عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-2009
  #1
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 19
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



الاحبة الكرام حفظكم الباري

هذا الموضوع( ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة )للاخ في الله الحسين اشبوكي
وقد وجدت فيه روحا طيبة فنقلته لكم واخذت اذنه بنشره فسمح لي بذلك مشكورا


ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

--------------------------------------------------------------------------------

تمهيد:

الحمد لله الذي جعل نبيه الكريم نور الوحي والرسالة، فكان أول من أصابه من نوره عز وجل العظيم ليخرج الناس من الضلالة، وصلى وأمر الملائكة بالصلاة عليه فنفذوا الأمر دون ملالة، وأمر المؤمنين بذلك في كتابه العزيز فكان لهم في ذلك وللناس أجمعين أعظم دلالة.

فاللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله الذي أخرجته للناس من أطهر سلالة، ومكنت ذريته من الظهور والانتشار، رغم أنوف أصحاب النذالة، فكانوا نبراسا منيرا لأجيال الأمة أصحاب مهابة وجلالة.

أما بعد،
فإن عنوان هذا المشروع لم يكن إلا أملا من أمالي الجسام، لأصل إلى أكثر من ألف دلالة في موضوع الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وليتني في هذا الجهد المتواضع وصلت إلى جمع مائة دلالة، ذلك لأن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محور عظيم وأصل جسيم يضم مواضيع عديدة ومتنوعة، فالتأمل في قضاياها والتمعن في مسائلها والتدبر في تفاصيلها سيثمر العديد من الدلالات التي تنير لنا طريق المتابعة النبوية أكثر فأكثر.

وقد استعنت في جمع هذه الدلالات بكتب نفيسة في الموضوع، كمطالع المسرات بشرح دلائل الخيرات للإمام محمد المهدي الفاسي رحمه الله، والقول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع للحافظ السخاوي رحمه الله، وجلاء الأفهام في الصلاة على خير الأنام للإمام ابن القيم رحمه الله.. .

والله أسأل أن ينفع به، ويكون استمرارية لغيره من الكتب التي ألفت في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولبنة جديدة في سياق تنوير الأمة بفضائل سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام وخصائصه.


(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)

بين يدي الآية الكريمة:

هذه الآية الكريمة من أعظم الآيات القرآنية التي شرف الله بها رسوله عليه الصلاة والسلام حياته وكذلك موته، ذلك لأن بعثة الحبيب المصطفى لم تكن لأهل وقته وزمانه فحسب بل هي خالدة إلى يوم القيامة، كما أن التبشير به كان على لسان كل الأنبياء والرسل الذين سبقوه من جهة الزمن وسبقهم هو في سائر الفضائل والمزايا والخصائص وخصوصا من جهة ختمه لكل الرسالات السماوية.

وهذا التشريف المحمدي بقوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي) أعظم وأجمع من تشريف سيدنا آدم عليه السلام بأمر الملائكة له بالسجود، لأنه لا يجوز أن يكون الله مع الملائكة وباقي أهل العالمين العلوي والسفلي في ذلك التشريف الآدمي.

فالتشريف المحمدي نص في الفعل الإلهي ثم الفعل الملائكي التابع للأمر الإلهي، أما التشريف الآدمي فهو نص في الأمر الإلهي للملائكة فقط.

وكذا يقال في المقارنة بين هذا التشريف بالصلاة الإلهية على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبين سائر ما خص الله أنبياءه ورسله من فضائل وخصائص.

يكفي في الإشارة إلى ذلك ما أخذه الله من عهد وميثاق على الأنبياء جميعا أن يؤمنوا بسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم خاتما للنبوة وأن يتبعوه إن أدرك أحدهم زمانه.

قال سيدنا علي كرم الله وجهه: لم يبعث الله نبيا من آدم فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في ـ سيدنا ـ محمد صلى الله عليه وآله وسلم لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، ويأخذن العهد بذلك على قومه هـ.

ولا شك أن المرحلة التي عرفتها البشرية منذ ولادة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى غاية وفاته كانت مرحلة استثنائية إذ حل بين الناس من عظمه الله وزكاه وجعله خليلا له وحبيبا واختاره خاتما للرسل وخصه بآخر الكتب الإلهية القرآن الكريم.

ولجلال هذه الحياة المحمدية ورفعتها أقسم الله تعالى بمدة حياة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقال سبحانه: (لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون)، وهذه من نهايات التعظيم ومنتهى غايات البر والتشريف.

قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: ما خلق الله تعالى وما ذرأ وما برأ نفسا أكرم عليه من ـ سيدنا ـ محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وما سمعت الله تعالى أقسم بحياة أحد غيره هـ.

ومن ثم كانت وفاة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم بداية العد العكسي لوجود الحياة على ظهر هذه الأرض وعلامة من علامات قرب الساعة وفناء العالم.

فما المئات الأربعة عشر التي هي مدة الأمة المحمدية إلى اليوم إلا أمارة على دنو يوم الدين.

ففي صحيح البخاري عن عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَهُوَ فِي قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ: اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَيْ السَّاعَةِ مَوْتِي ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ثُمَّ مُوْتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ثُمَّ فِتْنَةٌ لا يَبْقَى بَيْتٌ مِنْ الْعَرَبِ إِلَّا دَخَلَتْهُ ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا.

ولذلك جاءت الآية الكريمة لتؤكد بطريق غير مباشر أن موت الرسول الإنسان لا يعني موت الرسالة، بل لا يعني حتى موت الرسول الحبيب والخليل، ما دام الله سبحانه وتعالى يصلي عليه هو وملائكته في كل وقت وحين.

فعَنْ أَوْسِ بْنِ أَوْسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ:
إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِيهِ خُلِقَ آدَمُ وَفِيهِ قُبِضَ وَفِيهِ النَّفْخَةُ وَفِيهِ الصَّعْقَةُ فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ.
قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ تُعْرَضُ صَلَاتُنَا عَلَيْكَ وَقَدْ أَرِمْتَ؟ يَقُولُونَ: بَلِيتَ. فَقَالَ:
إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ حَرَّمَ عَلَى الْأَرْضِ أَجْسَادَ الْأَنْبِيَاءِ.
وفي رواية:
لا تأكل الأرض جسد من كلمه روح القدس.

وفي حديث آخر:
صلوا علي وسلموا حيثما كنتم فسيبلغني سلامكم وصلاتكم.

وفي حديث آخر:
إن لله في الأرض ملائكة سياحين يبلغوني من أمتي السلام.

وعن بكر بن عبد الله المزني: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
حياتي خير لكم تحدثون ويحدث لكم فإذا أنا مت كانت وفاتي خيرا لكم تعرض علي أعمالكم فإن رأيت خيرا حمدت الله وإن رأيت غير ذلك استغفرت الله لكم.

فبقدر ما كانت حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رحمة مهداة للعالمين جميعا، بقدر ما كانت وفاته أيضا رحمة بأمته.

فعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
إذا أراد الله رحمة بأمة قبض نبيها قبلها فجعله لها فرطا وسلفا.

ولا شك أن جلسات الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ترسخ في نفوسنا هذه المرجعية بكل ما لها من حقوق على الأمة، فسلفنا الأول المقدم هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

هذا من جهة الزمان، أما من جهة المكان فقد كان حلول سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم على وجه هذه البسيطة وتحديدا في البلد الأمين حدثا عظيما. ولهذا أقسم الله عز وجل فقال: (لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد).

كما أن حلول جسده الطاهر في مضجعه وقبره الشريف بالمدينة المنورة جعل هذه البقعة الطاهرة مركزا لكل الأنوار الظاهرة في أمته من بعده صلى الله عليه وآله وسلم.

ومن ثم أعلن سبحانه إعلاءا لمقام سيدنا محمد أن العذاب مرفوع عن مكة المكرمة جمعاء ما دام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حي بين ظهراني قومه: (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم)، فلما خرج صلى الله عليه وآله وسلم مهاجرا من مكة إلى المدينة وبقي بمكة من بقي من المؤمنين، أعلن سبحانه أن العذاب سيبقى مرفوعا عن مكة ما دام فيها من يستغفر الله من أمة سيدنا محمد وصحابته: (وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون).

ومن ثم كانت الآية الكريمة الآمرة بالصلاة على رسول الله واضحة في بيان منزلة سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من الله عز وجل. وهي، أي هذه المنزلة، من وسع عظمتها وعلو رفعتها لا يعرفها على الحقيقة إلا الله سبحانه.

يكفي في الدلالة على ذلك أن الله قد أمر فيها أهل العالم السفلي بالصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم ليجتمع الثناء عليه من أهل العالمين العلوي والسفلي جميعا.

بل أين صلاة العالم السفلي من صلاة العالم العلوي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إن أحصينا أعداد الملائكة التي هي ملائكة الله، إذ منهم الملائكة المقربين، وحملة العرش، وسكان سبع سموات، وخزنة الجنة والنار، وملائكة الرحمة وملائكة العذاب، والحفظة على الأعمال، والحفظة على بني آدم، والموكلين بالبحار والجبال والسحاب والأمطار والأرحام والنطف والتصوير، ونفخ الأرواح في الأجساد، وخلق النبات، وتصريف الرياح، وجري الأفلاك والنجوم، وكتابة الناس يوم الجمعة، والتأمين على قراءة المصلين، والتأمين على قول: ربنا ولك الحمد، والداعين لمنتظر الصلاة، والسياحين في الأرض المتتبعين لمجالس الذكر، والمكلفين بإبلاغ صلاتنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفي هؤلاء وغيرهم ملائكة الليل وملائكة النهار، إلى آخر لائحة أصناف الملائكة.

ولهذا امتن الله سبحانه على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فخاطبه عز وجل وقال:
(ألم نشرح لك صدرك ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ورفعنا لك ذكرك).

قال قتادة رحمه الله: رفع الله ذكره في الدنيا والآخرة فليس خطيب ولا متشهد ولا صاحب صلاة إلا يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله هـ.

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:
أتاني جبريل عليه السلام فقال: إني ربي وربك يقول: تدري كيف رفعت ذكرك؟ قلت: الله ورسوله أعلم، قال: إذا ذكرت ذكرت معي.

ومن ذكره سبحانه أن قرن طاعته صلى الله عليه وآله وسلم بطاعته: (من يطع الرسول فقد أطاع الله)، ومبايعته بمبايعته: (إن الذين يبابعونك إنما يبايعون الله). والرجوع إليه بالرجوع إليه سبحانه: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول)، والإيمان به بالإيمان به عز وجل: (فآمنوا بالله ورسوله)، وعصيانه بعصيانه تعالى: (ومن يعص الله ورسوله..).

فإن كانت ملائكة الله عز وجل ترابط منتشرة في كل ذرات هذا الكون بل وفي الوجود بأسره فكيف لنا أن نعي كنه وحقيقة هذه المنزلة المحمدية والله سبحانه ما فتئ يصلي عليه هو وملائكته يوما بعد يوم وساعة بعد ساعة ودقيقة بعد دقيقة وثانية بعد ثانية إلى ما لا حصر له ولا عد؟!

وهو ما أشار إليه فعل المضارع من قوله تعالى: (إن الله وملائكته يصلون على النبي)..

قال الحافظ السخاوي رحمه الله: والآية بصيغة المضارعة الدالة على الدوام والاستمرار، لتدل على أنه سبحانه وتعالى وجميع الملائكة يصلون على نبينا صلى الله عليه وآله وسلم دائما أبدا. وغاية مطلوب الأولين والآخرين صلاة واحدة من الله تعالى، وأنى لهم بذلك؟! هـ .

وقال: بل لو قيل للعاقل: أيما أحب إليك: أن تكون أعمال جميع الخلائق في صحيفتك أم صلاة من الله تعالى عليك؟ لما اختار غير الصلاة من الله تعالى، فما ظنك بمن يصلي عليه ربنا سبحانه وتعالى وجميع ملائكته على الدوام والاستمرار هـ.

قال الشيخ محمد عوامة حفظه الله في التعليق على هذا القول: وكأن ذلك لأن الأعمال بين القبول والرد ـ يقصد أعمالنا ـ، أما الصلاة من الله تعالى فلا هـ.

ولهذا قرر تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم في كتابه العزيز أن أجره دائم وثوابه لا ينقطع بل ولا يأخذه عد ولا من فقال له سبحانه: (وإن لك لأجرا غير ممنون).

فالتحقيق في زمن نزول الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهل كان في ليلة الإسراء أو في السنة الثانية من الهجرة كما اختلف في ذلك المحدثون لا يلتفت إليه أمام حقيقة الصلاة الإلهية الدائمة المستمرة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي توحي بأنها كانت ولازالت صلاة أزلية أبدية.

ولهذا انعقد الإجماع على أن في هذه الآية من تعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والتنويه به ما ليس في غيرها.

ولهذا تأول بعض العلماء قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
وجعلت قرة عيني في الصلاة.
أي في صلاة الله عليه صلى الله عليه وآله وسلم وملائكته وأمره الأمة بذلك إلى يوم القيامة. فافتخر صلى الله عليه وآله وسلم بصلاة الله عز وجل وصلاة ملائكته.

ومن كرامات هذه الآية الكريمة ما ذكره ابن أبي الدنيا عن ابن أبي فديك: سمعت بعض من أدركت يقول: بلغنا أنه من وقف عند قبر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فتلا هذه الآية: (إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، ثم قال: صلى الله عليك يا سيدنا محمد، حتى يقولها سبعين مرة، ناداه ملك: صلى الله عليك، يا فلان لم تسقط لك حاجة هـ.

يتبع..
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس