الموضوع: بلوغ المامول
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-2008
  #9
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

ويكفي في هذه العجالة أن أنقل قول ابن القيم في هذا المعنى فإنَّه قد اعتُرض علىه في مسألة القراءة للأموات فقال في كتاب الروح ما نصه: والقائل: إنَّ أحداً من السلف لم يفعل ذلك، قائل ما لا علم له به، فإنَّ هذه شهادة على نفي مالم يعلمه، وما يدريه أن السلف كانوايفعلون ذلك ولا يشهدون من حضرهم عليه. اه.
الشبهة الرابعة والرد عليها:
قولهم : المولد محدث، وكل محدثة بدعة مردودة، فالجواب عليه: مفهوم حديث »من أحدث في أمرنا هذا ... الحديث« يخصص منطوقه.
فمنطوق الحديث »من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد« فيكون مفهومه (أي مفهوم المخالفة) هو: من أحدث في أمرنا هذا ما هو منه فليس برد.
فلم يقل أحد: إنَّ جمع القرآن الكريم وإرساله إلى الأمصار وبناء المدارس والأربطة ووضع العلوم والنداء في صلاة القيام والتهجد جماعة في الحرم وغيره من البدع المذمومة.
والمعترضون هربوا وسموها مصالح مرسلة ولا مشاحة في الاصطلاح فلماذا التشدد؟!!
و حديثه صلى الله عليه وسلم: »من سنَّ في الاسلام سنة حسنة فله أجرها ...« الحديث. أخرجه مسلم (3/87) وأحمد (4/361) وابن خزيمة (4/112) وغيرهم.
والحديث عام لأن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم وهذا متفق عليه.
وقد حاول بعضهم صرف الحديث عن ظاهره فقال: سنّ معناها أحيا، لأن الحديث فيه »ومن سن في الإسلام سنة سيئة«. الحديث.
وهو اعتراض مردود لأن معنى كلامه على تأويله المردود »من أحيا في الإسلام سنة سيئة« وهذا كلام فيه شناعة لأنه يلزم منه وجود سنة سيئة في الإسلام.نعوذ بالله من الخذلان.
والحاصل أن الحديث نصٌّ في الباب لا يحتمل غيره، ومن رأى غير ذلك يكون قد صرف الحديث عن ظاهره بدون صارف، ثم هو بين أمرين: إما أن يرجع للصواب، وإلا فهو مكابر والمكابر لا كلام لنا معه فيما كابر فيه.


الشبهة الخامسة والجواب عليها:
زعمهم أن الصحابة رضي الله عنهم لم يحتفلوا بالمولد، فالجواب عليه: إن ترك الاحتفال بالمولد من الصحابة لا يعني تحريم أو كراهة الاحتفال بالمولد، لأن الترك لم يقترن بنهي أو غيره فغاية ما فيه هو جواز الترك للاحتفال فقط، وقد قال الله تعالى: وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا [الحشر:7]. ولم يقل: ما تركه فانتهوا عنه فالترك لا يفيد التحريم.
وقد حرر بحث الترك تحريراً ما عليه مزيد العلامة الكبير المحقق السيد عبد الله بن الصديق الغماري الحسني رحمه الله تعالى في رسالة »حسن التفهم والدرك لمسألة الترك«(1) والله أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
الشبهة السادسة والرد عليها:
يُلبّس المخالفون على طغام الناس (عامة الناس) بما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: لقد أبدلنا الله بعيدين عيد الفطر وعيد الأضحى« فلم يذكر الاحتفاء بمولده.
يُردُ على هذه الشبهة بأن في الدين مسائل كثيرة جاء بها القرآن الكريم وجاءت بها السُنة اقتصر على ذكرها ولم يذكر ما في بابها من جنسها فهل يدل ذلك على منعها وعدم ثبوتها؟
فلو كان هذا المعنى معتبراً لسقطت تعاليم إسلامية كثيرة. ولذا نص العالم الأصولي الإمام الزركشي في كتاب البحر في المسألة الثالثة ما نصه: »ذكر بعض أفراد العام الموافق له في الحكم لا يقتضي التخصيص«. اه . (البحر المحيط 220/3).
وقال الآمدي في المسألة الثانية عشرة: »اتفق الجمهور على أنه إذا ورد لفظ عام ولفظ خاص يدل على بعض ما يدل عليه العام، لا يكون الخاص مخَصِّصاً للعام بجنس مدلول الخاص ومخرجاً عنه ما سواه«. اه . (الإحكام 488/2).
وفي قضيتنا هذه إنما كان الحديث إجابة على سؤال، ومن المعلوم عند الأصوليين أن الإجابة على السؤال لا تقتضي الحصر والتخصيص، كما تصرح به القاعدة الأصولية المتقدمة.


وفي القواعد الفقهية: »إن ما أوجب شيئاً بخصوصه لا يمنع الأعم بعمومه«(1).
وبناء على ما تقدم تبين جواز الاحتفال بالمولد في أي يوم أو في أي شهر أو في أي سنة على الإطلاق إضافة إلى دخول هذا الاحتفال في عموم الأدلة التي تحض على ذكر الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهي كثيرة كقوله سبحانه : يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً، وسبحوه بكرة وأصيلاً، وقوله سبحانه: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً.
وأختم هذا المختصر ببعض الأشعار التي وردت في النبي المختار، رجاء أن يحشرنا الله في زمرة محبيه.
قال العارف بالله العلامة السيد أمين كتبي المكي الحنفي رحمه الله تعالى:
لله ميلادك الغالي الذي سعدتْ == به البسيطة وانجابَتْ به الغِير
يوم به طابت الدنيا فما طلعت == شمس على مثله فيها ولا قمر
وقال في موطن آخر:
أهلاً بطالع مولد المختار == بهر العقول بساطع الأنوار
أهلاً بمقدمه وحيهلاً به == باليُمن والبركات والأسرار
وقال في موطن آخر:
يا ليلة الاثنين ماذا صافحت == يمُناك من شرفٍ أَشَمَّ ومن غنى
كل الليالي البيض في الدنيا لها == نسب إليك فأنت مفتاح السنا
فالقَدْر والأعياد والمعراجُ من == حسناتِك اللاتي بهرن الأعينا
وحللت في التاريخ أشرف موضع == نادى برفعته الزمان وأعلنا
وملأتِ عين الدهر منك محاسنا == وملأتِ سمعَ الدهر يا بشرى لنا
يا ليلة طافت معاهد فضلها == بخيالنا وهْناً فأشرقتِ الدُّنا
وُزِنَتْ مزيتُها بكل مزية == مرت على الدنيا فكانت أوزنا

تم بحمد الله تعالى
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس