الموضوع: الشعاع الخامس
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-2008
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الشعاع الخامس - ص: 107

سترت الحكمة الإلهية ورحمتها الواسعة المصائب، فظلت مخفية عن الانسان ومستورة عنه، فلا يتأذى بمثل ذلك الالم المعنوي.


وحيث ان اغلب الحوادث الكونية الغيبية تتضمن امثال هذه الحكم، فقد منع الاخبار عن الغيب. وحتى الذين يخبرون عنه باذن رباني، فقد أخبروا عنه اخباراً على صورة اشارات فقط، مع شئ من الابهام دون الصراحة المكشوفة، فيما عدا الحقائق الايمانية وما هو مدار التكليف، وذلك لئلا يكون هناك قلة توقير وعدم امتثال كامل للدستور الإلهي:


(قُل لا يَعلَمُ مَن في السّمواتِ والارضِ الغيبَ إلاّ الله) (النمل: 65).


بل حتى البشارات التي وردت في حق رسولنا الكريم صلىاللهعليهوسلم في التوراة والانجيل والزبور، قد جاءت بشئ من الابهام وعدم التصريح، مما حدا بأناس من اهل تلك الكتب ان يؤولوا تلك الاشارات فلم ينعموا بالايمان بالرسول الكريم صلىاللهعليهوسلم.


اما المسائل التي هي ضمن العقائد الايمانية فبمقتضى حكمة التكليف بحاجة الى تبليغ أمين ووضوح تام وصراحة كاملة وتكرار، لذا فصَّل القرآن الكريم ومبلغه الأمين صلىاللهعليهوسلم وبينا بياناً وافياً امور الآخرة، في حين انهما ذكرا الحوادث الدنيوية المستقبلية ذكراً مجملاً.


النقطة الخامســة:


لقد رويت الامور الخارقة - فوق المعتادة - التي تخص عصر "الدجالين" - أي دجال المسلمين والدجال الاكبر - مقرونة بذكرهما، فتوهمت كأنها ستصدر من شخصيهما بالذات وفهمت هكذا. لذا اصبحت تلك الروايات من المتشابهات، لاحتجاب المعنى.


فمثلا: تجوله بالطائرة والقطار..


ومثلا: قد اشتهر: ان الشيطان الذي يخدم دجال المسلمين سيصيح حين موته عند "ديكيلى طاش 1 في استانبول" صيحة يسمعها الناس كلهم بـ"أنه مات"، اي سيعلن عنه بالراديو، اعلاناً عجيباً تتحير منه الشياطين أنفسهم. ثم ان الاحوال الرهيبة والاجراءات المدهشة التي تخص حكم الدجال ونظامه ومنظماته وحكومته، قد رويت مقرونة مع شخصه، وكأنها ذات علاقة معه بالذات، لذا خفي المعنى واستتر.


_____________________


1 ديكيلى طاش: منطقة فى استانبول كانت فيها اذاعتها - المترجم.






الشعاع الخامس - ص: 108

فمثلا: هنالك رواية بهذا المعنى: انه يملك من القوة والدوام ما لا يمكن ان يقتله الا سيدنا عيسى عليه السلام والا فلا سبيل لقتله.1


وهذا يعني: ان الذي يدمر منهجه ونظامه الشرس الرهيب ويقضي عليه قضاء نهائياً ليس الا ديناً سماوياً رفيعاً يظهر في العيسويين، فيقتدي بحقائق القرآن، ويتحد معها، فهذا الدين العيسوي هو الذي يمحو بنزول عيسى عليه السلام ذلك المنهج الالحادي فيقضي عليه قضاء تاماً. والاّ فان شخص ذلك الدجال يمكن ان يُقتَل بجرثومة أو بمرض بسيط كالزكام.


ثم ان قسماً من تفسير بعض الرواة وحكمهم - النابع من اجتهاداتهم الشخصية، التي تحتمل الخطأ - قد اختلط مع متن الحديث النبوي، فيشتبه أنه منه، وعند ذاك يحتجب المعنى ويختفي، اذ لاتظهر مطابقة الحديث مع الواقع، فيدخل ضمن حكم المتشابه.


ثم ان الشخص المعنوي للجماعة وللمجتمع لم يكن واضحاً في السابق، كما هو في الوقت الحاضر، اذ كان الفكر الانفرادي والاهتمام بالفرد هو الغالب؛ لذا اسندت الاجراءات الضخمة للجماعة وصفاتها العظيمة الى الذين يترأسون تلك الجماعة، ومن هنا صُوّر اولئك الرؤساء تصويراً عجيباً بأنهم يملكون صفات كلية خارقة، واجساماً ضخمة هائلة تفوق مائة ضعف عما هم عليه، وان لهم قوة وقدرة خارقتين، لكي تلائم تلك الاجراءات المهولة. والحال ان هذا التصوير لايطابق الواقع. لذا أصبحت تلك الرواية متشابهة.


ثم، انه على الرغم من التباين بين صفات "الدجالين" واختلاف حالتيهما، يلتبس الامر في تلك الروايات التي وردت بصورتها المطلقة، فيظن هذا ذاك.


ثم ان أحوال "المهدي الكبير" لاتطابق احوال المهديين السابقين له، في الروايات التي تشير اليهم، فتصبح تلك الروايات في حكم المتشابه.


ان الامام علياً رضي الله عنه يذكر "دجال المسلمين" فقط.


انتهت المقدمة.. فنبدأ بالمسائل.


* * *


_____________________


1 انظر هامش المسألة الثالثة عشرة - المترجم.

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 01-24-2010 الساعة 07:25 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس