عرض مشاركة واحدة
قديم 03-23-2011
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق - ملحق قسطموني


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 120
والفضول سائب الروح، ثرثار العقل، فاقداً لأذواق القلب نحو الحقائق الايمانية والاسلامية، خائر الشوق اليها.. وكذا اثارتهم بتلك الاهتمامات التافهة التي تقتل قلوبهم معنىً - بما يشبه تهيئة الجو الملائم للالحاد - ودفعهم الى استماع الراديو في شؤون سياسية لا تعنيهم في شئ... أقول: ان كل ذلك لضرر بالغ للحياة الاجتماعية الاسلامية بحيث ان الانسان كلما فكر بنتائجها الوخيمة المترتبة عليها يقشعر من هولها جلده، ويقف شعره!
نعم، ان كل انسان له علاقه بوطنه وقومه وحكومته، ولكن من الخطأ الجسيم جعل منافع الامة ومصلحة الوطن والحكومة تابعة لسياسة مؤقتة لبعض الاشخاص انجرافاً لتيارات موقتة، بل تصوّرها نفسها.. فضلاً عن ان حصة كل شخص من تلك الروح الوطنية والقومية وما تترتب عليها من وظائف ان كانت واحدة فان حصته تجاه وظائف قلبه ومهمات روحه وواجباته الشخصية والبيتية والدينية وغيرها عشرون بل مائة حصة. لذا فان تضحية هذه العلاقات الجادة والضرورية جداً لاجل تلك الحصة الواحدة من التيارات السياسية غير الضرورية مما لا يعنيه شيئاً... اقول: ان لم يكن هذا جنوناً فما هو اذن؟
ان هذا هو جواب استاذنا الذى ألقاه علينا بسرعة، ونحن بدورنا كتبناه باستعجال. فنرجو غض النظر عن التقصير.
نعم، ونحن بدورنا نصدّق ما يقوله الاستاذ، لأننا قد شاهدنا ما يقوله في انفسنا وفي اصدقائنا فعلاً. حتى ترك بعضهم صلاة الجماعة - وربما الصلاة نفسها - لأجل الاستماع الى الراديو الذى يذيع الاخبار في اثناء وقت الصلاة بذاته. حتى انه باهتمامه الشديد وفضوله البالغ لمتابعة اخبار الحرب - التي هي صفعة قوية متلاحقة على المدنية الحاضرة ولسفاهتها وضلالها ولأهانتها الاسلام - وتلهّفه للشؤون السياسية الدائرة في اوساطها الواسعة تلهفاً شديداً واسترشاد شؤونه - بالراديو -بآراء اناس تسممت نفوسهم وحارت عقولهم، لاشك يضر عمله المقدس الجليل ضرراً جسيماً.
من طلاب النور من طلاب النور
امين فيضي
***


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 121
[فساد الهواء المعنوي وعلاجه]كنت أرى في نفسي وفي طلاب النور القريبين - من هنا - رهقاً، وفتوراً في الشوق، بعد انقضاء الأشهر الحرم. ولم أكن أفهم سبب ذلك بوضوح الاّ الآن حيث رأيت ان ما قلته - ظنا - من سبب انما هو حقيقة. وهي:
كما ان الهواء يؤثر تأثيراً سيئاً ان كان فاسداً - فساداً مادياً - كذلك الهواء المعنوي اذا ما فسد - فساداً معنوياً - فانه يؤثر تأثيراً سيئاً في كل شخص وحسب استعداده. ان توجّه المؤمنين عامة واقبالهم الجاد في الشهور الثلاثة الى كسب مغانم أخروية والفوز في تجارتها، يصفّي الهواء المعنوي للعالم الاسلامي عامة وينقيه ويجمّله. حتى يتمكن من الصمود تجاه الآفات المهلكة والبلايا الرهيبة. فكل مؤمن يستفيد من ذلك الهواء الصافي الجميل حسب درجته.
ولكن بعد مضي الشهور المباركة تتبدل أوضاع السوق الاخروىة، وتتفتح ابواب السوق الدنيوية، فيعترى الهمم والتوجهات شئ من التغير والتبدل، اذ الابخرة تسمم الهواء المتصاعد من الأمور التافهة السخيفة، وتفسد ذلك الهواء الجميل. فيتضرر بدوره كل مؤمن حسب درجته.
وعلاج هذا الداء والنجاة منه هو:
ينبغي النظر الى الأمور بمنظار رسائل النور، والسعي في الخدمة السامية بجد أكثر وشوق أعظم كلما ازدادت المشكلات. لأن فتور الآخرين وتخلّيهم عن الخدمة، مدعاةٌ لأثارة غيرة أهل الهمة وتحفيز شوقهم، اذ يجد نفسه مضطراً الى حمل شئ من اعبائهم ومهماتهم، بل ينبغي له ذلك.
***

[الذنوب في آخر الزمان]مسألة أخطرت على القلب فجأة:
هناك روايات حول التضخم الرهيب لذنوب المرء في آخر الزمان. فكنت افكر: هل يمكن ان يرتكب انسان اضعاف ما يرتكبه شخص واحد من الخطايا والذنوب


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 122
بالوف المرات؟ ترى اي ذنوب هذه - المجهولة لدينا - حتى تتعرّض للموجودات وتمس الكون فتثير غضبه وتزيد حدّته، بل تسبب قيام الساعة ودمار العالم عليهم؟
وها قد رأينا اسبابها المتعددة في الوقت الحاضر:
فمثلاً: لقد فُهم من وجوهها المتعددة، بجهاز الراديو الموجود لدي. حيث ان شخصاً واحداً يرتكب مليوناً من الكبائر دفعةً واحدة بكلمة واحدة، يتفوه بها في الراديو، فيُقحم ملايين المستمعين له في الذنوب.
نعم، ان جهاز الراديو ينطق بلسان واحد، الاّ انه يدفع مئات الالوف من الكلمات في الهواء دفعة واحدة. فبينما ينبغي ان يملأ هذا الجهاز - الذي هو نعمة الهية عظمى - ذرات الهواء قاطبة، بالحمد والثناء والشكر لله سبحانه وتعالى، إلاّ ان سفاهة البشر المتولدة من الضلالة تستعمل هذا الجهاز بما يخالف الشكر والحمدلله. فلا جرم أنه سيعاقب عليها.
نعم، ان المدنية الدنية الظالمة قد عوقبت، بكفرانها بالنعمة الالهية وعدم ايفائها الشكر لله، تجاه ما انعم عليها سبحانه من الخوارق الحضارية، لصرفها تلك الخوارق الى الدمار حتى سلبت سعادة الحياة كلياً وأردت الناس الذين يُعدّون في ذروة الحضارة والمدنية الى أدنى من دركات الوحوش الضالة، واذاقتهم عذاب جهنم قبل الذهاب اليها.
نعم، ان كون جهاز الراديو نعمة إلهية كلية يقتضي شكراً كلياً، ولا يكون ذلك الشكر الكلي الاّ بتلاوته القرآن الكريم باستمرار، كي يوصل الى مخاطبيه الحاليين دفعة واحدة ذلك الكلام الازلي الصادر من خالق السموات والارض، فيصبح كمقرئ سماوي حافظ للقرآن الكريم يملك الوف الالوف من الألسنة. وبهذا يكون قد أدّى ما عليه من مهمة الشكر والحمدلله، فيديم في الوقت نفسه تلك النعمة المهداة.
***


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 123
[ايّما افضل حفظ القرآن ام استنساخ الرسائل؟]اخوتى الاعزاء الاوفياء!
ان نشاطكم وجهودكم بما يفوق آمالي، ستجعلني في شكر وامتنان لله تعالى الى آخر رمق من حياتي..
وقد ورد سؤال في رسالتكم هذه المرة:
"ايّما أفضل، حفظ القرآن الكريم أم استنساخ رسائل النور؟"
ان جواب سؤالكم هذا بديهي، لان أعظم مقام في هذا الكون وفي كل عصر هو للقرآن الكريم. وان تلاوته وحفظه يفضل اي عمل آخر ويتقدّم عليه، حيث ان لكل حرف منه أثوبة تتراوح من العشرة الى الالوف.
ولكن لأن رسائل النور براهين لحقائق القرآن العظيم الايمانية وحججه، ولكونها وسيلة الى حفظ القرآن الكريم وتلاوته، ومفسّرة لحقائقه وموضّحة لها، ينبغي السعي لها ايضاً جنباً الى جنب حفظ القرآن الكريم.
***

[تعديل الشفقة المفرطة]
حقيقة تعيد الصواب للمنساقين الى مسالك
البدع والضلالة بشفقتهم المفرطةلما كانت شفقة الانسان تجلٍ من تجليات الرحمة الربانية، لا ينبغى تجاوز درجة الرحمة الالهية والمغالاة اكثر من رحمة من هو رحمة للعالمين صلى الله عليه وسلم، فلو تجاوزها وغالى بها فانها ليست رحمة ولا رأفة قط، بل هي مرض روحي وسقم قلبي يفضي الى الضلالة والالحاد.
فمثلاً: ان الإنسياق الى تأويل عذاب الكفار والمنافقين في جهنم، وما يترتب على الجهاد وامثالها من الحوادث - من جراء ضيق شفقة المرء عن استيعابه وعدم تحملها له - إنكار لقسم عظيم من القرآن الكريم والاديان السماوية وتكذيب له، وهو ظلم عظيم وعدم رحمة في منتهى الجور في الوقت نفسه؛ لان حماية الوحوش الكاسرة


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 124
والعطف عليها، وهي التي تمزق الحيوانات البريئة، غدر عظيم تجاه تلك الحيوانات البريئة، ووحشية بالغة نابعة من فقدان الوجدان والضمير.
فالتعاطف اذن وموالاة اولئك الذين يبيدون حياة ألوف المسلمين الابدية ويمحونها، ويسوقون مئات المؤمنين الى سوء العاقبة بدفعهم الى ارتكاب الذنوب والخطايا، والدعاء لاولئك الكفار والمنافقين، رحمةً بهم وعطفاً عليهم لينجوا من العقاب الشديد، لاشك انه ظلم عظيم وغدر شنيع تجاه اولئك المؤمنين المظلومين.
وقد اثبتت رسائل النور اثباتاً قاطعاً: ان الكفر والضلالة تحقير عظيم للكائنات وظلم شنيع للموجودات، ووسيلة لرفع الرحمة الالهية ونزول المصائب والبلايا، حتى وردت روايات من ان الاسماك التي في قعر البحر تشكو الى الله ظلم الجناة، لسلبهم راحتها.
ولهذا فالذى يرأف ويعطف على تجرع الكافر صنوف العذاب في النار، يعني أنه لا يرأف ولا يعطف على أبرياء لا يحصيهم العد ممن هم أليق بالرأفة وأجدر بالعطف بل ولا يشفق عليهم، بل يظلمهم ظلماً فاضحاً.
ولكن هناك أمر آخر وهو:
ان البلاء عندما ينزل بالمستحقين له، يُبتلى به الابرياء ايضاً. وعندها لا يمكن عدم الرأفة بهم. الاّ ان هناك رحمة خفية لاولئك الابرياء المظلومين الذين تضرروا من ذلك البلاء النازل بالجناة.
ولقد كنت - في وقت ما في الحرب العالمية الاولى - أتألم كثيراً من المظالم والقتل الذي يرتكبه الاعداء تجاه المسلمين ولاسيما تجاه اطفالهم وعوائلهم، وكنت أتعذّب عذاباً يفوق طاقتي - لما فيّ من شفقة مفرطة ورأفة متزايدة - وحينها ورد على القلب فجأة الآتي:
ان اولئك الابرياء المقتولين يُستشهدون ويصبحون أولياء صالحين، وان حياتهم الفانية تُبدل الى حياة باقية، وان اموالهم الضائعة تصبح بحكم الصدقة فتبدل الى اموال باقية. بل حتى لو كان اولئك المظلومون كفاراً فان لهم من خزينة الرحمة الالهية مكافآت بالنسبة لهم كثيرة - مقابل ما عانوا من البلاء في الدنيا - بحيث لو


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 125
رفع ستار الغيب فان ما ينالونه من رحمة ظاهرة يدفعهم الى ان يلهجوا بـ: الشكر لله والحمد لله.
عرفت هذا، واقتنعت به قناعة تامة، ونجوت بفضل الله من الألم الشديد الناشئ من الشفقة المفرطة.
***

[نظرة الى رسالة "المناظرات"]لقد ألقيت نظرة الى رسالة "المناظرات" وذلك بعد مرور خمس وثلاثين سنة على تأليفها فرأيت فيها وفي امثالها من مؤلفات "سعيد القديم" أخطاءً وهفوات. اذ ألّف تلك الآثار في حالة روحية ولّدها الانقلاب السياسي 1. وأنشأتها مؤثرات خارجية وعوامل محيطة به.
انني استغفر الله بكل حولي وقوتي من تلك التقصيرات راجياً من رحمته تعالى اَن يغفر تلك الخطايا التي ارتكبتها بنية حسنة وبقصد جميل، لدفع اليأس المخيم على المؤمنين.
ان اساسين مهمين يهيمنان على آثار "سعيد القديم" -كهذه الرسالة - والاساسان ذوا حقيقة ولكن، كما تحتاج كشفيات الاولياء الى تأويل، والرؤى الصادقة الى تعبير، فان ما أحس به "سعيد القديم" باحساس مسبق - أي قبل وقوع الأمر - بحاجة كذلك الى تعبير، بل الى تعبير دقيق. الاّ ان إخباره عما توقع حدوثه وبيانه تلكما الحقيقتين بلا تأويل ولا تعبير، ادّى الى ظهور شئ من النقص والقصور وخلاف الواقع فيما أخبر عنه.
الأساس الأول: هو ما زفّه من بشرى سارة للمؤمنين بظهور نورٍ في المستقبل. زفّ هذه البشرى ليزيل بها يأسهم ويرفع عنهم القنوط، فلقد أحسّ باحساس مسبق ان "رسائل النور" ستنقذ ايمان كثير من المؤمنين، وستشد أزرهم في زمان عصيب عاصف. الاّ انه نظر الى هذا النور، من خلال الأحداث السياسية التي واكبت
_____________________
1 المقصود اعلان المشروطية وهي ادارة البلد على النمط الغربي من مجلس نيابي ودستور ووزارة مسؤولة امام المجلس النيابي.- المترجم.



الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 126
الانقلاب وحاول تطبيق ما رآه من نور على واقع الحال من دون تعبير ولا تأويل. فوقع في ظنه ان ذلك النور سيظهر في عالم السياسة وفي مجال القوة وفي ميدان فسيح. فقد أحسّ احساساً صادقاً الاّ انه لم يوفّق في التعبير عن بُشراه توفيقاً كاملاً.
الاساس الثاني: لقد أحس "سعيد القديم" ما أحسّه عدد من دهاة السياسة وفطاحل الادباء؛ بان استبداداً مريعاً مقبلٌ على الأمة، فتصدوا له، ولكن هذا الاحساس المسبق كان بحاجة الى تأويل وتعبير، إذ هاجموا ما رأوه من ظل ضعيف لإستبدادات تأتي بعد مدة مديدة وألقت في نفوسهم الرعب. فحسبوا ظل استبدادٍ - ليس له الاّ الاسم - استبداداً أصيلاً، فهاجموه. فالغاية صحيحة الاّ ان الهدف خطأ.
وهكذا فلقد أحسّ "سعيد القديم" أيضاً بمثل هذا الاستبداد المخيف فيما مضى. وفي بعض آثاره توضيحات بالهجوم عليه، وكان يرى ان المشروطية الشرعية وسيلة نجاةٍ من تلك الاستبدادات المرعبة. لذا سعى في تأييدها بالحرية الشرعية والشورى ضمن نطاق احكام القرآن، آملاً ان تدفعا تلك المصيبة.
نعم ! لقد أظهر الزمان ان دولة تسمى داعية الحرية، قد كبّلت بثلاثمائة من موظفيها المستبدين ثلاثمائة مليوناً من الهنود، منذ ثلاثمائة سنة، وسيطرت عليهم كأنهم ثلاثمائة رجل لاغير، حتى لم تتركهم يحركون ساكناً. ونفذت قانونها الجائر عليهم بأقسى صورة من صور الظلم، آخذة آلاف الأبرياء بجريرة مجرم واحد. واعطت لقانونها الجائر هذا اسم العدالة والانضباط. فخدعت العالم ودفعته الى نار الظلم. هذه الدولة غدت مقتدى ذلك الاستبداد القادم في المستقبل.
وفي رسالة "المناظرات" هوامش قصيرة، وملاحظات وردت على صورة طُرف ولطائف، فهي من قبيل الملاطفة مع قسم من طلابه الظرفاء في تأليفه القديم ذاك، اذ قد وضح لهم الامور باسلوب الدرس والارشاد.
ثم ان زبدة هذه الرسالة "المناظرات" وروحها وأساسها، هي ما في خاتمتها من حقيقة اقامة "مدرسة الزهراء"، وماهي الاّ المهد الذي سيشهد ظهور "رسائل النور" في المستقبل. فكان يُساق الى تأسيسها دون ارادة منه. ويتحرى - بحس مسبق -


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 127
عن تلك الحقيقة النورانية في صورة مادية حتى بدت جهتها المادية أيضاً، اذ منح السلطان رشاد تسع عشرة ألف ليرة ذهبية لتأسيس تلك المدرسة، وارسيت قواعدها فعلاً، الاّ ان اندلاع الحرب العالمية الاولى حال دون اكمال المشروع.
ثم بعد حوالي ست سنوات ذهبتُ الى انقرة، وسعيت في انجاز تلك الحقيقة، وفعلاً وافق مائة وثلاثة وستون نائباً في مجلس الأمة من بين مائتي عضو على تخصيص خمسة عشر ألف ليرة ورقية لبناء مدرستنا، ولكن ياللأسف - ألف ألف مرة - سدّت جميع المدارس الدينية، ولم استطع ان انسجم معهم فتأخر المشروع أيضاً.
بيد ان المولى القدير أسس برحمته الواسعة الخصائص المعنوية لتلك المدرسة وهويتها في "اسبارطة" فاظهر "رسائل النور" للوجود. وسيوفق - ان شاء الله - طلاب النور الى تأسيس الجهة المادية لتلك الحقيقة أيضاً.
ان سعيداً القديم على الرغم من معارضته الشديدة لمنظمة "الاتحاد والترقي" فانه مال الى حكومتها ولاسيما الى الجيش، حيث وقف منهم موقف تقدير واعجاب والتزام وطاعة. وما ذاك الاّ بما كان يحس به من احساس مسبق من ان تلك الجماعات العسكرية والجمعية الملية سيظهر منهم بعد سبع سنوات مليون من الشهداء الذين هم بمرتبة الأولياء. فمال اليهم طوال أربع سنوات دون اختيار منه، وبما يخالف مشربه. ولكن بحلول الحرب العالمية وخضّها لهم أُفرز الدهن المبارك من اللبن فتحول الى مخيض لا قيمة له. فعاد "سعيد الجديد" الى الاستمرار في جهاده وخالف سعيداً القديم.
***

[حول المؤلفات الاخرى]الى اخوتي "الخواص" من طلاب رسائل النور، وهم اصحابها ووارثوها والى "الاركان" وهم ركائز رسائل النور وخواص الخواص، أبيّن ما يأتي لمناسبة حادثة وقعت في هذه الايام:


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 128
ان رسائل النور تسد الحاجة التي تخص الحقائق الاسلامية، فلا تدع حاجة الى مراجعة مؤلفات اخرى.
ولقد عُلم بتجارب كثيرة قاطعة: ان أقصر طريق وأسهله لإنقاذ الايمان وتقويته وجعله تحقيقياً هو في رسائل النور.
نعم ان رسائل النور تقطع ذلك الطريق في خمسة عشر اسبوعاً بدلاً من خمس عشرة سنة، فتبلغ بالمرء الايمان الحقيقي.
وبينما كان اخوكم هذا الفقير شغوفاً بالمطالعة قبل عشرين سنة، حتى كان يطالع بفهم كتاباً مجلداً احياناً في يوم واحد، فقد كفاه منذ ما يقرب من عشرين سنة القرآن الكريم ورسائل النور المفاضة منه. فلم احتج حتى الى كتاب واحد. ولم احتفظ بأي كتاب عندي.
وعلى الرغم من أن ابحاث رسائل النور تدور حول حقائق متنوعة جداً، فانني لم اجد حاجة الى مراجعة اي كتاب كان في اثناء تأليفها منذ عشرين سنة.
فلا شك انكم لا تحتاجون كذلك الى مؤلفات اخرى وتستغنون عنها اكثر مني بعشرين درجة.
ثم انني لما كنت قد اعتمدت عليكم وما زلت معتمداً، فلا ألتفت الى غيركم، ولا أنشغل بسواكم. فينبغي لكم ايضاً ان تثقوا برسائل النور وتطمئنوا بها، بل هذا هو الألزم في هذا الوقت.
ثم انه لمباينة المسلك والمشرب في مؤلفات بعض المؤلفين الجدد في الوقت الحاضر ومسايرتها البدع، فان احدى مهمات رسائل النور هي الحفاظ على الحروف والخط القراني فضلاً عن حفاظها على الحقائق الايمانية تجاه الزندقة. ولقد اشترى احد الخواص مؤلفات يستعملها بعض العلماء - تحت ستار العلوم الدينية - في انزال الضربات القوية على الحروف والخط القرآني، اشتراه لهوى مجهول مع انه يدرّس الحروف القرآنية. فشعرت - دون علمي به - امتعاضاً نحو اولئك الطلاب الخواص وأنا في الجبل. ثم نبهتهم فانتبهوا بفضل الله. نسأله تعالى نجاتهم نجاة تامةً.


الملاحق - ملحق قسطموني، ص: 129
اخوتي!
ان مسلكنا دفاع لا اعتداء، تعمير لا تخريب، ونحن محكومون لا حكام. فالذين يتعدّون علينا كثيرون لا يُحصون. ولا شك ان في مسلكهم حقائق مهمة هي بضاعتنا نحن، فلا حاجة لهم الينا في انتشار تلك الحقائق، فلهم الالوف ممن يقرأونها وينشرونها، فنحن بسعينا لمعاونتهم تتزعزع كثير من الوظائف التي وضعت على كاهلنا ونكون وسيلة الى ضياع ما يجب محافظته من اسس وحقائق رفيعة تخص الطوائف، كلاً على حدة.
فمثلاً: لقد أُلّفت مؤلفات تهئ لنوع من العداء للاولياء متخذة بعض الرخص الشرعية ستاراً، وأحداث الزمان حجةً، فان الوظيفة الاساس لرسائل النور - من دون ان تُشملها العموم - هي الحفاظ على اساس الولاية الجارية ضمن الحقائق الاسلامية واساس التقوى، واساس الأخذ بالعزيمة وأسس السنة النبوية الشريفة وامثالها من الاسس الدقيقة المهمة، فلا يمكن ترك تلك الاسس بحجة الضرورة وحادثات الزمان.
***

[تأويل حديث متشابه]لعدم وضوح المعاني الحقيقية لأحاديث صحيحة تخص نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان وقتله الدجال، فإن قسماً من العلماء الظاهريين - أخذاً بظاهر تلك الروايات والاحاديث - قد وقعوا في الشبهات او انكروا صحتها، أو ألبسوها معنى خرافياً بما يشبه انتظار صورة محالة، فيضرون عوام المسلمين. اما الملحدون فينشرون امثال هذه الاحاديث البعيدة عن العقل ظاهراً، فيشنون هجوماً على الحقائق الاسلامية مستخفّين بها.
أما رسائل النور فقد اظهرت - بفيض القرآن - التأويلات الحقيقية لأمثال هذه الاحاديث المتشابهة.
والآن نقدم مثالاً واحداً كانموذج وهو الآتي:
هناك رواية تفيد أن عيسى عليه السلام عند جهاده الدجال واثناء قتله له يقفز بمقدار عشرة اذرع ليتمكن من ضرب ركبة الدجال بسيفه.

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس