عرض مشاركة واحدة
قديم 08-13-2008
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وصية: -

وعليك بملازمة ما افترضه الله عليك على الوجه الذي أمرك أن تقوم فيه فإذا أكملت نشأة فرائضك وإكمالها فرض عليك حينئذ تتفرّغ ما بين الفرضين لنوافل الخيرات كانت ما كانت ولا تحقر شيئاً من عملك فإن الله ما احتقره حين خلقه وأوجده فإن الله ما كلفك بأمر إلا وله بذلك الأمر اعتناء وعناية حتى كلفك به مع كونك في الرتبة أعظم عنده فإنك محل لوجود ما كلفك به إذ كان التكليف لا يتعلق إلا بأفعال المكلفين فيتعلق بالمكلف من حيث فعله لا من حيث عينه واعلم أنك إذا ثابرت على أداء الفرائض فإنك تقرّبت إلى الله بأحب الأمور المقرّبة إليه وإذا كنت صاحب هذه الصفة كنت سمع الحق وبصره فلا يسمع إلا بك ولا يبصر إلا بك فيد الحق يدك ((إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم وأيديهم من حيث يد الله هي فوق أيديهم )) من حيث ما هي أيديهم فإنها المبايعة اسم فاعل والفاعل هو الله فأيديهم يد الله فبأيديهم بايع تعالى وهم المبايعون والأسباب كلها يد الحق التي لها اقتدار على إيجاد المسببات وهذه هي المحبة العظمى التي ما ورد فيها نص جلي كما ورد في النوافل فإن للمثابرة على النوافل حباً إلهياً منصوصاً عليه يكون الحق سمع العبد وبصره كما كان الأمر بالعكس في حب أداء الفرائض ففي الفرض عبودية الاضطرار وهي الأصلية وفي الفرع وهو النفل عبودية الاختيار فالحق فيها سمعك وبصرك ويسمى نفلاً لأنه زائد كما أنك بالأصالة زائد في الوجود إذ كان الله ولا أنت ثم كنت فزاد الوجود الحادث فأنت نفل في وجود الحق فلا بد لك من عمل يسمى نفلاً هو أصلك ولا بد من عمل يسمى فرضاً وهو أصل الوجود وهو وجود الحق ففي أداء الفرض أنت له وفي النفل أنت لك وحبه إياك من حيث ما أنت له أعظم وأشد من حبه إياك من حيث ما أنت لك وقد ورد في الخبر الصحيح عن الله تعالى ( ما تقرّب إلي عبد بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحببته فكنت سمعه الذي به يسمع وبصره الذي به يبصره ويده التي يبطش ورجله التي بها يمشي ولئن سألني لأعطيته ولئن استعاذ بي لأعيذته وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته) فانظر إلى ما تنتجه محبة الله فثابر على أداء ما يصح به وجود هذه المحبة الإلهية ولا يصح نفل إلا بعد تكملة الفرض وفي النفل عينه فروض ونوافل فبما فيه من الفروض تكمل الفرائض ورد في الصحيح أنه يقول تعالى ( انظروا في صلاة عبدي أتمها أم نقصها) فإن كانت تامة كتبت له تامة وإن كان انتقص منها شيئاً قال (انظروا هل لعبدي من تطوّع ) فإن كان له من تطوع قال الله ( أكملوا لعبدي فريضته من تطوّعه ) ثم تؤخذ الأعمال على ذلكم وليست النوافل إلا ما لها أصل في الفرائض وما لا أصل له في فرض فذلك إنشاء عيادة مستقلة يسميها علماء الرسوم بدعة فإن الله تعالى قال (( ورهبانية ابتدعوها )) وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة حسنة والذي سنها لها أجرها من عمل بها إلى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ولما لم يكن في قوّة النفل أن يسد مسد الفرض جعل في نفس النفل فروضاً لتجبر الفرائض بالفرائض كصلاة النافلة بحكم الأصل ثم أنها تشتمل على فرائض من ذكر وركوع وسجود مع كونها في الأصل نافلة وهذه الأقوال والأفعال فرائض فيها - .]



وصية: -

وعليك بمراعاة أقوالك كما تراعي أعمالك فإن أقوالك من جملة عملك ولهذا قال بعض العلماء من عد كلامه من عمله قل كلامه واعلم أن الله راعى أقوال عباده وأن الله عند لسان كل قائل فما نهاك الله عنه أن تتلفظ به فلا تتلفظ به وإن لم تعتقده فإن الله سائلك عنه روينا أن الملك لا يكتب على العبد ما يعمله حتى يتكلم به قال تعالى (( ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد )) يريد الملك الذي يحصي عليك أقوالك يقول تعالى (( ان عليكم لحافظين كراماً كاتبين يعلمون ما تفعلون)) وأقوالك من أفعالك انظر في قوله تعالى (( ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات )) فنهاك عن القول فإنه كذب الله من قال مثل هذا القول فإن الله قال فيهم أنهم أحياء ألا ترى إلى قوله تعالى حيث يقول (( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم )) وقال (( لا يحب الله الجهر بالسوء من القول )) وقال ((لا خير في كثير من نجواهم )) وهو القول فإذا تكلمت فتكلم بميزان ما شرع الله لك أن تتكلم به وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يمزح ولا يقول إلا حقاً ) فعليك بقول الحق الذي يرضي الله فإن النميمة حق والغيبة حق وهي لا ترضى إلا حقاً فعليك بقول الحق الذي يرضي الله فما كل حق يقال يرضي الله فإن النميمة حق والغيبة حق وهي لا ترضي الله وقد نهيت أن تغتاب وأن تنم بأحد ومن مراعاة الله الأقوال ما رويناه في صحيح مسلم عن الله تعالى لما مطرت السماء قال عز وجل ( أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فمن قال مطرنا بنوء كذا وكذا فهو كافر بي مؤمن بالكوكب وأما من مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب) فراعى أقوال القائلين وكان أبو هريرة يقول إذا مطرت السماء مطرنا بنوء الفتح ثم يتلو قوله تعالى (( ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها )) ولو كنت تعتقد أن الله هو الذي وضع الأسباب ونصبها وأجرى العادة عندنا بأنه يفعل الأشياء عندها لا بها ومع هذا كله لا تقل ما نهاك الله عنه أن تقوله وتتلفظ به فإنه كما نهاك عن أمور نهاك عن القول وإن كان حقاً وانظر ما أحكم قول الله عز وجلّ في قوله( مؤمن بي كافر بالكوكب وكافر بي مؤمن بالكوكب) فإنه مهما قال بفضل الله فقد ستر الكوكب حيث لم ينطق باسمه ومن قال بالكوكب فقد ستر الله وإن اعتقد أنه الفاعل منزل المطر ولكن لم يتلفظ باسمه فجاء تعالى بلفظ الكفر الذي هو الستر فإياك والاستمطار بالأنواء أن تتلفظ به فأحرى أن تعتقده فإن اعتقادك إن كنت مؤمناً أن الله نصبها أدلة عادية وكل دليل عادي يجوز خرق العادة فيه فاحذر من غوائل العادات لا تصرفنك عن حدود الله التي لا حدّ لك فلا تتعداها فإن الله ما حدها حتى راعاها وذلك في كل شيء ورد في الخبر الصحيح ( أن الرجل يتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيهوى بها في النار سبعين خريفاً وأن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيرفع بها في عليين) فلا تنطق إلا بما يرضي الله لا بما يسخط الله عليك وذلك لا يتمكن لك إلا بمعرفة ما حده لك في نطقك وهذا باب أغفله الناس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم ) وقال الحكيم ( لا شيء أحق بسجن من لسان ) وقد جعله الله خلف بابين الشفتين والأسنان ومع هذا يكثر الفضول ويفتح الأبواب - .]


يتبع بعون الله0000

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس