عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #8
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق اميرداغ الاول

الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 300
كان هناك بضعة افراد يستحقون الاعتراض عليهم، الاّ ان هذه النزعة، نزعة الانحياز الى جهة يسوق الى الاعتراض على اجلاّء الصحابة الكرام ممن هم من العشرة المبشرين بالجنة كالطلحة والزبير رضي الله عنهم وحتى على قسم من اهل البيت ممن هم في الصف المعارض، فينتبه لدى المعترض عرق العداوة والذم تجاههم. لهذا فاهل السنة يرجحون سد ابواب الفتن.
حتى أن سعد الدين التفتازاني وهو من ائمة علم الكلام واهل السنة الذي جوّز تلعين يزيد والوليد وتضليلهما، قد انبرى له السيد الشريف الجرجاني وهو من اجلّة علماء اهل السنة قائلاً:
"مع ان يزيد والوليد فاجران وظالمان غدّاران الاّ أن العلم بانهما قد رحلا الى الآخرة على غير الايمان من امور الغيب. ولأن هذا غيب ولايُعلم به علماً قاطعاً بأنهم قد تركوا الدنيا على غير الايمان وليس لنا دليل قطعي ولا نص جازم على ذلك، وهناك احتمال التوبة وذهابهما من الدنيا على الايمان، فلاجل هذا لاتجوز اللعنة بمثل هذا التخصيص والتلعين الشخصي، وانما تجوز اللعنة اذا كانت عامة كأن يقول: لعنة الله على الظالمين والمنافقين. والاّ فلا ضرورة لغير هذا النوع من اللعنة ولالزوم لها بل لها ضرر"...
وهكذا ردّ على سعد الدين التفتازاني .
هذا وان سبب عدم اجابتي لرسائلك العلمية الدقيقة جواباً مفصلاً والاقتصار على هذا القدر المستعجل، هو مرضي الشديد ومشاغلي المهمة.
الباقي هو الباقي
سعيد النورسي
***


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 301
[طهر الله ايدينا فنطهر ألسنتنا]
اخي العزيز المحترم!
ان طرق البحث او حتى التفكر في ذلك الجرح العميق الذي أبكي العالم الاسلامي قبل الف وثلاثمائة سنة والذي دفع اهل الحقيقة جميعاً الى اطلاق الزفرات والحسرات يُولمني الماً لا يطيقه مشربي الخاص. ولاسيما ان خدمة الايمان خدمة حقيقية بالاخلاص - منذ عشرين سنة - قد سحبتني كلياً من ميدان السياسة بكافة انواعها، ولم تدعني لقراءة جريدة واحدة طوال هذه المدة. لذا فاني احمل - مضطراً - حالة روحية تدفعني الى عدم الالتفات الى الحياة السياسية وإيثار حياة الاسر المعذب طوال عشرين سنة التي خلت. وعدم مراجعة الحكومة - سوى دفاعاتي امام المحاكم - لئلا يرد نقص الى خدمة الايمان وحفاظاً على الاخلاص من الانثلام بل لم اهتم بأخبار الحرب العالمية ولم اذكّر احداً بها طوال عشر سنوات، لئلا اتلوث بالسياسة. ان هناك ضرورة الآن انقاذ اهل الايمان من لدغات ثعابين ماردة تهاجمهم هجوماً شرساً من حيث حقائق الايمان وتنفث سمومها القاتلة في الكثيرين امام انظارنا...
فما دام الوضع هكذا، فان الانسلاخ من هذا الزمان الحالي والذهاب الى عصور سابقة ومشاهدة الظلم الرهيب الواقع على اهل البيت، يسحق روحي اكثر ، ويفتّ في القوة المعنوية ويعذبني عذاباً لا يوصف.
ان الدستور الغادر للسياسيين الظلمة الذين هو : "يُضحى بالفرد لأجل الجماعة" له وقائع واحداث قاسية ظالمة تحت اسم "أهون الشرين" الذي اتخذه بعض الحكام نوعاً من انواع العدالة الاضافية (النسبية) وابرزوه لمصلحة ادامة حكمهم. حتى في هذا العصر بموجب هذا الدستور الغادر يفني احدهم قرية كاملة بخطأ شخص واحد فيها، ويهلك الوف الناس لتوهم ضرر قد يلحق بسياستهم من جراء معارضة عشرة اشخاص...
وحيث ان هذا الدستور الغادر للسياسة قد دخل الى حد ما بين المسلمين في العصور الاسلامية، فقد آثر السلف الصالحون السكوت - مضطرين - أمام هذه الدساتير الرهيبة، فسدّ ائمة اهل السنة والجماعة تلك الابواب بقولهم: طهّر الله ايدينا فنطهّر ألسنتنا.


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 302
وما دام الذين ظلموا اهل البيت يرون عقابهم الآن في الآخرة عقاباً أليماً بما لايدع حاجة الى معاونتنا بالهجوم على الظلمة، وينال اهل البيت المظلومون - ثواب ما قاسوا من عذاب موقت - درجة عظيمة لا تبلغها عقولنا لسعتها ورفعتها، فالأولى اذن تهنئتهم بألوف التهاني من حيث نيلهم تلك الرحمة الواسعة وليس التألم لحالهم الآن. اذ مثلما انهم حازوا ملايين المراتب والسعادات الباقية في الآخرة، مقابل بضع سنين من المتاعب والآلام، كذلك اصبح كل منهم سيداً وسلطاناً معنوياً واماماً في عالم الحقيقة بدلاً من سلطنة دنيوية فانية في مدة حياتهم الدنيوية وحاكميتها الموقتة وسياستها المضطربة، التي لا اهمية لها، وصاروا أئمة الاولياء والاقطاب بدلاً من ولاة الولايات. ففوزهم هذا هو فوز عظيم بملايين أضعاف مراتب الدنيا.
ولأجل هذا السر الدقيق فقد اخذت الحقيقة السابقة من اساتذة سعيد الجديد وهم الامام الرباني، الشيخ الكيلاني، الامام الغزالي والامام زين العابدين رضي الله عنهم - حيث تلقيت مناجاة "الجوشن الكبير" من هذين الامامين خاصة - وسيدنا الحسين والامام علي رضي الله عنهم جميعاً. فالدرس الذي تلقيته منهم لدى ارتباطي بهم ارتباطاً معنوياً دائماً - بواسطة الجوشن الكبير - هو تلك الحقيقة، لذا فالمشرب الحالي الوارد من رسائل النور اذن هو مشربهم الذي ارتشفته من منهلهم. لذا لاينسجم ومشربنا النظر الى غدر الظالمين، ولا حتى التفكر فيه، حيث قد نال الظالمون عقابهم، والمظلومون ثوابهم بما هو فوق طوق عقولنا، فالانشغال بمثل تلك المسائل يلحق الضرر بالوظيفة القرآنية التي كلّفنا بها، ولاسيما والمصائب تنزل تترى على الدين في الوقت الحاضر.
ان علماء علم الكلام وائمة اصول الدين والمحققين الافذاذ من علماء اهل السنة والجماعة، بعد اجراء تحقيقات وتدقيقات كثيرة حول العقائد الاسلامية واقامة المحاكمات العقلية والموازنات في ضوء الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة، ارتضوا بدساتير في اصول الدين، تلك الدساتير تأمر بالحفاظ على مشرب رسائل النور الحالي، وتمدّها بالقوة. ومن هنا لا يستطيع اي احد حتى لو كان من اهل البدع وفي اي مكان كان الاعتراض على مشربنا، ولما كانت حقيقة الاخلاص محفوظة فيه حفظاً تاماً يستطيع اي نوع من انواع اهل الاسلام الدخول في دائرة رسائل النور،


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 303
فالمتعصب في تشيعه، والمغالي في وهابيته، وأشد الفلاسفة مادية وعمقاً في العلم، واكثر العلماء انانية وتزمتاً، قد بدأوا بالدخول معاً في دائرة النور ويعيش قسم منهم الآن اخوة متحابين في تلك الدائرة، حتى ان هناك امارات بدخول مبشرين نصارى من الروحانيين الحقيقيين في تلك الدائرة، لما يشعرون بضرورة الترابط والمصالحة، طارحين مواد المناقشة والمنازعة جانباً.
بمعنى ان رسائل النور التي أخبر عنها الامام علي رضي الله عنه باشارات تبلغ حوالي الاربعين وبدرجة الصراحة احياناً، هي ضماد لجروح هذا الزمان. ولهذا كفتنا تلك الدائرة فلا نخرج منها.
ان التعرض لشخص سيدنا علي كرم الله وجهه، ونقد حياته وسياسته الجارية على العدالة المحضة شئ، والتعرض لشخصيته المعنوية ونقد كمالاته العلمية ومقام ولايته ووراثته للنبوة، التي تفوق الوف المرات شخصيته الظاهرية وحياته الدنيوية وسياسته الاجتماعية شئ آخر، وأنّى لأحد الدنو من التعرض لها أو نقدها. بل لم يرد ذلك قطعاً ولن يرد.
ومن هنا يبدو رهيباً جداً تعرض الذين يحاولون الجمع بين الجهتين معاً، حيث يورث الحيرة والدهشة في صفوف اهل الايمان من انه: هل يمكن ان تحدث فتنة كهذه بين اهل الايمان؟ علماً انه عدا اشخاص تافهين خبيثين كيزيد والوليد، فان القسم الاعظم ممن تعرضوا للامام علي رضي الله عنه تعرضوا لادارته الخاصة ولحياته الانسانية الاجتماعية، فأخطأوا، وليس لكمالاته وكراماته ووراثته للنبوة.
ان من الضروري ترك العداء الصغير الطفيف الداخلي لدى هجوم الاعداء الضخام الخارجيين. اذ بخلاف ذلك سيكون الامر في حكم العون للعدو الكبير الخارجي.
ولهذا فعلى المنحازين من المسلمين الى جهة من الجهات ضمن دائرة الاسلام، ان يتناسوا تلك العداوات الداخلية موقتاً، كما تقتضيه مصلحة الاسلام.
***


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 304
[رسالة الى سكرتير حزب الشعب الجمهوري]
حضرة السيد حلمي اوران!
وزير الداخلية السابق وسكرتير الحزب "الشعب الجمهوري" 1 حالياً:
اولاً: في غضون عشرين سنة كتبت اليكم عريضة واحدة فقط - يوم كنت وزيراً للداخلية - الاّ انني لم اقدمها اليكم لئلا اخلّ بقاعدتي التى اسير وفقها. فان شئت فسأقرأها اليكم واتكلم معكم بصفتكم وزيراً سابقاً للداخلية وسكرتيراً عاماً للحزب. فاسمحوا لى الكلام لساعة او ساعتين، اذ الذي لم يتكلم مع الحكومة منذ عشرين عاماً لو تكلم عشر ساعات مع ركن من اركان الحكومة وباسمها ولمرة واحدة، فهو قليل.
ثانياً: أجدني مضطراً الى بيان حقيقة لكم لكونكم سكرتير الحزب حالياً، والحقيقة هي:
ان هذا الحزب الذي تقوم انت بمهمة سكرتاريته عليه مهمة أمام الشعب وهي:
ان الامة التركية ومن معها من اخوة الدين الحاملين لراية الاسلام منذ ألف سنة جعلوا الامة الاسلامية قاطبة ممتنة لها ببطولتها وصانوا الوحدة الاسلامية، و نجّوا البشرية بالقرآن العظيم وحقائق الايمان من الكفر المطلق والضلال الرهيب.
فإن لم تتبنّوا حالياً - ببسالة كالسابق - الحقائق القرآنية والايمانية، وان لم تقوموا وانتم اهل الغيرة بالحث على الحقائق القرآنية والايمانية مباشرة بدل قيامكم خطأ في عهد سابق بالدعاية للمدنية الغربية واضعاف الروح الدينية، فاني احذركم وأنذركم قطعاً، وابين ذلك بحجج قاطعة:
ان العالم الاسلامي سينفر من هذه الامة بدلاً من ان يوليها المحبة بل سيضمر العداوة لأخيه البطل، الامة التركية، وستقهرون امام الفوضى والارهاب الذي يتستر تحت ستار الكفر المطلق الذي يسعى لإبادة العالم الاسلامي، وستكون سبباً في
_____________________
1 حزب الشعب الجمهوري: اسسه مصطفى كمال سنة 1923 وظل يحكم البلاد بالقوة كحزب واحد دون معارض، وترأسه عصمت اينونو حتى سنة 1950 حيث لم يحز في الانتخابات سوى 69 نائباً من بين 487 نائباً. من المبادئ الاساس لهذا الحزب العلمانية بمعناها العداء للدين، والدعوة الى القومية التركية، أسس المعاهد القروية ومدارس الريف في ارجاء البلاد لتخريج المعلمين لتعليم الالحاد.- المترجم.



الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 305
تشتيت هذه الامة التركية التي هي قلعة العالم الاسلامي وجيشه البطل، وستمهدون لإستيلاء الغول الوحش، الشيوعية، على هذه البلاد.
نعم ان هذه الامة البطلة لا تصمد امام صدمات التيارين الرهيبين الآتيين من الخارج الاّ بقوة القرآن.
فلا يصد هذا التيار الجارف، تيار الكفر المطلق والاستبداد المطلق واشاعة السفاهة واباحة اموال الناس، الاّ الامة التي امتزجت روحها بحقائق الاسلام واصبحت جزءاً من كيانها، تلك الامة التي تعتزّ بالاسلام مجداً لماضيها.
وسيوقف هذا التيار باذن الله قيام اهل الغيرة والحمية لهذه الامة ببث روح الحقائق القرآنية - الموغلة في عروق هذه الامة - وجعلها دستور حياتها بدلاً من نشر التربية المدنية الغربية.
اما التيار الثاني: فهو استمالة العدو مستعمراته في العالم الاسلامي وربطهم به رباطاً وثيقاً، وذلك بزعزعة ثقتهم بمكانة هذه البلاد ومنزلتها المركزية للعالم الاسلامي، بعد وصمها باللادينية والالحاد، والذي يفضي الى انفصام العلاقة المعنوية بينها وبين العالم الاسلامي، وقلب روح الاخوة التي يحملها العالم الاسلامي تجاه هذه الامة الى عداء.. وغيرها من امثال هذه الخطط الرهيبة التي حازوا بها شيئاً من النجاح لحد الآن. ولكن لو استرشد هذا التيار وبدّل خطته الرهيبة هذه وعامل الدين الاسلامي بالحسنى داخل البلاد، مثلما يلاطف العالم الاسلامى، فانه يغنم كثيراً ويكون ممن حافظ على انجازاته، وعندئذٍ تنجو الامة والبلاد من كارثة مدمرة.
فلو سعيتم انتم الذين تتولون مقام سكرتارية اهل الحمية والقومية، للحفاظ على الاسس التي تسحق المقدسات الدينية وتعمم المدنية الغربية، ونسبتم الحسنات الحاضرة وحسنات الانقلاب الى اجراءات قلة من الاشخاص الذين قاموا باسم الانقلاب واحلتم النقائص المريعة والسيئات الجسيمة الى الامة، فعندئدٍ تعممون اذن ما ارتكبه اشخاص قلة من سيئات الى ملايين من السيئات. فتخالفون اذن آمال هذه الامة المتدينة البطلة وتجافون جيش الاسلام، وتعارضون اذن الامة جميعاً وتديرون ظهركم الى ملايين الابطال الميامين الذين نالوا شرف الشهادة، فتعذبون أرواحهم الطيبة وتحطون من شأنهم و تهونون من شرفهم.


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 306
وكذا لو نُسبتْ تلك الحسنات التي أحرزتْ بهمة الامة وقوة الجيش الى اولئك القلة القليلة من الانقلابيين، تنحصر ملايين الحسنات في بضع حسنات فقط فتتضاءل وتزول، فلا تكون كفّارة لأخطاء فاحشة.
ثالثاً: لا شك ان لكم معارضين في جهات كثيرة داخلية وخارجية، وحيث اني لا انـظر ولا اهتم باحوال الدنيا والسياسة، فلا اعرف تلك الامور. ولكن لأنهم ضايقوني كثيراً في هذه السنة فاضطررت الى النظر الى سبب هذه المضايقة فعلمت ان معارضةً قد ظهرت. فلو وجدتْ هذه المعارضة زعيماً كفوءاً لها وانطلقت الى الميدان باسم الحقائق الايمانية لغلبتكم وانتصرت عليكم في الحال، ذلك لان تسعين بالمئة من هذه الامة مرتبطة روحاً وقلباً بالاعراف الاسلامية منذ الف سنة، وحتى لوانقادت ظاهراً الى ما يخالف فطرتها فانها لا ترتبط به قلباً.
ثم ان المسلم يختلف عن افراد الامم الاخرى، اذ لو تخلّى عن دينه فلا يكون الاّ ارهابياً فوضوياً لا يقيده شئ اياً كان، بل لا يمكن ادارته بأيٍ من وسائل التربية والادارة الاّ بالاستبداد المطلق والرشوة العامة. وهناك حجج كثيرة تثبت هذه الحقيقة وأمثلة كثيرة عليها اختصرها محيلاً الامر الى فطنتكم.
لا ينبغي لكم ان تتخلّفوا عن الدول الاسكندنافية التي شعرت بحاجتها الشديدة الى القرآن الكريم في هذا العصر، بل عليكم ان تكونوا قدوة لها ولأمثالها من الدول. فلو اسندتم ذنوب الانقلاب التي حصلت الى الآن الى بضعة اشخاص، وسعيتم لتعمير الدمار - ولاسيما بحق الاعراف الدينية - الذي نجم عن ظروف الحرب العالمية وانقلابات اخرى، لقلّدكم سعيكم هذا شرفاً عظيماً في المستقبل ولأصبح كفارة لذنوبكم العظيمة وتكونون اهلاً لصفة اهل الحمية والغيرة على الامة، لما تقدمون من خدمة للامة والوطن.
رابعاً: مادام الموت لا يُقتل وباب القبر لا يُغلق، وانتم ستهرعون الى القبر كاي انسان آخر، وان ذلك الموت الذي لا مناص منه اعدام ابدي لأهل الضلالة، لا تبدّله مئة الف من الدعوات الوطنية وحب الدنيا والإنجازات السياسية، الاّ القرآن الكريم الذي يبدل ذلك الاعدام الابدي الى تذكرة تسريح لأهل الايمان، كما اثبتت ذلك رسائل النور الموجودة بين ايديكم والتي لم يعارضها اي فيلسوف ولا أي ملحد


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 307
كان، بل هي التي جذبت الى حظيرة الايمان كل من قرأها من الفلاسفة بدقة وإنعام. وحتى في ظروف هذه السنين الأربع لم يملك الفلاسفة والعلماء الخبراء ولا محاكمكم الاربع إلاّ الاعجاب بها وتقديرها وتصديقها، فلم يعترضوا عليها لحججها الرصينة في إثبات الحقائق الايمانية فضلاً عن أنها لا ضرر يرد منها لهذا الوطن والامة، بل إنها سد قراني - كسد ذي القرنين - امام التيارات الرهيبة المهاجمة. ولي مائة الف شاهد على هذا من الامة التركية ولاسيما من الشباب المثقف.
فلأجل هذه الاسباب المذكورة فان واجبكم الاساس هو تبنّي افكاري هذه التي طرحتها لكم بجد واهتمام.
فانتم تستمعون دائماً الى الكثيرين من الدنيويين السياسيين، فيلزم الاستماع - ولو قليلاً - الى ضعيف عاجز مثلي واقف على شفير القبر يبكي على حال المواطنين ويتكلم معكم في سبيل الآخرة.
***

[لا احسن الظن بنفسي]
اخوتي الأوفياء الصادقين!
"جواب خطر على البال لمناسبة
سـؤال مادي ومعنوي"
يقال:
لِمَ لا تقبل مقاماً ومزايا لشخصك بالذات الذي هو موضع حسن ظن مفرط لطلاب النور وقناعتهم التامة بحق شخصك، علماً ان قبولك ذلك المقام يكون مثار شوقهم للعمل في خدمة الايمان. بل نجدك تصرف تلك المزايا عن شخصك الى رسائل النور وحدها، وتظهر نفسك خادماً كثير الذنوب؟!.
الجواب: حمداً لله وشكراً له لا منتهى لهما. فان لـرسائل النور مرتكزات قوية لا تتزعزع، وحججاً نافذة ساطعة لا تخبو بحيث تستغني عما يظن في شخصي من


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 308
مزايا وقابليات. فهي ليست كالمؤلمفات والآثار الأخرى تبني أهميتها على قابلية مؤلفها، وتستمد قوتها وحسنها منه، بل هي تستند على حججها القاطعة منذ عشرين سنة، حتى أرغمت اعدائي الماديين والمعنويين الى الاستسلام، والأمر واضح أمام الجميع. فلو كانت شخصيتي نقطة استناد مهم لها، فان اعدائي الملحدين ومعارضي الظلمة كان يمكنهم ان ينزلوا ضربتهم القوية بـرسائل النور وذلك بالنيل من شخصي المقصّر المذنب. بينما اولئك الأعداء لطيشهم وبلاهتهم يدبرون ما وسعهم من الدسائس والوسائل للحط من قيمتي والنيل من شخصيتي، واذ هم يسعون ليحولوا دون توجه الناس نحوي واقبالهم عليّ، لا يستطيعون ان يحولوا دون فتوحات رسائل النور الايمانية ولا التهوين من شأنها، بل يعجزون عن ان يجعلوا محبين جدداً يتخلون عن خدمة الايمان، رغم ما كدّروا من صفاء اذهانهم وقلوبهم.
فلأجل هذه الحقيقة، ولأجل طغيان الأنانية وهيمنتها الواسعة في هذا الزمان، ارفض حسن الظن المفرط بشخصي الذي يفوق كثيراً حدّي وطوقي، لاني كاخوتي، لا أحسن الظن بنفسي، فضلاً عن ان المقام الأخروي الذي منحه اخوتي اخاهم هذا الفقير ان كان مقاماً دينياً حقيقياً، وان كنت اعلم ان نفسي أهلاً لها - حاش لله - فهذا دليل على عدمه، ولو كنت ارى نفسي فارغاً عن ذلك المقام يلزم اذاً عدم قبول هداياهم ومنحهم كذلك، وذلك - حسب القاعدة المذكورة في المكتوب الثاني - فضلاً عن ان الذي يرى نفسه صاحب مقام فالانانية ربما تتداخل في الأمر.
***

[مسلك النور يحقق فوائد الطريقة]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
اخي العزيز البطل صبري!
نسأل الله ان يهيئ جنوداً مضحين كالسيد "غالب" للجيش الاسلامي، ان هذا الفاضل يخدم الايمان في الغرب والشرق كخدمة "خلوصي". ويحاول جذب اهل الايمان وانتشالهم من الضلالة عن طريق التصوف. ان هذا الفاضل قد حاول سابقاً


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 309
العمل في مسلك النور قبل اطلاعه على الرسائل ويتمكن ان يعمل اكثر عندما تقوى علاقته بالرسائل. الاّ ان اساس مسلك النور، الحقيقة، السنة النبوية الشريفة، الاهتمام بالفرائض والاجتناب عن الذنوب، وينظر الى التصوف بدرجة ثانية وثالثة. اما اخونا "غالب" فهو يعمل في صفوف العلويين فيفكر ان يلقنهم دروساً في طريقة صوفية هي خلاصة طرق القادرية والشاذلية والرفاعية وضمن السنة النبوية بشرط عدم التعرض للخلفاء الراشدين والعشرة المبشرين بالجنة، وضمن نطاق محبة آل البيت. وهذا السلوك له فوائد مهمة عدة باسم الحقيقة وفي سبيل انقاذ الايمان وصيانته من البدع.
اولاها: لها فائدة جليلة في الحيلولة دون كسب التيارات الاخرى العلويين، وصونهم من غلو الرافضة والتيار السياسى البكتاشي.
ثانيتها: ان العلويين الذىن اتخذوا حب آل البيت مسلكاً لهم لا يدخلون ضمن الكفر المطلق مهما افرطوا، بل حتى لو كانوا روافض. لانه كلما توغلت محبة آل البيت في قلوبهم فانهم لا يدخلون الكفر المتضمن العداء للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وآل البيت. بل يتمسكون بالاسلام بشدة بوساطة تلك المحبة. فجلب امثال هؤلاء الى دائرة السنة النبوية عن طريق الصوفية يُعدّ فائدة جلية.
ثم ان جلب العلويين الى دائرة النور فيه مصلحة عظيمة، وذلك للحيلولة دون استغلال تيارات سياسية شجاعتهم الفطرية، بما يضر وحدة اهل الايمان. ولما كان استاذ طلاب رسائل النور هو الامام علي رضى الله عنه وحب آل البيت اساس في مسلك النور فينبغي دخول العلويين الحقيقيين الى دائرة النور بشوق كامل.
ان هذا الزمان زمان انقاذ الايمان. ولأن هناك مشكلات في مسلك الطريقة الصوفية بالسير والسلوك وفي زمن البدع هذا. لذا تسلك دائرة النور مسلك الحقيقة محققة فوائد الطريقة الصوفية.
اكتبوا هذا الى اخينا ذاك مع سلامي ومع تهنئتي له بشهر رمضان المبارك وليدعُ لنا ايضاً.
***


عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس