عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #59
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الْمَلِكُ جَلَّ جَلالُه


"هو الظَّاهر بعزِّ سلطانه، الغنيُّ بذاته، المتصرِّف بصفاته في ‏أكوانه (1) ‏.‏


ملك الأرواح وبيده زمامها، وقهر الأشباح فأحوجها ‏إليهن الكل إليه فقراء، وهو الملك يفعل ما يشاء. من ادَّعى ‏الملك معه حاربه، ومن عرف أنه لا ملك له مع سيده خصَّه ‏بنعمته ‏(2) .


امتحن الله العباد فأعطاهم الدار والعقار فاغترُّوا بهذه ‏النسبة ، وغفلوا عن سرِّ القضية، فإن العبد وماملكت يداه ‏لسيده. ‏


أنت في المملكة الإلهية ضيف فلا تحكم على صاحب ‏الدار؛ فما لك معه تصريف، وتأمَّل في عظمة الملك القادر ‏الحكيم، كيف نظَّم ملكه، وأوقف كل كائن عند رتبته.‏


وانظر إلى البحار وما فيها من العوالم، والهواء وما فيه من ‏الطيور والجراثيم، والأرض وما في طواياها من الخلائق ‏والحشرات، كيف خضع الكلُّ لعزَّة سلطانه، ويتنعم الكلُّ في ‏فضل حنانه.‏


وانظر إلى فرعون كيف غرَّته ذرة من الملك فادَّعى أنه ‏‏"ملك"!، قال تعالى:‏‎ {وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ ‏أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْر}‏ (3)‏ ‏.‏


وانظر لسيدنا موسى، العبد الفقير إلى سيِّده الذي كان ‏يرعى الغنم لسيدنا شعيب، كيف كانت عاقبة الأمر.‏


وانظر إلى الفرق بين أهل الصبر وأهل الكفر، فقد أغرق ‏الله فرعون وجنوده لأنه - سبحانه وتعالى - غيور، ومكَّن ‏لسيدنا موسى في الأرض لأنه - سبحانه وتعالى - " شكور".‏


وانظر إلى قارون لمَّا غرَّه مظهر الملك، ونسي أن ما عنده ‏وديعة؛ فقال:‏‎ {إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ‏}‏ (4)‏ ‏.


فخسف الله به الأرض وجعله عبرة؛ فما أخذهم"الملك" ‏إلا لسوء أدبهم معه، وهو غيور، وإن كانت حضرة الحلم ‏تبدي شئونها، ولكن لا بدَّ من الأخذة التي تكشف الحقيقة.‏


وقد روي في الحديث القدسي: ( أنا ملك الملوك وقلوب ‏الملوك بيدي، فإن أطاعوني عبادي حوَّلت قلوبهم بالرحمة، ‏وإن عصوني عبادي حوَّلت قلوبهم عليهم بالنقمة)‏ (5) ‏.‏

اقتباس:==================== الحاشية ===================

(1) ‎ ‎‏: قال حجة الإسلام الغزالي رحمه الله : إن الملك هو الذي يستغني في ذاته وصفاته ‏عن كل موجود ، ويحتاج إليه كل موجود ، بل لا يستغني عنه شيء ، لا في ذاته ، ولا ‏في صفاته ، ولا في وجوده ، ولا في إبقائه ، بل كل شيء فوجوده منه ، أو مما هو منه ‏، وكل شيء سواه فهو مملوك له في ذاته وصفاته ، وهو مستغن عن كل شيء ، فهذا ‏هو الملك المطلق . والملك الحقيقي لا يكون إلا لله وحده ، فلا مالك في الحقيقة إلا الله ‏، وفي غيره مجاز ، واليقين بأن الله مالك كل شيء هو الذي يعلم الإنسان كيف يفزع ‏إلى ربه ملك الملوك في كل حال وفي كل أمر. قال بعض الأمراء لبعض الصالحين: ‏سلني حاجتك ؟ فقال له: كيف تقول لي هذا ولي عبدان أنت عبدهما ؟ قال الأمير: ‏ومن هما ؟. قال الرجل الصالح : الشهوة والغضب! غلبتهما وغلباك، وملكتهما ‏ملكاك!.‏

فمن عرف هذه الأحوال تخلص من مساكنة الأشباح، وانفرد بمالك النفوس ‏والأرواح ، وقطع رجاءه عن الخلائق، وسلم عن الآفات والعلائق، ولهذا المعنى قال ‏بعض المشايخ : أيجمل بالحر المريد أن يتذلل للعبيد وهو يجد من مولاه ما يريد!! .‏

(2) ‎ ‎‏: وقال الإمام القشيري رحمه الله: أن من عرف أن الله تعالى متفرد بالملك أبى أن يذل ‏لمخلوق، لأن معرفته بحقيقة ملكه توجب التجرد له في التقرب إليه، جاء عن بشر ‏الحافي رضي الله عنه: رأيت أمير المؤمنين علياً رضي الله عنه في المنام، فقلت له: عظني ‏يا أمير المؤمنين.فقال: ما أحسن عطف الأغنياء على الفقراء طلباً لثواب الله تعالى، ‏وأحسن من ذلك تيه الفقراء على الأغنياء ثقة بالله جل جلاله. فقال بشر: زدني يا أمير ‏المؤمنين:قال ‏الإمام :‏



قد كنت ميتاً فصرت حياً = وعن قريب تصير ميتا
عزَّ بدار الفـــناء بيت = فابـن بدار البقاء بيتا

1
2قد كنت ميتاً فصرت حياً وعن قريب تصير iiميتـا
عـزَّ بـدار الفنـاء iiبـيـت فابـن بـدار البقـاء بيـتـا


(3) ‎ ‎‏: سورة الزخرف - الآية 51.‏

(4) ‎ ‎‏: سورة القصص - الآية 78.‏

(5) ‏: عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن الله يقول: أنا الله لا إله ‏إلا أنا مالك الملوك وملك الملوك قلوب الملوك بيدي،وإن العباد إذا أطاعوني حولت ‏قلوب ملوكهم عليهم بالرأفة والرحمة، وإن العباد إذا عصوني حولت قلوبهم عليهم ‏بالسخط والنقمة فساموهم سوء العذاب،فلا تشغلوا أنفسكم بالدعاء على الملوك ‏ولكن اشغلوا أنفسكم بالذكر والتضرع،أكفكم ملوككم". رواه الطبراني في ‏الأوسط وفيه وهب بن راشد وهو متروك.‏ انظر: ‏مجمع الزوائد. للحافظ الهيثمي ‏‏5/23 كتاب الخلافة. (بابان في النهي عن سب السلطان). باب قلوب الملوك بيد الله ‏تعالى فلا تسبوهم. " اهـ 4/250‏



(يتبع إن شاء الله تعالى ..... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس