عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #9
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق اميرداغ الاول

الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 310
[قد أغلقتُ منافذ النفس]
اخوتي الأوفياء الصادقين!
جاءني عدد من الأطباء من أركان طلاب النور، حينما اشتدت وطأة المرض عليّ. الاّ انني لم افاتح اولئك الصادقين المخلصين حول مرضي الشديد، ولم اتناول علاجاتهم، بل لم اشاورهم أصلاً في شؤون الأمراض التي الـمّت بي رغم ان الآلام كانت تعصرني وانا في أمسّ الحاجة اليهم.
فلما رأوني لا أدير الحديث حول المرض قطعاً، اعتراهم قلق واضطراب. لذا اضطررت الى بيان حقيقة ذات حكمة. وارسلها اليكم علّها تفيدكم أيضاً.
قلت لهم: ان اعدائي المتسترين، ونفسي الأمارة بالسوء، ينقبان معاً - بايحاء من الشيطان - عن طبع ضعيف عندي وعرق واهٍ في خلقي، ليستحوذوا عليه، ويُخلّوا به بخدمتي الايمانية المخلصة ويعرقلوا نشر الأنوار.
حقاً! ان أضعف جانب عند الانسان، واخطر مانع للعمل، انما هو المرض، لانه اذا اهتم المريض بمرضه كثيراً اشتدت احاسيس الجسد عليه وسيطرت حتى يجد نفسه مضطراً.. فتُسكت الروحَ والقلب عندئدٍٍَ وتجعل الطبيب كأنه حاكم مستبد، تلجؤه الى اطاعة توصياته وعلاجاته.
وهذا هو الذي يخلّ بخدمة الايمان المتسمة بالتضحية والفداء والاخلاص التام.
ولقد حاول اعدائي المتسترون استغلال هذا الجانب الضعيف عندي وما زالوا كذلك يحاولون، كما حاولوا استغلال طبع الخوف والطمع والشهرة الاّ انهم لم ينالوا شيئاً من هذه النواحي، فادركوا اننا لا نعبأ بشئ من أحكامهم حتى باعداماتهم.
ثم ان هناك خُلقاً ضعيفاً وعرقاً واهياً لدى الانسان، وهما الاهتمام بهموم العيش والطمع، فقد بحثوا عنهما كثيراً للاستفادة منهما، ولكن لم يجنوا شيئاً بفضل الله من ذلك الجانب الضعيف، حتى خلصوا الى ان متاع الدنيا الذي يضحون في سبيله بمقدساتهم، تافه لا يساوي شيئاً عندنا. وقد تحقق ذلك عندهم بحوادث كثيرة، حتى انه خلال هذه السنين العشر الماضية استفسروا اكثر من مئة مرة استفساراً رسمياً من الادارات المحلية: بِمَ يعيش؟.


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 311
ثم ان طلب الشهرة والتطلع الى المراتب، عرق ضعيف في الانسان وجانب واهٍ فيه، فقد أمرت - السلطات - ان يُستغل ذلك العرق الضعيف عندي، فقاموا بالاهانات والتحقير والتعذيب المؤلم الجارح للشعور. ولكنهم - بفضل الله - لم يوفقوا الى شئ، وادركوا ادراكاً قاطعاً ان ما يتطلعون اليه - لحد العبادة - من الشهرة الدنيوية نفهمها رياءً واعجاباً بالنفس مضرّاً بالانسان. وان ما يولون من اهتمام بالغ نحوحب الجاه والشهرة الدنيوية لا يساويان عندنا شروى نقير، بل نعدّهم بهذه الجهة بلهاء مجانين.
ثم ان ما يعدّ فينا - من حيث خدمتنا - جانباً ضعيفاً وعرقاً لا يقاوم، مع انه - من حيث الحقيقة - جانب مقبول لدى الناس كلهم، بل يتلهفون الى ادراكه والظفر به، هذا الجانب هو كون الشخص يحرز مقاماً معنوياً ويعرج في مراتب الولاية، وينال تلك النعمة لنفسه بالذات. فهذا الجانب رغم انه لا ضرر فيه البتة، وليس له غير النفع، الاّ انه في زمان قد استولت فيه الانانية وطغت فيه الاثرة واستهدفت المنافع الشخصية حتى انحصر شعور الانسان في انقاذ نفسه.. اقول ان القيام بخدمة الايمان في هذا الزمان - تلك الخدمة التي تستند الى سر الاخلاص وتأبى ان تستغل لأي شئ كان - تقتضي عدم البحث عن مقامات معنوية شخصية، بل يجب الاّ تومئ حتى حركات المرء الى طلبها والرغبة فيها، بل يلزم عدم التفكير فيها أصلاً. وذلك لئلا يفسد سر الاخلاص الحقيقي.
ومن هنا ادرك الذين يسعون لاستغلال هذا الجانب الضعيف لديّ باني لا أتحرى خارج خدمة النور ما يتحراه كل انسان من كشف وكرامات وخوارق ومزايا أخرى روحية فرجعوا خائبين من هذا الجانب.
تحياتنا الى اخواننا فرداً فرداً.. ونسأله تعالى برحمته الواسعة ان يجعل ليلة القدر المقبلة بمثابة ثمانين سنة من العبادة لكل طالب من طلاب النور ونستشفع حقيقة تلك الليلة في دعواتنا هذه.
***


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 312
[حول النظر الحرام]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
لقد حان وقت تبيان حادثة عجيبة لحياتي، ومؤلمة ولطيفة، وفى الوقت نفسه نبين ما يبثه الاعداء من افتراء شنيع لا يمكن ان يقنع الشيطان نفسه احداً قط، مما يتوضح كيف ان الاعداء لم يبق لديهم اي سلاح كان تجاه النور.
انه من المعلوم لدى المطلعين على تأريخ حياتي:
انني مكثت سنتين في بيت الوالي المرحوم عمر باشا في "بتليس" بناء على اصراره الشديد ولفرط احترامه للعلم والعلماء.. كان له من البنات ست؛ ثلاث منهن صغيرات وثلاث بالغات كبيرات.. ومع اني كنت اعيش معهم في بيت واحد طوال سنتين الاّ انني لم اكن اميّز بين الثلاث الكبيرات؛ اذ لم اكن اسدد النظر اليهن كي اعرفهن واميّز بينهن. حتى نزل احد العلماء يوماً ضيفاً عليّ، فعرفهن في ظرف يومين فقط وميّز بينهن، فأخذت الحيرة الذين من حولي لعدم معرفتي اياهن. وبدأوا بالاستفسار:
- لماذا لا تنظر اليهن؟
- فكنت اجيبهم:
- صون عزة العلم يمنعني من النظر!.
وفي احد المهرجانات المقامة في استانبول، قبل اربعين سنة، كان الازدحام على اشده، اصطفت الوف من نساء استانبول ومن الروم والأرمن الكاسيات العاريات على طرفي الخليج (الذي يقسم جانب استانبول الى قسمين ).
ركبت مع السيد طه والسيد الياس (وهما عضوا المجلس النيابي) في قارب لينقلنا الى نهاية الخليج حيث الاحتفالات تقام هناك.
كان القارب يمر امام اولئك النساء ، ولم يكن لي علم اصلاً من ان الملاّ طه والحاج الياس قد اتفقا علىمراقبتي بالتناوب واختباري في النظر الى النساء، حتى اعترفا بذلك بعد ساعة كاملة من التجوال في القارب وبين اولئك النساء قائلين:
لقد حيّرنا أمُرك هذا، انك لم ترفع بصرك اليهن قط.


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 313
قلت:
انا لا اريد اذواقاً موقتة تافهة مشوّبة بالآثام، لأن عاقبتها آلام وحسرات.
ثم ان الذين يصادقونني يعرفون جيداً انني تحاشيت كلياً قبول الهدايا والدخول تحت منّة المتصدقين طوال حياتي كلها ، فلاجل صيانة كرامة رسائل النور والخدمة القرآنية وحفاظاً على سلامتها تركت الاهتمام بكل ما يمت بصلة الى اذواق الدنيا المادية والاجتماعية والسياسية، ولم ابال بتهديدات اهل المآرب والاغراض الشخصية بل حتى باعدامهم. وقد ظهر هذا بجلاء خلال السنوات العشرين التي قضيتها في النفي والتشريد المعذب وفي السجن الرهيب وفي المحاكم.
وفى الوقت الذي املك هذا الدستور العظيم، والذي دام طوال خمس وسبعين سنة، واذا بموظف يشغل منصباً في الحكومة يشيع فرية شنيعة لا تخطر حتى ببال الشيطان تهويناً من شأن رسائل النور الرفيعة، حيث قال: "تتردد عليه ليلاً الفاحشات مع ما لذّ وطاب من المأكولات" علماً ان بابي مغلوق من الخارج ومن الداخل ليلاً، وان هناك من يسهر للصباح يراقب الباب بأمر ذلك الموظف الشقي. يعرف الجيران والاصدقاء جيداً اننى لا اقبل احداً للزيارة منذ العشاء حتى الصباح.
فالذى يفتري هذه الفرية لا شك انه سفيه واحمق بل لا يورد هذا الاحتمال حتى لو اصبح حماراً بل حتى لو اصبح شيطاناً.
فذلك الشخص المفتري قد علم خطأه فتخلى عن مثل هذه المكايد، مغادراً هذا المكان الى غير رجعة وبئس المصير.
***

[وظائف السيد المهدي]
اخوتي الاعزاء الاوفياء!
لقد سألني - باسم الكثيرين - من له شأن وبركة من طلاب النور قائلاً:
ان قسماً ممن لهم شأن واخلاص من طلاب النور يظنون بك - وباصرار - انك المرشد العظيم من آل البيت الذي يأتي في آخر الزمان وانت مهما تبالغ في تجنب هذا


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 314
فهم يزيدون الحاحاً واصراراً في ظنهم. وانت بدورك تصر على رفض فكرهم وتتحرز كثيراً منه. فلا جرم انهمً يملكون حقيقة ولديهم حجة قاطعة. وانت كذلك تستند الى حقيقة وحكمة فلا توافقهم في ظنهم. وهذا تضاد نطلب حله على كل حال.
وانا اقول جواباً لهذا الاخ الفاضل الذي ينطوي سؤاله على كثير من المسائل.
ان اولئك النوريين الخواص يملكون حجة، الاّ انها تحتاج الى تعبير وتأويل من جهتين:
الاولى: لقد أشرت عدة مرات في رسائلي الى ان السيد "المهدي" الذي يمثل الشخص المعنوي للجماعة السامية لآل محمد صلى الله عليه وسلم له ثلاث وظائف. فنحن نرجو من رحمته تعالى أن تقوم جماعته، وطائفة السادة الكرام بتلك الوظائف ان لم تقم القيامة فجأة، ولم تضل البشرية ضلالا بعيداً.
ووظائفه الثلاث ستكون الآتية:
الوظيفة الاولى:
انقاذ الايمان، وذلك بالقيام بدحض الفلسفة والفكر المادي قبل كل شئ. لانتشار أفكار الماديين والطبيعيين انتشار الطاعون في البشرية واستيلاء العلوم والفلسفة المادية على الاذهان.
ان حفظ أهل الايمان من شرور الضلالة، يقتضي اجراء تحقيقات علمية واسعة وابحاث متواصلة دائبة، التي تتطلب التجرد من هموم الدنيا ومشاغلها تجرداً كاملا، ولا يسمح الوقت والأحوال لقيام "السيد المهدي" بمهمته هذه بالذات، لأن اعباء الحكم في الخلافة الاسلامية لا تدع وقتاً له للانشغال بتلك الأمور. فلابد ان تنهض - بتلك المهمة - قبله طائفة في جهة ما . وسيجعل "السيد المهدي" ما دوّنه هؤلاء من أثر منهاجاً معداً له، فيكون قد أدى تلك المهمة على أتم وجه.
ان القوة التي تستند اليها هذه الوظيفة وجيشها المعنوي، ما هم الاّ طلاب يتصفون اتصافاً تاماً بالاخلاص والوفاء والترابط. فمهما كانوا قلة فهم يعدّون بقوة الجيش واهميته معنىً.


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 315
الوظيفة الثانية:
احياء الشعائر الاسلامية في المجتمع باسم الخلافة المحمدية، وانقاذ البشرية من المهالك المادية والمعنوية والغضب الالهي، مستنداً الى وحدة العالم الاسلامي.
ونقطة استناد هذه الوظيفة والعاملين لها يلزم ان يكون جيوشاً تعدادها الملايين.
الوظيفة الثالثة:
يسعى "السيد المهدي" لإقامة الشريعة الاسلامية و تنفيذ أحكام القرآن بعد ان لحق العطب بتطبيق كثير من أحكام القرآن، وبعد ان عطلت القوانين الشرعية بعض التعطيل من جراء الانقلابات التي حصلت بمرور الزمن. فيحظى لاداء مهمته الجسيمة هذه بالتأييد المعنوي من جميع المؤمنين، و بمؤازرة الوحدة الاسلامية، وبالتحاق جميع العلماء والأولياء به ولاسيما ملايين الأبطال المضحين من آل البيت الذين يوجدون وبكثرة وقوة في كل عصر من العصور، فيشدون جميعهم أزره و يسندون ظهره في سبيل قيامه بهذه الوظيفة العظمى..
ولما كانت حقيقة الامر هكذا فان انقاذ الايمان وارشاد الناس عامة الى الايمان ارشاداً تحقيقياً بل جعل ايمان العوام تحقيقياً هو اولى وظائف السيد المهدى وارفع مسلك من مسالكه، والذي يقتضى اسم المهدى والمرشد بمعناه وحقيقته، ولأن طلاب النور يرون هذه الوظيفة بتمامها في رسائل النور، تظل الوظيفتان الثانية والثالثة في المرتبة الثانية والثالثة عندهم بالنسبة لهذه الوظيفة الاولى. لذا ينظرون الى الشخص المعنوي لرسائل النور- وهم محقون - نظرة نوع من المهدي، وحيث انهم يظنون في مؤلف رسائل النور - هذا الضعيف - انه ممثل ذلك الشخص المعنوي الناشئ من ترابط طلاب النور، لذا يطلقون احياناً ذلك الاسم عليه ايضاً.
وعلى الرغم من ان هذا التباس وسهو، الاّ انهم ليسوا مسؤولين عنه، لأن الافراط في حسن الظن سارٍ منذ القدم ولا يعترض عليه. وانا كذلك انظر الى حسن الظن المفرط لاخوتى هؤلاء، كأنه دعاء منهم وامنية أن أكون كما يظنون، وأنه ترشح لكمال عقيدة طلاب النور، فلا اعترض عليهم كثيراً.


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 316
يفهم بهذه التحقيقات تأويل ما شاهده بعض الاولياء السالفين في كشفياتهم ان رسائل النور مهدي آخر الزمان. بمعنى ان هناك إلتباس في نقطتين، فيلزم التأويل:
اولاها: الوظيفتان الأخيرتان "الثانية والثالثة" رغم انهما ليستا في أهمية الوظيفة الأولى من زاوية الحقيقة، الا ان اقامة الحكم الاسلامي في الأرض بجيوش الخلافة المحمدية والوحدة الاسلامية تظهر أوسع ألف مرة من الوظيفة الأولى عند الناس، ولاسيما لدى العوام منهم ولدى أرباب السياسة وبالذات في افكار عصرنا هذا.
حتى اذا ما أطلق هذا الاسم "المهدي" على شخص ما، فان هاتين الوظيفتين هما اللتان تتبادران الى الذهن دون الاولى، مما يوحي - ذلك الاسم - الى معنى سياسي. وربما يورد الى الذهن معنى الاعجاب بالنفس، ولربما يظهر رغبات الشهرة، وذيوع الصيت، والتطلع الى المقامات الرفيعة.
وقد ادّعى قديما - والآن كذلك - كثيرٌ من السذج و المتطلعين الى المقامات العلىا انهم سيكونون "المهدي"!
وعلى الرغم من ان مجددين و مرشدين يهدون الناس الى سواء السبيل قد أتوا ويأتون، فإن أحداً منهم لا يتخذ عنوان "السيد المهدي" الكبير الذي سيأتي في آخر الزمان، وذلك لانه لا يؤدي سوى وظيفة واحدة من الوظائف الثلاث في جهة ما.
ثم ان الخبراء في محكمة دنيزلى قالوا عن طلاب النور حسب اعتقاد بعضهم:
"اذا ادّعى سعيد النورسي انه المهدي فان جميع طلابه يصدّقونه برحابة صدر".
وانا قد قلت لهم في المحكمة:
"انني لا استطيع ان اعدّ نفسي من آل البيت حيث الأنساب مختلطة في هذا الزمان بما لا يمكن تمييزها، بينما مهدي آخر الزمان سيكون من آل البيت. رغم انني بمثابة ابن معنوي لسيدنا علي كرم الله وجهه وتلقيت درس الحقيقة منه، وان معنىً من معاني آل محمد صلى الله عليه وسلم يشمل طلاب النور الحقيقيين، فأعدّ أنا ايضاً من آل البيت، الاّ ان هذا الزمان هو زمان الشخص المعنوي، وليس في مسلك النور - بأية جهة كانت - الرغبة في الانانية وحب الشخصية والتطلع الى المقامات والحصول على الشرف وذيوع الصيت، وكل ذلك منافٍ لسر الاخلاص تماماً.


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 317
فأنا اشكر ربي الجليل بما لا نهاية له من الشكر انه لم يجعلني أُعجب بنفسي، لذا لا اتطلع الى مثل هذه المقامات الشخصية التي تفوق حدي بدرجات لا تعد ولا تحصى، بل لو اعطيت مقامات رفيعة اخروية فانني اجد نفسي مضطرة الى التخلى عنها لئلا اخلّ بالاخلاص الذي في النور".
هكذا قلت للخبراء وسكتوا..
***

[لِمَ تركت السياسة؟]
اخي العزيز الوفي السيد رأفت!
اولاً: لمناسبة حوادث جزئية تمسّنا معاً اُخطر على قلبي بشدة لابيّن حقيقة وهي الاتية:
ان طالباً خاصاً للنور من امثالكم لا شك يعرف ان رسائل النور لا تكون اداة لاي شئ كان ولا يُبتغى منها الاّ مرضاة الله سبحانه وتعالى، وهي تعمل على توضيح حقائق الايمان بالذات وقبل كل شئ، وذلك لانقاذ ايمان الضعفاء والحاملين للشكوك والشبهات.
ثانياً: ان اعظم قوة لرسائل النور تجاه معارضيها الكثيرين، هي الاخلاص. فالرسائل مثلما لا تكون اداة لاي شئ كان في الدنيا لا تهتم ايضاً بالتيارات التي تنبني على مشاعر الانحياز والموالاة ولاسيما للتيارات السياسية، وذلك لان عرق الانحياز يفسد الاخلاص ويغيّر لون الحقيقة. حتى ان السبب في تركي السياسة منذ ثلاثين سنة هو ان عالماً صالحاً قد اثنى بحرارة على منافق يحمل فكراً ينسجم مع فكره السياسي. وفي الوقت نفسه انتقد عالماً صالحاً يحمل افكاراً تخالف افكاره، انتقاداً شديداً حتى وصمه بالفسق.
بمعنى ان عرق المنافسة لو اختلط معه التحيز السياسي، لنشأت اخطاء عجيبة مثل هذا. ولهذا قلت: اعوذ بالله من الشيطان والسياسة، فتركت السياسة من ذلك الوقت.


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 318
ونتيجة لتلك الحالة - وانتم اعلم بها - فانني لم اقرأ منذ عشرين سنة جريدة واحدة ولم اهتم بحوادث الحرب طوال عشر سنوات ولم استمع الىها ولم اتلهف لها، بل لم احاول ان اعرف عنها شيئاً. وطوال اثنتين وعشرين سنة من سني الاسر والعذاب لم ادنُ من الانحياز والموالاة الى جهة او الدخول في السياسة، وذلك لئلا يتضرر الإخلاص الذي تحمله رسائل النور. فلم اراجع دوائر الدولة لاجل راحتي، سوى لعرض دفاعاتي امام المحاكم.
ثالثاً: تعلمون انني لا أقبل الصدقات والمعونات، كما لا أكون وسيلة لأمثالها من المساعدات، لذا ابيع ملابسي الخاصة وحاجياتي الضرورية، لأبتاع بثمنها - من اخوتي - كتبي التي استنسخوها وذلك لأحول دون دخول منافع دنيوية في اخلاص رسائل النور، لئلا يصيبها ضرر. وليعتبر من ذلك الاخوة الآخرون، فلا يجعلوا الرسائل وسيلة لأي شئ كان.
رابعاً: رسائل النور كافية لطلاب النور الحقيقيين، فليرضوا بها ويطمئنوا اليها، فلا يتطلعنّ احدٌ منهم الى مراتب اعلى وأسمى، أو منافع معنوية ومادية.
***


الملاحق - ملحق أميرداغ/1، ص: 319
_[حول مصطفى كمال]
ذيل العريضة المقدمة الى رئىس الجمهورية
اضطررت الى كتابتها
ان السبب الاساس لهجوم الحاقدين عليّ هو انهم يسحقونني متذرعين بمودّتهم وموالاتهم لمصطفى كمال. وانا اقول لاولئك الحاقدين:
لقد قلت في حق شخص مات وانتهى امره وانقطعت علاقته بالحكومة: انه سيظهر في آخر الزمان شخص يلحق الاضرار بالقرآن الكريم. قلته قبل ثلاثين سنة استنباطاً من حديث شريف. ثم اظهر الزمان ان ذلك الرجل هو مصطفى كمال. وان الحاقدين الذين يوالونه يعذبونني بحجج واهية منذ عشرين سنة، حيث انني لا اُسند الى مصطفى كمال - خلافاً للحقيقة - مجد وشرف انتصارات الجيش الذي تحدّى العالم ببطولته وتفانيه في الحق منذ خمسمائة سنة.
نعم، وكما اثبتّ في المحكمة: ان الشرف والحسنات والغنائم المادية والمعنوية تسند الى الجماعة وتوزع عليهم، بينما تسند الذنوب والاجراءات الخاطئة الى الرئيس. ففي ضوء هذه القاعدة الحقيقية، فان امجاد الجيش والشرف الذي احرزه بانتصاراته - ولا سيما الضباط الاشاوس الذين تولوا ادارته - لا تسند الى مصطفى كمال. وانما الاخطاء والذنوب والنقائص هي التي تُسند اليه وحده. فالذين يتهمونني بعدم محبتى له انما يقومون بإهانة كرامة الجيش وقدح شرفه، لذا انظر الى هؤلاء انهم خونة الامة؛ واني على استعداد لاثبات هذه الحقيقة لاولئك العنيدين الموالين له كما اثبتّها امام المحكمة:
انني اكنّ حباً لملايين افراد وضباط الجيش المقدام، جيش هذه الامة الطيبة واسعى لصيانة عزته وكرامته وتوقيره ما استطعت الى ذلك سبيلاً. بينما معارضيّ الحاقدين الذين يواجهونني يهوّنون ضمناً من شأن ملايين الافراد بل يعادونهم في سبيل محبة شخص واحد.
نعم، لقد ادركنا بأمارات عديدة، ان الذي يحرّض الحاقدين عليّ بالهجوم، هو معارضتي لمصطفى كمال، وعدم مودّتي له. اما الاسباب الاخرى فهي حجج واهية ومجرد اختلاق. ولهذا اضطررت الى ان اقول لاولئك المعارضين:


عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس