما الآلام الماضية تُنطِق المرء: بالحمد لله الذي يخبر عن لذةٍ ونعمةٍ مضمرة.

91ــ ان النسيان كذلك نعمة. لأنهُ يذيق الآلام اليومية وحدها، بينما يُنسي المتراكمة منها.

92ــ ان لكل مصيبة درجة نعمة كدرجات الحرارة - التي تتداخلها البرودة - لذا ينبغي الشكر لله بالتفكير فيما هو أعظم، ورؤية النعمة في الأصغر. وإلاّ اذا نُفخ فيها واستُعظِمتْ فانها تعظُم، واذا اُقلق من اجلها تتوأمت وانقلب مثالُها الوهمي في القلب الى حقيقة تسحق القلب.

93ــ لكل شخص نافذة يطل منها على المجتمع - للرؤية والاراءة - تسمى مرتبة، فاذا كانت تلك النافذة ارفعَ من قامة قيمته يتطاول بالتكبر، اما اذا كانت اخفضَ من قامة قيمته، يتواضع بالتحدّب وينخفض حتى يشهد في ذلك المستوى ويُشاهد. إن مقياس العظمة في الانسان هو التواضع،أما مقياس الصغر فيه فهو التكبر والتعاظم.

94ــ ان عزة النفس التي يشعر بها الضعيف تجاه القوي لو كانت في القوي لكانت تكبراً، وكذا التواضع الذي يشعر به القوي تجاه الضعيف، لو كان في الضعيف لكان تذللاً.

ان جديّة وليّ الامر في مقامه وقارٌ، أما لينُه فهو ذلة. كما ان جديته في بيته دليل على الكبر ولينَه دليل على التواضع.

ان كان الفرد متكلماً عن نفسه فصَفحُه وسماحه - عن المسيئين - وتضحيته - بما يملك - عمل صالح، اما اذا كان متكلماً باسم الجماعة فخيانة وعمل غير صالح.

ان المرء يستطيع ان يكظم الغيظ - لما يعود لنفسه - وليس له ان يتفاخر بشئ يخصّه، ولكن يمكنه ان يفخر باسم الامة من دون ان يكظم غيظاً بحقها.

95ــ ان تفويض الامر الى الله في ترتيب المقامات كسل، أما في ترتّب النتيجة فهو توكل. والرضا بقسمته وثمرة سعيه قناعة، تقوّي من ميل السعي أما الاكتفاء بالموجود فتقاصر في الهمة.

96ــ فكما ان هناك طاعة وعصياناً تجاه الاوامر الشرعية المعروفة، كذلك هناك طاعةٌ وعصيانٌ تجاه الاوامر التكوينية.

وغالباً ما يرى الاول - مطيع الشريعة والعاصي لها - جزاءه وثوابه في الدار الآخرة. والثاني - مطيع السنن الكونية والعاصي لها - غالباً ما ينال عقابه وثوابه في الدار الدنيا.

فكما ان ثواب الصبر النصرُ، وجزاء البطالة والتقاعس الذلُّ والتسفّل. كذلك ثواب السعي الغنى وثواب الثبات التغلب.

ان العدالة التي لا مساواة فيها ليست عدالة.

97ــ ان التماثل مدعاة للتضاد، والتناسب اساس للتساند، وصغر النفس منبع التكبر، والضعف معدن الغرور، والعجز منشأ المخالفة، والشغف استاذ العلم.

98ــ ان القدرة الفاطرة قد ألجمت جميع الأحياء وفي مقدمتها الانسان بدافع الحاجة، ولا سيما حاجة الجوع، واقحمتها في نظام، فانقذت العالم من الهرج والمرج وحققت الرقي للانسان بجعل الحاجة استاذاً للحضارة.

99ــ ان الضيق معلم للسفاهة، واليأس منبع ضلال الفكر، وظلمة القلب منبع ضيق الروح.

100 ـ [ اذا تـأنــث الـرجـال بـالتهـوس تـرجـّل الـنسـاء بالـتـوقـّح ].

كلما دخلت امرأة حسناء في مجلس من مجالس الاخوان تنبّه عرق الرياء والحسد والمنافسة. ففي تكشّف النساء تكشفٌ عن الاخلاق السيئة في الانسان المتحضر.

101ــ ان للصور المتبسمة - تلك الجنائز المصغرة - دوراً مهماً في روح البشر الرعناء الملوثة الآن بالسيئات.

102ــ ان الهياكل الممنوعة شرعاً، إما أنها ظلم متحجّر، أو هوى متجسّم، أو رياء متجسّد.

103ــ ان ميل التوسع والاجتهاد هو ميل للتكمل إن كان من الداخلين بحقٍ في دائرة الاسلام بامتثال مسلّماته جميعاً، بينما يصبح - هذا الميل - ميلاً للتخريب ان كان ممن يهمل الضروريات ويعدّ خارجاً عن الدائرة لعدم مبالاته. فاثناء العواصف المدمرة تقتضي المصلحة سدّ نوافذ الاجتهاد فضلاً عن فتح ابوابه.

ان الذين لا يبالون بالدين لا ينبغي ان يلطّفوا بالرُخص بل ينبهون بشدة، بالعزائم.

104ــ يا للحقائق البائسة، انها تفقد قيمتها في الايدي الاعتيادية الوضيعة.

105ــ ان كرتنا الارضية تشبه الحيوان، تبرز اثار الحياة. تُرى لو صغرت حتى تصبح في حجم بيضة، ألا تصبح نوعاً من حيوان؟ أو إذا كبرت جرثومة بقدر كرتنا أفلا تشبهها؟ فإذا كانت لها حياة، فلها روح ايضاً. فإذا صغر العالم صغر الانسان، وتحولت كواكبه في حكم الذرات أو الجواهر الفردات، أفلا يصبح هو ايضاً حيواناً ذا شعور؟ ان للّه سبحانه كثيراً من امثال هذه الحيوانات.

106ــ الشريعة اثنتان:

احداها: هي الشريعة المعروفة لنا، التي تنظم افعال واحوال الانسان، ذلك العالم الاصغر، والـتـي تأتي من صفـة الكلام.

الثانية: هي الشريعة الكبرى الفطرية، التي تنظم حركات وسكنات العالم، ذلك الانسان الاكبر، والتي تأتي من صفة الارادة. وقد يطلق عليها خطأ اسم الطبيعة.

والملائكة امة عظيمة هم حملة الاوامر التكوينية وممثلوها وممتثلوها تلك الاوامر الآتية من صفة الارادة والتي تسمى بالشريعة الفطرية.

107ـ [ اذا وازنتَ بين حواس حوينةٍ ((مجهرية)) وحواس الانسان، ترى سراً عجيباً: ان الانسان كصورة يس كتب فيها سورة يس ].

108ــ ان الفلسفة المادية طاعون معنوي، حيث سبّب في سريان حمى مدهشة في البشرية وعرضها للغضب الإلهي، وكلما توسعت قابلية التلقين والنقد توسع ذلك الطاعون ايضاً.

109ــ ان اشد الناس شقاءً واضطراباً وضيقاً هو العاطل عن العمل. لأن العطل هو ابن اخ العدم. اما السعي فهو حياة الوجود ويقظة الحياة.

110ــ ان البنوك التي هي وسائط الربا وابوابها، انما تعود بالنفع على الكفار - الذين هم أسوأ البشرــ وعلى اظلمهم، وعلى اسفه هؤلاء. ان ضررها على العالم الاسلامي ضرر محض. ولا يؤخذ رفاه البشرية قاطبة بنظر الاعتبار، ولأن الكافر ان كان حربياً ومتجاوزا ًفلا حرمة ولا عصمة له.

111ــ ان الهدف من خطبة الجمعة تذكير بالضروريات الدينية ومسلّماتها لا تعليم النظريات،والعبارة العربية تذكّرها على افضل وجه واسماه.

واذا قورن بين الآية والحديث، يتضح انه حتى أبلغ البشر لا يستطيع ان يبلغ بلاغة الآية، وان هذا لا يشبه تلك.

سعيد النورسي



بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحيمِ

يا الله، يا رحمن، يا رحيم،

يا فرد، يا حي، يا قيوم، يا حكم، يا عدل. يا قدوس

بحق الاسم الاعظم وبحرمة القرآن المعجز البيان وبكرامة الرسول الاعظم e ، ادخل الذين قاموا بطبع هذه المجموعة ومعاونيهم الميامين جنة الفردوس والسعادة الابدية.. آمين.

ووفـّقهم في خدمة الايمان والقرآن دوماً وابداً.. آمين واكتب في صحيفة حسناتهم ألف حسنة لكل حرف من حروف كتاب ((المكتوبات)).. آمين.

وأحســن الـيهـم الــثبات والـدوام والاخـلاص فـي نشر ((رسائل النور)). آمين

يا ارحم الراحمين! آت جميع طلاب النور في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة.. آمين.

واحفظهم من شر شياطين الجن والانس.. آمين.

واعف عن ذنوب هذا العبد العاجز الـضعيف سعيد.. آمين

بإسم جميع طلاب النور

سعيد النورسي
__________________
رفيقك علم الله فلابد ان لا تنسى رفيقك
عبدالرزاق غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس