عرض مشاركة واحدة
قديم 02-26-2014
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: رسالة ما يجب معرفته على كل مسلم ومسلمة للشيخ محمد سعيد البرهاني

- فصل -

في بيان الإعتقاد الواجب في توحيده عز وجل

هو أنه تعالى موجود ، لا إبتداء لوجوده ولا غنتهاء له ، ولا يشبه شيئا ولا يشبهه شيء ، ولا يحتاج مكان ومحل ، ولا يغيره زمان ولا ثاني له في ذاته ،ولا في صفاته ، ولافي أفعاله ، قائم بنفسه ، مستغن عن جميع خلقه ، قادر ، مريد ، يفعل ما يشاء ، خالق لجميع الأشياء ويعلم كل شيء ويسمعه ، ولا يشغله شأن عن شان ، حي قيوم متكلم عدل في حكمه وقضائه ، منفرد بالخلق والتدبير ، يقول للشيء : كن فيكون .

- فصل -

في بيان أن الله تعالى هو المنفرد بالخلق والإيجاد

اعلم أنه لا موجود سوى الله تعالى إلا وهو حادث بفعله تعالى ، أي ليس لغيره تعالى من الموجودات فعل ولا تأثير بإيجاده تعالى لأي شيء كان ، وقد أجرى الله سبحانه وتعالى العادة اختيارا منه ، بإيجاده للأشياء عند وجود أسبابها - أي لا بها - وقس على هذا : الشبع عند الطعام ، والري عند الماء ، والشفاء عند الدواء ، فيجب الإعتقاد بأن كل حادث في العالم ، هو فعله تعالى ، وخلقه ، لا خالق سواه ولا محدث له إلا هو ، تصديقا لقوله تعالى " الله خالق كل شيء " وفي قوله تعالى " والله خلقكم وما تعملون " .

فكما علمت أن الله تعالى خالق لكل شيء ، ينبغي أن تعلم أيضا أن للعبد كسبا ، يجازيه الله تعالى على كسبه ، فالثواب والعقاب على استعمال العبد الجزء الإختياري . أي به يثيبه الله تعالى على الطاعات وبه يعاقبه على المنكرات ، قال تعالى في كتابه العزيز " لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسب " أي لها ما كسبت من الطاعات ، وعليها ما امتسبت من المعاصي . فبين الله تعالى لنا في هذه الآية أن للعبد كسبا يجازى عليه . وقد قال تعالى " من عمل صالحا فلنفسه ، ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد " .
- فصل -

في بيان أن الله تعالى لا يشبه مخلوقاته

قال الله تعالى " ليس كمثله شيء ، وهو السميع البصير " فالله سبحانه وتعالى ، مخالف للحوادث ، فلا يشبهه شيء من مخلوقاته ، ولا يشبه شيئا من مخلوقاته ، ومن ذلك أن وجوده تعالى ليس كوجودنا ، إذ وجودنا حادث ، وبإيجاده تعالى ، ووجوده تعالى أزلي ذاتي .

وقدمه لا كقدمنا ، لأن قدمه لم يكن مسبوقا بعدم ، وبقاؤه لا كبقائنا ، لأن بقلءه تعالى لا اختتام له ، وغناه لا كغنانا ، لأن المخلوقات كلها من حيوان وجماد ونبات مفتقر إليه ابتداء ودواما ، وسبحانه جل جلاله الغني المطلق - أي الذي لا يفتقر إلى غيره - أزلا وأبدا ، ويفتقر إليه كل ما سواه .

ومخالفته للحوادث كما قال تعالى " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " فلا يماثله أحد ولا يماثله شيء من خلقه ، فهو سبحانه وتعالى مخالف لمخلوقاته في الذات والصفات والأفعال .

وقدرته ليست كقدرتنا ، لأن قدرتنا حادثة وتقدر على بعض الأشياء دون بعض وبالآلات والمعاونة ، والله تعالى قادر بقدرته الأزلية على جميع الأشياء ، لا بآلة ولا بمشاركة غيره ، ولا بمعالجة ولا أسباب ، سبحان من قال في كتابه العزيز " إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " .

وإرادته ليست كإرادتنا ، لأن إرادتنا حادثة وتابعة لإرادته تعالى ، وليست وفق علمنا ، وكثيرا ما يكون الأمر غير ما نريده وإرادته سبحانه وتعالى صفة وجودية ، قديمة على وفق علمه تعالى ، فكل ما علم أنه يكون في ملكه أزلا ، فإنه يكون .

وعلمه لا كعلمنا ، لأن علمنا حادث وغير محيط إلا بأشياء قلقلة ومسبوق بالجهل ، وأما علمه تعالى فأزلي ومتعلق بجميع الأشياء ، على وجه الإحاطة من غير سبق خفاء ، يعلم خائنة الأعين ، وما تخفي الصدور .

وسمعه ليس كسمعنا ، فنحن نسمع بالآلات من أذن وصماخ ، وبشروط من قرب وبعد ، والله سبحانه وتعالى يسمع الأصوات كلها حتى دبيب النملة بسمعه القديم ، لا بآلة ولا بشرط .

وبصره ليس كبصرنا ، فنحن نرى الأشكال والألوان بالآلات والشروط من زمان ومكان وقرب وبعد وجهة ومقابلة وعدم وجود حائل ، والله سبحانه وتعالى يُبصر كل شيء حتى الهواء والأنفاس ، وحتى النملة السوداء على الصخرة السوداء في الليل المظلم ، ببصره الذي هو صفته بالأزل ، بلا آلة من حدقة وغيرها ولا شروط .

وحياته ليست كحياتنا ، لأن حياتنا حادثة وبالروح ، مآلنا إلى الموت وحياة الله سبحانه وتعالى أزلبة لا يطرأ عليها عدم سابق ولا لحق.

وكلامه ليس ككلامنا ، لأننا نتكلم بالآلات والحروف والصوت ، وكلامه تعالى صفة وجودية أزلية قائمة بذاته تعالى ، كسائر الصفات ، ليست بحروف ولا صوت منزه عن صفات الحوادث لأن الحروف والأصوات مخلوقة ، وكلام الله تعالى غير مخلوق ، والقرآن العظيم كلام الله تعالى مكتوب في المصاحف محفوظ في القلوب ، ومقروء على الألسن ، منزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، فمعناه أزلي والأحرف الدالة على الكلام القديم مخلوقة ، والقرآن كلام الله ( أي المقروء والمكتوب والمحفوظ ) قديم غير مخلوق ، فمن قال : كلام الله مخلوق فهو كافر .

واعلم أنه يستخيل في حقه تعالى أضداد هذه الصفات المذكورة في هذا الفصل ، واعلم أيضا أن الله سبحانه وتعالى له صفات أخرى وردت في الكتاب والسنة ، فيجب الإيمان بجميع صفات الله تعالى ، التي وردت في الكتب والسنة وغيرها ، لأن الله تعالى له كمالات لا تتناهى ، ولا تنجصر ، فلأجل أن يكون العبد مؤمنا بجميعها فليقل : آمنت بجميع صفات الله تعالى وكمالاته ما علمت منها وما لم أعلم .

- فصل -

في مسألتين تتعلقان بالإيمان

1- الأولى : الإيمان لا يزيد ولا ينقص ، من جهة المؤمن به ، وهو كل ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما يزيد وينقص - أي يتفاوت - بالقوة والضعف ، فتزيده زيادة الأعمال قوة وتمكنا بحسب الثمرة وإشراق النور ، والضياء في القلب ، وتضعفه قلتها ، وربما تذهبه المعاصي بالكلية ، قال صلى الله عليه وسلم " المعاصي بريد الكفر " أي الممهد للكفر محلا .

2- الثانية : الإستثناء في أصل الإيمان غير صحيح ، لأنه شك ، والشك في أصل الإيمان كفر، فلو قال الكافر : أنا مؤمن إن شاء الله ، لا يصير مؤمنا ، وأما المؤمن لو قصد من قوله أنا مؤمن إن شاء الله ، الثبات والدوام - بأن كان قصده : أي مؤمنا إن شاء الله ، أو يكون إيماني مقبولا - فلا بأس.

- فصل -

في الأمور المعلومة من الدين بالضرورة

اعلم أن العبد ولو عرف الإسلام ، وأتى بالشهادتين وصام وصلى وحج ، ولكن انكر شيئا واحدا من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة ، فهو كافر مرتد ، لأن إنكار مسألة واحدة ، من أدلة ديننا ، كفر ، لأن ذلك يستلزم تكذيب النبي صلى الله عليه وسلم ، فيما جاء به .
ومعنى الأمور المعلومة من الدين بالضرورة : المسائل التي يعلمها خواص المسلمين ، وعوامهم الذين يخالطون المسلمين ، أي هي المسائل الجلية غير الخفية ، وهي كثيرة ، منها : ما مرّ في هذه الرسالة من أولها إلى هنا ، فكلها من الأمور المعلومة من الدين بالضرورة ، التي يجب الإعتناء بتعلمها وتعليمها بكل دقة وإتقان ، ومنها : اعتقاد فريضة الصلوات الحمس أي لا أقل ولا أكثر ، وصلاة الجمعة فرض بدل الظهر ، وليست بفرض سادس ، ومنها : الغسل من الجنابة ، والوضوء ، واعتقاد سنية السنن الرواتب للصلوات الخمس ، واعتقاد سنية كل سنة مُجمع عليها ، ومنها : اعتقاد وجود الجن وأن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل إليهم ، وأن مؤمنهم وصالحهم يدخل الجنة ، وأن الكافر سواء من الجن أو الإنس يدخل النار خالدا مخلدا فيها ، والعاصي الذي لم تغفر ذنوبه يستحق العذاب على قدر ذنوبه ثم يخرج منها ، ومنها : الإيمان بزلزلة الساعة قرب القيامة ، قال الله تعالى " إن زلزلة الساعة شيء عظيم " وبنفخي الصور ، ففي النفخة الأولى يصعق من في السموات والأرض إلا ما شاء الله ، وفي الثانية ترجع الأرواح إلى الأجساد ، ومنها : الإيمان بأشراط الساعة المتفق عليها ، وهي خمسة ، ويقال لها العلامات الكبرى ، وهي :


خروج الدجال ونزول سيدنا المسيح ابن مريم عليه السلام من السماء الثانية . وخروج دابة الأرض ، وخروج يأجوج ومأجوج ، وطلوع الشمس من مغربها ، وأما ظهور المهدي قثد ثبت بأحاديث شريفة كادت تبلغ مبلغ التواتر ، بعضهم عده من العلامات الكبرى ، وبعضهم عده من العلامات الصغرى ، وأما العلامات الصغرى فهي كثيرة جدا كادت لا يبقى منها شيء ، إلا وقد ظهر إذ كل ما نراه من المنكرات هو من علامات الساعة الصغرى .

( ومن الأمور المعلومة من الدين بالضرورة ) أيضا : البعث والجنة والنار ( وأنهما لا تفنيان أبدا ) وأن نعيم في الجنة بالروح والجسد والعذاب في جهنم كذلك ، ولا يخفف من عذابهما ، وأن من مات كافرا فهو مخلد في عذابها أبدا . ومنها : جميع ما مر في هذه الرسالة في البحث السادس من أركان الإيمان .

( ومن الأمور المعلومة من الدين بالضرورة ) أيضا : الإيمان بضغطة القبر وعذابه ونعيمه وسؤال الملكين ، فعلى العبد أن يؤمن بكل ما ورد ، وليس عليه أن يبحث عن كيفيته ، إذ علينا أن نؤمن بجميع ما اخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ولا نخوض بالأمور التي لا تدركها عقولنا ، ولا نحيط بها أعيننا ، ما دامنا في عالم الدنيا ، لأن أعيننا لا تدرك شيئا من عالم الملكوت ، ما دامت في الدنيا . فأمور القبر ، وما بعده كلها من الأمور المغيبة البرزخية ، مع الإعتقاد أن الله على كل شيء قدير .

ومن ذلك : إعتقاد حياة الذين قتلوا في سبيل الله ، وذلك كما اخبرنا رب العزة ، جل جلاله ، والمطلوب منا : الإيمان بما جاء في كتابه العزيز ، وبما جاء به على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم ، فلو كان عذاب القبر ، ونعيمه وحياة الشهداء في رؤيتنا ، كما أخبر الله تعالى عنهم ورسوله ، لأرتفع الإيمان بالغيب ، ومن المعلوم أن أكثر المؤمن به غيب ، ثم عدم رؤية الشيء ، ليست علامة على عدم وجوده ، فإن الملائكة والجن لا نراهما بأبصارنا ما دمنا في الدنيا ، وإنكارهما كفر ، وهل من عاقل ينكر الروح والعقل ، مع انهما لا يريان ؟ فإياك أن تنكر شيئا من هذه الأمور ، واعلم أن الله على كل شيء قدير ، وأنه إذا أراد شيئا قال له : كن فيكون .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس