عرض مشاركة واحدة
قديم 04-22-2009
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم

"ومن جملة أولئك قوم يقولون بالحلول ويزعمون أن الله تعالى يحل فيهم ويحل في أجسام يصطفيها، ويسبق لأفهامهم معنى من قول النصارى في اللاهوت والناسوت. ومنهم من يستبـيح النظر إلى المستحسنات إشارة إلى هذا الوهم، ويتخايل له أن من قال كلمات في بعض غلباته كان مضمراً لشيء مما زعموه، مثل قول الحلاج: أنا الحق، وما يحكى عن أبـي يزيد من قوله: سبحاني، حاشا أن نعتقد في أبـي يزيد أنه يقول ذلك إلا على معنى الحكاية عن الله تعالى، وهكذا ينبغي أن يعتقد في قول الحلاج ذلك، ولو علمنا أنه ذكر ذلك القول مضمراً لشيء من الحلول رددناه كما نردهم،

وقد أتانا رسول الله بشريعة بـيضاء نقية يستقيم بها كل معوج، وقد دلتنا عقولنا على ما يجوز وصف الله تعالى به وما لا يجوز، والله تعالى منزه أن يحل به شيء أو يحل بشيء، حتى لعل بعض المفتونين يكون عنده ذكاء وفطنة غريزية. ويكون قد سمع كلمات تعلقت بباطنه فيتألف له في فكره كلمات ينسبها إلى الله تعالى وأنها مكالمة الله إياه، مثل أن يقول: قال لي وقلت له، وهذا رجل إما جاهل بنفسه وحديثها جاهل بربه وبكيفية المكالمة والمحادثة وإما عالم ببطلان ما يقول، يحمله هواه على الدعوى بذلك ليوهم أنه ظفر بشيء، وكل هذا ضلال، ويكون سبب تجرئه على هذا ما سمع من كلام بعض المحققين مخاطبات وردت عليهم بعد طول معاملات لهم ظاهرة وباطنة، وتمسكهم بأصول القوم من صدق التقوى وكمال الزهد في الدنيا، فلما صفت أسرارهم تشكلت في سرائرهم مخاطبات موافقة للكتاب والسنة، فنزلت بهم تلك المخاطبات عند استغراق السرائر، ولا يكون ذلك كلاماً يسمعونه بل كحديث في النفس يجدونه برؤية موافقاً للكتاب والسنة، مفهوماً عند أهله موافقاً للعلم، ويكون ذلك مناجاة لسرائرهم، ومناجاة سرائرهم إياهم، فيثبتون لنفوسهم مقام العبودية ولمولاهم الربوبـية، فيضيفون ما يجدونه إلى نفوسهم وإلى مولاهم، وهم مع ذلك عالمون بأن ذلك ليس كلام الله إنما هو علم حادث أحدثه الله في بواطنهم،

فطريق الأصحاء في ذلك الفرار إلى الله تعالى من كل ما تحدث نفوسهم به حتى إذا برئت ساحتهم من الهوى ألهموا في بواطنهم شيئاً ينسبونه إلى الله تعالى نسبة الحادث إلى المحدث لا نسبة الكلام إلى المتكلم، لينصانوا عن الزيغ والتحريف، ومن أولئك قوم يزعمون أنهم يغرقون في بحار التوحيد ولا يثبتون؟ ويسقطون لنفوسهم حركة وفعلاً يزعمون أنهم مجبورون على الأشياء وأن لا فعل لهم مع فعل الله، ويسترسلون في المعاصي وكل ما تدعو النفس إليه، ويركنون إلى البطالة ودوام الغفلة والاغترار بالله والخروج من الملة وترك الحدود والأحكام والحلال والحرام." اهـ.


"وقد سئل سهل عن رجل يقول: أنا كالباب لا أتحرك إلا إذا حركت، قال: هذا لا يقوله إلا أحد رجلين: إما صديق أو زنديق، لأن الصديق يقول هذا القول إشارة إلى أن قوام الأشياء بالله مع إحكام الأصول ورعاية حدود العبودية،

والزنديق يقول ذلك إحالة للأشياء على الله وإسقاطاً للأئمة عن نفسه وانخلاعاً عن الدين ورسمه، فأما من كان معتقداً للحلال والحرام والحدود والأحكام، معترفاً بالمعصية إذا صدرت منه معتقداً وجوب التوبة منها فهو سليم صحيح، وإن كان تحت القصور بما يركن إليه من البطالة ويتروح بهوى النفس إلى الأسفار والتردد في البلاد، متوصلاً إلى تناول اللذائذ والشهوات، غير متمسك بشيخ يؤدبه ويهذبه ويبصره بعيب ما هو فيه، والله الموفق." اهـ.





ويتبع من نقول اخرى ان شاء الله
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس