الموضوع: التّيمّم
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-27-2009
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: التّيمّم

ب - مسح الوجه واليدين :

11 - اتّفق الفقهاء على أنّ من أركان التّيمّم مسح الوجه واليدين ، لقوله تعالى : { فَامْسَحُوا بِوجُوهِكُمْ وَأَيديكمْ منه } .

وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ مسح الوجه فرض ، ومسح اليدين فرض آخر .

لكن ذهب المالكيّة إلى أنّ الفرض الأوّل هو الضّربة الأولى ، والفرض الثّاني هو تعميم مسح الوجه واليدين .

وذهب الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّ المطلوب في اليدين هو مسحهما إلى المرفقين على وجه الاستيعاب كالوضوء . لقيام التّيمّم مقام الوضوء فيحمل التّيمّم على الوضوء ويقاس عليه . وذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّ الفرض مسح اليدين في التّيمّم إلى الكوعين ، ومن الكوعين إلى المرفقين سنّة ، لحديث « عمّار بن ياسر : إنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم أمره بالتّيمّم للوجه والكفّين » . فقد ورد عن عبد الرّحمن بن أبزى قال : « جاء رجل إلى عمر بن الخطّاب فقال : إنّي أجنبت فلم أصب الماء . فقال عمّار بن ياسر لعمر بن الخطّاب : أما تذكر أنّا كنّا في سفر أنا وأنت ، فأمّا أنت فلم تصلّ ، وأمّا أنا فتمعّكت فصلّيت ، فذكرت للنّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم : كان يكفيك هكذا ، فضرب النّبيّ صلى الله عليه وسلم بكفّيه الأرض ونفخ فيهما ، ثمّ مسح بهما وجهه وكفّيه » .

ثمّ إنّ المفروض عند الحنفيّة والشّافعيّة ضربتان : ضربة للوجه وضربة لليدين ، وذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّ الضّربة الأولى فرض ، والثّانية سنّة .

وسبب اختلاف الفقهاء في هذا هو أنّ آية التّيمّم مجملة ، والأحاديث الواردة متعارضة ، فحديث عمّار المتقدّم فيه ضربة واحدة للوجه والكفّين ، وهناك أحاديث تصرّح بالضّربتين كحديث ابن عمر : « التّيمّم ضربتان : ضربة للوجه وضربة لليدين » . وروى أبو داود :

« أنّه صلى الله عليه وسلم تيمّم بضربتين مسح بإحداهما وجهه وبالأخرى ذراعيه » .

واتّفق الفقهاء على إزالة الحائل عن وصول التّراب إلى العضو الممسوح كنزع خاتم ونحوه بخلاف الوضوء . وذلك لأنّ التّراب كثيف ليس له سريان الماء وسيلانه . ومحلّ الوجوب عند الشّافعيّة في الضّربة الثّانية ويستحبّ في الأولى ، ويجب النّزع عند المسح لا عند نقل التّراب . وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى وجوب تخليل الأصابع بباطن الكفّ أو الأصابع كي يتمّ المسح . والتّخليل عند الشّافعيّة والحنابلة مندوب احتياطا . وأمّا إيصال التّراب إلى منابت الشّعر الخفيف فليس بواجب عندهم جميعا لما فيه من العسر بخلاف الوضوء .

ج - التّرتيب :

12 - ذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ التّرتيب في التّيمّم بين الوجه واليدين ليس بواجب بل مستحبّ ، لأنّ الفرض الأصليّ المسح ، وإيصال التّراب وسيلة إليه فلا يجب التّرتيب في الفعل الّذي يتمّ به المسح .

وذهب الشّافعيّة إلى أنّ التّرتيب فرض كالوضوء . وذهب الحنابلة إلى أنّ التّرتيب فرض عندهم في غير حدث أكبر ، أمّا التّيمّم لحدث أكبر ونجاسة ببدن فلا يعتبر فيه ترتيب .

د - الموالاة :

13 - ذهب الحنفيّة والشّافعيّة إلى أنّ الموالاة في التّيمّم سنّة كما في الوضوء ، وكذا تسنّ الموالاة بين التّيمّم والصّلاة . وذهب المالكيّة والحنابلة إلى أنّ الموالاة في التّيمّم عن الحدث الأصغر فرض ، وأمّا عن الحدث الأكبر فهي فرض عند المالكيّة دون الحنابلة .

وزاد المالكيّة وجوب الموالاة بين التّيمّم وبين ما يفعل له من صلاة ونحوها .

الأعذار الّتي يشرع بسببها التّيمّم :
14 - المبيح للتّيمّم في الحقيقة شيء واحد . وهو العجز عن استعمال الماء ، والعجز ، إمّا لفقد الماء وإمّا لعدم القدرة على استعماله مع وجوده :

أوّلاً : فقد الماء :

أ - فقد الماء للمسافر :

15 - إذا فقد المسافر الماء بأن لم يجده أصلا ، أو وجد ماء لا يكفي للطّهارة حسّا جاز له التّيمّم ، لكن يجب عند الشّافعيّة والحنابلة أن يستعمل ما تيسّر له منه في بعض أعضاء الطّهارة ثمّ يتيمّم عن الباقي لقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم » ويكون فقد الماء شرعا للمسافر بأن خاف الطّريق إلى الماء ، أو كان بعيدا عنه فلا يكلّف المسافر حينئذ بطلبه .

ويشترط عند الشّافعيّة والحنابلة لمن ظنّ وجود الماء أو شكّ في وجوده - ومثله عند الشّافعيّة مارّ توهّم وجوده - أن يطلبه فيما قرب منه لا فيما بعد .

حدّ البعد عن الماء :

16 - اختلف الفقهاء في حدّ البعد عن الماء الّذي يبيح التّيمّم : فذهب الحنفيّة إلى أنّه ميل وهو يساوي أربعة آلاف ذراع . وحدّده المالكيّة بميلين ، والشّافعيّة بأربعمائة ذراع ، وهو حدّ الغوث وهو مقدار غلوة " رمية سهم " ، وذلك في حالة توهّمه للماء أو ظنّه أو شكّه فيه ، فإن لم يجد ماء تيمّم ، وكذلك الحكم عند الحنفيّة فأوجبوا طلب الماء إلى أربعمائة خطوة إن ظنّ قربه من الماء مع الأمن .

وذهب الشّافعيّة إلى أنّه إن تيقّن فقد الماء حوله تيمّم بلا طلب ، أمّا إذا تيقّن وجود الماء حوله طلبه في حدّ القرب - وهو ستّة آلاف خطوة - ولا يطلب الماء عند الشّافعيّة سواء في حدّ القرب أو الغوث إلّا إذا أمن على نفسه وماله وانقطاعه عن الرّفقة .

وقال المالكيّة : إذا تيقّن أو ظنّ الماء طلبه لأقلّ من ميلين ، ويطلبه عند الحنابلة فيما قرب منه عادة . هذا فيما إذا لم يجد الماء ، أمّا إذا وجد الماء عند غيره أو نسيه في رحله فهل يجب عليه شراؤه أو قبول هبته ؟

الشّراء :

17 - يجب على واجد الماء عند غيره أن يشتريه إذا وجده بثمن المثل أو بغبن يسير ، وكان ما عنده من المال فاضلا عن حاجته . فإن لم يجده إلا بغبن فاحش أو لم يكن معه ثمن الماء تيمّم . وزاد المالكيّة والقاضي من الحنابلة أنّه إن لم يكن له مال اشتراه في ذمّته إن كان غنيّا في بلده أو يرجو الوفاء ببيع شيء ، أو اقتضاء دين ، أو نحو ذلك ، وقالوا أيضا بوجوب اقتراض الماء أو ثمنه إذا كان يرجو وفاءه .

الهبة :

18 - ذهب جمهور الفقهاء - الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة - وهو الأصحّ عند الشّافعيّة إلى أنّه لو وهب له ماء أو أعير دلوا وجب عليه القبول ، أمّا لو وهب ثمنه فلا يجب قبوله بالاتّفاق لعظم المنّة .

ب - فقد الماء للمقيم :

19 - إذا فقد المقيم الماء وتيمّم فهل يعيد صلاته أم لا ؟ فيه خلاف بين العلماء : فذهب الجمهور – الحنفيّة والمالكيّة والحنابلة – إلى أنّه لا يعيد ، لأنّ الشّرط هو عدم الماء فأينما تحقّق جاز التّيمّم . ويعيد عند المالكيّة المقصّر في طلب الماء ندبا في الوقت ، وصحّت صلاته إن لم يعد ، كواجد الماء الّذي طلبه طلبا لا يشقّ عليه بقربه بعد صلاته لتقصيره ، أو وجد الماء في رحله بعد طلبه . أمّا خارج الوقت فلا يعيد ، وقد اختلف المالكيّة في تيمّم الصّحيح الحاضر الفاقد للماء لصلاة الجمعة إذا خشي فواتها بطلب الماء ، ففي المشهور من المذهب لا يتيمّم لها فإن فعل لم يجزه ، لأنّ الواجب عليه أن يصلّي الظّهر ، وخلاف المشهور يتيمّم لها ولا يدعها وهو أظهر مدركا من المشهور .

أمّا إذا كان فرض التّيمّم لعدم الماء بالمرّة فيصلّيها بالتّيمّم ولا يدعها ، ويصلّي الظّهر وهو ظاهر نقل الحطّاب عن ابن يونس ، ولا خلاف في هذا عند المالكيّة .

وكذا عند المالكيّة لا يتيمّم الحاضر الصّحيح الفاقد للماء لجنازة إلّا إذا تعيّنت عليه بأن لم يوجد غيره من متوضّئ أو مريض أو مسافر . ولا يتيمّم لنفل استقلالا ، ولا وترا إلا تبعا لفرض بشرط أن يتّصل النّفل بالفرض حقيقة أو حكما ، فلا يضرّ الفصل اليسير .

وعند الشّافعيّة قال النّوويّ في المجموع :مذهبنا أنّه لا يجوز لعادم الماء التّيمّم إلا بعد طلبه. ثمّ قال : وهذا هو مذهب العراقيّين وبعض الخراسانيّين .

وقال جماعات من الخراسانيّين : إن تحقّق عدم الماء حواليه لم يلزمه الطّلب ، وبهذا قطع إمام الحرمين والغزاليّ وغيرهما إذ اختاره الرّويانيّ ، ومنهم من ذكر فيه وجهين : قال الرّافعيّ : أصحّ الوجهين في هذه الصّورة أنّه لا يجب الطّلب .

وقال الخطيب الشّربينيّ : إن تيقّن المسافر أو المقيم فقد الماء تيمّم بلا طلب ، لأنّ طلب ما علم عدمه عبث ، وقيل : لا بدّ من الطّلب لأنّه لا يقال لمن لم يطلب لم يجد .

ثمّ قال : وإن توهّمه أي جوّزه تجوّزا راجحا وهو الظّنّ ، أو مرجوحا وهو الوهم ، أو مستويا وهو الشّكّ ، طلبه بعد دخول الوقت وجوبا ، لأنّ التّيمّم طهارة ضرورة ، ولا ضرورة مع الإمكان . ومثل ذلك قاله القليوبيّ وغيره من متأخّري الشّافعيّة .

نسيان الماء :

20 - لو نسي الماء في رحله وتيمّم وصلّى فإن تذكّره قطع صلاته وأعادها إجماعا ، أمّا إذا أتمّ صلاته ثمّ تذكّر الماء فإنّه يقضي صلاته عند الشّافعيّة في الأظهر ، والحنابلة سواء في الوقت أو خارجه . وذهب المالكيّة إلى أنّه إذا تذكّر في الوقت أعاد صلاته ، أو خارج الوقت فلا يقضي . وسبب القضاء تقصيره في الوقوف على الماء الموجود عنده ، فكان كما لو ترك ستر العورة وصلّى عريانا ، وكان في رحله ثوب نسيه .

وذهب الحنفيّة إلى أنّه لا يقضي لأنّ العجز عن استعمال الماء قد تحقّق بسبب الجهالة والنّسيان ، فيجوز التّيمّم كما لو حصل العجز بسبب البعد أو المرض أو عدم الدّلو والرّشاء. وذهب أبو يوسف من الحنفيّة إلى أنّه يعيد إذا كان هو الواضع للماء في الرّحل أو غيره بعلمه سواء كان بأمره أو بغير أمره ، أمّا لو كان الواضع للماء غيره وبلا علمه فلا إعادة اتّفاقا عندهم . وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه إذا أضلّ رحله في رحال وطلبه بإمعان فلم يجده فلا إعادة عليه فإن لم يمعن في الطّلب قضى لتقصيره .

ثانياً : عدم القدرة على استعمال الماء :

21 - يجب على من وجد الماء أن يستعمله في عبادة وجبت عليه لا تصحّ إلّا بالطّهارة ، ولا يجوز العدول عن ذلك إلى التّيمّم إلّا إذا عدمت قدرته على استعمال الماء ، ويتحقّق ذلك بالمرض ، أو خوف المرض من البرد ونحوه ، أو العجز عن استعماله .

أ - المرض :

اتّفق الفقهاء على جواز التّيمّم للمريض إذا تيقّن التّلف ، وكذلك عند الأكثرين إذا خاف من استعمال الماء للوضوء أو الغسل على نفسه ، أو عضوه هلاكه ، أو زيادة مرضه ، أو تأخّر برئه ، ويعرف ذلك بالعادة أو بإخبار طبيب حاذق مسلم عدل ، واكتفى بعض الحنفيّة بأن يكون مستورا أي غير ظاهر الفسق ، وصرّح الشّافعيّة في الأظهر - والحنابلة زيادة على ما تقدّم - خوف حدوث الشّين الفاحش .

وقيّده الشّافعيّة بما يكون في عضو ظاهر ، لأنّه يشوّه الخلقة ويدوم ضرره ، والمراد بالظّاهر عند الشّافعيّة ما يبدو عند المهنة غالبا كالوجه واليدين .

وذهب الحنفيّة والحنابلة إلى أنّ المريض الّذي لا يقدر على الحركة ولا يجد من يستعين به يتيمّم كعادم الماء ولا يعيد .

وقال الحنفيّة : فإن وجد من يوضّئه ولو بأجر المثل وعنده مال لا يتيمّم في ظاهر المذهب .

ب - خوف المرض من البرد ونحوه :

22 - ذهب جمهور الفقهاء إلى جواز التّيمّم في السّفر والحضر - خلافا لأبي يوسف ومحمّد في الحضر - لمن خاف من استعمال الماء في شدّة البرد هلاكا ، أو حدوث مرض ، أو زيادته ، أو بطء برء إذا لم يجد ما يسخّن به الماء ، أو لم يجد أجرة الحمّام ، أو ما يدفئه ، سواء في الحدث الأكبر أو الأصغر ، لإقرار النّبيّ صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه على تيمّمه خوف البرد وصلاته بالنّاس إماما ولم يأمره بالإعادة . وذهب الحنفيّة إلى أنّ جواز التّيمّم للبرد خاصّ بالجنب ، لأنّ المحدث لا يجوز له التّيمّم للبرد في الصّحيح خلافا لبعض المشايخ إلّا إذا تحقّق الضّرر من الوضوء فيجوز التّيمّم حينئذ .وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ المتيمّم للبرد - على الخلاف السّابق - لا يعيد صلاته. وذهب الشّافعيّة إلى أنّه يعيد صلاته في الأظهر إن كان مسافرا ، والثّاني : لا يعيد لحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه ، أمّا إذا تيمّم المقيم للبرد فالمشهور كما قال الرّافعيّ القطع بوجوب الإعادة ، وقال النّوويّ : إنّ جمهور الشّافعيّة قطعوا به .

ج - العجز عن استعمال الماء :

23 - يتيمّم العاجز الّذي لا قدرة له على استعمال الماء ولا يعيد كالمكره ، والمحبوس ، والمربوط بقرب الماء ، والخائف من حيوان ، أو إنسان في السّفر والحضر ، لأنّه عادم للماء حكما ، وقد قال رسول اللّه صلى الله عليه وسلم : « إنّ الصّعيد الطّيّب طهور المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين فإذا وجد الماء فليمسّه بشرته فإنّ ذلك خير » .

واستثنى الحنفيّة ممّا تقدّم المكره على ترك الوضوء فإنّه يتيمّم ويعيد صلاته .

د - الحاجة إلى الماء :

24 - يتيمّم ولا يعيد من اعتقد أو ظنّ أنّه يحتاج الماء الّذي معه ولو في المستقبل ، لنحو عطش إنسان معصوم الدّم ، أو حيوان محترم شرعا - ولو كلب صيد أو حراسة - عطشا مؤدّيا إلى الهلاك أو شدّة الأذى ، وذلك صونا للرّوح عن التّلف ، بخلاف الحربيّ ، والمرتدّ ، والكلب غير المأذون فيه ، فإنّه لا يتيمّم بل يتوضّأ بالماء الّذي معه لعدم حرمة هؤلاء . وسواء أكانت الحاجة للماء للشّرب ، أم العجن ، أم الطّبخ . ومن قبيل الاحتياج للماء إزالة النّجاسة غير المعفوّ عنها به ، سواء أكانت على البدن أم الثّوب ، وخصّها الشّافعيّة بالبدن ، فإن كانت على الثّوب توضّأ بالماء وصلّى عريانا إن لم يجد ساترا ولا إعادة عليه .
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس