الموضوع: الشعاع الخامس
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-2008
  #9
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي


الشعاع الخامس - ص: 121
نعم! اذا انقطعت قوة جاذبة القرآن الكريم الذي هو حبل الله المتين والذي يشد الارض بالشمس، والفرش بالعرش، انحلت عرى الكرة الارضية، فتظل تدور دوراناً تائهاً سائباً، فتطلع الشمس من مغربها بعدم انتظام حركتها وبمعكوسيتها.
هذا وللحديث تأويل آخر هو:
ان القيامة تقوم نتيجة التصادم - بالكواكب السيارة - بأمر إلهي مقدر.
اما "دابة الارض" فان هناك اشارة اليها في غاية الاجمال في القرآن الكريم مع كلام مختصر بلسان حالها.
اما تفصيلها فلا أعرفه الآن معرفة جازمة ـــ وباقتناع قاطع ـــ بمثل المسائل الاخرى. الا انني أتمكن ان اقول، ولا يعلم الغيب الا الله:
انه كما سلط الله سبحانه آفة الجراد والقمل على قوم فرعون، وسلط (طيراً ابابيل) على قوم أبرهة الذين أتوا لهدم الكعبة، كذلك الذين ينساقون طوعاً وعلى علم بفتن
"السفياني والدجاجلة" فيتمادون في العصيان والطغيان والفساد، ويتردون في الالحاد والكفر والكفران والتوحش والغدر بدافع الارهاب والفوضى التي يشيعها يأجوج ومأجوج يخرج عليهم حيوان من الارض - لحكمة ربانية لاعادة صوابهم - فيسلط عليهم ويدمرهم تدميراً.
ان تلك الدابة - والله اعلم - هي نوع وليست فرداً، لانه لو كانت فرداً وحيواناً واحداً ضخماً جداً، لما بلغ كل شخص في كل مكان، فهو اذن طائفة حيوانية مخيفة، وربما هي حيوان كالارضة التي تقضم الخشب وتأكله كما تشير اليها الآية الكريمة (الا دابة الارض تأكل منسأته)
(السبأ: 14). فهذا الحيوان ايضاً يقضم عظام الانسان وينخرها كنخر تلك الدابة الخشب ويستقر في جميع اجزاء جسم الانسان من أسنانه الى اظفاره.
وقد انطقت الآية الكريمة تلك الدابة بخصوص الايمان مشيرة: بان المؤمنين ينجون منها ببركة الايمان ويمنه، وبتحرزهم من السفاهة، وتجنبهم الاسراف وسوء الاخلاق.
(ربنا لاتُؤاخذنا إن نسينا او أخطأنا)
(سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم)
الشعاع الخامس - ص: 122
(تتمة المسائل العشرين السابقة في ثلاث مسائل)
المسألة الاولى:
لقد اطلق في الروايات اسم "المسيح" على سيدنا عيسى عليه السلام، واطلق الاسم نفسه على الدجالين ايضاً، كما ورد في الاستعاذة: "من فتنة المسيح الدجال".
فما حكمة هذه التسمية وما تأويلها 1 ؟
الجواب: ان حكمتها - والله اعلم - هي:
ان عيسى عليه السلام قد رفع - بأمر إلهي - قسماً من التكاليف الشاقة التي كانت في شريعة سيدنا موسى عليه السلام، واحل بعض ما تشتهيه النفوس كالخمر، كذلك يفعل الدجال الكبير - بإغواء من الشيطان وبنفوذه - فيرفع قسماً من أحكام شريعة سيدنا عيسى عليه السلام فيخل بالروابط التي بها تدار الحياة الاجتماعية للنصارى ممهداً الاوضاع للفوضى والارهاب ومجئ يأجوج ومأجوج.
وكذلك
"السفياني" الذي هو دجال المسلمين يسعى لرفع قسم من الاحكام الخالدة للشريعة المحمدية (على صاحبها افضل الصلاة والسلام) بدسائس النفس الامارة وبمعاونة الشيطان، فيخل بالروابط المادية والمعنوية للبشرية ويطلق النفوس الحائرة العصبية الذاهلة من عقالها لتتيه ضائعة شاردة. فينقض العرى النورانية التي تربط افراد المجتمع الانساني كالاحترام والمحبة، ويكره الناس على حرية هي عين الاستبداد، لتتصارع النفوس الضالة في مستنقع الاهواء والرذيلة، فاتحاً الطريق الى ارهاب شنيع وفوضى رهيبة بحيث لايمكن - في ذلك الوقت - ان ينضبط اولئك الناس الا باستبداد في منتهى الشدة والقسوة.
المسألة الثانية:
لقد ذكرت الروايات اعمالاً خارقة يقوم بها كلا الدجالين، وعن اقتدارهما فوق المعتاد، وعن هيبتهما وعظمتهما الفائقة، حتى حدا الامر ببعض الناس التعساء ان يسندوا اليهما شيئاً من الالوهية! هكذا جاء في الروايات.. فما سبب هذا؟

_____________________
1 قال الحافظ في الفتح: 13/94: وحكى شيخنا مجد الدين الشيرازي صاحب القاموس في اللغة، انه اجتمع له من الاقوال في سبب تسمية الدجال خمسون قولا.


الشعاع الخامس - ص: 123
الجواب: والعلم عند الله. اما كون اجراءاتهم واعمالهم عظيمة وخارقة، فلأن معظمها تسوق الى التخريب، وتدفع الى هوى النفس. لذا يمكنهم بكل سهولة ويسر القيام باعمال فوق المعتادة، لانها تخريب. حتى ان ما ورد في الحديث من:
"يوم كسنة" اي: ان ما ينجزونه في سنة واحدة من الاعمال لايمكن انجازها في ثلاثمائة سنة. اما سبب ظهور اقتدارهم بما هو فوق المعتاد، فان هناك اربعة اسباب وجهات:
اولاها:
اسنادهم الى انفسهم ظلماً وزوراً وبالاستدراج كل ما في حكوماتهم الهائلة المستبدة من اعمال حسنة وترقيات حصلت بقوة الجيش الشجاع والامة النشطة، هو الذي يسبب التوهم من ان اشخاصهم لها اقتدار ألف شخص، علماً ان القاعدة والحقيقة تقتضيان: ان ما ينشأ من عمل الجماعة من المحاسن والاعمال الايجابية والشرف والغنيمة يقسم على افراد الجماعة ويعود الى افرادها، في حين تسند السيئات والسلبيات والخسائر والتخريبات الى سوء ادارة رئيس الجماعة وتقصيراته.
فمثلا: اذا اقتحم فوج من الجيش قلعة وفتحوها. فان شرف الانتصار والغنائم التي يحصلون عليها تعود الى قوة سلاحهم. اما اذا وجدت السلبيات والخسائر فانها تعود الى آمرهم. وهكذا خلافاً لهذا الدستور الاساسي المبني على الحق والحقيقة ينال اولئك الرؤساء المرعبون بالاستدراج والخداع محبة عموم اهل الغفلة، رغم انهم يستحقون ان يقابلوا بكراهية الناس كلهم، وذلك لاسنادهم الحسنات والايجابيات والتقدم الى انفسهم واسناد السلبيات والسيئات والاخطاء الى امتهم المسكينة.
الجهة الثانية والسبب الثاني:
ان كلا الدجالين يجريان حكمهما باستبداد مطلق وارهاب شديد وظلم شنيع وقسوة متناهية، لذا يبدو اقتداراً عظيماً.
نعم! ان استبدادهم عجيب حتى انهم يتدخلون - بستار القانون - الى وجدان كل شخص، والى مقدساته، بل حتى الى نوع ملابسه.
وأخال ان دعاة التحرر من المسلمين والاتراك - في العصر الاخير - قد أحسوا بهذا الاستبداد - بالحس قبل الوقوع - فصوبوا له سهامهم وهاجموه بشدة، الا انهم انخدعوا انخداعاً كلياً، واخطأوا الهدف، اذ هاجموا في غير موقع الجبهة!
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة admin ; 01-24-2010 الساعة 10:32 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس