الموضوع: الكلمات
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-02-2011
  #12
عبدالرزاق
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبدالرزاق
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 329
معدل تقييم المستوى: 14
عبدالرزاق is on a distinguished road
افتراضي رد: الكلمات

القطعة الثانية

من الذيل

هي المقام الاول من تسعة مقامات لطبقات البراهين التسع التي تدور حول الحشر والتي أشارت اليها باعجاز الآية الكريمة الآتية:



] فَسبحانَ الله حين تُمسون وحين تُصبحون ^ وله الحمدُ في السموات والارض وَعَشياً وحين تُظهرون^ يُخرج الحيَّ من الميتِ ويُخرج الميتَ من الحي ويُحيي الارضَ بعد موتها وكذلك تخرجون[ (الروم: 17 - 19)

سيُبيَّن - ان شاء الله - ما اظهرته هذه الآيات الكريمة من البرهان الباهر والحجة القاطعة للحشر(1).

ولقد بيّنت في الخاصة الثامنة والعشرين من الحياة، ان الحياة تثبت اركان الايمان الستة، وتتوجه نحوها وتشير الى تحقيقها.

نعم! فما دامت (الحياة) هي حكمة خلق الكائنات، واهم نتيجتها وجوهرها، فلا تنحصر تلك الحقيقة السامية في هذه الحياة الدنيا الفانية القصيرة الناقصة المؤلمة، بل أن الخواص التسع والعشرين للحياة وعظمة ماهيتها، وما يُفهم من غاية شجرتها ونتيجتها، وثمرتها الجديرة بعظمة تلك الشجرة، ما هي اِلاّ الحياة الأبدية والحياة الآخرة والحياة الحية بحجرها وترابها وشجرها في دار السعادة الخالدة. والاّ يلزم ان تظل شجرة الحياة المجهَّزة بهذه الأجهزة الغزيرة المتنوعة في ذوي الشعور - ولا سيما الانسان - دون ثمر ولا فائدة ولا حقيقة، ولظل الانسان تعساً وشقياً وذليلاً وأحط من العصفور بعشرين درجة، بالنسبة لسعادة الحياة، مع أنه أسمى مخلوق وأكرم ذوي الحياة وارفع من العصفور بعشرين درجة.

بل العقل الذي هو أثمن نعمة يصبح بلاءً ومصيبة على الانسان بتفكره في أحزان الزمان الغابر ومخاوف المستقبل، فيعذّب قلبَه دائماً معكراً صفو لذة واحدة بتسعة آلام!. ولاشك أن هذا باطل مائة في المائة.

فهذه الحياة الدنيا اذن تثبت ركن (الايمان بالآخرة) اثباتاً قاطعاً بما تظهر لنا في كل ربيع اكثر من ثلاثمائة الف نموذج من نماذج الحشر.

فيا ترى هل يمكن لربّ قدير، يهئ ما يلزم حياتك من الحاجات المتعلقة بها جميعاً ويوفر لك اجهزتها كلها سواءٌ في جسمك أو في حديقتك أو في بلدك، ويرسله في وقته المناسب بحكمة وعناية ورحمة، حتى أنه يعلم رغبة معدتك فيما يكفل لك العيش والبقاء، ويسمع ما تهتف به من الدعاء الخاص الجزئي للرزق مبُدياً قبوله لذلك الدعاء بما بثّ من الاطعمة اللذيذة غير المحدودة ليُطمئن تلك المعدة ! فهل يمكن لهذا المدبّر القدير ان لا يعرفك؟ ولا يراك؟ ولا يهئ الاسباب الضرورية لأعظم غاية للانسان وهي الحياة الأبدية؟ ولا يستجيب لأعظم دعاء وأهمه وأعمّه، وهو دعاء البقاء والخلود؟ ولا يقبله بعدم انشائه الحياة الآخرة وايجاد الجنة؟ ولا يسمع دعاء هذا الانسان وهو أسمى مخلوق في الكون بل هو سلطان الارض ونتيجتها.. ذلك الدعاء العام القوي الصادر من الاعماق، والذي يهز العرش والفرش! فهل يمكن ان لا يهتم به اهتمامَه بدعاء المعدة الصغيرة ولا يُرضي هذا الانسان؟ ويعرّض حكمتَه الكاملة ورحمته المطلقة للانكار؟ كلا.. ثم كلا ألف ألف مرة كلا.

وهل يعقل ان يسمع اخفت صوت لأدنى جزء من الحياة فيستمع لشكواه ويسعفه، ويحلم عليه ويربيه بعناية كاملة ورعاية تامة وباهتمام بالغ مسخراً له اكبر مخلوقاته في الكون، ثم لا يسمع صوتاً كهزيم السماء لأعظم حياة وأسماها وألطفها وأدومها؟ وهل يعقل ألاّ يهتم بدعائه المهم وهو دعاء البقاء، وألاّ ينظر الى تضرعه ورجائه وتوسله؟ ويكون كمن يجهز بعناية كاملة جندياً واحداً بالعتاد، ولا يرعى الجيش الجرار الموالي له !! وكمن يرى الذرة ولا يرى الشمس! أو كمن يسمع طنين الذباب ولا يسمع رعود السماء! حاشَ لله مائة ألف مرة حاشَ لله.

وهل يقبل العقل - بوجه من الاوجه - ان القدير الحكيم ذا الرحمة الواسعة وذا المحبة الفائقة وذا الرأفة الشاملة والذي يحب صنعته كثيراً، ويحبّب نفسه بها الى مخلوقاته وهو أشد حباً لمن يحبونه، فهل يعقل ان يُفني حياة مَن هو اكثر حباً له، وهو المحبوب، وأهلٌ للحب، وعابدٌ لخالقه فطرةً؟ ويُفني كذلك لب الحياة وجوهرها وهو الروح، بالموت الأبدي والاعدام النهائي!! ويولّد جفوة بينه وبين محبيه ويؤلمهم أشد الايلام! فيجعل سر رحمته ونور محبته معرّضاً للانكار! حاشَ لله ألف مرة حاش للّه... فالجمال المطلق الذي زيّن بتجليه هذا الكون وجمّله، والرحمة المطلقة التي أبهجت المخلوقات قاطبة وزيّنتها، لاشك انهما منزّهتان ومقدستان بلا نهاية ولا حد عن هذه القساوة وعن هذا القبح المطلق والظلم المطلق.

النتيجة:

ما دامت في الدنيا حياة، فلابد ان الذين يفهمون سر الحياة من البشر، ولا يسيئون استعمال حياتهم، يكونون اهلاً لحياة باقية، في دار باقية وفي جنة باقية... آمنا.

* * *

ثم، ان تلألؤ المواد اللماعة على سطح الارض، وتلمّع الفقاعات والحباب والزبد على سطح البحر، ثم انطفاء ذلك التلألؤ والبريق بزوال الفقاعات ولمعان التي تعقبها كأنها مرايا لشُميسات خيالية يظهر لنا بداهة ان تلك اللمعات ما هي اِلاّ تجلي انعكاس شمسٍ واحدة عالية. وتذكر بمختلف الالسنة وجود الشمس، وتشير اليها بأصابع من نور.. وكذلك الامر في تلألؤ ذوي الحياة على سطح الارض وفي البحر، بالقدرة الإلهية وبتجلّى اسم ((المحيي)) للحي القيوم جلّ جلاله، واختفائها وراء ستار الغيب لفسح المجال للذي يخلفها - بعد أن ردّدت ((يا حي)) - ما هي اِلاّ شهادات واشارات للحياة السرمدية ولوجوب وجود الحي القيوم سبحانه وتعالى.

وكذا، فان جميع الدلائل التي تشهد على العلم الإلهي الذي تُشاهَد آثاره من تنظيم الموجودات، وجميع البراهين التي تثبت القدرة المتصرفة في الكون، وجميع الحجج التي تثبت الارادة والمشيئة المهيمنة على ادارة الكون وتنظيمه، وجميع العلامات والمعجزات التي تثبت الرسالات التي هي مدار الكلام الرباني والوحي الإلهي.. جميع هذه الدلائل التي تشهد وتدلّ على الصفات الإلهية السبع الجليلة، تدل وتشهد أيضاً بالاتفاق على حياة ((الحي القيوم)) سبحانه؛ لأنه لو وجدت الرؤية في شئ فلابد أن له حياة أيضاً، ولو كان له سمع فذلك علامة الحياة، ولو وجد الكلام فهو اشارة الى وجود الحياة، ولو كان هناك الاختيار والارادة فتلك مظاهر الحياة.. وهكذا فان جميع دلائل الصفات الجليلة التي تشاهد آثارها ويُعلم بداهة وجودها الحقيقي، أمثال القدرة المطلقة، والارادة الشاملة، والعلم المحيط، تدل على حياة ((الحي القيوم)) ووجوب وجوده، وتشهد على حياته السرمدية التي نوّرت بشعاعٍ منها جميعَ الكون وأحيَت بتجلٍ منها الدار الآخرة كلها بذراتها معاً..

* * *

والحياة كذلك تنظر وتدل على الركن الايماني (الايمان بالملائكة) وتثبته رمزاً.

اذ ما دامت الحياة هي أهم نتيجةٍ للكون، وان ذوي الحياة لنفاستهم هم اكثر انتشاراً وتكاثراً، وهم الذين يتتابعون الى دار ضيافة الارض قافلة إثر قافلة، فتعمّر بهم وتبتهج. وما دامت الكرة الأرضية هي محط هذا السيل من ذوي الحياة، فتملأ وتخلى بحكمة التجديد والتكاثر باستمرار، ويُخلق في أخس الاشياء والعفونات ذوو حياة بغزارة، حتى اصبحت الكرة الأرضية معرضاً عاماً للاحياء.. وما دام يُخلق بكثرة هائلة على الأرض أصفى خلاصة لترشح الحياة وهو الشعور والعقل والروح اللطيفة ذات الجوهر الثابت، فكأن الأرض تحيا وتتجمل بالحياة والعقل والشعور والارواح.. فلا يمكن ان تكون الاجرام السماوية التي هي اكثر لطافة واكثر نوراً وأعظم أهمية من الارض جامدة بلا حياة وبلا شعور. فالذين سيعمّرون السماوات اذن يعمرونها ويبهجون الشموس والنجوم، ويهبون لها الحيوية، ويمثلون نتيجة خلق السماوات وثمرتها، والذين سيتشرفون بالخطابات السبحانية، هم ذوو شعور وذوو حياة من سكان السموات وأهاليها المتلائمين معها حيث يوجدون هناك بسرّ الحياة، وهم الملائكة.

* * *

وكذلك ينظر سر الحياة وماهيتها ويتوجه الى ((الايمان بالرسل)) ويثبته رمزاً.

نعم! ما دام الكون قد خُلق لأجل الحيـاة، وان الحيــاة هــي اعظـم تجل واكمل نقش وأجمل صنعة للحي القيوم جـلّ جلاله، وما دامت حياته الســرمدية الخـالدة تظهر وتكشف عن نفسها بارسال الرســل وانـزال الكتب. اِذ لو لم تكن هناك ((رسل)) ولا ((كتب)) لما عُرفت تلك الحياة الازلية، فكما ان تكلم الفرد يبين حيويته وحياته كذلك الانبياء والرسل عليهم السلام والكتب المنزلة عليهم، يبـيـنون ويدلون على ذلك المتكلم الحي الذي يأمر وينهى بكلماته وخطاباته من وراء الغيب المحجوب وراء ستار الكون. فلابد ان الحياة التي في الكون تدل دلالة قاطعة على ((الحي الازلي)) سبحانه وتعالى وعلى وجوب وجوده،كما أن شعاعات الحياة الازلية كذلك وتجلياتها تنظر وتتوجه الى مالها ارتباطات وعلاقات معها من اركان الايمان مثل (ارسال الرسل) و (انزال الكتب) وتثبتهما رمزاً، ولا سيما ((الرسالة المحمدية)) و ((الوحي القرآني)). اذ يصح القول: انهما ثابتان قاطعان كقطعية ثبوت الحياة، حيث انهما بمثابة روح الحياة وعقلها.

نعم، كما ان الحياة هي خلاصة مترشحة من هذا الكون، والشعور والحس مترشحان من الحياة، فهما خلاصتها، والعقل مترشح من الشعور والحس، فهو خلاصة الشعور، والروح هي الجوهر الخالص الصافي للحياة، فهي ذاتها الثابتة المستقلة. كذلك الحياة المحمدية - المادية والمعنوية - مترشحة من الحياة ومن روح الكون، فهي خلاصة خلاصتها والرسالة المحمدية مترشحة من حسّ الكون وشعورهِ وعقلِه، فهي اصفى خلاصته، بل ان حياة محمد e - المادية والمعنوية - بشهادة آثارها حياة لحياة الكون، والرسالة المحمدية شعور لشعور الكون ونور له. والوحي القرآني بشهادة حقائقه الحيوية روح لحياة الكون وعقل لشعوره.. أجل ... أجل... أجل.

فاذا ما فارق نور الرسالة المحمدية الكون وغادره، مات الكون وتوفيت الكائنات، واذا ما غاب القرآن وفارق الكون، جنّ جنونه وفقدت الكرة الأرضية صوابها، وزلزل عقلها، وظلت بلا شعور، وأصطدمت باحدى سيارات الفـضاء، وقامت القيامة.

والحـيـاة كـذلك، تنظر الى الركـن الايماني ((الـقـدر)) وتدل عليــه وتثبـته رمــزاً؛ اذ ما دامت الحياة ضياءً لعالم الشهادة وقد استولت عليه وأحاطت به، وهي نتيجة الوجود وغايته، واوسع مرآةٍ لتجليات خالق الكون، وأتم فهرس ونموذج للفعالية الربانية، حتى كأنها بمثابة نوع من خطتها ومنهجها - اذا جاز التشبيه - فلابد أن سر الحياة يقتضي ان يكون عالم الغيب أيضاً - وهو بمعنى الماضي والمستقبل، أي المخلوقات الماضية والقابلة - في نظام وانتظام وان يكون معلوماً ومشــهوداً ومتـعيناً ومتهيأً لإمـتـثـال الأوامر الـتـكوينـية، أي كــأنه في حـياة معنوية. مَثَلُها كمثل تلك

البذرة الاصلية للشجرة وأصولها، والنوى والاثمار التي في منتهاها، التي تتميز بمزايا نوعٍ من الحياة كالشجرة نفسها. بل قد تحمل تلك البذور قوانين حياتية أدق من قوانين حياة الشجرة.

فكما أن البذور والأصول التي خلفها الخريف الماضي، وسيخلفها هذا الربيع تحمل نور الحياة وتسير وفق قوانين حياتية، مثل ما يحمله هذا الربيع من حياة، كذلك شجرة الكائنات، وكلُّ غصنٍ منه وكلُّ فرعٍ، له ماضيه ومستقبله، وله سلسلة مؤلفة من الاطوار والاوضاع، القابلة والماضية، ولكلّ نوعٍ ولكلّ جزء منه وجودٌ متعدد بأطوار مختلفة في العلم الإلهي، مشكلاً بذلك سلسلةَ وجودٍ علمي. والوجود العلمي هذا، الشبيه بالوجود الخارجي هو مظهرٌ لتجلٍ معنوي للحياة العامة، حيث تؤخذ المقدرات الحياتية من تلك الالواح القدرية الحية ذات المغزى العظيم.

نعم، ان امتلاء عالم الارواح - وهو نوع من عالم الغيب - بالارواح التي هي عين الحياة، ومادتها، وجوهرها وذواتها، يستلزم ان يكون الماضي والمستقبل - وهما نوعان من عالم الغيب وقسم ثان منه - متجلّية فيهما الحياة.. وكذا فان الانتظام التام والتناسق الكامل في الوجود العلمي الإلهي لأوضاع ذات معانٍ لطيفة لشئ ما ونتائجَه واطوارَه الحيوية ليبيّن ان له اهلية لنوع من الحياة المعنوية.

نعم، ان مثل هذا التجلي، تجلي الحياة الذي هو ضياء شمس الحياة الازلية لن ينحصر في عالم الشهادة هذا فقط، ولا في هذا الزمان الحاضر، ولا في هذا الوجود الخارجي، بل لابد أن لكل عالم من العوالم مظهراً من مظاهر تجلي ذلك الضياء حسب قابليته. فالكونُ اذن بجميع عوالمه، حيّ ومشع مضئ بذلك التجلي، وِالاّ لأصبح كل من العوالم - كما تراه عين الضلالة - جنازة هائلة مخيفة تحت هذه الدنيا المؤقتة الظاهرة، وعالماً خرباً مظلماً.

وهكذا يُفهم وجهٌ من أوجه الايمان بالقضاء والقدر من سر الحياة ويثبت به ويتضح. أي كما تظهر حيوية عالم الشهادة والموجودات الحاضرة بانتظامها وبنتائجها، كذلك المخلوقات الماضية والآتية التي تعدّ من عالم الغيب لها وجود معنوي، ذو حياة معنى، ولها ثبوت علمي ذو روح بحيث يظهر باسم المقدرات اثر تلك الحياة المعنوية بوساطة لوح القضاء والقدر.

القطعة الثالثة

من الذيل

C سؤال يرد بمناسبة مبحث الحشر:

ان ما ورد في القرآن الكريم مراراً ] اِنْ كَانَتْ اِلاّ صَيْحَةً وَاحِدَةً[ (يس:29)، ] وَمَآ اَمْرُ السَّاعَةِ اِلاَّ كَلَمْحِ الْبَصَرِ [ (النحل:77) يـبين لنا ان الحشر الاعظم سيظهر فجأة الى الوجود، في آن واحد بلا زمان. ولكن العقول الضيقة تطلب امثلة واقعية مشهودة كي تقبل وتذعن لهذا الحدث الخارق جداً والمسألة التي لا مثيل لها.

الجواب: ان في الحشر ثلاث مسائل هي: عودةُ الارواح الى الاجساد، وإحياءُ الاجساد، وانشاء الاجساد وبناؤها.

المسألة الأولى: وهي مجئ الارواح وعودتها الى اجسادها ومثاله هو:

اجتماع الجنود المنتشرين في فترة الاستراحة والمتفرقين في شتى الجهات على الصوت المدوي للبوق العسكري.

نعم، ان الصور الذي هو بوق اسرافيل عليه السلام، ليس قاصراً عن البوق العسكري كما أن طاعة الارواح التي هي في جهة الأبد وعالم الذرات والتي أجابت بـ] قَالُوا:بَلى[ (الاعراف:172) عندما سمعت نداء ] اَلَسْتُ بِرَبِكُم[ (الاعراف: 172) المقبل من اعماق الازل ونظامها يفوق بلاشك أضعاف اضعاف ما عند أفراد الجيش المنظم. وقد اثبتت((الكلمة الثلاثون)) ببراهين دامغة ان الارواح ليست وحدها جيش سبحاني بل جميع الذرات ايضاً جنوده المتأهبون للنفير العام.

المسألة الثانية: وهي إحياء الاجساد. ومثالُه هو:

مثلما يمكن اِنارة مئات الآلاف من المصابيح الكهربائية ليلة مهرجان مدينة عظيمة، من مركز واحد في لحظة واحدة، كأنها بلا زمان. كذلك يمكن انارة مئات الملايين من مصابيح الأحياء وبعثها على سطح الارض من مركز واحد. فما دامت الكهرباء وهي مخلوقة من مخلوقات الله سبحانه وتعالى وخادمة إضاءة في دار ضيافته، لها هذه الخصائص والقدرة على القيام بأعمالها حسب ما تتلقاه من تعليمات وتبليغات ونظام من خالقها، فلابد ان الحشر الاعظم سيحدث كلمح البصر ضمن القوانين المنظمة الإلهية التي يمثلها آلاف الخدم المنوّرِين كالكهرباء.

المسألة الثالثة: وهي انشاء الاجساد فوراً ومثاله هو:

انشاء جميع الاشجار والاوراق التي يزيد عددها ألف مرة على مجموع البشرية، دفعة واحدة في غضون بضعة ايام في الربيع، وبشكل كامل، وبالهيئة نفسها التي كانت عليها في الربيع السابق.. وكذلك ايجاد جميع أزهار الاشجار وثمارها واوراقها بسرعة خاطفة، كما كانت في الربيع الماضي.. وكذلك تنبّه البُذيرات والنوى والبذور وهي لا تحصى ولا تعد والتي هي منشأ ذلك الربيع في آن واحد معاً وانكشافها واحياؤها.. وكذلك نشور الجثث المنتصبة والهياكل العظمية للاشجار، وامتثالها فوراً لأمر ((البعث بعد الموت)) .. وكذلك احياء افراد انواع الحيوانات الدقيقة وطوائفها التي لا حصر لها بمنتهى الدقة والاتقان.. وكذلك حشر أمم الحشرات ولا سيما الذباب (الماثل امام اعيننا والذي يذكرنا بالوضوء والنظافة لقيامه بتنظيف يديه وعيونه وجناحيه باستمرار وملاطفته وجوهنا) الذي يفوق عدد ما ينشر منه في سنة واحدة عدد بنى آدم جميعهم من لدن آدم عليه السلام.. فحشر هذه الحشرة في كل ربيع مع سائر الحشرات الاخرى واحياؤها في بضعة ايام، لا يعطي مثالاً واحداً بل آلاف الامثلة على انشاء الاجساد البشرية فوراً يوم القيامة.

نعم، لما كانت الدنيا هي دار ((الحكمة)) والدار الآخرة هي دار ((القدرة)) فان ايجاد الاشياء في الدنيا صار بشئ من التدريج ومع الزمن. بمقتضى الحكمة الربانية وبموجب اغلب الاسماء الحسنى امثال ((الحكيم، المرتّب، المدبر، المربي)). اما في الاخرة فان ((القدرة)) و ((الرحمة)) تتظاهران اكثر من ((الحكمة)) فلا حاجة الى المادة والمدة والزمن ولا الى الانتظار. فالاشياء تنشأ هناك نشأة آنية. وما يشير اليه القرآن الكريم بـ ] وَمَآ اَمْرُ السَّاعَةِ إلاّ كَلَمْحِ البَصَرِ اَوْ هُوَ اَقْرَبُ[ (النحل:77)، هو ان ما ينشأ هنا من الاشياء في يوم واحد وفي سنة واحدة ينشأ في لمحة واحدة كلمح البصر في الآخرة.

واذا كنت ترغب ان تفهم ان مجئ الحشر أمر قطعي كقطعية مجئ الربيع المقبل وحتميته، فانعم النظر في ((الكلمة العاشرة)) و ((الكلمة التاسعة والعشرين)). وان لم تصدق به كمجئ هذا الربيع، فلك ان تحاسبني حساباً عسيراً.

المسألة الرابعة: وهي موت الدنيا وقيام الساعة، ومثاله:

انه لو اصطدم كوكب سيار او مذنّب بأمر رباني بكرتنا الارضية التي هي دار ضيافتنا، لدمّر مأوانا ومسكننا - أي الارض - كما يُدمّر في دقيقة واحدة قصر بُني في عشر سنوات.

القطعة الرابعة

من الذيل

] قَالَ مَنْ يُحْيىِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَميمٌ ^ قُل يُحْييْهَا الَّذى اَنْشَاَهَآ اَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَليمٌ[ (يس:78ــ 79)

لقد جاء في المثال الثالث في الحقيقة التاسعة للكلمة العاشرة، أنه:

اذا قال لك احدهم ان شخصاً عظيماً في الوقت الذي ينشئ امام انظارنا جيشاً ضخماً في يوم واحد يمكنه ان يجمع فرقة كاملة من الجنود المتفرقين للاستراحة بنفخ من بوق، ويجعلهم ينضوون تحت نظام الفرقة، وقلتَ: لا، لا أصدق ذلك، ألا يكون جوابك وانكارك جنوناً وبلاهة؟ كذلك، فان الذي أوجد اجساد الحيوانات كافة، وذوي الحياة كافة من العدم، تلك الاجساد التي هي كالفرق العسكرية للكائنات الشبيهة بالجيش الضخم ونظّم ذراتها ولطائفها ووضعها في موضعها اللائق، بنظام كامل وميزان حكيم بأمر ((كن فيكون))، وهو الذي يخلق في كل قرن بل في كل ربيع، مئآت الآلاف من انواع ذوي الحياة وطوائفها الشبيهة بالجيش.. فهل يمكن ان يُسأل هذا القدير وهذا العليم كيف سيجمع بصيحة واحدة من بوق اسرافيل جميع الذرات الاساس والاجزاء الاصلية من الجنود المتعارفين تحت لواء فرقة الجسد ونظامها؟! وهل يمكن ان يُستبعد هذا منه؟ أوَ ليس استبعاده بلاهة وجنوناً؟

وكذلك فان القرآن الكريم قد يذكر من افعال الله الدنيوية العجيبة والبديعة كي يعدّ الاذهان للتصديق ويحضر القلوب للايمان بافعاله المعجزة في الآخرة. أو أنه يصوّر الافعال الإلهية العجيبة التي ستحدث في المستقبل والآخرة بشكل نقنع ونطمئن اليه بما نشاهده من نظائرها العديدة. فمثلاً.

] اَوَلَمْ يَرَ الاِنْسانُ اَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَاِذَا هُوَ خَصيمٌ مُبينٌ[ الى آخر سورة (يس).. هنا في قضية الحشر، يثبت القرآن الكريم ويسوق البراهين عليها، بسبع أو ثماني صور مختلفة متنوعة.

انه يقدّم النشأة الاولى اولاً، ويعرضها للانظار قائلاً: انكم ترون نشأتكم من النطفة الى العلقة ومن العلقة الى المضغة ومن المضغة الى خلق الانسان، فكيف تنكرون اذن النشأة الاخرى التي هي مثل هذا بل أهون منه؟.. ثم يشير بـ ] اَلّذى جَعَلَ لكم مِنَ الشَّجَرِ الاَخْـضَرِ نَاراً [ (يس:80) الى تلك الآلاء وذلك الاحسان والانعام الذي انعمه الحق سبحانه على الانسان، فالذي ينعم عليكم مثل هذه النعم، لن يترككم سدى ولاعبثاً، لتدخلوا القبر وتناموا دون قيام.. ثم انه يقول رمزاً : انكم ترون احياء واخضرار الاشجار الميتة، فكيف تستبعدون اكتساب العظام الشبيهة بالحطب للحياة ولا تقيسون عليها؟.. ثم هل يمكن ان يعجز مَن خلق السماوات والارض عن اِحياء الانسان واماتته وهو ثمرة السموات والارض، وهل يمكن لمن يدير أمر الشجرة ويرعاها ان يهمل ثمرتها ويتركها للآخرين؟! فهل تظنون أن يُترك للعبث ((شجرة الخلقة)) التي عجنت جميع اجزائها بالحكمة، ويهمل ثمرتها ونتيجتها؟.. وهكذا فان الذي سيحييكم في الحشر هو مَن بيده مقاليد السموات والارض، وتخضع له الكائنات خضوع الجنود المطيعين لأمره فيسخرهم بأمر((كن فيكون)) تسخيراً كاملاً.. ومَن عنده خلق الربيع يسير وهيّن كخلق زهرة واحدة، وايجاد جميع الحيوانات سهل على قدرته كايجاد ذبابة واحدة. فلا ولن يُسأل للتعجيز صاحب هذه القدرة: ] مَنْ يُحيْىِ الْعِظَامََ[ ؟

ثم انه بعبارة ] فَسُبْحَانَ الَّذى بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِ شَيْء[ (يس:83) يبين انه سبحانه بيده مقاليد كل شئ، وعنده مفاتيح كل شئ، يقلب الليل والنهار، والشتاء والصيف بكل سهولة ويسر كأنها صفحات كتاب، والدنيا والآخرة هما عنده كمنزلين يغلق هذا ويفتح ذاك. فما دام الأمر هكذا فان نتيجة جميع الدلائل هي: ] واَلَيْهِ تُرْجَعُونَ[ أي انه يحييكم من القبر، ويسوقكم الى الحشر، ويوفي حسابكم عند ديوانه المقدس.

وهكذا ترى ان هذه الآيات قد هيأت الاذهان، واحضرت القلوب لقبول قضية الحشر، بما أظهرت نظائرها بافعال في الدنيا.

هذا وقد يذكر القرآن ايضاً افعالاً اخروية بشكل يحسس ويشير الى نظائرها الدنيوية، ليمنع الانكار والاستبعاد فمثلاً:



بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيم

] اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَت^ وَاِذَا النُّجُومُ انْكَـدَرَت^ وَاِذَا الْجِـبَـالُ سُيـِّرَت ^ وَاِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَت ^ وَاِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَت ^ وَاِذَا الْبِحَارُ سُجِرَت^ وَاِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَت ^ وَاِذَا الـمَوْؤُدَةُ سُئِلَت ^ بِاَىِّ ذَنْبٍ قُتِلَت ^ وَاذَِا الصُّحُفُ نُشِرَت^ وَاِذَا السَّمآءُ كُشِطَت ^ وَاِذَا الْجَحيمُ سُعِّرَت^ وَاِذَا الْجَنَّةُ اُزْلِفَت ^ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَآ اَحْـضَرَت[ الى اخر السورة

بِسْم الله الرَّحْمنِ الرَّحيم

] اِذَا السَّمَآءُ اْنفَطَرَت ^ وَاِذَا الْكَواكِبُ اْنَتَثَرَت ^ وَاِذَا البِحَارُ فُجِرَت ^ وَاِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَت^ عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ وَاَخَّرَتْ[ الى آخر السورة

بِسْمِ الله الرَّحْمنِ الرَّحِيم

] اِذَا السَّمَآءُ انْشَقَّت ^ وَاَذِنَتْ لِرَبِهَا وَحُقَّت ^ وَاِذَا الارْضُ مُدَّت ^ وَاَلْقَتْ مَا فِىهَا وَتَخَلَّت ^ وَاَذِنَتْ لِرَبِهَا وَحُقَّتْ [ الى آخر السورة

فترى ان هذه السوّر تذكر الانقلابات العظيمة والتصرفات الربانية الهائلة باسلوب يجعل القلب أسير دهشة هائلة يضيق العقل دونها ويبقى في حيرة. ولكن الانسان ما أن يرى نظائرها في الخريف والربيع اِلاّ ويقبلها بكل سهولة ويسر. ولما كان تفسير السور الثلاث هذه يطول، لذا سنأخذ كلمة واحدة نموذجاً، فمثلاً:

] وَاِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ[ تفيد هذه الآية: ستنشر في الحشر جميع اعمال الفرد مكتوبة على صحيفة. وحيث ان هذه المسألة عجيبة بذاتها فلا يرى العقل اليها سبيلاً، اِلاّ أن السورة كما تشير الى الحشر الربيعي وكما ان للنقاط الاخرى نظائرها وأمثلتها كذلك نظير نشر الصحف ومثالها واضح جلي. فلكل ثمر ولكل عشب ولكل شجر، أعمال وله أفعال وله وظائف وله عبودية وتسبيحات بالشكل الذي تـظهر به الاسماء الإلهية الحسنى، فجميع هذه الاعمال مندرجة مع تاريخ حياته في بذوره ونواه كلها. وستظهر جميعها في ربيع آخر ومكان آخر. أي انه كما يذكر بفصاحة بالغة أعمال أمهاته وأصوله بالصورة والشكل الظاهر، فانه ينشر كذلك صحائف أعماله بنشر الاغصان وتفتح الاوراق والاثمار.

نعم، اِن الذي يفعل هذا أمام أعيننا بكل حكمة وحفظ وتدبير وتربية ولطف هو الذي يقول ] وَاِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ[ .

وهكذا قس النقاط الاخرى على هذا المنوال. وان كانت لديك قوة استنباط فاستنبط.

ولاجل مساعدتك ومعاونتك سنذكر ] اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ[ ايضاً. فان لفظ ((كُوِّرَتْ)) الذي يرد في هذا الكلام هو بمعنى: لُفّتْ وجُمعتْ، فهو مثال رائع ساطع فوق أنه يومئ الى نظيره ومثيله في الدنيا:

اولاً: ان الله سبحانه وتعالى قد رفع ستائر العدم والاثير والسماء، عن جوهرة الشمس التي تضئ الدنيا كالمصباح، فأخرجها من خزينة رحمته واظهرها الى الدنيا. وسيلفّ تلك الجوهرة بأغلفتها عندما تنتهي هذه الدنيا وتنسد أبوابها.

ثانياً: ان الشمس موظفة ومأمورة بنشر غلالات الضوء في الاسحار ولفّها في الأماسي، وهكذا يتناوب الليل والنهار عل هامة الارض، وهي تجمع متاعها مقللة من تعاملها، أو قد يكون القمر - الى حدٍ ما - نقابا لأخذها وعطائها ذلك. أي كما ان هذه الموظفة تجمع متاعها وتطوي دفاتر اعمالها بهذه الاسباب فلابد من أن يأتي يوم تعفى من مهامها، وتفصل من وظيفتها، حتى ان لم يكن هناك سبب للاعفاء والعزل. ولعلّ توسع ما يشاهده الفلكيون على وجهها من البقعتين الصغيرتين الآن اللتين تتوسعان وتتضخمان رويداً رويداً، تسترجع الشمس - بهذا التوسع - وبأمر رباني ما لفّته ونشرته على رأس الارض باذن إلهي من الضوء، فتلف به نفسها. فيقول ربّ العزة: الى هنا انتهت مهمتك مع الارض، فهيّا الى جهنم لتحرقي الذين عبدوك وأهانوا موظفة مسخرة مثلك وحقروها متهمين اِياها بالخيانة وعدم الوفاء.

بهذا تقرأ الشمسُ الامرَ الرباني ] اِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ[ على وجهها المبقع.

القطعة الخامسة

من الذيل

ان اخبار مائة واربعة وعشرين ألفاً من المصطفين الاخيار وهم الانبياء والمرسلون(1) عليهم الصلاة والسلام - كما نص عليه الحديث - اخباراً بالاجماع والتواتر مستندين الى الشهود عند بعضهم والى حق اليقين عند آخرين، عن وجود الدار الآخرة، واعلانهم بالاجماع ان الناس سيساقون اليها، وان الخالق سبحانه وتعالى سيأتي بالدار الآخرة بلا ريب، مثلما وعد بذلك وعداً قاطعاً.

وان تصديق مائة واربعة وعشرين مليوناً من الأولياء كشفاً وشهوداً ما أخبر به هؤلاء الأنبياء عليهم السلام، وشهادتهم على وجود الآخرة بعلم اليقين دليل قاطع وايّ دليل على وجود الآخرة..

وكذا، فان تجلّيات جميع الأسماء الحسنى لخالق الكون المتجلّية في ارجاء العالم كله، تقتضي بالبداهة وجود عالم آخر خالد، وتدل دلالة واضحة على وجود الآخرة.

وكذا القدرة الإلهية وحكمتها المطلقة، التي لا اسراف فيها ولا عبث، والتي تحيي جنائز الأشجار الميّتة وهياكلها المنتصبة، تحييها وهي لا تعد ولا تحصى على سطح الأرض في كل ربيع، وفي كل سنة، بأمر ((كن فيكون)) وتجعلها علامة على ((البعث بعد الموت)) فتحشر ثلائمائة ألف نوع من طوائف النباتات وأمم الحيوانات وتنشرها، مظهرةً بذلك مئات الالوف من نماذج الحشر والنشور ودلائل وجود الآخرة.

وكذا الرحمة الواسعة التي تديم حياة جميع ذوي الأرواح المحتاجة الى الرزق، وتعيّشها بكمال الرأفة عيشة خارقة للغاية. والعناية الدائمة التي تظهر انواع الزينة والمحاسن بما لا يُعدّ ولا يحصى، في فترة قصيرة جداً في كل ربيع. لا شك أنهما تستلزمان وجود الآخرة بداهة.



وكذا، عشق البقاء، والشوق الى الأبدية وآمال السرمدية المغروزة غرزاً لا انفصام لها في فطرة هذا الانسان الذي هو أكمل ثمرة لهذا الكون، وأحب مخلوق الى خالق الكون، وهو أوثق صلة مع موجودات الكون كله، لا شك انه يشير بالبداهة الى وجود عالم باقٍ بعد هذا العالم الفاني، والى وجود عالم الآخرة ودار السعادة الأبدية.

فجميع هذه الدلائل تثبتبقطعية تامة - الى حدّ يستلزم القبول - وجود الآخرة بمثل بداهة وجود الدنيا(1). فما دام أهم درس يلقننا القرآن ايّاه هو ((الأيمان بالآخرة)) وهذا الدرس رصين ومتين الى هذه الدرجة، وفي ذلك الايمان نور باهر ورجاء شديد وسلوان عظيم ما لو اجتمعت مائة الف شيخوخة في شخص واحد لكفاها ذلك النور، وذلك الرجاء، ذلك السلوان النابع من هذا الايمان؛ لذا علينا نحن الشيوخ ان نفرح بشيخوختنا ونبتهج قائلين:

((الحمد لله على كمال الايمان
__________________
رفيقك علم الله فلابد ان لا تنسى رفيقك
عبدالرزاق غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس