عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #8
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق قسطموني


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 160
فأنتم يا اهل السياسة والحكومة! لاتنشغلوا بنا بناءً على الظنون والاوهام، بل عليكم ان تذللوا المصاعب لنا وتسهّلوا الطريق أمامنا. لأن خدمتنا تؤسس الامن والاحترام والرحمة فتسعى لانقاذ النظام والامن والحياة الاجتماعية من الفوضى والارهاب. فخدمتنا ترسي ركائز وظيفتكم الحقيقية وتقويها وتؤيدها.
***

[حول آثار سعيد القديم والجديد]
لقد اطلعت في هذه الايام على الرسائل التي اتى بها "صلاح الدين" من استانبول وهي: "حبة، قطرة، شمة، حباب" وامثالها من الرسائل باللغة العربية. فرأيت ان الحقائق التي شاهدها مباشرة سعيد الجديد في سيره القلبي هي بمثابة نوى لرسائل النور. علماً ان هذه الرسائل - علاوة على "شعلة وزهرة" هي اجزاء عربية من رسائل النور. ولكن ذُكرتْ فيها الحقائق بعبارات موجزة وبالعربية لانها تخاطب نفسي بالذات فلم يُتخذ غيرها بنظر الاعتبار. وقد قدّرها باعجاب واستحسان في ذلك الوقت كل من شيخ الاسلام واعضاء دار الحكمة الاسلامية وكبار علماء استانبول. فهذه الرسائل لانها من آثار سعيد الجديد فهي اجزاء من رسائل النور. اما آثار سعيد القديم فان كتاب "اشارات الاعجاز" يتبوأ موقعاً مهماً فيها.
ثم ان رسالة "اللوامع" التي اشترك السعيدان في تأليفها بين هلالي شهر رمضان، والتي اتخدت شكلاً شبيهاً بالمنظوم - خارج ارادتي - هي الاخرى يمكن ان تدخل ضمن رسائل النور. الاّ انني مع الاسف لم اتمكن من الحصول ولو على نسخة منها حيث نفدت نسخها المطبوعة لكثرة الاقبال عليها.
وكذا فان لسعيد القديم رسالة "قزل ايجاز" في المنطق وهي مترشحة من رسالة "تعليقات" غير المطبوعة، وهي رسالة بديعة في المنطق حتى تحير منها العلماء الفطاحل فساقتهم الى الاعجاب والاهتمام. فرأيت انها جديرة بلفت انظار العلماء من طلاب رسائل النور اليها وبيان مدى ارتباطها برسائل النور. الاّ انها عميقة الغور جداً، وقد درّست "فيضي" منها في هذه الايام. ولربما سيكتب "فيضي" ذلك الدرس بالتركية في الايام المقبلة لإفادة الاخرين.
***


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 161
[دور الجوع في فتنة آخر الزمان]
اخوتى الاعزاء الاوفياء الثابتين ووارثيّ الحقيقيين!
لقد اُخطر على قلبي في هذه الايام - باسم طلاب رسائل النور - سؤال معنوي في غاية الاهمية والقلق. ثم ادركت ان اكثر ألسنة احوال طلاب رسائل النور تسأل السؤال نفسه وستسأله. وفجأة ورد جواب الى الخاطر قلته لفيضي، فقال:
في الاقل نسجله مجملاً. والسؤال المقلق هو:
يفهم من الروايات ان الجوع سيؤدي دوراً مهماً في فتنة آخر الزمان هذه، وان اهل الضلالة يحاولون بهذا التجويع اغراق أهل الايمان الضعفاء الجائعين في متطلبات هموم العيش حتى ينسّونهم مشاعرهم الدينية او يجعلونها في المرتبة الثانية او الثالثة.
ولما كان لاهل الايمان وللابرياء من حيث القدر الالهي وجه رحمة ووجه عدالة في كل شئ، حتى في عذاب القحط. تُرى بأى طرز تكون هذه الرحمة والعدالة في هذا الأمر؟ ومن اية جهة يستفيد اهل الايمان ولاسيما طلاب رسائل النور من هذه المصيبة - من حيث الايمان والآخرة - وكيف يتصرفون معها ويقاومونها؟
الجواب: ان اهم سبب لهذه المصيبة هو العصيان النابع من كفران النعمة وعدم الشكر وعدم تقدير النعمة الالهية حق قدرها. لذا فان العادل الحكيم لاجل اراءة اللذة الحقيقية لنعمه ولاسيما الاغذية منها ولاسيما ما يخص الحياة ولاسيما النعمة الكبرى، الخبز.. ولبيان اهميته العظيمة ودرجته الفائقة من حيث النعمة، فانه سبحانه يسوق الناس الى الشكر الحقيقي - وفقاً لحكمته تعالى - فتنزل هذه المصيبة بالذين لا يشكرون ربهم ولا يراعون الرياضة الدينية في شهر رمضان. فعدلُه سبحانه وتعالى محض الحكمة.
ان مهمة اهل الايمان واهل الحقيقة ولاسيما طلاب رسائل النور هي السعي لجعل بلاء الجوع هذا وسيلة الالتجاء الى الله والندم على الذنوب والتسليم لأمر الله، وكالجوع الذي يصيب المرء عند مزاولته الرياضة الدينية في شهر رمضان، والحيلولة دون فتح السبيل امام التسول والسرقة والفوضى بحجة الضرورة، والسعي لدفع الزكاة الى اولئك الفقراء الجائعين الذين لا يرأف بحالهم قسم من الاغنياء وبعض


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 162
اهل المرتبات، فيستمعوا لرسائل النور ويرأفوا بحالهم بشعورهم بهذا الجوع الاضطراري.. وجعل الشباب تلك الحادثة لصالحهم بدلاً من ان تكون بلاءً عليهم وذلك باسترشادهم برسائل النور فيستفيدوا منها استفادة الغيارى، حيث تحد المصيبة من طغيان نفوسهم وتحول بينهم وبين نزواتها واذواقها الدنيئة، فيدخلوا حظيرة الطاعة والخيرات، وينسحبوا - الى حدٍ ما - من الذنوب والفحش بعدما أطغوا نفوسهم بالاطعمة اللذيذة فأفقدوها وعيها وساقوها الى الطغيان والهوى الدنئ.. وان ينظر اهل العبادة والصلاح الى هذا البلاء النازل بهم كرياضة شرعية في هذا الوقت الذي اصبح أغلب الناس جياعاً واختلط المال الحرام بالحلال اختلاطاً شديداً حتى استحال تمييز احده عن الآخر واصبح بمثابة الاموال المشبوهة، فيقنع بمقدار الضرورة من الاعاشة العامة - التي يشترك فيها الجميع ضمناً - ليكون حلالاً. فيقابل القدر الالهي بالرضا بدلاً من الشكوى.
تحياتي الى الاخوة جميعاً والمبتلين منهم خاصة وادعو الله لهم بالسلامة.
***

[الالتحاق برسائل النور]
لقد اتى واعظ مشهور من استانبول لزيارتي الاّ انه عاد دون ان يتمكن من المقابلة. فها هى صورة رسالة اُرسلت الى احدهم، لعل هناك اشخاصاً - كهذا الشخص - محتاجون الى ذلك الخطاب.
ان طلاب رسائل النور الذين مروا باستانبول اخبرونا عن همتكم ونشاطكم ووعظكم المؤثر، فهم يرغبون في رؤيتكم ضمن دائرة رسائل النور وانتم الشخص الثابت الخالص، وانا كذلك ارغب بجد في ان اراكم ضمن دائرة رسائل النور.
تعلمون ان ألفين اذا ما كانتا متفرقتين لا تكون قيمتهما الاّ اثنين، بينما اذا اتحدتا على خط واحد متكاتفتين تكون قيمتهما احدى عشرة. فالخدمة الايمانية التي تهيئونها بنصائحكم السديدة المؤثرة اذا ظلت وحدها فمن الصعب ان تقاوم الهجمات المتحدة في الوقت الحاضر. بينما اذا التحقت بخدمة رسائل النور


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 163
فستكون - كتلكما الالفين - قيمتها احدى عشرة بل الفاً ومئة عشرة وفي قوتها. وستقاوم الضلالات المتفقة المواجهة لها.
***

[الشخص المعنوي]
ان هذا الزمان - لأهل الحقيقة - زمان الجماعة، وليس زمان الشخصية الفردية واظهار الفردية والانانية. فالشخص المعنوي الناشئ من الجماعة ينفذ حكمه ويصمد تجاه الأعاصير. فلأجل الحصول على حوض عظيم، ينبغي للفرد القاء شخصيته وانانيته التي هي كقطعة ثلج في ذلك الحوض واذابتها فيه. والاّ ستذوب حتماً تلك القطعة من الثلج، وتذهب هباءً وتفوت الفرصة من الاستفادة من ذلك الحوض أيضاً.
انه لمن العجب وموضع أسف انه بينما يضيّع اهل الحق والحقيقة القوة العظمى في الاتفاق بالاختلاف فيما بينهم، يتفق اهل النفاق والضلالة للحصول على القوة المهمة فيه - رغم اختلاف مشاربهم - فيغلبون تسعين بالمائة من اهل الحقيقة مع انهم لايتجاوزون العشرة بالمائة.
***

[شجاعة المضحين]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
الآن وقبل عشر دقائق اتاني شخصان بشجاعة وغيرة، وهما اميان. قد جلب احدهما الآخر الى دائرة رسائل النور. فقلت لهما:
انه مقابل ما تمنح هذه الدائرة من نتائج عظيمة لكم يستدعي وفاءً لا يتزعزع وصلابة لاتلين. فان اساس خدمة النور التي يظهرها أبطال اسبارطة هو وفاؤهم الخارق وصلابتهم الشديدة، وان قوة الايمان وخصلة الاخلاص هي سبب هذه الصلابة والمتانة. والسبب الثاني: الشجاعة الفطرية.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 164
وقلت لهم: انتم معروفون بالشجاعة والنبل وتظهرون البسالة والتضحية لأمور دنيوية تافهة. فلاشك انكم تحافظون على وفائكم في الخدمة السامية لرسائل النور ومقابل النتائج الاخروية التي لا تثمن باظهاركم صلابة الرجال الغيورين وشجاعة المضحين الفدائيين. قلت لهم هذا وقبلوه ورضوا به.
***

[لِمَ ينظرون اليك نظر سياسي؟]
جواب لسؤال طرحه طلابالنور الذين يلازمون "الاستاذ" ويعاونونه في شؤونه.
سؤال: نحن نقوم بمعاونتكم في شؤونكم منذ مدة طويلة، فلم نر منكم اهتماماً بالدنيا وتوجهاً الى الحياة الاجتماعية والسياسة. فشغلكم الشاغل دروس الايمان والآخرة. ولقد ادركنا انكم على هذا الوضع منذ ثماني عشرة سنة خلت. فلماذا إذن ساقوكم الى المحكمة وأثاروا الناس في اسبارطة دون داعٍ. ولم يجدوا في مائة من رفقائكم اية علاقة تمس الدنيا والسياسة الاّ حجة واهية تُخجلهم وتخجل محكمتهم الى الابد - بعد تحقيقات دامت اربعة اشهر - فحكموا على بضعة اشخاص بين المائة ببضعة اشهر. ثم انكم لست سنوات واكثر تحت مراقبة المخفر وامام نظره فجميع احوالك ظاهرة دائماً امام المخفر من شبابيك غرفتك. والى ما قبل شهرين او ثلاث يترصدونك سراً وعلناً وتحرّوا غرفتك عدة مرات، لينفّروا عنك الاصدقاء. فلماذا ينظرون اليك نظر سياسى قدير مثير للقلاقل؟ فنحن حائرون من هذه الحالة فضلاً عن تألمنا منها، ولم تتيسر زيارتكم بحرية الا منذ شهور فقط. حيث كنا سابقاً نأتي خفية وبخوف. نرجو إيضاح هذه المسألة.
الجواب: وانا في حيرة وعجب مثلكم بل اكثر منكم. فالجواب الواضح لسؤالكم هذا موجود في اللمعة السابعة والعشرين وهي لمعة الدفاع أمام المحكمة، وفي المكتوب السادس عشر.
والآن اُبين باختصار اساسين اثنين:


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 165
الاساس الاول: ان من مقتضى وظيفة المسؤولين عن النظام والادارة وشرطة الامن، حفاظ مسلكنا والحث عليه ناهيك عن الوقوع في الشكوك والريوب والاوهام، لأن الحجر الاساس لوظيفتهم، الاحترام والرحمة ومعرفة الحلال والحرام. ويمكن ان يسود الامن والنظام في الحياة الاجتماعية بدساتير الطاعة والانقياد. فرسائل النور تحقق هذه الاسس لدى نظرها الى الحياة الاجتماعية، وقد ظهرت نتيجتها فعلاً. وحيث ان اهم مركزين لرسائل النور هما اسبارطة وقسطموني، فان ضباط الامن اذا ما دققوا بانصاف سيرون معاونة رسائل النور الواضحة لهم، وذلك قياساً بسائر الولايات.
ثم انه رغم كثرة طلاب رسائل النور، ورغم ما في ايديهم الى هذا الحد من القوة والحق، لم يمسّوا الامن والنظام بشئ، بل لم يخل ألف طالب منهم بالحياة الاجتماعية بقدر ما يخل به عشرة اشخاص آخرين. وان هذا الامر مشاهد لمن كان له قلب غير فاسد.
ان حكمة هذه المسألة هي:
ان الايمان والشريعة والحياة ثلاث مسائل عظيمة في العالم الاسلامي والانساني. واعظم هذه الثلاثة هى الحقائق الايمانية. ولأجل الاّ تكون هذه الحقائق الايمانية القرآنية أداة لتيارات اخرى ولقوىً اخرى، وللحيلولة دون التهوين من شأن الحقائق القرآنية التي هى بقيمة الالماس الى قيمة قطع زجاجية متكسرة، ولأجل الايفاء بالخدمة المقدسة التي هى انقاذ الايمان ايفاءً تاماً ينفر طلاب رسائل النور الخواص الصادقون نفوراً شديداً من السياسة.
حتى ان اخاكم هذا - وانتم تعلمون - ومنذ ثمانية عشر عاماً لم اراجع الحكومة ولو لمرة واحدة وذلك لئلا امسّ السياسة والحياة الاجتماعية رغم حاجتي اليها. وهذه الشهور التسعة التي خلت لم أسأل ولو لمرة واحدة عمّا يدور على الكرة الارضية من اضطرابات وقلاقل ولم اهتم بها ولم ارغب في معرفتها ولم احاول ان ادير البحث حولها. حتى اننى لم اعرف لحد الآن هل انتهت الحرب ام لا ومن هم المحاربون عدا الانكليز والالمان؟ وانتم اعلم بهذا.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 166
وانتم المرافقون لي تعلمون كذلك انني لم استمع الى الراديو الذي يُسمع من غرفتي منذ ثلاث سنوات - عدا مرتين - ذلك الجهاز الذى حوّل الناس الى ثرثارين وحائرين غافلين، ولم اسأل عنه.
فالذين يتعرضون لمسلك هذا الرجل الذي لا علاقة له بهذه الاوضاع الى هذه الدرجة ولا ينظر اليها قطعاً، ومن ثم تساورهم الشكوك حوله ويترصدونه ويضايقونه، كم هم بعيدون عن الانصاف! يصدّق ذلك حتى أبعدهم عن الانصاف.
المسألة الثانية:
اخواني! تعلمون اننا نهرب - في مسلكنا - من الأنانية والغرور وحب الذات والتطلع الى نيل المقامات المتسترة بالشهرة، نهرب منها هروبنا من السم القاتل، ونتجنب كثيراً من كل ما يشعر بتلك الحالات.
فعلى سبيل المثال: لقد شاهدتم هنا بأم أعينكم طوال سبع سنوات وادركتم بتحقيقاتكم وتتبعاتكم منذ عشرين سنة: انني لا أريد احراز احترام ونيل مقام لشخصي. ولقد نهرتكم عن ذلك بشدة، واستاء منكم إن منحتموني منزلة تفوق حدّي. فلا أقبل الا صفة طالب لرسائل النور - التي هي معجزة معنوية للقرآن الحكيم في هذا الوقت - مرتبطٍ بها ارتباط تسليم لها وتصديق بها. والحمد لله والشكر له.
لذا فحتى البلهاء يدركون كم هو تافه ولا يعنى شيئاً مساورة الشكوك والريوب اذهان اهل الحكومة والادارة وافراد الامن، تجاه الذين اجتنبوا - الى هذا الحد - الانانية والغرور والرياء المتستر تحت الصيت والشهرة وجعلوا هذا التجنب دستوراً لحياتهم.
سعيد النورسي
***


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 167
[انتصار رسائل النور]
اخوتي الاعزاء الاوفياء الثاتبين!
ان انتصار المبتلين انتصاراً معنوياً ببراءتهم في المحكمة، لم يدخل السرور والفرح في قلوبنا نحن وحدنا بل ابهج ايضاً جميع اهل الايمان في البلاد، لان هذه البراءة فتحت المجال لاطلاق نشر رسائل النور. فلقد اضطررنا الى اتخاذ الحيطة والحذر لحد الآن، وذلك خشية المصادرة. فكنت اعاني من الصعوبات الجمة في اخفاء الرسائل في غضون السنوات الثماني عشرة التي مرت ولاسيما في هذه السنوات الست هنا. وكنا نعاني جميعاً من القلق والاضطراب على الرسائل.
فشكراً لله تعالى وحمداً وثناءً له بعدد حروف رسائل النور. فان ظهورها المعنوي وتغلبها في هذه المرة وهتكها لأستار الظلم والظلمات هيأ الاوساط لفتوحات واسعة وأجر عظيم بتعب قليل. فلقد اصبح هذان الشهران لفترة التوقف وسيلة لانتشار رسائل النور بطراز آخر في اوسع محيط كما حدث في السجن.
نهنئكم يا اخوتي ولاسيما المبتلين وبخاصة الحافظ محمد ونقول لهم: حمداً لله على السلامة. ان المحكمة التي زجت مائة من الاشخاص في الحبس ولمائة يوم لأجل رسالة واحدة وهي رسالة "الحجاب" لم تستطع ان تزج للسجن شخصاً واحداً ليوم واحد ومعه مئات من الرسائل امثال تلك الرسالة، وما ذلك الاّ من اخلاصكم الخارق وصلابتكم التي لا تتزعزع وترابطكم الوثيق.
فقد ثبت لنا هذا قطعاً ولم تبق لدينا اي شبهة فيه. ليرضَ الله عنكم ابداً. آمين.
***

[الحلول بين طلاب النور]
اخوتى الاعزاء الاوفياء!
نهنئكم بحلول الشهور الثلاثة المباركة التي تكسبكم اكثر من ثمانين سنة من العمر المعنوى ولاسيما ليلة الرغائب (ليلة الجمعة الاولى من رجب). فان لبراءتكم من المحكمة وظهوركم عليهم معنىً قد أوقع الظالمين في حيرة.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 168
ولقد غيّروا خطتهم هنا؛ اذ بدأوا باسم الصداقة بالحلول بين طلاب رسائل النور الخواص - تاركين الهجوم العدائي - ليحملوهم على التخلف عن خدمة رسائل النور، فيوجدون لهم مشاغل الوظائف او يرفعون من مرتبّهم ويحوّلونهم الى وظائف اخرى أو أية مشغلة اخرى.
فهناك وقائع كثيرة امثال هذه هنا، يبدو ان هذا التعرض اكثر ضرراً من ناحية.
***

[الرسائل بالحروف اللاتينية]
لقد دخلت رسالة مؤثرة من رسائل النور الى المدرسة الاعدادية هنا، اذ سمحنا - بإذن معنوى - ان تكون بالحروف اللاتينية وبالآلة الطابعة، والرسالة تتضمن: الموقف الاول من الكلمة الثانية والثلاثين، واسمي "العدل والحكم" من اللمعة الثلاثين ورسالة الطبيعة - الى الخاتمة - والاية الكبرى من المقام الاول الى المرتبة الثامنة عشرة - مما سوى مرتبتي الوحي والالهام - واجعلوا كذلك من هذه القطع الاربع من الرسائل مجلداً واحداً وبالحروف الجديدة واقذفوها قنبلة عظيمة على رؤوس اهل الالحاد.
ولما كنت في هذه السنة في شدة العجز والضعف والشيخوخة، ارجو من اخوتي الشباب ان يعينوني معنوياً بدعواتهم في هذه الشهور الثلاثة المباركة.
تحياتي الى الاخوة جميعاً فرداً فرداً وندعو لسلامتهم في الدارين.
سعيد النورسي
***

[التقوى والعمل الصالح]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
لقد فكرت - في هذه الايام - في أسس التقوى والعمل الصالح، اللذين هما اعظم اساسين في نظر القرآن الكريم بعد الايمان.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 169
فالتقوى: هي ترك المحظور والاجتناب عن الذنوب والسيئات. والعمل الصالح : هو فعل المأمور لكسب الخيرات.
ففي هذا الوقت الذي يتسم بالدمار - الاخلاقي والروحي - وباثارة هوى النفس الامارة، وباطلاق الشهوات من عقالها.. تصبح التقوى أساساً عظيماً جداً بل ركيزة الأسس، وتكسب افضلية عظيمة حيث انها دفع للمفاسد وترك للكبائر، اذ ان درء المفاسد أولى من جلب المنافع قاعدة مطردة في كل وقت.
وحيث ان التيارات المدمرة اخذت تتفاقم في هذا الوقت، فقد اصبحت التقوى اعظم اساس واكبر سد لصد هذا الدمار الرهيب. فالذي يؤدي الفرائض ولا يرتكب الكبائر، ينجو باذن الله، اذ التوفيق الى عمل خالص مع هذه الكبائر المحيطة امر نادر جداً.
ان عملاً صالحاً ولو كان قليلاً يغدو في حكم الكثير ضمن هذه الشرائط الثقيلة والظروف العصيبة.
ثم ان هناك نوعاً من عمل صالح ضمن التقوى نفسها، لان ترك الحرام واجب والقيام بالواجب ثوابه اكثر من كثير من السنن والنوافل.
ففي مثل هذه الأزمان التي تهاجم الذنوب والسيئات من كل جانب يكون اجتنابُ أثمٍ واحد مع عمل قليل، بمثابة ترك لمئات من الآثام - التي تترتب على ذلك الإثم - وقيام بمئات من الواجبات.
هذه النقطة جديرة بالاهتمام، ولا تحصل الا بالنية الخالصة وبالتقوى وقصد الفرار من الآثام والذنوب، ويغنم المرء بها ثواب اعمال صالحة نشأت من عبادة لم يصرف فيها جهداً.
ان اهم وظيفة تقع على عاتق طلاب النور خدام القرآن الكريم، في هذا الوقت هي:
اتخاذ التقوى أساساً في الاعمال كلها، ثم التحرك وفقها امام تيار الدمار الرهيب المهاجم والآثام المحيطة بهم، اذ يواجه الانسان ضمن انماط الحياة الاجتماعية الحاضرة مئات من الخطايا في كل دقيقة، فالتقوى هي التي تجعل - دون ريب - الانسان كأنه يقوم بمئات من الاعمال الصالحة، وذلك باجتنابه تلك المحرمات.

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس