عرض مشاركة واحدة
قديم 02-20-2009
  #11
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: وفــاء الـنـســـاء في أخـبـار الـنـســـــاء

خانته وبموتها وفت له


"العتبيّ قال: كان خالد بن عبد الله القسريّ ذات ليلةٍ مع فقهاء من أهل الكوفة فقال بعضهم: حدّثونا حديثاّ لبعض العشّاق. قال أحدهم: أصلح الله الأمير، ذكر هشام بن عبد الملك غدر النّساء وسرعة رجوعهنّ. فقال له بعض جلسائه: أنا أحدّثك، يا أمير المؤمنين: بلغني عن امرأةٍ من يشكر يقال لها أمّ عقبة بنت عمرو بن الأعران، وإنّها كانت عند ابن عمٍّ لها يقال له غسّان، وكان شديد المحبّة لها، والوجد بها، وكانت له كذلك.


فأقام بها على هذا الحال ما شاء الله، لا يزيد كلّ واحدٍ منهما بصاحبه إلاّّ اعتباطاً. فلمّا حضرت غسّان الوفاة قال لها: يا أمّ عقبة اسمعي ما أقول، وأجيبي عن نفسك بحقٍّ. فقالت له: والله لا أجبتك بكذبٍ، ولا أجعله آخر حظّك معي. فقال: إنّي رجوت أن تحفظي العهد، وأن تكوني لي إن متّ عند الرّجاء. أنا والله واثقٌ بك، غير إنّي بسوء الظّنّ أخاف غدر النّساء. ثمّ اعتقل لسانه فلم ينطق حتّى مات. فلم تمكث معه إلاّّ قليلاً حتّى خطبت من كلّ مكانٍ، ورغب فيها الأزواج لاجتماع الخصال الفاضلة فيها من العقل والجمال والمال والعفاف والحسب. فقالت مجيبةً له:




سأحفط غسّاناً، على بعد داره، = وأرعاه حتّى نلتقي يوم نحشر.
وإنّي لفي شغلٍ عن النّاس كلّهم، = فكفّوا، فما مثلي من النّاس يغدر.
سأبكي عليه، ما حييت، بدمعةٍ = تحول على الخدّين منّي فتكثر

فيئس النّاس منها حيناً. فلمّا طالت بها الأيّام نسيت عهده، وقالت: من قد مات فقد فات. وأجابت بعض خطّابها فتزوّجها المقدام بن حابس، وقد كان بها معجباً. فلمّا كانت الليلة التي أراد بها الدّخول، أتاها في منامها زوجها الأوّل فقال لها:




غدرت، ولم ترعي لبعلك حرمةً، = ولم تعرفي حقّاً، ولم ترعي لي عهدا
غدرت به لمّا ثوى في ضريحه، = كذلك ينسى كلّ من سكن اللحدا


فانتبهت مرتاعةً مستحييةً منه كأنّه يراها أو تراه كأنّه في جانب البيت. فأنكر حالها من حضرها، وقلن لها: ما لك؟ وما بالك؟ قالت: ما ترك لي غسّانٌ في الحياة إرباً، أتاني السّاعة فأنشدني هذه الأبيات. ثمّ أنشدتها بدمعٍ غزيرٍ، وانتحابٍ شديدٍ من قلبٍ جريحٍ موجعٍ. فلمّا سمعن ذلك منها أخذن بها في حديثٍ آخر لتنسى ما هي فيه، فتغفّلتهنّ ثمّ قامت كأنّها تقضي حاجةً فأبطأت عليهنّ. فقمن في طلبها، فوجدنها قد جعلت السّوط في حلقها وربطته إلى عمود البيت وجذبت نفسها حتّى ماتت. فلمّا بلغ ذلك زوجها المقدام، حسن عزاؤه عنها، وقال: هكذا فليكن النّساء في الوفاء، قلّ من يحفظ ميتاً، إنّما هي قلائلٌ حتّى ينسى وعنه يتسلّى. " اهـ
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس