عرض مشاركة واحدة
قديم 10-15-2012
  #4
عبدالرزاق
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبدالرزاق
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 329
معدل تقييم المستوى: 14
عبدالرزاق is on a distinguished road
افتراضي رد: اتباع المتشابه بين القدرية والحلولية والجهوية


المبحث الثالث:بدعة الجهوية :
وهم القائلون بحلول الله تعالى في جهة من مخلوقاته وحدّدوها بأنها جهة فوق.
وقد أسس هذا الفهم عبدالله بن كرّام رأس الفرقة الكرامية،وتجد الكلام عنهم مبسوطاً في كتاب الملل والنحل للإمام الشهرستاني وكتاب الفرق بين الفرق للإمام البغدادي وكذا كتاب التبصير في الدين للاسفراييني رحمهم الله جميعاً.ثم تأثر بها آحاد من الناس بعد الكرّامية إلى يومنا هذا فكانت تشيع أقوالهم في بعض العصور ثم يجّلي العلماء شبههم ويفندوها فتندحر بإذن الله تعالى.
وقد استدلوا على ماذهبوا إليه بفهمهم لظاهر بعض النصوص المتشابهة:
فمنها قوله تعالى ((الرحمن على العرش استوى )) قالوا والعرش فوق السموات والاستواء معناه استقرار الله تعالى واعتلاءه فوق هذا العرش الذي خلقه علو حقيقي؛أي علو حسي .
بل قال بعضهم :إن الله جالس في هذا العرش جلوساً يليق به .!سبحانه وتعالى عما يقولون ،وقال بعضهم أنه له حدود تحده سبحانه وتعالى .
واستدلوا أيضاً بقوله تعالى ((سبح اسم ربك الأعلى )) قالوا هو علو حسي حقيقي في الجهة .وقوله تعالى (( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه )) وقوله تعالى ((تعرج الملائكة والروح إليه )) فدل أن الملائكة يعرجون حتى يصلون إلى جهةيوجد الله فيها ،لأن حرف إلى يفيد ابتداء من شيء وهو مكان تواجد الملائكة وانتهاءإلى غاية وهو جهة يكون الله فيها سبحانه وتعالى عما يقولون.
وقوله تعالى)) أم أمنتم من في السماء)) قالوا فالله تعالى يوجد في السماء ،وفي تأتي بمعنى على،فهو على السماء.
وقوله تعالى (( بل رفعه الله إليه )) قالوا فالله تعالى رفع عيسى عليه السلام إليه فدل على أن الله في جهة معيّنة فرفع عيسى إليه.
وأيضاً تمسكوا بالأدلة التي فيها النزول ومنه قول النبي صلى الله عليهوسلم ((ينزل ربنا إلى السماء الدنيا ثلث الليل الأخر فيقول هل من مستغفر فأغفر له..))فدل أنه نزل من مكان إلى مكان أخر وهو السماء الدنيا وفهموا أنه نزول حسي بانتقال حتى أنهم اختلفوا بينهم هل يخلو منه العرش إذا نزل أم لايخلوا!!فبفهمهم وعقولهم أدخلوه جل جلاله في عرشه المخلوق ثم اختلفوا في خلو ذلك المخلوق منه سبحانه وتعالى عما يقولون.!


فكان جواب أهل السنة على هذا الفهم للأدلة بالأجوبة التالية:
أولاً: استحالة حلول الله تعالى في مخلوقاته لأنه نقص ينزه الله تعالى عنه .وهذا أمر مقطوع به.
ثانياً: أن هذا النصوص من المتشابه ولا يجوز الأخذ بالمتشابه في تقرير العقائد القطعية ،وقد تقررقطعاً أن الله تعالى منزه عن كل نقص ،وأن الله تعالى له الكمال المطلق ،وأنه لا يشبهه شيء من مخلوقاته كما قال تعالى ((ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) وقال تعالى ((هل تعلم له سميا) أي يساميه في ذاته وصفاته وقال تعالى ((ولم يكن له كفوا أحد))
وإذاقيل بحلول الله تعالى في جهة فهذا يعني أنه محدود ،والمحدود جسم بلا ريب وهو يؤدي إلى أن الخالق سبحانه وتعالى يشبه مخلوقاته وأن له أبعاد محدودة وأن العرش المخلوق يحد الله تعالى وقد قرر ذلك بعضهم فقال الشيخ تقي الدين بن تيميةغفر الله له في تقريره لكون الله محدود سبحانه وتعالى :فقال حاكياً عن القاضي أبي يعلى أن الله محدود من جهة ثم قرر هو أن الله محدود من جميع الجهات فقال مانصه:ثم قال (أي القاضي)ويجب أن يحمل اختلاف كلام أحمد في إثبات الحد على اختلاف حالتين فالموضع الذي قال إنه على العرش بحد معناه أن ما حاذى العرش من ذاته هو حد له وجهة له ، والموضع الذي قال هو على العرش بغير حد معناه ما عدى الجهةالمحاذية للعرش وهي الفوق والخلف والأمام واليمنة واليسرة ، وكان الفرق بين جهةالتحت المحاذية للعرش وبين غيرها مما ذكرنا أن جهة التحت تحاذي العرش بما قد ثبت من الدليل ،والعرش محدود فجاز أن يوصف ما حاذاه من الذات أنه حد وجهة ،وليس كذلك فيماعداه لأنه لا يحاذي ما هو محدود بل هو مار في اليمنة واليسرة والفوق والأمام والخلف إلى غير غاية فلذلك لم يوصف واحد من ذلك بالحد والجهة.وجهة العرش تحاذي ماقابله من جهة الذات ولم تحاذ جميع الذات لأنه لا نهاية لها.
قلت (ومازال الكلام لابن تيمية):هذا الذي جمع به بين كلامي أحمد وأثبت الحد والجهة من ناحية العرش والتحت دون الجهات الخمس يخالف ما فسر به كلام أحمد أولاً من التفسير المطابق لصريح ألفاظه حيث قال فقد نفى الحد عنه على الصفة المذكورة وهو الذي يعلمه خلقه والموضع الذي أطلقه محمول على معنيين :أحدهما: يقال على جهة مخصوصة وليس هو ذاهباً في الجهات بل هو خارج العالم متميز عن خلقه ،منفصل عنهم غير داخل في كل الجهات وهذا معنى قول أحمد حدّ لايعلمه إلا هو.
والثاني :أنه على صفة يبين بها عن غيره ويتميز فهو تعالى فرد واحدممتنع عن الاشتراك له في أخص صفاته .قال منعنا من إطلاق القول بالحد في غير موضع من كتابنا ويجب أن يجوز على الوجه الذي ذكرناه فهذا القول الوسط من أقوال القاضي الثلاثة هو المطابق لكلام أحمد وغيره من الأئمة وقد قال إنه تعالى في جهة مخصوصةوليس هو ذاهبا في الجهات بل هو خارج العالم متميز عن خلقه منفصل عنهم غير داخل في كل الجهات وهذا معنى قول أحمد حد لا يعلمه إلا هو ولو كان مراد أحمد رحمه الله الحدمن جهة العرش فقط لكان ذلك معلوماً لعباده فإنهم قد عرفوا أن حده من هذه الجهة هوالعرش ،فعُلم أن الحد الذي لا يعلمونه مطلق لا يختص بجهة العرش.انتهى!!من كتابه نقض أساس التقديس (1/437)
وسأشرح الكلام الذي قاله الشيخ تقي الدين ابن تيمية غفر الله له:فالقاضي كما يقول ابن تيمية يرى أن الله محدود من جهةواحدة وهي التحت حيث أن العرش يحد الله من هذه الجهة.!واما بقية الجهات وهي خمسةجهات وهي الفوق والخلف والأمام واليمنة واليسرة فهذه غير محدودة.!
فالقاضي كمايحكي الإمام ابن تيمية أصدر حكماً يثبت فيه الحد من جهة التحت وحكماً أخر ينفي فيه بقية الحدود من اليمين واليسار والفوق والأمام والخلف!
والشيخ تقي الدين ابن تيمية يؤيد القاضي على وجود الحد من جهة التحت وهذا حدمعلوم لكل أحد كما يقول ابن تيمية!.
لكنه يخالف القاضي في الجهات الأخرى لأن لله حد مطلق معلوم لله وليس للبشر.!! فأثبت أن لله تعالى محدود من الجهات الأخرى أيضاً ،وإن كان لايعلمه إلا الله.فصار الله تعالى عند ابن تيمية محدوداً من جميع الجهات حتى لا يفضي إلى تمدده في جميع الجهات كما عبر عنه بقوله وليس هو ذاهبا في الجهات).!وهذا نقص عظيم ومناقض للنصوص المبيّنة لكون الله تعالى ليس له شبيه ، ولا سمي يساميه في ذاته وصفاته ،ولا كفأ له سبحانه جل شأنه.ولا ند له.ومن قرر أن الله محدود بشيء فقد أقر أن الله سبحانه له أبعاد متناهية سواء كان متناهياً من جهة واحدة فقط كما ينسب الإمام ابن تيمية للقاضي أو من الجهات الست كلها كما قرر ابن تيمية.
مع أن عقيدة أهل السنة أنه ليس بجسم أصلاً حتى يتوهمون أن له تمددات غير متناهية أو له نهايات محدودة .! ،بل لا يقاس بشيء من الموجودات سبحانه وتعالى . وما زاد عن ذلك فهو دخول فيما لا يمكن الخوض فيه .فآمنا بوجوده تعالى ،وأنه وجود يليق به لا يمكن للعقل تصوره ولا قياسه على وجود غيره، ونجزم بأنه ليس له شبيه في ذاته وصفاته فليس بجسم ولا نحوه كما تم بيانه في المقدمة ،ثم نسكت عن الخوض في ذلك ،لأنه خوض فيما لا يجوز الخوض فيه.
ثالثاً:نعلم قطعاً أن الله تعالى موجود قبل خلق هذا العالم وأنه قديم أزلي وأن من أخص خصائصه أنه لايتغير ولا يتبدل ،لأن التغير من أظهر العلامات الدالة على الحدوث ،ثم إن المتغير إما أن يتغير من نقص إلى كمال ،أومن كمال إلى نقص. والنقص لايجوز على الله تعالى قطعاً وحلوله في المخلوقات يدل على أنه يتغير سبحانه وتعالى عن ذلك.
__________________
رفيقك علم الله فلابد ان لا تنسى رفيقك
عبدالرزاق غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس