عرض مشاركة واحدة
قديم 10-07-2008
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الشيخ أحمد الحارون

5- التأليف ونشر العلم:
لا يُصنف الحارون مع العلماء الباحثين بقدر ما يُصنَّف مع محبي العلم، السائرين على دروب الحقيقة, الدعاة المخلصين ذوي المنهج الرباني الأصيل.
كانت دائرة اهتمامه واسعة, فلم يقتصر على العلوم الشرعية, بل درس علم الطبيعة والنبات والجيولوجيا والجغرافيا والفيزياء والطب وغيرها, وكتب آراء صائبة في كل ذلك لكن سوء خطه دفع تلاميذه لتبييض ما كتب وإعادة صياغته, من هؤلاء: عبدالغني الباجقني، ومحمود غراب، وصلاح المنجد، ومحمد الحمصي، ومحمد سهيل الخطيب وكلهم أساتذة أفاضل معروفون في المجتمع الدمشقي, ولعل أبرز مؤلفات الرجل المعروفة بين العامة أورادُهُ إضافة لـ(شرح ما لا يعوّل عليه) لمحي الدين بن العربي, وجدير بالذكر هنا أن نشير إلى عزوف علماء هذه الحقبة عن التأليف, فكم من العلماء ملؤوا الدنيا بعلومهم وآرائهم وأفكارهم وليس لهم مؤلف واحد, أمثال بدر الدين الحسني، وعلي الدقر، وعبد الكريم الرفاعي، وحسين خطاب، والملا رمضان البوطي، والشيخ موسى اللكود، وحسن حبنكة، وخالد الجباوي وغيرهم, ليس لهم إلا رسائل متناثرة كتبها تلاميذهم على الأغلب (رحمهم الله ), وكان جل اهتمامهم بتأليف الرجال وصياغة الأجيال.
6- كرامات الحارون:
من المقرر شرعا: أن ما كان معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي, والأدلة الشرعية على ذلك كثيرة, وقد حدث أقرانه ومعاصروه من المشايخ والتلاميذ والعامة عن قصص تشهد بكرامة الشيخ الحارون سأكتفي بذكر بعضها وأحيل إلى ما كتبه عنه الأخوان: محمد مطيع الحافظ ونزار أباظة في (تاريخ علماء دمشق) وعزة حصرية الذي ألف عنه كتابا بعنوان (العارف بالله أحمد الحارون) والأخير لم يسعفني حظي أو ظرفي في مطالعته.
ـ حدث عنه بعضهم أنه كان قادما من العراق مع جماعة وانقطع بهم الطريق بسبب نفاد البترول من السيارة فصار القوم في حيص بيص، وتيقنوا الهلاك, وتدارك الحارون الموقف فسحب مطاطة سرواله وقربّها من أذنه وفمه (كالهاتف النقال) وهتف بالصوت المعروف بالعامية الشامية: ألو شكري....نحنا مقطوعين في طريق الرطبة.....)) واستهجن المرافقون وظنوه يمزح، وبعد ساعات فوجئوا بسيارة موفدة من رئيس الجمهورية شكري القوتلي (في حينها) وأنقذوا.
ومن كراماته: أن ولدا لتلميذه (محمود غراب) اشتكى من عينه, وعالجه د.خالد الطباع، وأعلن ضرورة نقله للمستشفى بسبب نزف الشبكية الخطير, وكان الحارون حاضرا فمنعهم من نقله، وطلب بيضة ومدّ يده إلى سرواله وأخرج منه قطعة سكر نبات, ذوبها في زلال البيضة، وقطر عين الولد وشفي بالحال, واعترف الدكتور بعد معاينة الغلام ثانية على إثر علاج الشيخ الحارون له أن العين غدت سليمة.
- وحدث الدكتور بكري الشيخ أمين (أستاذ جامعي في حلب / سورية) أنه ضاق ذرعا بحديث صديق له عن كرامات الحارون, وطلب رؤيته وحضر له سؤالا محيرا عن الروح، ولما ذهبوا إلى دمشق واجتمعوا بالشيخ, فوجئ الدكتور بطلب الحارون منه خاصة أن يتناول كتابا أمامه، ثم قال له افتح الصفحة كذا, ولما فتح يقول د.أمين: اقشعر بدني حين قرأت بالمداد الأحمر أعلى الصفحة قوله تعالى: {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} (سورة الإسراء/85 ) وصاح به الشيخ: "هل فهمت ؟ قال: فهمت. وبهت ولم يعد يتعرض بعدها لذكر الشيخ الحارون إلا بالخير.
- وعبارة "ألو شكري" يرددها الدمشقيون المعاصرون له, فقد تكرر استخدام الحارون لمطاطة سراويله للاتصال برئيس الدولة السورية يطلب منه إنهاء منكر ظاهر.
لقد كان سروال الحارون مليئا بالأعاجيب, فمطاطته هاتف متحرك (موبايل) في عصر لا تعرف فيه الهواتف النقالة, وجيوب السروال مليئة بالحلوى يوزعها على الأطفال أو يضع بعض الأوراق أو الأوراد أو الكتب....الخ. ورغم ذلك كان يكره أن يتحدث الناس بكراماته, يقول في ذلك: " الرجل الصالح يستحيي من ذكر كراماته كما تستحيي المرأة من ذكر عادتها الشهرية"...
7- كرمه وجوده:
عرف عنه السخاء والكرم الحاتمي, مقتديا بسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكان يتصدق بكل ما ينتج, وإذا ما قبل الصدقة أو الهدية فلا يقبلها لنفسه, بل يناولها للمحتاجين, وكم امتحنه الناس في ذلك، وعرفوا أن المال لا يبيت في داره!!
- فقد أرسل إليه أحد معارفه مبلغا محترما من المال (من السعودية) بواسطة الشيخ (أبو راتب الشلاح) ورفض استلام المبلغ, قال له: اشتر به دارا لبني فلان (أسرة مات عائلها وكانوا فقراء)، ولما قصر المبلغ عن الشراء أكمله له.
- نفد الطحين من بيته وطلب من أحد معارفه شيئا منه, ولما حضر الطحين رأى رجلا بائسا يطيل النظر في كيس الدقيق على استحياء, فعاجله الشيخ: خذ الطحين لك يا أخي، و أمر الحمال بنقله إليه.
- كان جوادا في بيته يؤوي الأقرباء والجياع والمرضى والمحتاجين ولا يخيب رجاء قاصده، وكان بيته قبلة القاصدين منذ صلاة الفجر حتى آخر الليل فلا يخلو من زائر ملتمس علاجا أو بركة أو علما أو صدقة من متاع الدنيا فلا يقصر عن أحد (رحمه الله).
8- وفاته وثناء العلماء عليه:
توفي الشيخ العارف بالله أحمد الحارون ليلة الجمعة 19 من جمادى الأولى سنة 1382هـ الموافق لعام 1961م بدمشق، وخرجت له جنازة مهيبة ودفن بجوار قبر الشيخ رسلان الدمشقي قرب (باب شرقي) بناءً على وصيته رحمه الله رحمة واسعة. وقد أثنى عليه العلماء كثيرا, وأشير إلى بعضهم بإيجاز:
- قاسم القيسي (مفتي بغداد): يا حارون إنا بك حائرون. قالها بعد أسئلة طرحها في التوحيد و أذهلته إجاباته.
- الشيخ ياسين الموقت / حلب: الشيخ أحمد أكبر عارف في وقته.
- د. مصطفى السباعي (عميد و مؤسس كلية الشريعة بدمشق وأستاذ الجيل): الشيخ أحمد طراز من الرجال الذين يحيون القلوب، وينعشون الأرواح، ويلتزمون حدود شرع الله, ويبتعدون عن استغلال التصوف لجمع المال والشهرة.
- الشيخ محمد سعيد البرهاني:"الشيخ أحمد لا يجود الزمن بمثله إلا نادرا".
- الشيخ يحيى الصباغ: (إن مثلنا مع الشيخ أحمد كمثل الجند مع القائد )
- الشيخ محمد راشد الحريري (رحمه الله): الشيخ الحارون أوتي حجة في الوعظ والدخول إلى نفوس الوراقين, فلقد كان ينحت القلوب قبل نحت الطوب).
الشيخ حسن مأمون (مفتي مصر وشيخ الأزهر): أشعر مع الشيخ أحمد وكأنني بحضرة أبي حامد الغزالي...
اللهمَّ ارحم علماءنا رحمة واسعة، وانفعنا بعلومهم، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.


.........................
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 05-28-2012 الساعة 05:43 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس