عرض مشاركة واحدة
قديم 11-19-2009
  #5
شاذلي
محب نشيط
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 342
معدل تقييم المستوى: 16
شاذلي is on a distinguished road
افتراضي رد: من كلام الإمام ابن عطاء الله السكندري

بسم الله الرحمن الرحيم


:قال الإمام العلامة ابن عطاء الله السكندري رضي الله عنه


اعلم يا أخي جعلك الله من أهل حبه، وأتحفك بوجود قربه، وأذاقك من شراب أهل ودّه، وأمّنك بدوام وصله من إعراضه وصدّه، ووصلك بعباده الذين خصّهم بمراسلاته، وأشهدهم سابق تدبيره فيهم، فسلموا إليه القياد، وكشف لهم عن خفي لطفه في صنعه، فخرجوا عن المنازعة والعناد. فهم مستسلمون إليه، ومتوكلون في كل الأمور عليه، علما منهم أنه لا يصل عبدٌ إلى الرضا إلا بالرضا، ولا يبلغ إلى صريح العبودية إلا بالاستسلام إلى القضا..

واعلم أن الحق سبحانه، إذا أراد أن يقوّي عبدا على ما يريد أن يورده عليه من وجود حكمه، ألبسه من أنوار وصفه، وكساه من وجود نعته، فتنزلت الأقدار وقد سبقت إليها الأنوار، فكان بربه لا بنفسه، فقوي لأعبائها، وصبر للأوائها.

وإنما يعينهم على حمل الأقدار، ورود الأنوار.
وإن شئت قلت: وإنما يعينهم على حمل الأحكام، فتح باب الأفهام.
وإن شئت قلت: وإنما يعينهم على حمل البلايا، واردات العطايا.
وإن شئت قلت: وإنما يقويهم على حمل أقداره، شهود حسن اختياره.
وإن شئت قلت: وإنما يصبّرهم على وجود حكمه، علمهم بوجود علمه.
وإن شئت قلت: وإنما صبّرهم على ما جرى، علمهم بأنه يرى.
وإن شئت قلت: وإنما يصبّرهم على أفعاله، ظهوره عليهم بوجود جماله.
وإن شئت قلت: وإنما صبّرهم على القضا، علمهم بأن الصبر يورث الرضا.
وإن شئت قلت: وإنما صبّرهم على الأقدار، كشف الحجب والأسفار.
وإن شئت قلت: وإنما قواهم على حمل أثقال التكليف، ورود أسرار التصريف.
وإن شئت قلت: وإنما صبّرهم على أقداره، علمهم بما أودع فيها من لطفه وإبراره.

فهذه عشرة أسباب توجب صبر العبد وثبوته لأحكام سيده، وقوته عند ورودها. وهو المعطي لكل ذلك بفضله، والمانّ بذلك على ذوي العناية من أهله.

فسبحانه من إله منّ على العباد بالجود قبل الوجود، وقام لهم بأرزاقهم مع كلتا حالتيهم من إقرار وجحود. وأمد كل موجود بوجود عطائه، وحفظ وجوده ووجود العالم بإمداد بقائه، وظهر بحكمته في أرضه، وبقدرته في سمائه.


***************************************
من كتاب التنوير في إسقاط التدبير للإمام ابن عطاء الله السكندري
__________________
عروش الدنيا وممالكها، وبطشها وسلطنتها.. كل ذلك أقلّ من أن يقاوم خفقة من خفقات قلب محبّ!..


ونعيم الدنيا وأفراحها، ولهوها ولذائذها.. كل ذلك أقلّ من أن يخلق لمعةَ فرحٍ في قلب حزين!..
شاذلي غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس