عرض مشاركة واحدة
قديم 03-09-2009
  #9
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 19
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي رد: ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

فمن ناحية التدريس فنوعية مجالس شيخنا ثلاثة:

1 - مجلس الإقراء لأصول الحديث : يقوم فيها بسرد وقراءة الكتب الحديثية المشهورة كالكتب التسعة واقفا عند كل حديث ليستنبط منه فوائد فقهية وعلمية وأصولية، وإذا كان في السند من تكلم فيه أشار إليه مع بيان درجة الحديث من جهة الصحة والضعف والقبول والرد.

وكثيرا ما يقف عند غريب الألفاظ ودقيق المعاني النبوية وجوامع كلمه صلى الله عليه وآله وسلم مع التنبيه على الناسخ والمنسوخ والخاص والعام والمطلق والمقيد .

وفي بعض الأحيان يتوقف عند شخصية عظيمة من رجال السند ليذكر مناقبه وسيرة حياته وبعضا من قصصه وحكاياته.

وقد ختم شيخنا بفضل هذا النوع من المجالس جل الكتب الحديثية: الصحيحين والسنن الأربعة وسنن الدارمي ومسند الإمام أحمد وموطأ الإمام مالك وسنن البيهقي..

2 – مجلس مدارسة للعلوم الدينية المختلفة: يجلس فيها الشيخ حفظه ليستمع إلى أحد طلبته يقرأ من كتاب له أو لأحد العلماء البارزين في أحد العلوم الشرعية، وكلما انتهى الطالب من قراءة فقرة من فقرات الكتاب يقوم شيخنا بشرح ما سمعه الحاضرون بأسلوب بسيط وبعبارات ميسرة مع تنبيهه للأخطاء العلمية أو التي وقع فيها مؤلف الكتاب سواء كانت أخطاء في تأدية المعنى والتعبير أو في ترجيح الأراء وإقامة الأدلة.. .

وقد ختم شيخنا بفضل هذا النوع من المجالس العديد من الكتب نذكر منها:

- تفسير الجلالين وتفسير ابن كثيرة وصفوة التفاسير وتفسير الخازن وتفسير ابن عجيبة والإتقان في علوم القرآن ومناهل العرفان في علوم القرآن..
- عمدة الأحكام وسبل السلام ونيل الأوطار وبداية المجتهد ونهاية المقتصد والشمائل المحمدية والأربعين النووية والمرشد المعين ورسالة ابن أبي زيد ونور اليقين وفقه السيرة للبوطي والخصائص النبوية والشفا وزاد المعاد والأدب المفرد..
- ألفية العراقي ونخبة الفكر وتدريب الراوي ومقدمة ابن الصلاح والباعث الحثيث..
- ألفية ابن مالك ومقدمة ابن آجروم..
- الورقات ومفتاح الوصول وأصول الفقه لخلاف ولشعبان..

ويتتبع الطلبة في كلا المجلسين كلام الشيخ كاتبين جل تحقيقاته حفظه الله على هوامش نسخهم من الكتب المدروسة.

وهكذا يكون مع الطالب بعد دراسة مؤلف من المؤلفات المراجع في السنة المحمدية أو فقهها، فهم مضمون الكتاب المدروس وبيان تام لجل الإخفاقات التي أغفلها صاحبه ومختلف التعليقات والتحقيقات التليدية النفيسة في علم من علوم ديننا الحنيف.

3 – والمجلس الثالث عفوي، يأتي غالبا دبر الصلوات الخمس وخاصة بعد صلاة العصر، يستمع فيه الطلبة لفائدة فقهية جليلة أو قصة غريبة أو موعظة مؤثرة، وكثيرا ما يأتي ذلك عقب سؤال يطرحه أحد الطلبة على شيخنا حفظه الله ليجيب عنه بما يفتح الله عليه من مواهب ومعارف.

أما من ناحية الكتابة فمجرد مراجعة عناوين كتبه الذي عمت الآفاق الإسلامية وبلغ صيتها دول الغرب وخصوصا الأندلس السليب، ستعطينا صورة واضحة لمعالم مشروعه المشرق في تعظيم النبي الكريم وإعلاء مقامه بين الدارسين والقارئين والمثقفين.

فقد اعتنى شيخنا بحديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عناية متنوعة:

أولا، حرص على وضع القارئ العربي أمام شخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعيدا عما التصق بها من مقتضيات الأحاديث الموضوعة والباطلة، وبالاقتصار على صحيح الأحاديث وحسنها، فقام بتهذيب كل من كتاب: الخصائص النبوية للسيوطي، وكتاب: الشفا للقاضي عياض.

ثانيا، عمد شيخنا إلى الاعتناء بكتاب جامع في سنن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، واختار منذ تتلمذه على سيدي عبد العزيز بن الصديق رحمهما الله أن يتخصص في جامع الإمام الترمذي رحمه الله، فهذبه وخرج أحاديثه وتكلم على أسانيده تصحيحا وتحسينا وتضعيفا.

ثالثا، قرر شيخنا تقريب السنة المحمدية إلى القارئ العربي على اعتبارها هي المفسرة الأولى للقرآن الكريم فقام بتأليف كتاب نفيس في التفسير سماه: الجواهر واللآلئ المصنوعة في تفسير القرآن العظيم بالأحاديث الصحيحة المرفوعة.

رابعا، قرر شيخنا أيضا تقريب فقه السنة المحمدية إلى القارئ العربي في مجال العبادات فألف كتابا رائعا سماه: إتمام المنة بشرح منهاج الجنة في فقه السنة.

خامسا، سهر شيخنا على توطيد علاقة الطالب للعلوم الشرعية بالحديث النبوي فألف كتابا ممتعا في ألفي حديث صحيح وقصير مع الشرح والتخريج سماه: جواهر البحار في الأحاديث الصحيحة القصار.

سادسا، بذل شيخنا قصارى جهده في سبيل إعلاء الحديث النبوي الصحيح فألف جامعا خاصا به في السنن النبوية سماه: بداية الوصول بلب صحيح الأمهات والأصول، في اثني عشر مجلد.

إلى غير ذلك من المؤلفات القيمة التي يدور محورها حول تعظيم النبي الكريم وإعلاء مقامه في عقول المسلمين ومشاعرهم وفي علاقاتهم فيما بينهم.

وقد كان شيخنا حفظه منذ أن بدأ مشروعه في تعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أي منذ سنة 1947 وهو لا يفارق كتاب دلائل الخيرات في حله أو ترحاله، بل قد أقام منذ زمن بعيد مجلسا أسبوعيا لقراءة أجزاء من دلائل الخيرات مع مريديه وطلبته في زاويته ومدرسته بمرشان.

وما زال هذا المجلس يعقد إلى يومنا هذا سواء في حضوره أو غيابه محطة تربوية مهمة استفدت منها شخصيا الكثير من معاني المحبة والوقار والمتابعة للجناب النبوي المكرم.

يقول شيخنا عن نعم الله عليه في كتابه ذكريات من حياتي:

ومنها أن الله تعالى ألهمه وهو لا يزال يطلب العلم لقيام الليل والإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى شغف بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم وصار في ذلك الوقت كلما صلى عليه صلى الله عليه وآله وسلم تهاطلت دموعه شوقا إلى الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم، وكان ذلك من الأسباب التي جعلته يدعو الله تعالى أن ييسر له الحج وزيارة البلاد المقدسة هـ.

قلت: بل كان من ثمرات حبه حفظه الله للنبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم أن جاءته بشارة من رسول الله ووعد نبوي، عن طريق أحد المشايخ الربانيين المقيمين بالحجاز، بتيسير زيارته للحج أو العمرة في كل سنة.
قال شيخنا في كتابه نصب الموائد الجزء الثاني:

لقد عشنا تحت الاستعمار ثلاثين سنة كاملة عندنا بشمال المغرب من الطفولة إلى وسط الشباب وشاهدنا أيامه وذقنا من المحن ورأينا من المناكير والويلات ما هو معروف في كل الأقطار التي استعمرت من طرف العدو الكافر، وعندما استقلت بلادنا وذلك عام 1376 هجرية وانتقل العدو بجيوشه وحكامه كنا نتوقع ونأمل أن تنقلب الأوضاع من تلك المخازي التي عشناها مع الاستعمار إلى مجتمع إسلامي طاهر نظيف يحكمه المسلمون ويطبق فيه شرع الله العزيز كما كان يعدنا به الزعماء الثرثارون المتفرنجون لكن خابت ظنوننا وطبق علينا ما لم نكن نعهده أيام الاستعمار حتى ضاقت بنا الأرض بما رحبت وفكرنا في المخرج ومفارقة هذه البلاد الظالم أهلها فلم نجد ملجأ نلتجئ إليه ولا بلدا إسلاميا نظيفا نقيم فيه ولم نر أمامنا إلا بلادنا المقدسة التي هي وطن كل مسلم مكة والمدينة التي تكفل الله عز وجل بحفظهما من قذر الاستعمار الكافر ولما شاهدنا فيها من الخير وظهور الدين ونظافتها في الجملة من المظاهر القذرة البغيضة التي نشاهدها ونعايشها في بلادنا، ولما كانت سنة 1387 هجرية وقد مر على الاستقلال قرابة من اثني عشر عاما عزمت على الهجرة إليها بزوجتي وطفلي الصغيرين آنذاك فشرعت في بيع مكتبتي والاستعداد للسفر واخترت أن تكون الإقامة بالمدينة المنورة مجاورة لحبيب الله صلى الله عليه وآله وسلم .
فسافرت أيام الحج لأبحث عن اللوازم المطلوبة لدى الحكومة السعودية لمن يرغب في الإقامة هناك، ولما زرت المدينة علمت بأن بها رجلا صالحا جزائريا مهاجرا بها من زمان فزرته في بيته واستشرته في الموضوع وأتذكر أنه لم يوافق.
ومن الغد رجعت إليه فأخبرني بأنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الليلة في المنام وأمره أن يبلغني بأنه لا إذن لي في الهجرة وأن الواجب علي أن ألزم بلادي لينتفع بي الناس، ولي الإذن في الزيارة كل سنة هـ.

قلت: وللقارئ أن يتأمل في أمر العزم على مجاورة النبي الكريم كنتيجة طبيعية للمحبة المتفانية في الجناب النبوي من طرف شيخنا حفظه الله.

ولا شك أن الصلاة على رسول الله تقرب المسافات بينك وبين حبيب الرحمن مهما بعدت وتعسرت سبلها أو ضاقت مسالكها.

ثم قال شيخنا حفظه الله:

وزاد هذا تأكيدا أني رأيت مرة كأن رجلا صالحا يقول لي: إنك بنور رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تحج كل سنة وتفعل كذا وكذا لأشياء حسنة لم أتذكرها هـ.

يتبع..
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس