عرض مشاركة واحدة
قديم 08-10-2008
  #2
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 18
نوح is on a distinguished road
افتراضي

قصة الثورة في مصادر أخرى‏

تشير المصادر أن رمضان شلاش عمل على تحريض وإثارة القبائل، وفق توجهات ياسين الهاشمي، وقد كشفت الاستخبارات البريطانية تلك التحركات. وأعلمت القيادة البريطانية في بغداد عنها. كما أن مكتب القاهرة البريطانية قد علم بهذه التحركات، فأعلم في 19 تشرين الثاني 1919 السير ارنولد ولسن الحاكم العام البريطاني في بغداد بهاiv). وبذلك تجمعت لدى ولسن الأخبار المؤكدة لحركة رمضان شلاش، فتم تحذير الكابتن "جاميير" الحاكم السياسي البريطاني في دير الزور، الذي حل محل الكابتن "كارفر" بهذه الحركات. وتتابعت الأنباء على الحاكم السياسي البريطاني في دير الزور، حتى أُبلغ بزحف رمضان شلاش وقوات من العشائر نحو دير الزور، فخرج في يوم 10 كانون الأول 1919 بسيارته المصفحة مع أحد ضباطه مستطلعاً على طريق دير الزور- الرقة- وبعد أن قطع شوطاً بعيداً لم ير أي قوات زاحفة، فقفل راجعاً. إلا أنه تعرض في طريق العودة لرشقات من الرصاص، فأسرع بالعودة إلى دير الزور، ولم يصب ولا مرافقه بأية إصابات. فأدرك خطورة الأمور المقبلة فأراد استباقها، فدعا رئيس البلدية الحاج فاضل العبود إليه. وحين لم يحصل منه على شيء أمر بتوقيفه. واتخذت قواته الإجراءات الدفاعية عن المدينةv). ومنذ ظهور ضوء فجر يوم 11 كانون الأول 1919 هوجمت مدينة دير الزور من قبل القوات العشائرية من الناحية الجنوبية.
هاجمت القوات العشائرية المدينة من ناحية الجنوب، وليس من الشمال كان يتوقع الكابتن البريطاني ـ كارفر فالرقة تقع شمالاً. واندفعت القوات العشائرية نحو المؤسسات الحكومية بشكل أهوج "فنهبوا السرايّ والمستشفى وكنيسة الأرمن، وكسروا الخزانة الحديدية في دار الحكومة، واستولوا على ما فيها من نقود، ثم أضرموا النار في مستودع البنزين، فانطلق اللهيب منه بشكل هائل أدى إلى وقوع نحو تسعين إصابة.
أما القوات البريطانية التي انسحبت من شوارع المدينة، وتحصنت في الثكنة العسكرية في شمال المدينة، بدأت تطلق نيران رشاشاتها من سطح الثكنة على القوات الزاحفة. إلا أن القوات الثائرة استطاعت أن تفرض عليها حصاراً شديداً، وتُسكت رشاشاتها بعد أن تم تدميرها، ولكنهم لم يستطيعوا أن يقتحموها. فبقي الكابتن "جاميير.. وقواته محاصرين في داخلها.viii).‏
وفي اليوم الثاني للثورة اجتمع رؤوساء المدينة في دار الحاج فاضل العبود الذي أطلق سراحه) مع عدد من زعماء العشائر الثائرة وقادتهم، ولم يكن رمضان شلاش قد وصل بعد إلى المدينة. وتداولوا أمر القوات البريطانية في الثكنة المحاصرة. وتم الاتفاق على استدعاء الكابتن جاميير وتهديده، ليخرج منها وقواته بسلام. وينتهي احتلال بريطانيا لدير الزور. وفعلاً تمّ استدعاء الكابتن /جاميير/ الذي لبى الدعوة، ولم يكن لديه خيار بسبب قلة المواد الغذائية والماء لديه.‏
كان الاجتماع صاخباً وعنيفاً، مارس فيه الثائرون ووجهاء المدينة الضغط على الكابتن /جاميير/ وتهديده وتذكر المس غيرترود بل عن هذا الاجتماع فتقول: "إن الرؤساء كانوا في حالة هياج شديد: وأظهروا له عداءً مفعماً بالتعصب. وأخذوا يهددونه بالقتل هو وأصحابه، وربما كانوا على وشك قتله مع أصحابه. ولكن الذي منعهم من ذلك ظهور طائرتين في الجو، وأخذت الطائرتان تطلقان نيران رشاشاتهما على البلدة، فغير الرؤساء لهجتهم حالاً، ورجوا من جاميير أن يعمل على إيقاف القصفix)" ولم يصل المجتمعون إلى حل مع الكابتن جاميير الذي عاد إلى الثكنة مع عساكره.‏
في اليوم الثالث للثورة وصل رمضان شلاش إلى مدينة دير الزور، واجتمع مع وجهاء المدينة وزعماء القبائل الموالية له، الذين أخبروه باجتماعهم مع الكابتن جاميير. فطلب فوراً استدعاء الكابتن.. "جاميير".. وبعد نقاش طويل، وافق /جاميير/ على إخراج قواته واستسلامه لرمضان شلاش. الذي أمر بإبقاء /جاميير/ رهن الاعتقال المنزلي، وأسرّ الجنود في الثكنة.‏
رواية تقول: ".. إن رمضان حين اجتمع مع الكابتن جاميير قال له الأخير إنهم ليسوا من الأعداء وإنهم حلفاء الشريف حسين وابنه فيصل، وإن هذا التصرف يغضب فيصل. فرد عليه شلاش إن هذا التحرك ضدهم بأمر من الأمير فيصل. مما أثار دهشة الكابتن.. جامير" فوافق على الاستسلام، وهذا ما أثار القوى الوطنية في المدينة، وعلى رأسها الشيخ محمد سعيد العرفي، الذي قال "انتهى الآن حكم الشريف". فقد كشف رمضان سر علاقة حركته بالأشراف، وأن الأمير فيصل وأخيه زيد لهما علاقة بها. وقد أدى هذا الأمر إلى خلق أول نزاع بين رمضان والعرفي"x).‏
الجلاء الإنكليزي المؤقت عن البوكمال.‏
بعد استتباب الأوضاع في دير الزور لصالح القوات العشائرية الثائرة، والنجاح السريع الذي تحقق بهزيمة القوات الإنكليزية واستسلامها، أعطت لرمضان وقواته قوة معنوية عالية جعلته يفكر في تحرير بقية المناطق من قوات الاحتلال الإنكليزي. وخاصة بعد أن حصل على تأييد ومشاركة زعماء العشائر في المنطقة، والذين قدموا إلى دير الزور مؤيدين للثورة. فأرسل رمضان شلاش قوة عشائرية كبيرة بقيادة أخيه إلى البوكمال لتحريرها من القوات الإنكليزيةxi)، ووصلت الأنباء إلى الحاكم، السياسي البريطاني لمنطقة الدليم الكولونيل ".. ماجور نلبلاست".، فخشي على قواته من حصار القوات العشائرية، وإبادتها، كونها قوات قليلة وغير قادرة على التصدي. فأمر القوات الإنكليزية بالانسحاب منها في 19 كانون الأول 1919 مؤقتاًxii)، فدخلتها قوات رمضان شلاش، فلم تجد فيها أية قوة عسكرية بريطانية. ووقعت في نفس الخطيئة السابقة حين دخلت دير الزور. فما إن دخلت القوات العشائرية إلى المدينة حتى قامت بنهب سرايا الحكومة والأموال التي توجد في خزانتها. فحدث نزاع بين زعماء العشائر حول تلك الأموال المنهوبةxiii) إلا أن الأمر لم يدم طويلاً في مدينة البوكمال ففي 21 كانون الأول 1919 استعادت القوات الإنكليزية بعد أن دعمت نفسها بالعتاد والرجال والسلاح البوكمال، وكانت معركة حامية جرت في منطقة "الضبيّعه" على الطريق. حيث كمّن الشهيد الشيخ عبد الدندل شيخ العكيدات في منطقة البوكمال مع قوات له على طريق القوات الإنكليزية، وبعد قتال شرس استطاعت القوات الإنكليزية التي تفوق قوات الشيخ عبد الدندل عدداً وعدّة. أن تفك الكمين، وتصيب أعداداً من قوات الشيخ عبد الدندل، بما فيهم الشيخ نفسه الذي أصيب إصابات بالغة أدت إلى وفاته. فكان أول شهيد في منطقة البوكمال ومن زعماء عشائرهاxiv). وفي رواية يذكرها الدكتور علي الوردي أن رمضان شلاش بعد أن حقق انتصاره في دير الزور، واعترفت له الحكومة البريطانية بالحدود الجديدة، ظل رمضان شلاش دائباً على التحرش بالإنكليز ومهاجمتهم بكل وسيلة ممكنة، فصار يحرض العشائر على قطع الطرق، ونشر الفوضى في منطقة النفوذ البريطاني حول عانه والبوكمال. وفي "كانون الثاني عام 1920 هاجمت جماعة من عشيرة العكيدات بلدة البوكمال. ونهبوا بيوت الأشخاص المعروفين بولائهم للإنكليز، ثم انسحبوا منها بعد أن قتل أحد رؤسائهم محمد الدندل. ويزعم الإنكليز أن المهاجمين تحرشوا بالنساء، وانتهكوا حرمات بعضهن. وهذا زعم يصعب تصديقه لما عُرف عن العشائر العربية من صيانة لحرمة المرأة فاضطرت حكومة دمشق إلى عزل رمضان شلاش على إثر هذه الواقعة، وعينت مولود مخلص مكانهxv).‏
كان لاستشهاد الشيخ عبد الدندل أثره البالغ على مجرى الأحداث السياسية والعسكرية في منطقة دير الزور، والعراق، والثورة بشكلها الشمولي، حين تحولت عشائر العكيدات وحلفائهم. وخاصة قبيلة الحسون بزعامة الشيخ المجاهد مشرف الدندل إلى أهم ركن عسكري ومادي للثورة بعد ذلك. وشكلت قيادة مشرف الدندل الثورية قوة خطر شديد على الاحتلال البريطاني ثم الفرنسي من بعده في منطقة دير الزور وما حولها.‏
لم يدرك البريطانيون الخطأ الجسيم الذي ارتكبوه بقتلهم للشيخ عبد الدندل، وما أفرزته من نتائج عكسية عليهم. بسبب اجتماع عشائر العكيدات على مقاتلتهم، كما جعلت من الثائر الشيخ مشرف الدندل ألد خصوم بريطانيا، فهو من جهة يسعى لأخذ ثأر أخيه منهم، ومن جهة أخرى يناضل لتحرير بلاده. فحاولت القيادة البريطانية استدراك الخطأ وتصحيحه باسترضاء الشيخ مشرف الدندل، فعرضت عليه تسوية الأمر، بإدخال عدد من زعماء العشائر كوسطاء لحل الأمر سلمياً بدفع الدّية، وبما يقرره مشرف نفسه. وكان آخر تلك الواسطات، ما قام به أحد كبار شيوخ عنزه في منطقة العماره في العراق ابن هذال الذي حمل رسالة من قيادة الجيش البريطاني في العراق إلى مشرف الدندل جاء في نصها كما وردت في كتاب "شعب ومدينة على الفرات الأوسط" للسيد أسعد الفارس:‏
"


يتبع
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس