عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #57
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

"وقد أكرم الله الأمة المحمدية فانبعث لها من مشكاة خير ‏البرية ضياء الرحمة للعالمين. قال تعالى:‏‎ { مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ‏وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُم } (1)‏ ‏ ‏.‏


فمنحهم الله الرحمة في قلوبهم، فتواضعوا لإخوانهم، ‏وآثروهم على أنفسهم، وشهدوا في إخوانهم الكمال، وفي ‏أنفسهم النقص... .‏


روي أن رجلاً من الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين ‏‏- أهديت له رأس شاة مشوية، فقال: إن أخي فلان في ‏حاجة إليها، وأنا أقدِّمه على نفسي لأنه أحوج مني ، ‏فأرسلها لأخيه . فلما وصلت إليه قال: إن جاري فلانٌ في حاجة شديدة ‏أكثر مني؛ فأهداها إليه. ‏فقال الآخر: هكذا.... وما زالت تنتقل من رجلِ لآخر ‏إلى سبعة أشخاص حتى عادت إلى الأول الذي بذلها، وقد ‏تبين أنه أحقُّ بها!!!" (2) ‏ ‏.


فانظر إلى مقدار رحمة الأخ بأخيه، كيف يقدم له أعزَّ ما ‏لديه، وهو فرحٌ مسرورٌ لأنه يعلم أنه لا ينال البرَّ حتى ينفق ‏مما يحب (3) ‏.‏


وأعجب من ذلك: أن الصحابة كانوا في غزوة، فوقع فيها ‏قتلى وجرحى، فقام رجالٌ منهم ليدفنوا الموتى، ويسعفوا ‏الجرحى ؛ فوجدوا بين القتلى رجلاً جريحاً في آخر حياته، ‏يجود بروحه، يحتاج إلى شربة ماء يدفع بها ألم التوجُّع، ‏فأعطوه قليلاً من الماء، فسمع أخاً بجواره يقول: اسقوني . ‏فقال: أسعفوا أخي فهو خير مني!. فذهبوا ليسقوه، فسمع ‏أنيناً لآخر يقول: اسقوني!. فقال: أسعفوا أخي وارحموه فأنا ‏أصبر عنه، فلما أسعفوا الأخير عادوا إلى الأول فوجدوه قد ‏مات، ولحق به الثاني!!" (4)

‏ ‏.‏
فانظر إلى مقدار شعورهم بالرحمة في آخر رمق الحياة، ‏وقت خروج الروح،وإيثارهم لإخوانهم على أنفسهم.‏" اهـ 4/241


اقتباس:====================== الحاشية ====================

(1) ‎ ‎‏: سورة الفتح – الآية 29.‏

(2)‎ ‎‏: أخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي ‏الله عنه قال: أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رأس شاة ‏فقال: إن أخي فلانا وعياله أحوج إلى هذا منا فبعث به إليهم، فلم يزل يبعث به ‏واحدا إلى آخر حتى تداولها أهل سبعة أبيات حتى رجعت إلى الأول فنزلت ‏{ويؤثرون ‏على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة‏} ‏.‏

(3) ‎ ‎‏: عملاً بقوله تعالى:‏‎ {‏لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ ‏اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ }‏. ‏‏ سورة آل عمران - الآية 92‏‏.‏

(4) ‎ ‎‏: ومن أفضل صور الجود بالنفس جود الصحابة بأنفسهم في حماية رسول الله صلى الله ‏عليه وسلم، ففي الصحيح أن أبا طلحة ترس على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ‏وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتطلع ليرى القوم. فيقول له أبو طلحة: لا تشرف يا ‏رسول الله! لا يصيبونك! نحري دون نحرك ووقى بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏فشلت. ‏

‏ ومن ذلك ما قاله حذيفة العدوي: انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عم لي - ومعي ‏شيء من الماء - وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته، فإذا أنا به، فقلت له: أسقيك، ‏فأشار برأسه أن نعم، فإذا أنا برجل يقول: آه! آه! فأشار إلي ابن عمي أن انطلق إليه، ‏فاذا هو هشام بن العاص فقلت: أسقيك؟ فأشار أن نعم. فسمع آخر يقول: آه! آه! ‏فأشار هشام أن انطلق إليه فجئته فإذا هو قد مات. فرجعت إلى هشام فإذا هو قد ‏مات. فرجعت إلى ابن عمي فإذا هو قد مات.وحكي عن أبي الحسن الأنطاكي: أنه ‏اجتمع عنده نيف وثلاثون رجلا بقرية من قرى الري، ومعهم أرغفة معدودة لا تشبع ‏جميعهم، فكسروا الرغفان وأطفؤوا السراج وجلسوا للطعام؛ فلما رفع فإذا الطعام ‏بحاله لم يأكل منه أحد شيئا؛ إيثارا لصاحبه على نفسه. " اهـ ‏


(يتبع إن شاء الله تعالى.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس