عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #44
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الباب الرابع

شرح الأســــــماء الحسنى ‏ودعــــــاؤها

الله جلَّ جلاله



"إنَّ هذا الاسم علمٌ على الذات العليَّة، المنزَّهة عن الحدود، ‏وهو اسم الله الأعظم، الجامع لكل معاني الأسماء الحسنى، ولا ‏يسمَّى به إلا هو - عزَّ وجلّ-.‏


وإذا قلت: يا الله! تجيبك جميع الأسماء، كأنك قلت: يا ‏رحيم، يا كريم، يا معطي. إلى آخر الأسماء.


فقلبك يستحضر ‏معاني الأسماء ، ولسانك يقول:"الله" فيتجلَّى الحقُّ للذاكر ‏العارف في جلالة وعَظَمة خضعت لها الأعناق بالركوع ‏والسجود. قال تعالى:‏‎ { وَلِلّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ ‏وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ }‏(1) ‏ ‏.


ويتجلَّى للذَّاكر بجمالٍ لاح على صفحات الوجود، ‏ويجذب الألباب، ويبهر الأرواح بالشهود، وتتجلى لك ‏الحضرات والإمدادات والجمالات، والجلالات، والآيات ، ‏والبينات، وما فيها تحت سلطان الألوهية.... .‏


فالعارف بالله يرى نفسه أحقر من الذَّر، لظهور العظمة، ‏وتجلِّي الحضرة العلية، ويرى نفسه أسعد الخلق وأغناهم، لأنه ‏صار عبداً للغني العلي الكبير، فهو العبد الذَّليل لله، العزيز ‏بالله، الفقير لله، الغني بالله، لا ينظر إلى معاني الأسماء من ‏حيث الألفاظ اللغوية، ولكن يتوجَّه إليها من معانهيا النورانية، ‏وآثارها البهية.‏


وليس للعبد من هذا الاسم حظٌّ إلا التعلُّق به ذكراً ‏وحضوراً واستحضاراً، حتى يتلاشى تحت سواطع الأنوار، ‏فيحصل له الوَلَه، والذُّهول عن الآثار، وعند ذلك يشهد مولى ‏ليس كمثله شيء، وهو أقرب إلينا من كل شيء (2) ‏" اهـ


اقتباس:========================== الحاشية =====================.

(1) ‎ ‎‏: سورة الرعد – الآية 15.‏

(2) ‎ ‎‏: قال الشيخ زروق رضي الله عنه: كل الأسماء يصح لمعانيها التخلق إلا هذا الاسم فإنه ‏للتعلق ، وكل الأسماء راجعة إليه ، فالمعرفة به معرفة بها ، وهو دال بصيغته على عظمة ‏المسمى به ، ذاتاً ، وصفاتٍ ، وأسماءً ، وما يرجع لذلك من أفعاله . والمعرفة به تفيد ‏الفناء فيه للعارفين ، والتعظيم والإجلال ، والهيبة والأنس للمريدين ، والتقرب به على ‏وفق ذلك من إسقاط الهوى ، ومحبة المولى ، ولا يصح ذلك إلا بقلب مفرد فيه توحيد ‏مجرد ، وذلك يستدعي جميع الأحوال والمقامات والكرامات ، فلذلك لما سئل الجنيد ‏رضي الله عنه: كيف السبيل إلى الانقطاع إلى الله تعالى ؟. قال: بتوبة تزيل الإصرار ، ‏وخوف يزيل التسويف ، ورجاء يبعث على مسالك الأعمال ، وإهانة النفس بقربها ‏من الأجل وبعدها من الأمل . قيل له : بماذا يصل العبد إلى هذا ؟ قال: بقلب مفرد ‏فيه توحيد مجرّد، انتهى.

‏ قال سيدي ابن عجيبة في شرحه لهذا الاسم: " قلت: وقول الشيخ زروق رضي الله ‏عنه : لا يصلح هذا الاسم إلا للتعلق دون التخلق، إنما هو مذهب أهل الظاهر، وأما ‏مذهب أهل التحقيق من أهل الباطن فهو يصلح للتعلق ، والتخلق . والتخلق به: هو ‏الفناء فيه ، والاستهلاك في الحقيقة بحيث يفنى من لم يكن ، ويبقى من لم يزل .

‏ وقال الشيخ أبو العباس المرسي رضي الله عنه : إن لله عباداً محق أفعالهم بأفعاله ، ‏وأوصافهم بأوصافه ، وذاتهم بذاته، وحملهم من أسراره ما تعجز الأولياء عن حمله ، ‏انتهى.‏

‏ وقال القطب شيخ شيوخنا ، ومادة طريقتنا مولانا عبد السلام بن مشيش رضي الله ‏عنه ، ونفعنا ببركاته - لما تكلم على المحبة - قال :والمحبة مزج الأوصاف بالأوصاف، ‏والأخلاق بالأخلاق ، والأنوار بالأنوار ، والأسماء بالأسماء، والنعوت بالنعوت ، ‏والأفعال بالأفعال، انتهى .

فتحصل: أن التخلق باسم الجلالة هو : الفناء فيه ، ‏والغيبة عما سواه .‏

‏ قال الغزالي رضي الله عنه :
ينبغي أن يكون حظ العبد من هذا الاسم التألّه، وأعني: ‏أن يكون مستغرق القلب والهمة بالله تعالى ، لا يرى غيره ، ولا يلتفت إلى سواه ، ‏ولا يرجو، ولايخاف إلا إياه ، وكيف لا يكون كذلك وقد فهم من هذا الاسم أنه ‏الموجود الحقيقي الحق ، وكل ما سواه هالك وفان ، وباطل إلا به ، فيرى أولاً نفسه ‏هالكاً ، وباطلاً . كما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: أصدق بيت ‏قالته العرب بيت لبيد:-‏
ألا كل شيء ما خلا الله باطل *** وكل نعيم لا محالة زائل

‏ وقال بعض من شرح الأسماء : وأما التخلق بهذا الاسم : فاتصاف بكل وصف ‏كمال، بقدر ما يمكن في طور العبد ، وبحسب استعداد الخاصة مثل الأنبياء ، ‏والمجذوبين ، والمحبوبين من الأولياء ، وقد يكون بالمجاهدات البالغة ، والرياضة الشاقة ، ‏وتهذيب الأخلاق ، وتبديل الأوصاف ، وقد يكون بنتائج التجليات، وثمرات ‏المشاهدات ،

ثم قال: وأما التحقق بحقائق هذا الاسم فهو : أن تطلع شمسه من ‏مشرق قلبه ، وتنوّرٌ من العبد سارياً في كليته وسرائره ،شاملاً لظواهره وضمائره ، ‏فيفنى اسمه ورسمه ، ويلطف قلبه وروحه، بل جسمه ، فيبدل الحدوث بالقدم ، ‏والظلمات بالأنوار ، ويعوضه من ليل الحجاب نهار الإبهار ، فيفنى ثم يبقى ، بوجود ‏موجود حقاني ، ويخفى ثم يبقى بوصف كريم رباني، ويكون الحق سمعه ، وبصره ، ‏ويده ، به يسمع ، وبه يبصر، وبه يبطش ، بل يكون بكليته ما لا يصفه الواصفون ، ‏ولا يحيط به العارفون ، انتهى .‏" اهـ177




(يتبع إن شاء الله تعالى .... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس