عرض مشاركة واحدة
قديم 12-02-2012
  #42
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني

الْحَمْدُ للَّهِ نَسْتَعِيْنُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوْذُ بِاللهِ مِنْ شُرُوْرِ أَنْفُسِنَا، مَنْ يَهْدِ اللهُ فَلاَ مُضَلَّ لَهُ،
وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،
وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدَهُ وَرَسُوْلَهُ، أَرْسَلَهُ بِالْحَقِّ بَشِيْراً وَنَذِيْراً بَيْنَ يَدَي السَّاعَةِ،
مَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَه فَقَدْ رَشَدَ، وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّ إِلاَّ نَفْسَهُ وَلاَ يَضُرُّ اللهَ شَيْئاً
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
اللَّهُمَّ بَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ
وَسلِّم تَسْليماً كَثيرَاً

(من أقوال سيدّنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم)


"- (أخذ علينا العهد العام من رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن نطيل الجلوس في المسجد ونخفف الجلوس في السوق ولكل منهما شروط فشروط الجالس في المسجد أن تكون حركاته وسكناته وخواطره كلها محمودة، فإن لم تكن كذلك فمن الأدب تخفيف الجلوس لأنه ما دام في المسجد فهو جالس بين يدي الله تعالى شعر أو لم يشعر ومن لم يجالس الملوك بالأدب أسرع إليه العطب.

وقد كان سيدي محمد الشويمي تلميذ سيدي مدين لا يتجرأ أحد يجالس سيدي مدينا بحضرته، فكان كل من خطر بباله خاطر قبيح بين يدي سيدي مدين يقوم بضربه بالعصا ضرباً مبرحاً، فإذا كانت هذه حضرة مخلوق وقد أقيم فيها هذا الميزان فكيف بالحق جل وعلا.

قلت: وهذا الأمر قد غلب على غالب الناس المقيمين في المسجد من المجاورين والجالسين فيه ومن المترددين فيجلسون ويجرون قوافي الناس من العلماء والصالحين والولاة والقضاة والشهود والظلمة والتجار ويذكرونهم بالنقائص في حضرة الله تعالى عز وجل، فمثل هؤلاء كالبهائم بل البهائم أحسن حالاً منهم.

ومن هنا كان سيدي علي الخواص رحمه الله لا يدخل المسجد إلا عند قول المؤذن حي على الصلاة، فحينئذ يأتي المسجد فقيل له: ألا تأتي المسجد مرة قبل الوقت فقال: مثلنا لا يصلح لإطالة الجلوس في حضرة الله تعالى فنخاف أن نأتي لنربح فنخسر، فينبغي لكل مؤمن مراعاة الأدب في المسجد، فإنه بيت الله الخاص ولا يبادر قبل الوقت إلا إن علم من نفسه القدرة على كف جوارحه الظاهرة، والباطنة من كل مذموم حتى من سوء الظن بأحد من المسلمين، حتى بالاهتمام العظيم بأمر الرزق والمعيشة فإن ذلك من أقبح الصفات لما فيه من رائحة الاتهام بالحق تعالى بأنه يضيعه وهو تعالى يرزقه من حين كان في بطن أمه، حتى ضربه الشيب.

قال سيدي علي الخواص وعلى الجالس أيضاً في المسجد أمور.

منها أن لا يسأله أحد بالله شيئاً ويقول لا ولو طلب منه عمامته أو جوخته أو جميع ما في داره وخلوته، إلا إن كان يطلب ذلك تعنتاً أو امتحاناً. ومنها أن لا يمشي في المسجد بتاسومة أو حلفاية إلا لعذر شرعي من جرح أو مرض أو برد شديد أو حر شديد.

ومنها أن يشغل نفسه بالعبادة مع مداومة الطهارة فلا يجلس فيه لحظة واحدة وهو محدث ومنها أن لا يخطر في باله أنه خير من أحد المسلمين فإن هذا ذنب إبليس الذي أخرج من حضرة الله من أجله ولعن وطرد، وهذه أمهات الآداب وكل أدب له فروع.

(وأما شروط الجالس في السوق) فإن لا يشغله البيع والشراء عن ذكر الله تعالى.

ومنها عفة البصر عن زبونات جاره وأن لا يخطر في باله سوء الظن به ولا حسد له.

ومنها أن لا يعتمد في رزقه على البيع والشراء بل يجعل ذلك امتثالا لأمر الله تعالى وهو معتمد على الله تعالى فإن الله تعالى يخلق البركة في الرزق والغنى عن الناس عند الحرفة لا بالحرفة، ونظير ذلك ما قالوا في الطعام والشراب من أنه تعالى يخلق الشبع والري عند الأكل والشرب، لا بالأكل والشرب.

وسمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله يقول متى فرق الرجل بين الجلوس في بيته والجلوس في السوق فهو معتمد على غير الله وذلك معصية.

وقد كان سيدي علي الخواص رضي الله عنه إذا فتح حانوته يقول بسم الله الفتاح العليم نويت نفع عبادك يا الله ثم يجلس بحضور مع الله تعالى حتى ينصرف.

ومنها أن يغض بصره عن رؤية النساء ولا يستلذ قط بكلام امرأة فمتى استحلاه ومال قلبه إليها كان جلوسه في السوق معصية.

ومنها أن ينشرح لكل يوم لا يبيع به شيئاً أكثر من يوم يبيع فيه كثيراً تقديماً لمراد الحق تعالى على حظ نفسه والآداب في ذلك كثيرة. والله تعالى أعلم.

فعلم أنه لا ينبغي لفقير أن يقول ”هنيئاً للتاجر الفلاني أو الصنايعي الفلاني الذي يأكل من كسبه”، حتى يعرف سلامته من الآفات، وكذلك لا ينبغي لتاجر أو صنايعي أن يقول هنيئاً للفقير الفلاني المجاور في المسجد الفلاني أو الحرم المكي أو المدني أو بيت المقدس حتى يراه سلم في ذلك من الآفات التي تطرق الفقير أو التاجر مثلاً، مما ذكرنا ومما لم نذكره هذا يقع فيه كثير ممن ينظر إلى ظواهر الأمور دون بواطنها وعواقبها ؛ ولذلك كان من شرط الفقير أن لا يحمد أحدا من الفقراء الصادقين، ولا تاجرا حتى يراه قد جاوز الصراط ودخل الجنة.

وقد كنت أسمع العلماء والتجار يقولون عن شخص أقام بمكة هنيئا لفلان، أقام بمكة على خير واستراح من الدنيا، فلما سافرت ورأيته بعين النصيحة وجدته على أسوأ حال، منها أنني رأيته لا كسب له، وإنما نفسه ناظرة لما في أيدي الخلق، وكلما مال إلى أخذ شيء من أحد ولم يقسم له منه شيء يصير يهجوه في المجالس بالكلام المؤذي، فإما أن تصير الناس يعطونه خوفاً من لسانه، وإما أن يعاديهم ويقاطعهم، و والله أن بعض الناس الذين يؤذيهم لو عرض عليه أعمال هذا الشخص طوال عمره بمكة يوم القيامة أن تكون في مقابلة غيبة واحدة، ما رضي بها في غيبته، بتقدير أن الإخلاص وجد في تلك الأعمال، وأما إذا دخلها رياء أو سمعة فهي حابطة من أصلها لم يقبلها الله تعالى، فليس له أعمال يعطى منها أحد حقه.. " اهـ




سُبحانَكَ الَّلهُمَّ وبحمدكَ أشهدُ أنْ لا إلهَ إلاّ أنتَ، أستغفِرُكَ وأتوبُ إليكَ

يتبع إن شاء الله تعالى
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس