عرض مشاركة واحدة
قديم 08-14-2008
  #1
محمّد راشد
رحمه الله
 الصورة الرمزية محمّد راشد
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 404
معدل تقييم المستوى: 16
محمّد راشد is on a distinguished road
افتراضي بين الحفظ والعصمة

بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله ربّ العالمين, الذي تنزه عن الأشباه والنظائر وحارت دون إدراك جلاله الأحداق ودهشت في مجلى جماله النواظر
اللّهمّ صل وسلم وبارك وأنعم وتكرم على حبيبنا ونبينا وقدوتنا ووسيلتنا إلى ربنّا سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين.

يقول الشيخ أحمد فتح الله جامي:

الله انزل القرآن ليعمل المؤمنون به حتى يتخلصوا من نار جهنم وعذابها, وقد قال الله تعالى: (إنّا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) الحجر/9, وكما أن القرآن محفوظ بالله, ومعصومية الأنبياء أيضا بالله, كذلك أهل القرآن إذا قاموا بحقوقه , باجتناب نواهيه وتطبيق أحكامه, يكونون محفوظين بحفظ الله, فمحفوظية القرآن الكريم بالله تعالى وليست بأحد سواه, وهو محفوظ حكما ولفظا ومعنى, وكذلك من اتبع القرآن الكريم أمرا ونهيا يكون محفوظا بحفظ الله, فكما أن الله يحفظ القرآن من التغيير في اللفظ والمعنى, كذلك يحفظ أهل القرآن الذين يقرؤونه ويعملون عملا موافقا لأوامره ونواهيه. اللّهمّ اجعلنا من أهل القرآن. وهو على كلّ شيء وكيل, وهو يقوم بالوكالة التامة بدون نقصان.
والحفظ هو الإعانة على عدم الوقوع في المعاصي, والتوفيق لتحقيق رضا الله تعالى, وليس المقصود بالحفظ عدم الابتلاء, فإن الرّسول الأعظم صلى الله عليه وسلم كان محفوظا ومعصوما وكان ابتلاؤه عظيما. منقول من كتاب "سوانح قلبية" 3/11

الفقير إلى الله قلت: أصاب الشيخ حفظه الله كبد الحقيقة, فالحفظ من الله عزّ وجلّ يكون بقدر الالتزام بالشرع الشريف, وعلى قدر تمسكه بكتاب الله سنة نبيه صلى الله عليه وسلم يكون حفظه.
والالتزام توفيق من الله عزّ وجلّ, مع وجود الكسب من طرف العبد, والحفظ إنما هو فرع من العصمة, لكن أوجب الله عزّ وجلّ العصمة للأنبياء دون غيرهم, لذا لم يحكم أهل السنة والجماعة بعصمة أحد غير الأنبياء.

فالولي قد يقع في المعصية, لكنه يتوب منها ولا يصر عليها وإلا فإن ولايته ساقطة, ولا اعتبار لها, فالصحابة -وهم خير من الأولياء قطعاً, ولا يبلغ أعلى الأولياء مقاماً مرتبة أدنى صحابي- الذين تشرفوا بصحبة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أسسوا ما يسمى اليوم بالمجتمع المثالي, ومع وقعوا في المعاصي والمخالفات, وذلك ليس مطعنا فيهم, ولا يفهم من هذا الكلام أن المجتمع المثالي معناه أنهم لا يخطئون-وإلا لصاروا ملائكة وانتهى التكليف-, بل بدرت منهم اخطاء بشرية لكنهم لم يصروا على المخالفة, وتابوا إلى الله, وما ذلك إلا لحكمة اقتضاها الله عزّ وجلّ ليبين للناس أن العصمة لا تكون إلا لنبي وملك, وليبين الله التشريع الحنيف, وليدل على أن باب التوبة مفتوح وأن الترقي في مدارج الكمال لايخرج عن حدود الطبيعة البشرية. ولو أردنا تقصي الحكم والفوائد لما كفى العمر لذلك.
وقال أهل الله: سابق العناية, لايؤثر فيه حصول الجناية ولا يحط عن رتبة الولاية.
فما بدر منهم موافقه للطبيعة البشرية لم يؤثر في منزلتهم ولم يحط من مقامهم عند الله, فليس ذلك جرحا بهم, ويقول سيدي الشيخ عبد الغني النابلسي الحنفي قدس الله سره في منظومة كفاية الغلام -بعد أن بين أن أفضلية الصحابة عند اهل السنة والجماعة وفق ترتيب الخلافة الراشدة-:
وما جرى من الخلاف بينهم
فهو اجتهاد فيه شادوا دينهم

نسأل الله تعالى أن يوفقنا أن نتصف بصفات عباده الصالحين, وأن نتخلق بأخلاق سيد المرسلين سيدنا محمّد صلى الله عليه وسلم. آمين. والحمد لله ربّ العالمين, ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم, وصلى الله وسلم على سيدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

التعديل الأخير تم بواسطة محمّد راشد ; 08-14-2008 الساعة 02:30 AM
محمّد راشد غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس