عرض مشاركة واحدة
قديم 09-06-2008
  #83
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

الغَفَّارُ جَلَّ جَلاَلُهُ



"هو الذي يغفر الذنوب، ويستر العيوب، غفر قبائح العباد، وسترها عن نظر إخوانهم، وغفر ذنوب التائبين وبدَّلها حسنات بفضله المبين (1) .


هو الذي يفرح بتوبة عبده (2) . { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ}(3) .


وأوسع دائرة من دوائر الحنان هو تجلي اسمه "الغفار" ، فقد قال تعالى: {إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} (4) .


ثم وسع دائرة المغفرة بدون قيد ولا شرط فقال: { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}(5) .


وإذا أردت أن تنال شرف هذا الاسم العظيم، وتنال السعد المقيم؛ فاستر عيوب إخوانك، واعف عنهم، بل قابل السيئة بالحسنة يتجلَّى لك قبسٌ من نور هذا الاسم الجليل (6) .


وعلامة المتخلِّق بهذا الاسم: أن يترك الغيبة والتجسُّسَ والنميمة، وإن ظهرت له عورة سترها (7) ؛ فقد قال الإمام أبو العزائم نفعنا الله به:" إن كل عبدٍ فيه كمال ونقص، فغضَّ الطرف عن النقائص، وانشر المحاسن، ولو كان في الرجل تسعة وتسعون عيباً وكمال واحد فاذكر الكمال واستر النقص".


ومن أراد أن يفيض عليه الحقُّ الوسعة في الأرزاق والأولاد فليكثر من الاستغفار، فقد قال الله تعالى: { فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا}( 8 ) .


ومامن بليَّةٍ في الوجود إلا وسببها ترك التوبة والاستغفار (9).



الدُّعـــــاءُ


" إلهي ...... إنك فتحت لنا باباً واسعاً أطمعنا في عفوك وكرم، وغفرانك، فقلت وقولك الحق: {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} فأشرقْ على قلوبنا أنوار اسمك "الغفار" فإني أنا العبد الضعيف الخطَّاء، الفقير، الذليل، وأنت القوي الغني العزيز الغفار. أسألك أن تغسل قلبي من الأوزار، وتملأه بالأنوار، وخلِّقنا بأخلاق هذا الاسم حتى نستر عورة الإخوان، ونقابل السيئة بالإحسان، فننال الوجاهة في الدنيا والآخرة، ونحفظ من ظلام المعصية الباطنة والظاهرة، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم". " اهـ


اقتباس:=================== الحاشية ==============

(1) - : قال بعضهم: إنه غافر لأنه يزيل معصيتك من ديوانك، وغفور لأنه ينسي الملائكة أفعالك، وغفار لأنه ينسيك ذنبك حتى كأنك لم تفعل. وقيل: الغافر في الدنيا، والغفور في القبر، والغفار في عرصات القيامة. وقيل: الغافر لمن له علم اليقين، والغفور لمن له عين اليقين، والغفار لمن له حق اليقين. وفي الحديث القدسي الشريف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول الله تعالى: ( يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي ، يا ابن آدم، لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي ، يا ابن آدم لو أنك أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة ) أخرجه الترمذي في سننه، والضياء عن أنس.


(2) : روى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه ،عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم أَنّهُ قَالَ: "قَالَ اللّهُ عَزّ وَجَلّ: أَنَا عِنْدَ ظَنّ عَبْدِي بِي. وَأَنَا مَعَهُ حَيْثُ يَذْكُرُنِي. وَاللّهِ للّهُ أَفْرَحُ بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ مِنْ أَحَدِكُمْ يَجِدُ ضَالّتَهُ بِالْفَلاَةِ. وَمَنْ تَقَرّبَ إِلَيّ شِبْراً، تَقَرّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعاً. وَمَنْ تَقَرّبَ إِلَيّ ذِرَاعاً، تَقَرّبْتُ إِلَيْهِ بَاعاً. وَإِذَا أَقْبَلَ إِلَيّ يَمْشِي، أَقْبَلْتُ إِلَيْهِ أُهَرْوِلُ".

وعَنِ الْحَارِثِ ابْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَىَ عَبْدِ اللّهِ أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ. فَحَدّثَنَا بِحَدِيثَيْنِ: حَدِيثاً عَنْ نَفْسِهِ وَحَدِيثاً عَنْ رَسُولِ اللّهِ صلى الله عليه وسلم. قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "لله أَشَدّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ، مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوّيّةٍ مَهْلِكَةٍ. مَعَهُ رَاحِلَتُهُ. عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرابُهُ. فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ. فَطَلَبَهَا حَتّىَ أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ. ثُمّ قَالَ: أَرْجِعُ إِلَىَ مَكَانِيَ الّذِي كُنْتُ فِيهِ. فَأَنَامُ حَتّىَ أَمُوتَ. فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَىَ سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ. فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعامُهُ وَشَرَابُهُ. فَاللّهُ أَشَدّ فَرَحاً بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ". ورواه الإمام أحمد في المسند والبخاري في الجامع والترمذي في السنن كلهم بسندهم عن ابن مسعود رضي الله عنه.

(3) : سورة الشورى – الآية 25.

(4) : سورة النساء – الآية 116.

(5) : سورة الزمر – الآية 53.

(6) : وقد أشار حجة الإسلام الغزالي رضي الله عنه وأرضاه إلى أن المغتاب والمتجسس والمنتقم والمكافيء على الإساءة بالإساءة يكون في معزل من أنوار اسمه (الغفار) وإنما ينال حظه من بركاته الذي ينشر عن عباد الله أحسن ما فيهم، فمن تغافل عن المقابح وذكر المحاسن فهو ذو نصيب من هذا الاسم. فلكي ينال العبد شرف هذا الاسم العظيم ينبغي له أن يتأدب بأدبه، فيستر عيوب إخوانه، ويعفو عنهم، ويقابل السيئة بالحسنة، وبذلك يتجلى له بفضل ربه قبس من نور هذا الاسم العظيم، ويستلزم ذلك أن يترك العبد الغيبة والنميمة وتتبع عورات المسلمين، وأن يغض الطرف عن القبائح، وينشر المحاسن، حتى قيل إنه لو رأى شخصاً فيه تسعة وتسعون عيباً، وفيه حسنة واحدة، ذكرها وترك العيوب

(7) : روى الإمام أحمد في المسند أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة ). وروى الطبراني عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من ستر أخاه في فاحشة رآها عليه ستره الله في الدنيا والآخرة) ، وفي رواية أبي نعيم عن ثابت بن مخلد بلفظ: (من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة )، ولابن أبي الدنيا وابن عدي والخطيب عن مسلمة بن مخلد بزيادة: (ومن فك عن مكروب كربه فك الله عنه كربه من كرب يوم القيامة ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته)، وروى أحمد والبيهقي عن عقبة بن عامر، والطبراني والخرائطي وابن النجار عن مسلمة بن مخلد: (من ستر على مؤمن عورة فكأنما أحيا موؤودة من قبرها)، وروى ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( من ستر عورة أخيه المسلم ستر الله عورته يوم القيامة ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته ففضحه في بيته) . وفي الباب أحاديث كثيرة في هذه الكفاية لمن أراد الله له الهداية.

( 8 ) : سورة نوح - الآيات 10-12.

(9) : ففي الحديث عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( من أكثر من الاستغفار) وفي رواية للبيهقي: ( من لزم الاستغفار) - (جعل اللّه له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب) وهذا مقتبس من قوله تعالى {ومن يتق اللّه يجعل له مخرجاً} لأن من داوم على الاستغفار وقام بحقه كان متقياً وناظراً إلى قوله تقدس اسمه { استغفروا ربكم إنه كان غفاراً يرسل السماء عليكم مدراراً}

قال الحكيم الترمذي: وأشار بالإكثار إلى أن الآدمي لا يخلو من ذنب أو عيب ساعة فساعة والعذاب عذابان أدنى وأكبر فالأدنى عذاب الذنوب والعيوب، فإذا كان العبد مستيقظاً على نفسه فكلما أذنب أو أعتب أتبعهما استغفاراً فلم يبق في وبالها وعذابها وإذا لها – من اللهو وهو الغفلة - عن الاستغفار تراكمت ذنوبه فجاءت الهموم والضيق والعسر والعناء والتعب فهذا عذابه الأدنى وفي الآخرة عذاب النار، وإذا استغفر تنصل من الهم فصار له من الهموم فرجاً ومن الضيق مخرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب.



(يتبع إن شاء الله تعالى مع: اسمه الشريف القَهَّارُ جَلَّ جَلاَلُهُ.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس