عرض مشاركة واحدة
قديم 09-21-2008
  #85
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الوَهّابُ جَلَّ جَلاَلُهُ



"هو الذي يهب العطاء بدون عوض، ويمنح الفضل بغير غرض، يعطي الحاجة بغير سؤال، يبدأ بالعطية وهو صاحب الأيادي العلية.


ولا يتحقَّق ذاك إلا من الله تعالى، فإنه هو "الوهاب" الذي تكرَّرت منه العطايا، وتنوَّعت منه الأسباب (1) .


وكل إنسان يهب شيئاً لأحد فهو يرجو من وراء ذلك معنى في نفسه، فالذي ينفق المال ويبذل ما يحب، يرجو بذلك حسن الثناء، أو وسعة من الله تعالى، أو يرجو دخول الجنة، فكأنه يشتري بعطائه الآخرة، وليس له حظٌّ من معنى اسمه"الوهاب" فإنه في الحقيقة ليس للعبد قدمٌ في هذا الاسم ، ولم يثبت ذلك إلا لله تعالى.... .


ولكن العبد إذا لمعت على قلبه أنوار المعارف الإلهية، وذاق لذة القرب من الحضرة العلية، بذل روحه وهو مسرور، وضحَّى بماله وهو شكور، وبذل قوته وملاذَّه راجياً بذلك رضاء الله، وما من عطية في الوجود إلا وهي من تجلِّي اسمه"الوهاب" (2) .


قال تعالى: { وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّاب } (3) .


وقال سبحانه وتعالى في حق سيدنا موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام: { وَوَهَبْنَا لَهُ مِن رَّحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا } (4) .


وقال في حق السيدة مريم حين دخل عليها السيد جبريل - عليه السلام - وقالت له: { قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلامًا زَكِيًّا (5) .


والسيد جبريل ليس هو الواهب، ولكنه خليفة عن الوهاب جلَّ شأنه، وإن السيد زكريا حين دخل المحراب على السيدة مريم وجد عندها رزقا من غيب الله ، قال تعالى: { قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَـذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَاب } (6) .


فشاهد باباً من أبواب"الوهاب" مفتوحاً، ونفحات من الحنَّان فياضة، فقال: { رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاء } (7) .


فأجاب الله دعاءه، وبشَّره على ألسنة الملائكة: { فَنَادَتْهُ الْمَلآئِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللّهَ يُبَشِّرُك} ( 8 ) .


وقد دعا سيدنا سليمان فقال: { رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لا يَنبَغِي لأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ } (9) .


والذي فاز بالقسط الوافر من هذا الاسم سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، فإنه بذل جميع ماله، وقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ماذا تركت لأهلك؟ فقال: تركت لهم الله ورسوله (10)


.
الدُّعــــــاءُ


(إلهي ... هب لنا نوراً نكتشف به محابك ومراضيك، ونجتنب به معاصيك، وهب لنا عافية في أبداننا، وسعة في أرزاقنا، وطولاً في أعمارنا، وهب لنا لذة المعرفة في قلوبنا، والشهود لأرواحنا، حتى نبذل النفس والمال بدون عوض ولا غرض إلى وجهك الكريم، يا وهاب يا رحيم ...؛ فإنني كنت نطفة جمادية، فواجهتني العناية الأزلية، فرفعت قدري،وكرَّمتني على العالمين، فسبحانك لا إله إلا أنت رب العرش العظيم.





نقـصـي كمـالـي رقــى فــي المقـامـات
لأنني ناقص في الوصف والذات (11)
كـلـي عـيــوبٌ ونـقـصـي لا يفـارقـنـي
حــــال الـقـيــام بــأنــواع الـعــبــادات
إن الـكـمــال لــــذات الله جــــلَّ عـــــلا
والنقص وصفي معي فـي كـل حالاتـي
إذا شـهـدت عيـوبـي واعـتـرفـت بـهــا
يــكــمِّــل الله نــقــصــي بـالـعـنـايــات





اقتباس:=================== الحاشية ==============

(1) - لأن (الوهاب) الحق هو الله وحده ، ولن تتصور الهبة والعطاء والجود حقيقة إلا من الله سبحانه وتعالى، فإنه هو الذي يعطي - كما يقول حجة الإسلام الغزالي - كل محتاج ما يحتاج إليه، لا لعوض ولا لغرض عاجل ولا آجل، ومن وهب وله في هبته غرض يناله عاجلاً أو آجلاً ، من ثناء أو مدح أو مودة، أو تخلص من مذمة، أو اكتساب شرف وذكر، فهو معتاض وليس بوهاب ولا جواد، وإنما الجواد الحق هو الذي تفيض منه الفوائد على المستفيد، لا لغرض يعود إليه.

ويذكر الرازي: أن الله هو (الوهاب) لأنه مالك الملك فيصح منه التمليك حقيقة، ولأنه منـزه عن الزيادة والنقصان، فهو منـزه عن الأغراض والأعواض، و(الوهاب) هو الذي كثرت مواهبه، واتسعت عطاياه، والمخلوقون إنما يملكون أن يهبوا مالاً ونوالاً في حال دون حال، ولا يملكون أن يهبوا شفاء لسقيم، ولا ولداً لعقيم، ولا هدى لضال، ولا عافية لذي بلاء ، والله سبحانه وتعالى يملك جميع ذلك، دامت عطاياه، وتوالت أياديه فكان هو (الوهاب) وحده .

(2) : ومن آداب من عرف أن ربه هو (الوهاب) أن لا يرفع حوائجه إلا إليه ، ولا يتوكل في جميع أموره إلا عليه ، وقد ذكروا أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه وعنا به - قد فاز بالقسط الوافر من بركة اسمه (الوهاب) لأنه بذل جميع ماله في سبيل ربه ، حتى قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : وماذا أبقيت لأهلك يا أبا بكر ؟ . فأجاب : أبقيت لهم الله ورسوله . وحكي أن الشبلي سأل بعض أصحاب أبي علي الثقفي فقال : أي اسم من أسماء الله تعالى يجري على لسان أبي علي ؟ فقال : الوهاب . فقال الشبلي : فلهذا كثر ماله .

(3) : سورة ص - آية رقم 30.

(4) : سورة مريم - الاية 53.

(5) : سورة مريم - الآية 19.

(6) : سورة آل عمران – الآية 37.

(7) : سورة آل عمران – الآية 38.

( 8 ) : سورة آل عمران – الآية 39.

(9) : سورة ص – الآية 35.

(10) : أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والأصبهاني في الترغيب وابن عساكر عن الشعبي قال: نزلت هذه الآية { إن تبدو الصدقات فنعما هي} إلى آخر الآية في أبي بكر وعمر، جاء عمر بنصف ماله يحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على رؤوس الناس، وجاء أبو بكر بماله أجمع يكاد أن يخفيه من نفسه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما تركت لأهلك؟ قال: عدة الله وعدة رسوله. فقال عمر لأبي بكر: ما سبقناك إلى باب خير قط إلا سبقتنا إليه". واخرج أبو داود والترمذي والحاكم وصححاه عن عمر قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي فقلت: اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما أبقيت لأهلك؟ قلت: مثله. وأتى أبو بكر يحمل ما عنده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أبقيت لأهلك؟ قال: أبقيت لهم الله ورسوله. فقلت: لا أسابقك إلى شيء أبدا".

(11) : من شعر المؤلف رحمه الله تعالى.. " اهـ




(يتبع إن شاء الله تعالى مع: اسمه الشريف الرَّزَّاقُ جَلَّ جَلاَلُهُ.... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 09-21-2008 الساعة 05:41 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس