عرض مشاركة واحدة
قديم 04-22-2009
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: في ذكر من انتمى إلى الصوفية وليس منهم

ولنواصل القراءة في الأقوال المأثورة عن الإنتماءات المشبوهة لطرق ساداتنا الصوفية :


ففي السفر العظيم (إحياء علوم الدين) لمولانا الإمام أبي حامد الغزالي رضي الله عنه ورفع درجاته في جناته ونفعنا وإيّاكم وجميع مَن أحبّه، به وبعلومه وأنواره وبركاته وأسراره وإمداده في الدارين... اللهم آمين، يقول في كتاب ذم الغرور
:




"الصنف الثالث: المتصوّفة وما أغلب الغرور عليهم والمغترون منهم فرق كثيرة.

ففرقة منهم: وهو متصوّفة أهل الزمان إلا من عصمة الله اغتروا بالزي والهيئة والمنطق، فساعدوا الصادقين من الصوفية في زيهم وهيئتهم وفي ألفاظهم وفي آدابهم ومراسمهم واصطلاحاتهم، وفي أحوالهم الظاهرة في السماع والرقص والطهارة والصلاة والجلوس على السجادات مع إطراق الرأس وإدخاله في الجيب كالمتفكر وفي تنفس الصعداء وفي خفض الصوت في الحديث إلى غير ذلك من الشمائل والهيئات، فلما تكلفوا هذه الأمور وتشبهوا بهم فيها ظنوا أنهم أيضاً صوفية ولم يتعبوا قط في المجاهدة والرياضة ومراقبة القلب، وتطهير الباطن والظاهر من الآثام الخفية والجلية، وكل ذلك من أوائل منازل التصوف، ولو فرغوا عن جميعها لما جاز لهم أن يعدوا أنفسهم في الصوفية؟ كيف ولم يحوموا قط حولها ولم يسوموا أنفسهم شيئاً منها؟ بل يتكالبون على الحرام والشبهات وأموال السلاطين ويتنافسون في الرغيف والفلس والحبة ويتحاسدون على النقير والقطمير، ويمزق بعضهم أعراض بعض مهما خالفه في شيء من غرضه.

وهؤلاء غرورهم ظاهر ومثالهم مثال امرأة عجوز سمعت أن الشجعان والأبطال من المقاتلين ثبتت أسماؤهم في الديوان ويقطع لكل واحد منهم قطر من أقطار المملكة، فتاقت نفسها إلى أن يقطع لها مملكة فلبست درعاً ووضعت على رأسها مغفراً وتعلمت من رجز الأبطال أبـياتاً وتعودت إيراد تلك الأبـيات بنغماتهم حتى تيسرت عليها وتعلمت كيفية تبخترهم في الميدان وكيف تحريكهم الأيدي وتلفقت جميع شمائلهم في الزي والمنطق والحركات والسكنات، ثم توجهت إلى المعسكر ليثبت اسمها في ديوان الشجعان، فلما وصلت إلى المعسكر أنفذت إلى ديوان العرض وأمر بأن تجرد عن المغفر والدرع وينظر ما تحته وتمتحن بالمبارزة مع بعض الشجعان ليعرف قدر عنائها في الشجاعة، فلما جردت عن المغفر والدرع فإذا هي عجوز ضعيفة زمنة لا تطيق حمل الدرع والمغفر؟ فقيل لها أجئت للاستهزاء بالملك وللاستخفاف بأهل حضرته والتلبـيس عليهم خذوها فألقوها قدام الفيل لسخفها فألقيت إلى الفيل. فهكذا يكون حال المدعين للتصوف في القيامة إذا كشف عنهم الغطاء وعرضوا على القاضي الأكبر الذي لا ينظر إلى الزي والمرقع بل إلى سرّ القلب." اهـ



"وفرقة أخرى: زادت على هؤلاء في الغرور إذ شق عليها الاقتداء بهم في بذاذة الثياب والرضا بالدون، فأرادت أن تتظاهر بالتصوف ولم تجد بدّاً من التزين بزيهم فتركوا الحرير والإبريسم وطلبوا المرقعات النفيسة والفوط الرقيقة والسجادات المصبغة ولبسوا من الثياب ما هو أرفع قيمةً من الحرير والإبريسم، وظن أحدهم مع ذلك أنه متصوّف بمجرّد لون الثوب وكونه مرقعاً، ونسي أنهم إنما لونوا الثياب لئلا يطول عليهم غسلها كل ساعة لإزالة الوسخ، وإنما لبسوا المرقعات إذ كانت ثيابهم مخرقة فكانوا يرقعونها ولا يلبسون الجديد فأما تقطيع الفوط الرقيقة قطعة قطعة وخياطة المرقعات منها فمن أين يشبه ما اعتادوه؟

فهؤلاء أظهر حماقة من كافة كافة المغرورين، فإنهم يتنعمون بنفيس الثياب ولذيذ الأطعمة ويطلبون رغد العيش ويأكلون أموال السلاطين ولا يجتنبون المعاصي الظاهرة فضلاً عن الباطنة وهم مع ذلك يظنون بأنفسهم الخير وشر هؤلاء مما يتعدى إلى الخلق إذ يهلك من يقتدي بهم، ومن لا يقتدي بهم تفسد عقيدته في أهل التصوف كافة ويظنّ أن جميعهم كانوا من جنسه فيطول اللسان في الصادقين منهم، وكل ذلك من شؤم المتشبهين وشرهم." اهـ

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس