عرض مشاركة واحدة
قديم 04-22-2009
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم


الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين، وبعد:


قرأتُ لكم من كتاب (عوارف المعارف) لسيدي الشيخ العارف بالله السهروردي :

الباب التاسع في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم


فمن أولئك قوم يسمون نفوسهم قلندرية تارة وملامتية أخرى؛ وقد ذكرنا حال الملامتي، وأنه حال شريف ومقام عزيز، وتمسك بالسنن والآثار، وتحقق بالإخلاص والصدق، وليس مما يزعم المفتونون بشيء.

فأما القلندرية: فهو إشارة إلى أقوام ملكهم سكر طيبة قلوبهم حتى خربوا العادات، وطرحوا التقيـيد بآداب المجالسات والمخالطات، وساحوا في ميادين طيبة قلوبهم؛ فقلَّت أعمالهم من الصوم والصلاة إلا الفرائض، ولم يبالوا بتناول شيء من لذات الدنيا من كل ما كان مباحاً برخصة الشرع، وربما اقتصروا على رعاية الرخصة ولم يطلبوا حقائق العزيمة، ومع ذلك هم متمسكون بترك الادخار، وترك الجمع والاستكثار، ولا يترسمون بمراسم المتقشفين والمتزهدين والمتعبدين، وقنعوا بطيبة قلوبهم مع الله تعالى، واقتصروا على ذلك وليس عندهم تطلع إلى طلع مزيد سوى ما هم عليه من طيبة القلوب،

والفرق بـين الملامتي والقلندري: أن الملامتي يعمل في كتم العبادات، والقلندري يعمل في تخريب العادات، والملامتي يتمسك بكل أبواب البر والخير ويرى الفضل فيه، ولكن يخفي الأعمال والأحوال ويوقف نفسه موقف العوام في هيئته وملبوسه وحركاته وأموره ستراً للحال لئلا يفطن له، وهو مع ذلك متطلع إلى طلب المزيد باذل مجهوده، في كل ما يتقرب به العبـيد.

والقلندري لا يتقيد بهيئة ولا يبالي بما يعرف من حاله وما لا يعرف، ولا ينعطف إلا على طيبة القلوب وهو رأس ماله،

والصوفي يضع الأشياء مواضعها ويدبر الأوقات والأحوال كلها بالعلم، يقيم الخلق مقامه ويقيم أمر الحق مقامهم، ويستر ما ينبغي أن يستر ويظهر ما ينبغي أن يظهر، ويأتي بالأمور في موضعها بحضور عقل وصحة توحيد وكمال معرفة ورعاية صدق وإخلاص،

فقوم من المفتونين سموا أنفسهم ملامتية ولبسوا لبسة الصوفية لينتسبوا بها إلى الصوفية وما هم من الصوفية بشيء، بل هم في غرور وغلط، يتسترون بلبسة الصوفية توقيتاً تارة ودعوى أخرى، وينتهجون مناهج أهل الإباحة، ويزعمون أن ضمائرهم خلصت إلى الله تعالى، ويقولون: هذا هو الظفر بالمراد، والارتسام بمراسم الشريعة رتبة العوام والقاصرين الأفهام المنحصرين في مضيق الاقتداء تقليداً، وهذا هو عين الإلحاد والزندقة والإبعاد، فكل حقيقة ردتها الشريعة فهي زندقة، وجهل هؤلاء المغرورون أن الشريعة حق العبودية، والحقيقة هي حقيقة العبودية، ومن صار من أهل الحقيقة تقيد بحقوق العبودية وصار مطالباً بأمور وزيادات لا يطالب بها من لم يصل إلى ذلك، لا أنه يخلع عن عنقه ربقة التكليف ويخامر باطنه الزيغ والتحريف." اهـ.



يتبع إن شاء الله تعالى...
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس