عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-2009
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: تذكرة المحبيّن في أسماء سيّد المرسلين

بابٌ

في مَعْنى اسْمِه

مُحَمَّد صَلَّى اللَّهُ عَليه وسلّم وشَرّف وكَرّم ومَجّد وعظّم



"محمد اسمٌ من أسمائه عليه السّلام، ورَدت به الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، وأَجمعت عليه الأمّة المحمّديّة؛ أما القرآن فقد قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ} (الفتح -29)
.
وقال عَزَّ مِنْ قائل: {وَالَّذِيْنَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحَاتتِ، وآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الحَقُّ مِنَّ ربِّهِمْ كَفِّرَ عَنْهُمْ سيئاتِهِمْ وأَصْلَحَ بالَهُمْ} (محمّد -2)
.
وقال سُبحانه: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ، ولكِنْ رَسُوْلَ اللَّهِ، وَخَاتَمَ النَّبِيِّيْنَ} (الأحزاب - 33)
.
وقال جلّ جلاله: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ} (آل عمران -14}
.
فهذه الآيات كلها من ربّ العزة، قد صرّحت بهذا الاسم الشريف ودلّت على العناية الرّبانية به من الرَّبِّ اللَّطيف، فأسنَد الحكم بالرسالة إليه وتعيّنت عَلَمِيّته، واختصاصُه بالتّسمية في الوجود، وأُخبر الحاضرون عن معلومهم بأنّه رسولُ الإله الملك المعبُود.

وأمّا الأحاديثُ النبويّة فكثيرةٌ لا تُحْصَى، وورود هذا الاسم في الكلام النَّبوي لا يُحاطَ به، ولا يُسْتقْصى.

رَوينا من طرقٍ كثيرةٍ، في كُتببٍ مرويّةٍ من البُخاري، ومُسلم، والنَّسائي ما يَنتهي إسنادُه إلى محمّد بن جُبَير بن مُطعم، وغيره قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لي خَمْسَةُ أَسْمَاء، أنا مُحَمَّد، وأَنا أَحْمَد، وأنا المَاحِي الذي يمحُو الله بي الكُفر، وأنا الحاشِر (8ب) الذي يَحشر اللَّهُ النّاسَ على قَدمِي، وأنا العَاقِب».

وقد رُوي عنه عليه السلام أنه قال: «لي عشرة أسماء..» فذكر الخَمسة ثمّ قال «... أنا رسُول الرَّحمة، ورسولُ الرَّاحة، ورسولُ المَلاحِم، وأنا المُقْتَفِي، وأنا قُثَم».

ورُوي أَيضاً في بعض الأَحاديث «لي في القُرآن سَبعةُ أَسماء فذكَر منها محمّداً، وأَحمَد، ويس، وطه، والمدّثر، والمزَّمِّل، وعبد الله».

وسنتكلّم ــــ إن شاء اللّه ــــ على كل اسم منها في بابه. والذي يجب التنبيه عليه هنا، أنّ هذه الأَحاديث لا تَعارُضَ فيها: إمّا أن نقول: العدد لا مفهومَ له، أو يُقال: إنه عليه السلام حيث قال: «لي خمسة أسماء...» لم تكن له في ذلك الزمان إلاّ تلك الخمسة الأَسماء؛ ثم بعد ذلك أَعلمه اللَّه سبحانه بأن له أَسماءً غيرَها، وأظهر له ثانياً ما لم يظهر له أولاً من الأسماء.

وقيل معنى قوله عليه السلام: «لي خمسة أسماء...» أنها موجودة في الكتب المتقدمة، وعند أُولي العِلم من الأُمم السّابقة.

وأما إجماعُ الأُمّة المحمّديّة، فقد أجمعت الخلائقُ أنَّ هذا الاسم لم يتسمَّ به أَحدٌ غير نبيّنا ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ لا من العرب، ولا من غيرها، إلى أنْ شاعَ قبلَ وجودِه عليه السلام وقبل ميلاده، أَنّ نبيّاً يُبعث اسمُه «محمد» فَسمَّى قومٌ قليلون من العربِ أبناءَهم بذلك رجاءَ أن يكونَ أحدهم هو.

وقد، منع اللّه أن يُسَمَّى به أهل أرضهِ قبل وجودِه وسماواته، وَاللَّهُ أَعْلَمُ حَيْث يجعلُ رِسَالاتِه، ومن تَسمَّى بذلك من العرب معدودون إما سبعة، أو ما قاربها، وهذا من حِكمة اللَّه تعالى، وكمال رحمته في كونه، حمى الخلائق أن يتسَمَّوا بهذا الاسم، قبل وجود نبيّنا محمد ــــ صلى الله عليه وسلم، حتى لا يدخلَ على ضعيف القلببِ شكٌّ، ولا يماذجَ أَحداً فيه ريب.

ومن كرامات اللّه بهِ، أنّ مَنْ تسمّى بذلك طمعاً في النبوءة، لم يَدّع نبوءة، ولم تُدَّعَ له، ولم يتشكّك في ذلك أحدٌ منهم حتى (9أ) تحقّقت الرسالة والنبوءة لمن خصَّه المولى جلّ جلالُه بكماللِ الاصطِفاء. وسَمّاه الرؤوف الرحيم، وظهر للعالم فيه مصداق قوله تعالى: { يَخْتَصُّ بِرَحْمتِهِ مَن يَشَّاءُ واللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيْمِ} (آل عمران: 74)

لا إله إلاّ هو الرّبُّ الكريم.

وهذا الاسم الأكرمُ، على وزن مُفَعَّل، من الحَمْد؛ وأصْلُ فِعله حَمّدته تحميداً أي بالغتُ في حَمْدِه والثناء عليه. فإنّ الزيادةَ في المبنى تدلُّ على الزيادة في المعنى، فلفظ محمّد: اسمٌ مأخوذ من حُمِدَ، بمعنى أنه جَعله محموداً بكل لسان، مذكوراً في كل أوان، حَمِدَه الأَوّلون والآخرون، وأَثْنَتْ عليه الملائكة المقرَّبون، ونطقت عند مشاهدةِ نوره بحمده أَلْسُنُ الأكوان، وتَزَخْرَفَت بجميل ثنائه في العالم النَّضْرَةُ الحِسَان، وعجزت جَهابِذةُ البُلَغاء عن ذكر وصفِه بعد أنْ عَظَّمَ خلقَه مَنْ على الوجود بصفته وهو الواحد المنّان.

فهو ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ أَجلُّ مَنْ حَمَدَ، وأَفْضَلُ مَنْ حُمِد؛ وهو أحْمَدُ المحمودين، وأحْمَدُ الحامدين. فحقيقٌ أنْ سمّاه ربُّه محمّداً صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً سلاماً مؤبداً. " اهـ.


فصل



"ما ذكرته أنّ الله تعالى هو المسمَّي له محمداً ــــ صلى الله عليه وسلم وهو المقطوع به من اعتناء مولاه له، وهو المنقول في سِيره عليه السّلام.

رُوي من طريق أبي جعفر محمد بن عليّ، من طريق ابن سعد قال: أُمرت آمنة وهي حامل برسول الله صلى الله عليه وسلم ــــ أن تُسَمّيه أحمد.

وروى ابنُ إسحاق أنّها سمعت، حين حَملت به، قائلاً يقول لها: إِنك حملتتِ بسيّد هذه الأُمَّة. وفيه: إذا وضعْتِه فِسمته محمداً. فالآثارُ الكثيرة دالّة على أنّ الاسم الكريم، اختاره له ربَّه، وخصَّه بهِ وشهَره به في أرضِه، فكان اسمه فيها محمداً؛ وجعل اسمه في السماء أحمد، وجعل اسمه في البحار الماحي.

ويُروى أن آدم عليه السلام، سأل ربه عز وجل: لأيّ شيءٍ سمّيته في الأرض محمّداً وفي السماء أحمد (9ب) فأجابه ربّ العزة: لأنّ أهل المشرق والمغرب يتبعونه، ويحمدونه ويثنون عليه، فسميَّتُهُ في الأَرض محمّداً، وأهل السّماء من الملائكة قد حمدوا ربّهم، وأثنوا عليه. فكان محمد ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ أَحْمَدُهم لربة فَسُمّي في السماءِ أحمد.

وكذا وجدتُه في بعض الآثار، ومشهور الإِخبار، أن اسمه في السَّماء أحمد، وفي الأرض محمدٌ، وفي البحار الماحي، وآدم عليه السّلام سأل عن سرّ تسمية نبينا ومولانا محمّد صلى الله عليه وسلم بالأسمين الشريفين في الأرض والسَّماء.

وأجابَ ربّ العزة، جل جلاله العالمُ بخفيّات الأمور بجوابٍ شَفى به الصدور؛ ولم يسألة آدم عليه السلام عن تخصيص اسمه (الماحي في البحار)، مع أنَّ الأثر الذي يسأل عن تخصيصه به موجودٌ فيه: (في البحار).

ولعلّ آدم عليه الصَّلاة والسَّلامَ رآه أمراً بيّناً، جليّاً، وفهم معناه، وكان عنده مَرْضِيّاً، في بعض الرّوايات بقوله: «الذي يَمْحُو بي اللَّه الكفر»، وظهر لي جوابٌ ــــ فتَح اللّه به ــــ في تخصيصه بالماحي في البحار، أذكره ــــ إن شاء الله ــــ في اسمه الماحي ــــ صلى الله عليه وسلم. " اهـ.




وصاحب الاكتفا ــــ رحمه الله ــــ قال: يُروى أنّ عبد المطلب إنّما سمّاه محمّداً لرؤيا ــــ زَعموا أنّه رآها في منامه ــــ: كأنّ سلسلة من فضّةٍ خَرجت من ظهره لها طرفٌ في السَّماء، وطرفٌ في الأرض، وطرفٌ في المشرق وطرفٌ في المغرب، ثم عادت وكأَنها شَجرة على كلّ ورقة منها نُور، وإذا أهلُ المشرق والمغرب يتعلّقون بها. فقصَّها، فَفُسَّرت له لمولود من صُلْبِه يتبعُه أَهلُ المَشْرِق والمَغْرِب، ويحمده أهلُ السَّماء والأَرض، فلذا سماه محمداً، مع ما حَدَّثت به آمنة أُمَّه.

وهذا الخبر، وإن كانَ بظاهِره يُخالفُ ما ذكرناه أوّلاً فالجمع فيه قريب؛ وذلك أنَّ الألطاف الربّانيّة من ربّ الأرباب بهذا النبي من الأمر العجيب، فجرت معه خوارق العادات، ونَطقت عند بروز هذا النّور إلى الأرض الأكوانُ وظهرت، وأنْطَق اللَّهُ الملائكة، وأَنزلها (10أ) إلى الأرض اعْتناءً بحبيبه، وأظهر من أَجْله الكَرامات، فسمعت أُمّه ما حقّقت به أنه سيّد الأرض والسَّماوات، ولذا قالت لِحليمة لما قدمت به عليها، وخافت عليه أن يناله شيء لديها وأرادت رده إليها: أنَكِ خفْتتِ على ولدي من الشَّيطان، لا والله ليسَ للشيطان على ولدي سبيل، فإنّي رأيتُ عند حملي به ووضعه ما دلّني على أنه سيّد المخلوقات. فحققت أُمّه الأَمر بهذه التسمية له أنها من الله، وأَلهم ذلك ــــ سبحانه ــــ جَدّه عبد المطلب، فطابقَ ما عنده من النّظر ما سمّاه به ربّه ربّ البريّات
." اهـ


__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس