الموضوع: بلوغ المامول
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-2008
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

النفس على كثرة الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم رجاء أن ينطبع حبه وحب آله في القلوب ليؤسس ذلك الحب ركن الإيمان ويشيد صرح اليقين ، فيا له من احتفاء وابتهاج عظيم يأمر الله به ملائكته فتتشرف بهذا التكريم ، ويأمر عباده المؤمنين بالصلاة عليه ، فيا له من شرف ما بعده شرف وتكريم وتخصيص حكيم بالمؤمنين ولم يقل سبحانه بالمسلمين لأن معرفة قدره حبيبه عزيزة المنال فأدنى مقامات معرفتها مقام الإيمان ، والإسلام دون ذلك .
(( قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم )) فالحب لا يدرك إلا بالإيمان ، ولا يذوق حلاوة الإيمان من لم يعرف الحب إلى قلبه سبيلا .

[ الدليل الثامن ] : قوله سبحانه وتعالى (( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ))
وفي هذا النص القرآني – أخي القارئ – ما لا يخفى عليك من تعظيم الله سبحانه وتعالى لحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم وتوقيره وإظهار قدره للخلق أجمعين ، فهي آية عظيمة قدس الله فيها نفسه قبل ذكر قدر نبيه لما في ذلك من الحفاوة والتبجيل والتعظيم والتوقير لحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم حتى أن سيدتنا عائشة رضي الله عنها قالت : "وما أرى ربك إلا ويسارع في هواك" . فهذا رب السماوات والأرض يقدس ويعظم ويفخم مسرى حبيبه ويضم اسمه إلى اسمه في كل موقف .. ففي الشهادة لا يتم الإيمان إلا باسمه .. وفي الصلاة لا تتم إلا باسمه .. وفي معية الإسراء لا يكون الإسراء إلا لروحه ورسمه .
وكل إكرام لنبيه إكرام لأمته مع حفظ الباري لقدر حبيبه وغيرته على ذلك من أن ينازعه في فضله أحد وإن علا من المرسلين والنبيين والصديقين ، فلكل منهم مقام معلوم والنبي الخاتم هو الإمام الفاتح وكلهم مأموم .
إن حادثة الإسراء والمعراج ابتهاج وعيد واضح للكون أجمع يجمع الله له صلى الله عليه وآله وسلم الأولين والآخرين من النبيين والمرسلين والصديقين

والصالحين والملائكة والمقربين ليكون هو الإمام وهم المأمومين ليعرفوا قدره العظيم .
ثم يعرج به إلى السموات العلى لتشترك السموات والأرض والعوالم أجمع في هذا العيد العظيم يوم أن أتم الله المنة للمؤمنين فحاز النبي صلى الله عليه وآله وسلم المقامات العظيمة واجتازها في ليلة فخيمة ، ورأى ربه وكلمه وناجاه فعاد صلى الله عليه وآله وسلم بمعراج المؤمنين بقلوبهم في صلاتهم .. فيا نعم الاحتفاء بسيد الأوفياء الذي حفظ لله مقامه وسيظهره الله يوم القيامة حينما يقول كل نبي : نفسي نفسي .. فيقول سيد الشفعاء : ( أنا لها أنا لها ) في يوم غضب ربي غضبا لم يغضب مثله قبله ولن يغضب مثله بعده .
يأمر سبحانه وتعالى جميع الخلائق أن تلجأ إلى حبيبه صلى الله عليه وآله وسلم حيث يبرز مقامه في ذلك الموقف العظيم ، فيا سعد من والاه ويا سعد من صلى عليه تلك الصلاة التي هي فيصل الحق لأهل الحق ، فصلوات الله وسلامه على من قال : ( إن أقربكم مني مجلسا يوم القيامة أكثركم علي صلاة ) فهنيئا لمن أكثر الصلاة عليه واتخذ من مولده عادة بالإكثار من الصلاة عليه والإدمان عليها حتى يكون عبد الله وحبيبه .

[ الدليل التاسع ] : قوله سبحانه وتعالى (( إنا أنزلناه في ليلة مباركة )) مع قوله سبحانه (( إنا أنزلناه في ليلة القدر ))
نعت الله سبحانه وتعالى ليلة الإنزال لصفة سيد الرجال بأنها مباركة وأنها ذات قدر فقال سبحانه (( وما أدراك ما ليلة القدر ، ليلة القدر خير من ألف شهر ، تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر ، سلام هي حتى مطلع الفجر )) أي أن الله سبحانه وتعالى يُنزل ليلة القدر في كل سنة وفي كل شهر كبكبة من الملائكة وبالأرواح الصالحة من كل عالم مع روح سيد العوالم صلى الله عليه وآله وسلم وما ذلك إلا لعظيم القدر ، وما ذلك التكرار إلا لإعادة التذكار للعقول والأفكار الموفقة بمحبة سيد الأبرار صلى الله عليه وآله وسلم

فإذا كان ذلك القدر للقرآن المنزل الذي هو خلقه صلى الله عليه وآله وسلم فكيف به صلى الله عليه وآله وسلم ؟ لا شك أنه قدر فوق قدر ، فإذا كانت شعائر الله ذات قدر مؤقتة في الزمان والمكان فالابتهاج به مطلق غير مقيد كما هو حال الذكر لأنه رحمة عامة ومنة تامة .
وقد ختم الله الآية بمطلع الفجر ، ومطلع الفجر بالظاهر هو الذي نعلم ، أما مطلع الفجر في الحقيقة فهو نور الفتح ، أي أن التوقير والتقدير والابتهاج بميلاد سيد الكائنات مآله النور التام بحسن الختام والالتقاء معه تحت اللواء للشرب من يده الشريفة هنيئة ما بعدها ظمأ .

[ الفصل الثاني ] الأدلة من السنة المشرفة :
وأما الأدلة من السنة فكثيرة متظافرة ، تتلخص فيما يلي :

[ الدليل الأول ] : أخرج مسلم في صحيحه (2/819) عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سئل عن صوم يوم الإثنين فقال : "ذاك يوم ولدت فيه ، وفيه أنزل علي" . وهذا نص في الاحتفال بيوم مولده صلى الله عليه وآله وسلم لا يحتمل غيره . ولم أجد للمخالف جوابا عنه إلا طلب الاقتصار على الصيام فقط ، وهي ظاهرية محضة ، وتخصيص بدون مخصص ، لكنها مع ذلك موافقة لنا في مشروعية الاحتفال بالمولد النبوي الشريف . ولله در الحافظ ابن رجب الحنبلي حيث قال في هذا المعنى في كتابه لطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف (ص9
فيه إشارة إلى استحباب صيام الأيام التي تتجدد فيها نعم الله على عباده ، فإن أعظم نعم الله على هذه الأمة إظهار محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعثته وإرساله إليهم ، كما قال تعالى (( لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم )) (آل عمران:164) ، فصيام يوم تجددت فيه هذه النعمة من الله سبحانه وتعالى على عباده المؤمنين حسن جميل ، وهو من باب مقابلة النعم في أوقات تجددها بالشكر" انتهى .
والمقصود الوصول بهذه الطاعة إلى محبة الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم وقد يتحقق هذه المقصود بأي وسيلة مشروعة ، فالوسائل لها حكم المقاصد إذا كان المقصد شرعيا .

[ الدليل الثاني ] : قد صح عنه صلى الله عليه وآله وسلم في صيام عاشوراء ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسئلوا عن ذلك فقالوا : هو اليوم الذي أظفر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ، ونحن نصوم تعظيما له ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "نحن أولى بموسى" . وأمر بصومه . أخرجه البخاري (7/215 ومسلم (رقم 1130)
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس