عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق اميرداغ الاول

الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 270
حاجة ماسة تجاه العالم الاسلامي وتجاه الدنيا باسرها. وستبين وجودها وكرامتها ومفاخرها التاريخية بابراز هذه المؤلفات.
سعيد النورسي
***

[حول صلاة الجنازة]
ان المقصود من الآية الكريمة: (ولا تُصلّ على احدٍ منهم مات ابداً ولا تقم على قبره..) (التوبة : 84) هو اولئك المنافقون المعروفون بالنفاق قطعاً في ذلك الوقت. لذا لا يمكن عدم صلاة الجنازة بناء على الظن بالنفاق. اذ لما كان ينطق بـ " لا اله الاّ الله" فهو اذن من اهل القبلة فيصلّى عليه ان تاب عن فعله و لم ينطق بكفر بواح.
ولوجود العلويين بكثرة في تلك القرية (على كوي) والتحاق قسم منهم بالرافضة. يلزم الاّ يدخل احدهم ضمن حقيقة المنافقين، لان المنافق لا ايمان له، ولا قلب له يخفق بالايمان، ولا ضمير له يتحرك، ويعادي النبي صلى الله عليه وسلم كما هو الحال لدى زنادقة الوقت الحاضر.
اما الغلاة من العلويين والشيعة، فلا يضمرون العداء للنبي بل يكنّون حباً مفرطًا لآل البيت. فهم يفرطون مقابل تفريط المنافقين في حبهم. وعندما يتجاوزون حدود الشريعة لا يكونون منافقين بل فسّاقاً من اهل البدع، فلا يدخلون ضمن زمرة الزنادقة ما لم يتعرضوا للخلفاء الراشدين الثلاثة "ابي بكر وعمر وعثمان" الذين رضي بهم بل عاونهم سيدنا علي رضي الله عنهم اجمعين، ويكفي ان يحترموهم كما كان سيدنا علي يحبّهم، ويؤدوا الفرائض.
ثم ان اعظم استاذ لطلاب رسائل النور بعد الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم هو سيدنا علي رضي الله عنه. لذا إن لم يستمع الشيعة والعلويون - الذين يدعون الى محبته - الى رسائل النور ازيد من اهل السنة فان دعوى محبتهم لآل البيت ليس في محلها.
ولقد سمعت - قبل سنتين - استنساخ الصبيان الابرياء لرسائل النور في تلك القرية، بهمة جادة لاخوتنا الثلاثة هناك وبشوقهم العظيم. فأدخلت تلك القرية


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 271
برمتها ضمن دعواتي . فتلك الدعوات التي دعوتها بحق تلك القرية لن تذهب هباء بفضل الله ثم بفضل مساعي اخواننا هناك. وسيتفق اهل السنة والعلويون هناك.
***

[ زواج الخواص]
يسأل اخونا صلاح الدين عن مسألة خاصة به، وهي رغبته في الزواج والدخول في الحياة الدنيوية والاجتماعية. فما دام انه من خواص طلاب النور فلا يمكنه الزواج ان كان فيه ما يضر العمل لرسائل النور، ولكن لو علم انه يستطيع ان يجعل صاحبته معينة له في العمل - كما هو لدى بعض اخوتنا الخواص - فله ان يتزوج.
ذلك لان حياة الطلاب الخواص تخص رسائل النور، وهي مقيدة بما يراه الشخص المعنوي لطلاب النور. وان كانت مقرونة بموافقة الوالدين فهو افضل ولا يضر باذن الله.
***

[موقع الكرامات في الرسائل ]
باسمه سبحانه
(وان من شىءٍ الا يسبح بحمده)
اخوتي الاعزاء الصديقين!
لقد اخطر على قلبي ان اُبين لكم اربع مسائل:
اولاها: جواب عن سؤال يرد بلسان الحال والمقال ومن حالات مختلفة ومظاهر متباينة. فيقال: مادامت رسائل النور ذات كرامة، وتورث قارئيها رقياً في انكشاف حقائق الايمان اكثر مما تورثه الطرق الصوفية، بل ان قسما من طلابها الصادقين هم اولياء صالحون من جهة، فلماذا لا تشاهد فيهم مظاهر واذواق روحية وكشفيات معنوية وكرامات مادية ملموسة كالاولياء، فضلا عن انهم لا يهتمون بمثل هذه الامور ولا يتعقبونها. فما الحكمة في هذا؟


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 272
الجواب:
اولا: سببه سر الاخلاص إذ ان الاذواق والكرامات المؤقتة في الدنيا تصبح مقصودة بالذات لدى اولئك الذين لم يتمكنوا من قهر نفوسهم الامارة بالسوء وتغدو لديهم هذه الاذواق داعيةً للقيام باعمالهم الاخروية. وهذا مما يفسد الاخلاص، لأن الاعمال الاخروية لا يُِتحرى فيها مقاصد دنيوية ولا يُسأل فيها عن اذواق. بل لو طُلبتْ فيها تلك الاذواق لفسد الاخلاص.
ثانياً: ان الكرامات والكشفيات انما هي لبث الثقة في نفوس السالكين في الطريقة من الناس العوام الذين يملكون ايماناً تقليديا ولم يبلغوا مرتبة الايمان التحقيقي، وهي احيانا لتقوية الضعفاء ممن تساورهم الشكوك والشبهات. بينما الحجج التي تسوقها رسائل النور فيما يخص حقائق الايمان لا تدع مجالا في اية جهة كانت لدخول الشبهات والاوهام، كما لا تدع داعياً للكرامات والكشفيات لتطمين القلب والاقتناع. فالايمان التحقيقي الذي تمنحه الرسائل هو أرفع بكثير من الكرامات والكشفيات والاذواق، لذا لا يتحرى طلاب رسائل النور الحقيقيون امثال هذه الكرامات.
ثالثاً: ان اساسا من اسس رسائل النور هو: معرفة الشخص بقصوره في قرارة نفسه. والاندفاع الى خدمة الايمان بتفان ابتغاء لمرضاة الله وحده دون الالتفات الى الآخرين.
بينما الاختلاف الموجود فيما بين اهل الطريقة من اصحاب الكرامات والمتلذذين من الكشفيات ووجود شئ من الحسد والمنافسة فيما بينهم، ولاسيما في هذا العصر الذي عمت فيه الانانية والغرور -كل ذلك - ساق اهل الغفلة الى اساءة الظن باولئك الطيبين المباركين واتهامهم بأنهم أنانيون.
ومن هنا نرى لماذا لا يسأل طلاب النور الكرامات والكشفيات لشخصهم ولماذا لا يلهثون وراء تلك الامور، وكيف ان هذا الطور هو الألزم لهم والأوجب عليهم.
ثم ان في مسلك رسائل النور لا تعطى الأهمية للشخص حيث يكتفي الجميع بما نالت رسائل النور - من حيث المشاركة المعنوية والفناء في الاخوان - من آلاف


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 273
الكرامات العلمية ومن يسر في نشر الحقائق الايمانية، وبما يجد اولئك الطلاب من بركة في معايشهم.. وامثالها من الإكرامات الإلهية.. لذا لا يفتشون عن كمالات وكرامات اخرى شخصية.
رابعاً: من المعلوم أن مئات من رياض الدنيا لا توازي شجرة من أشجار الجنة، وذلك لأن الأولى فانية والثانية خالدة.
وأن أحاسيس الانسان المادية وهي أحاسيس مطموسة تعجبها اللذة العاجلة، فتفضّل ثمرة حاضرة على روضة آجلة من رياض الجنة الباقية، لهذا لايسأل طلاب النور الاذواق الروحانية والكشفيات المعنوية في الدنيا. فلا تستغل النفس الامارة هذه الحالة الفطرية في الانسان.
وشبيه بحالة طلاب النور هذه ما يحكى:
أن وطأة العيش قد اشتدت على رجل صالح من الأولياء وعلى زوجته التقية الورعة وكان لهما مقام عند الله. ولكن شدة ما ألم بهما من الضرورة ألجأت الزوجة الصالحة ان تقول لزوجها:
- ان حاجتنا لشديدة!
واذا بهما يريان لبنة من ذهب خالص أمامهما.
فقال الزوج لزوجته:
- هذه لبنة قد أرسلت الينا من قصرنا في الجنة.
فانبرت له زوجته الصالحة قائلة:
- مع ان الفاقة قد انهكتنا ونعاني من شظف العيش ما ترى ولنا في الجنة كثير من مثل هذه اللبنة، ولكن اخشى ان نضيع لبنة الجنة في دنيا فانية. فأرجو يا زوجي العزيز ان تتضرع الى المولى الكريم ليعيد اللبنة الى موضعها في الجنة، فنحن في غنى عنها. وإذا بهما يريان كشفاً عودة اللبنة الى موضعها.
هكذا تروى الحادثة.
فهذان الرائدان من أهل الحقيقة، انما يمثلان نموذجا جيدا وقدوة حسنة لطلاب النور في عدم سعيهم وراء الاذواق والكرامات في الدنيا.


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 274
[ما تقتضيه الابوة والبنوة ]
لقد سررت غاية السرور بالرسائل الجميلة الخالصة القادمة من اخواننا في مدينة "اينبولي" وما جاور تلك المدينة التي أخذت عنوان "اسبارطة الصغيرة" في وقت ما، وعانت أكثر من أية مدينة أخرى مصيبة السجن في قضيتنا السابقة. الاّ انني قلق على عدم الانسجام الحاصل بين الوالد والولد انسجاماً تاماً للاختلاف بين مشربيهما، وهما بطلان من ابطال النور، فالولد لابد له من كسب رضا الوالد حتى لو كان والده غير محق، وعلـى الوالد الاٍّ يحرم ولده من رأفته وإن كان عاقاً به، وحتى لو كان البون بين الولد والوالد بعيداً، بل لو كانا اعداءً، فلاجل رسائل النور والايثار الموجود فيما بين طلاب النور، وعدم انتقاد بعضهم البعض الآخر والتجاوز عن تقصيراته، وامثالها من دساتير رسائل النور تلجئهم الى المصالحة. فكيف بمثل هذا الوالد والولد الحاملين للخصال الحميدة والسجايا الراقية وهما من المتقدمين في صفوف طلاب رسائل النور. فعلى أخويّ هذين الاّ يجعلا أموراً دنيوية جزئية عاطفية موضع مناقشة. وعليهم ان يتحلوا بما تقتضيه الابوة والبنوة من الاحترام والرحمة فضلاً عما يقتضيه التتلمذ على رسائل النور من الصفح وغض النظر عن الاخطاء، فعلى أخويّ الحبيبين عندي حباً جماً ان يتركا نقد بعضهما البعض الآخر مراعاة لخاطري.
***

[ميزان القناعة والحرص]
اخواني الأوفياء الصادقين!
سؤال:
انك لا تريد ان ترتبط بعلاقة - خارج دائرة النور - مع الذين يحسنون الظن كثيراً بشخصك بالذات ويمنحونك مقاماً عظيماً، رغم انهم وثيقو الصلة بـرسائل النور وتتبادل معهم المحبة. بل تفضل المجالسة والمحاورة مع من لا يفرط في حسن الظن بشخصك، فتنبسط لهم وتنشرح وتبدي لهم من المحبة والاكرام أكثر من اولئك. فما السبب؟!.


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 275
الجواب:
لقد ذكرنا في المكتوب الثاني من الكلمة الثالثة والثلاثين: ان الناس في زماننا هذا يبيعون احسانهم الى المحتاجين بثمن غالٍ، فمثلاً؛ يقدم لي رغيفاً من الخبز مقابل دعاء مستجاب، ظناً منهم اني رجل صالح. فإحساناً كهذا وبهذا الثمن الباهظ لا أريده. وقد بينت هذا سبباً من أسباب ردّ الهدايا. فالناس من غير طلاب النور الحقيقيين يظنونني ذا مقام عظيم، فيبدون علاقة قوية نحوي، واستعداداً للخدمة، ولكن يطلبون عوضها نتائج نورانية في الدنيا - كما هو لدى الأولياء - فيحسنون اليّ احساناً معنوياً بخدماتهم وعلاقاتهم!
ولما كنت عاجزاً عن ان أكون مالكاً لما يطلبونه من ثمن تجاه هذا النوع من الاحسانات المعنوية من أمثال هؤلاء، أظل خجلاً منهم، وهم بدورهم عندما يرون انى لست على شئ، يخيب ظنهم بي، وربما يفترون عن الخدمة.
وحيث ان الحرص في الأمور الأخروية والاستزادة منها مقبول - من جهة - إلاّ انه في مسلكنا، وفي خدمتنا، قد يكون لبعض العوارض سبباً للشكوى واليأس بدل الشكر، اذ قد يقع الحريص في خيبة الظن من عمله - لعدم رؤيته نتائجه - بل ربما يدع خدمة الايمان، لذا فنحن مكلفون في مسلكنا بالقناعة، وعدم الحرص على نتائج الخدمة وثمراتها على الرغم مما نبديه من حرص شديد وطلب المزيد في امور الخدمة ضمن الاخلاص، وذلك لأن القناعة في النتائج تورث دائماً الشكر والثبات والصلابة.
فمثلاً: ان ما نراه من حصيلة خدمتنا وجهودنا في ترسيخ الايمان وتحقيقه في قلوب الوف المؤمنين - حوالي ولاية اسبارطة - لكافٍ لخدمتنا هذه، بحيث لو ظهر من هو بمرتبة عشرة أقطاب من الأولياء الصوفية، واستطاع سوق ألفٍ من الناس الى مراتب الولاية، فان عمله هذا لا ينقص من أهمية عملنا وقيمته ولا من ثمراته شيئاً. لذا فان طلاب رسائل النور الحقيقيين واثقون كل الثقة ومطمئنون كل الاطمئنان بمثل هذه النتائج وحصيلة الاعمال هذه اذ ان القناعة القلبية لدى مريدي ذلك القطب العظيم يحققها ويضمنها المقام الرفيع لاستاذهم ومرشدهم، ويضمنها أحكامه في المسائل، الاّ ان رسائل النور تنشئ لدى طلابها درجة من القناعة أكثر بكثير مما عند


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 276
مريدي ذلك القطب العظيم، بما فيها من حجج قاطعة تسري الى الآخرين فتنفعهم أيضاً، بينما تبقى قناعة اولئك المريدين خاصة بهم وحدهم. اذ ان قبول أقوال الاشخاص العظام بغير دليل لا يفيد اليقين والقطعية - في علم المنطق - بل ربما تكون قضية مقبولة يقتنع بها الانسان بالظن الغالب. اما البرهان الحقيقي - كما هو في المنطق - فلا ينظر الى مكانة الشخص القائل وانما الى الدليل الذي لا يُجرح.
فجميع حجج رسائل النور هي من هذا القسم، اي من "البرهان اليقيني" لأن ما يراه اهل الولاية من الحقائق بالعمل وبالعبادة وبالسلوك وبالرياضة الروحية، وما يشاهدونه من حقائق الايمان وراء الحجب، فان رسائل النور تشاهدها مثلهم ايضاً، إذ شقت طريقاً الى الحقيقة في موضع العبادة ضمن العلم، وفتحت سبيلاً الى حقيقة الحقائق في موضع السلوك والاوراد ضمن براهين منطقية وحجج علمية، وكشفت طريقاً مباشراً الى الولاية الكبرى في موضع علم التصوف والطريقة ضمن علم الكلام وعلم العقيدة واصول الدين؛ بحيث انتصرت على الضلالات الفلسفية التي تغلبت على تيار الحقيقة والطريقة في هذا العصر. والشاهد هو الواقع.
وكما ان حقيقة القرآن - التي هي في منتهى القوة وسداد المنطق - قد نجّت سائر الأديان، من صولة الفلسفة الطبيعية وتغلبها عليها. وأصبح القرآن نقطة استناد لتلك الاديان حتى حافظت - الى حدٍّ ما - على اصولها التقليدية والخارجة عن العقل. فـرسائل النور كذلك - ولا مشاحة في الامثال - وهي معجزة من معجزات القرآن الكريم ونور مفاض منه في هذا الزمان، قد حافظت على الايمان التقليدي لدى عوام المؤمنين من صولة تلك الضلالة العلمية المخيفة الناشئة من الفلسفة المادية، واصبحت نقطة استناد لأهل الايمان كافة، وفي حكم قلعة حصينة لا تقهر للمؤمنين كافة القاصي منهم والداني على السواء، بحيث انها تحفظ أيضاً - في خضم هذه الضلالات الرهيبة التي لا نظير لها - ايمان عوام المؤمنين من ان تردهم شبهات على ايمانهم وتطفئ الشبهات الواردة على اسلاميتهم.
نعم، ان اي مؤمن كان في اية بقعة من أرجاء العالم، حتى في الهند والصين، ما ان تساوره شبهة من جراء ظهور الضلالة الرهيبة في هذا العصر العجيب حتى يتساءل:


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 277
تُرى هل في الاسلام شيء من باطل حتى آل أمره الى هذا؟ اذا به يسمع ويدرك انه قد ظهرت رسالة تثبت اثباتاً قاطعاً جميع حقائق الايمان، وتقهر الفسلفة، وتخرس الزندقة، واذا بتلك الشبهة تزول نهائياً فينقذ ايمانه ويقوى.
***

[لِمَ هذا الحشد من البراهين؟]
.......
ثانياً :
يسأل اخونا علي الصغير ذو الروح العالية، وهو بطل الميامين، وبمنزلة عبدالرحمن ولطفي والحافظ علي سؤالا ورد جوابه في مئات من المواضع من رسائل النور.
والسؤال هو:
لِمَ هذا الحشد الهائل من البراهين والادلة حول اركان الايمان في رسائل النور؟ فان ايمان المؤمن العامي هو كايمان الولي العظيم.. هكذا سمعنا من علمائنا السابقين!
فالجواب: ان مباحث المراتب الايمانية المذكورة في رسالة "الآية الكبرى".. وكذا ما قاله مجدد الألف الثاني الامام الرباني وقضى به: "أن أهم نتيجة للطرق الصوفية كافة هي انكشاف الحقائق الايمانية وانجلاؤها. وان وضوح مسألة ايمانية واحدة وانكشافها لهو أرجح من ألف من الكرامات".. وكذا ما جاء في أواخر "الآية الكبرى".. وكذا المسألة العاشرة - من رسالة الثمرة - المستلهمة من الملاحق التي تبين حكمة التكرار في القرآن الكريم وسبب اكثاره من حشد البراهين حول اركان الايمان ولاسيما التوحيد.. تلك الحكمة القرآنية جارية ايضا بتمامها في تفسيره الحقيقي، رسائل النور.. وهذا هو الجواب.
ثم ان اقسام الايمان المتضمنة للايمان التحقيقي والتقليدي والاجمالي والتفصيلي وثبات الايمان أمام جميع الشبهات والهجمات الشرسة التي يشنها الكفر.. قد تولت رسائل النور ايضاحها، فذلك الايضاح لا يدع لنا حاجة الى مزيد للاجابة عن سؤال اخينا العزيز.


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 278
الجهة الثانية من المسألة:
ان الايمان لا ينحصر في تصديق اجمالي وتقليدي وحده، بل له انجلاء ومراتب كثيرة جدا كالمراتب الموجودة بين البذرة النامية الى الشجرة الباسقة أو كالمراتب الموجودة بين انعكاس الضوء من المرآة الصغيرة في اليد الى انعكاسه من سطح البحر بل الى انعكاسه من الشمس نفسها.
فإن للايمان حقائق غزيرة جداً اذ ترتبط حقائق كثيرة لأنوار ألف اسم واسم من الاسماء الحسنى، ولسائر أركان الايمان بحقائق الكون. حتى اتفق أهل الحقيقة على أن أجلّ العلوم قاطبة وقمة المعرفة وذروة الكمال الانساني انما هو في الايمان والمعرفة القدسية السامية المفصلة والمبرهنة النابعة من الايمان التحقيقي.
نعم ان الايمان التقليدي معرّض لهجمات الشبهات والاوهام. أما الايمان التحقيقي فهو أوسع منه واقوى وأمتن وله مراتب كثيرة جدا.
ومنها: مرتبة علم اليقين التي تقاوم الشبهات المهاجمة بقوة مافيها من براهين. بينما الايمان التقليدي لا يثبت أمام شبهة واحدة.
ومنها مرتبة عين اليقين التي تضم مراتب كثيرة جداً بل لها مظاهر بعدد الاسماء الالهية حتى تجعل الكون يتلو ايات الله كالقرآن الكريم.
ومرتبة اخرى منها هي مرتبة حق اليقين .. وهذه تضم مراتب كثيرة جداً. فصاحب هذا الايمان لا تنال منه جيوش الشبهات اذا هاجمته.
ولقد اوضح علماء الكلام الطريق العقلي والمبرهن لتلك المعرفة الايمانية، وذلك في الوف من مجلدات مؤلفاتهم المستندة الى العقل والمنطق.
أما أهل الحقيقة والتصوف فقد أوضحوا تلك المعرفة الايمانية من جهة اخرى وبشكل آخر في مئات من كتبهم المستندة الى الكشف والذوق.
أما المنهج القرآني المعجز، ذلك المنهج الأقوم فقد أوضح الحقائق الايمانية والمعرفة الالهية والمقدسة ايضاحاً أرفع بكثير واسمى بكثير واقوى بكثير مما اوضحه اولئك العلماء والاولياء.
فرسائل النور انما تفسر هذا المنهج القرآني الاقوم الجامع الرفيع. وبه تتصدى


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 279
للتيارات الفاسدة المضلة المدمرة والواردة على القرآن الكريم للاضرار - في سبيل عوالم العدم - بالاسلام وبالانسانية منذ الف سنة.
فلا ريب انها - اي الرسائل - بحاجة ماسة الى حشد براهين لا حد لها امام اولئك الاعداء غير المحدودين، كي تتمكن من ان تكون وسيلة - بهذه البراهين المفاضة من القرآن - للحفاظ على ايمان المؤمنين.
فلقد ورد في الحديث الشريف:
(فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير من ان يكون لك حمر النعم) 1 وان (تفكر ساعة خير من عبادة سنة). ولبلوغ هذا النوع من التفكر يولي النقشبنديون أهمية عظيمة للذكر الخفي.
سلامي على جميع اخوتي الاحبة فردا فردا، وندعو لهم جميعا بالخير.
الباقي هو الباقي
سعيد النورسي
***

[منع الذهاب الى المسجد]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
منذ شهور والمكائد تكاد ضدي، والآن تبينت، ولكن بفضل العناية الإلهية مرت هينة.
كنت أتردد الى المسجد في الأوقات الخالية. وصنع الطلاب - بدون علمي - في المحفل غرفة خشبية صغيرة لحمايتي من البرد. وقد قررت ألاّ اذهب الى المسجد، ورفع ضابط الامن المعروف تلك الغرفة الصغيرة، وأبلغوني رسمياً: عليك ألاّ تذهب الى المسجد. ولكنهم أثاروا ضجة بين الناس باستهوالهم الأمر، جاعلين من الحبة قبة.
_____________________
1 جزء من حديث صحيح، اخرجه البخاري في المغازي: باب غزوة خيبر، وفي الجهاد: باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الى الاسلام والنبوة، وباب فضل من اسلم على يديه رجل، وفي فضائل اصحاب النبي ِصلى الله عليه وسلم: باب مناقب علي بن ابي طالب. واخرجه احمد 5 / 333 ، ومسلم برقم 2406 .

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس