عرض مشاركة واحدة
قديم 10-15-2012
  #7
عبدالرزاق
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبدالرزاق
 
تاريخ التسجيل: Jul 2010
المشاركات: 329
معدل تقييم المستوى: 14
عبدالرزاق is on a distinguished road
افتراضي رد: اتباع المتشابه بين القدرية والحلولية والجهوية


وقد جاء في تفسير الإمام ابن جرير الطبري 1/192 عندتأويل قوله تعالى:{ثم استوى إلى السماء}قال ابن جرير ما نصه(والعجب ممن أنكر المعنى المفهوم من كلام العرب في تأويل قول الله:{ثم استوى إلى السماء}الذي هو بمعنى العلو والارتفاع هربا من عند نفسه من أن يلزمه بزعمه إذا تأوله بمعناه المفهوم كذلك أن يكون إنماعلا و ارتفع بعد أن كان تحتها إلى أن تأوله بالمجهول من تأويله المستنكر,ثم لم ينج مما هرب منه ,فيقال له زعمت أن تأويل قوله (استوى):أقبل,أفكان مدبرا عن السماء فأقبل إليها ؟فإن زعم أن ذلك ليس بإقبال فعل ولكنه إقبال تدبير,قيل له :فكذلك فقل:علا عليها علو ملك وسلطان لا علو انتقال وزوال) انتهى كلام ابن جرير.فاتضح بهذاأن السلف كانوا يؤولون الاستواء بعلو الملك والسلطان والقهر وهوعلو رتبة (معنوي) لاحقيقي بذاته تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.

إذن لأهل السنة في المسألة مسلكان:المسلك الأول : الإيمان بنصوص النزول والعلو مع تنـزيه الله تعالى عن خصائص المخلوقات من حلول في جهة أو مكان أو نزول انتقال ونحوذلك من خصائص الأجسام ثم السكوت عن تأويل وبيان معنى النزول والعلو .وهذا يكفي في ذلك كما فعل الإمام مالك وغيره من السلف.
المسلك الثاني: الإيمان بنصوص النزول والعلو مع تنزيه الله تعالى عن خصائص المخلوقات من حلول في جهة أو مكان أونزول انتقال ونحو ذلك من خصائص الأجسام مع تأويل وبيان معنى النزول والعلو حسب قواعد اللغة العربية والنصوص الشرعية التي يقبلها العقل ويؤيدها النقل كما فعل الكثير من علماء الأمة من شراح الصحيحين والسنن والمسانيد.
ومن النقول في المسألة عن أهل السنة والجماعة :قال الله تعالى{ليس كمثله شىء} [سورة الشورى/11] فلو كان له مكان لكان له أمثال وأبعاد وطول وعرض وعمق ومن كان كذلك كان محدَثًا محتاجًا لمن حدَّه بهذا الطول وبهذا العرض وبهذاالعمق، هذا الدليل من القرآن.
أما من الحديث فقال الحافظ البيهقي في كتابه الأسماء والصفات: استدل بعض أصحابنا في نفي المكان عنه تعالى بقول النبي صلى الله عليه وسلم :"أنت الظاهر فليس فوقك شىء وأنت الباطن فليس دونك شىء" وإذا لم يكن فوقه شىء ولا دونه شىء لم يكن في مكان اهـ. فالنبي صلى الله عليه وسلم يبّين أنه ليس فوق الله شيء ولا دونه شيء وهؤلاء ـ هداهم الله ـ يعتقدون أن له جهات وأنها تحدّه بما يعلمون من مخلوقاته وهو العرش وبما لايعلمون فسبحان الله عما يقولون.ومارواه البخاري وابن الجارود والبيهقي بالإسناد الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "كان الله ولم يكن شىء غيره" ومعناه أن الله لم يزل موجودًا في الأزل ليس معه غيره لا ماء ولا هواء ولا أرض ولا سماء ولا كرسيّ ولا عرش ولا إنس ولا جن ولاملائكة ولا زمان ولا مكان، فهو تعالى موجود قبل المكان بلا مكان، وهو الذى خلق المكان فكيف يحل في مخلوقاته وكيف تحده مخلوقاته ؟!! .
وقال الإمام أبو جعفرالطحاوى المولود سنة 227هـ فى عقيدته عقيدة أهل السنّة والجماعة: في تنزيه الله تعالى ما نصه "تعالى عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات لا تحويه الجهات الستّ كسائرالمبتدعات".
وقال إمام الحرمين عبد الملك الجويني المولود سنة419هـ رحمه الله تعالى في كتابه الإرشاد: "مذهب أهل الحق قاطبة أن الله يتعالى عن التحيز والتخصص بالجهات" اهـ.
وقال القاضي عياض كما نقل عنه الإمام النووي في شرح صحيح مسلم تحت باب تحريم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من اباحته في كتاب المساجد ومواضع الصلاة: (قال القاضي عياض: لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض ونحوه ليست على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم ....إلى أن قال:ويا ليت شعري ما الذي جمع أهل السنة والحق كلهم على وجوب الامساك عن الفكر في الذات كما أمروا وسكتوا لحيرة العقل ،واتفقوا على تحريم التكييف والتشكيل ،وأن ذلك من وقوفهم وامساكهم غير شاك في الوجود والموجود ،وغير قادح في التوحيد بل هو حقيقته، ثم تسامح بعضهم باثبات الجهة خاشيا من مثل هذا التسامح وهل بين التكييف واثبات الجهات فرق لكن أطلاق ما أطلقه الشرع من أنه القاهر فوق عباده وأنه استوى على العرش مع التمسك بالآية الجامعة للتنزيه الكلى الذي لا يصح في المعقول غيره وهو قوله تعالى{ ليس كمثله شيء }عصمة لمن وفقه الله تعالى)انتهى
والخلاصة :أن الجهوية تصوروا أن الله في جهة فوق العرش ،ثم ظنّوا أنه في العرش أو محاذيا له وأنه جل جلاله له مساحة معينة ,ثم قررواأنه محدود على خلاف بينهم في عدد الجهات التي ينحد بها سبحانه وتعالى ،ثم قالوا أنه ينزل ثلث الليل الآخر،ومنهم من أدخله في العرش ثم اختلفوا بينهم هل يخلو العرش منه إذا نزل في ثلث الليل أم لا يخلو العرش منه.واختار الإمام ابن تيمية وأتباعه أنه لا يخلو العرش منه عند النزول واما ابن منده ونحوه فقال أنه يخلو العرش منه . ومنهم من توقف .فلهم ثلاثة مذاهب بعد أن فهموا أنه داخل العرش ـ عز وجل ـ إلى أخر ما فهموه بعقولهم غفر الله لنا ولهم . وأهل السنة قاطبة وفقهم الله تعالى إلى الإيمان بالنصوص الواردة في النزول والاستواء والعلو والفوقية وهذا هو التوفيق الأول خلافاً لمن رد هذه النصوص من المعطلة ،ثم وفقهم الله إلى الجزم بعدم حملها على المعنى المحذور الذي وقع فيه الكرّامية وغيرهم كبعض الحنابلة ومن وقع في ذلك من الحنابلة يعدّون على الأصابع والأصل أنهم مفوضة وهذا التوفيق الثاني ،ثم وفق الله أهل السنة إلى بيان معناها بالجمع بينها وبين النصوص الشرعية الأخرى بمقتضى لغة العرب، أو السكوت عن الخوض في معناها إذا تعددت الاحتمالات الصحيحة غير الحسية فالمعنى الحسي مستبعد أصلاً . والله الهادي وحده ونسأله الثبات على الهدى .
وفي الختام أسأل الله العظيم أن ينفع بهذا المكتوب وأن يجعله ذخراً عنده وأن يهدينا ويهدي بنا إلى صراطه المستقيم . والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
كتبه :غيث بن عبدالله الغالبي

منقول
__________________
رفيقك علم الله فلابد ان لا تنسى رفيقك
عبدالرزاق غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس