عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-2009
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: تذكرة المحبيّن في أسماء سيّد المرسلين

"الفائدة الثالثة:

من علاماتتِ محبّته عليه السّلام وتعظيمه، المبادَرةُ عند سَماع ذِكر اسمهِ أو رُؤيته بتكريمهِ، وتقبيل المكتوب الّذي اشتمل عليه اسْمُه وتوقيرُه (6أ) وتعزيرُه كما يُوَقّرُ محلَّ حلولهِ ورَسْمُه.

يُحكى أنّ رجلاً كان من بني إسرائيل في زمن موسى عليه السلام، وكان الرجلُ مُسْرِفاً على نَفْسِهِ، لم يعملْ خَيْراً قطُّ، مشهوراً بينهم بالمخالفات مستشيناً بقبيح الفِعَال والسّيئات، فَرْئِي في المنام بعد مَوتهِ على أحسننِ حالٍ وأكمله، وأحسنِ صورةٍ في كمالِ نظر ومنظر وأَجمله.

فقيل له: من أينَ لكَ هذا الزَّيْن، وهذا الحُسن والجمال وقد كنت شَيْئاً بخبائث الأَفعال، فقيراً من صَالح الأعمال؟

فقال، لأَنّي فتحتُ التَّوراةَ ذاتَ يوم فوجدتُ فيها صفة حبيب اللّه: محمّد بن عبد الله؛ فَقبّلْتُ اسْمَهُ، ووضعْتُه على رأسي، فعاملني المولى جلّ جلالُه بفضلِه، وغفرَ لي، ورَحمني لمحبْتي، إكراماً وإجلالاً لنبيّه، وحبيبه، وعبده.

فتذكّرْ أَيُّها المُحِبّ، تعظيمَ المولى ــــ جلّ جلالهُ ــــ لمقدارِ هذا النبيّ العَظيم، وما أَعدّ اللَّه سُبحانه لمن يحبُّه ويُعَظّمه، من الخَير الجَسِيم. ضاعف الله حُبّنا فيه بفضله، وأَفاضَ علينا من بَركته، وجزيل مَنّهِ ويَنْلِه." اهـ.



الفائدة الرابعة:

إذا وجدتَ اسمَهُ منبوذاً في الطُّرقات، أَو ملقًى في سِكَككِ الأَزقّات، فبادرْ فَوراً إلى نقلِه، وزوالِه، وأَنِلْهُ ذُروة العِز عندك من تعظيمه وإجلاله، لأَنّ شرفَ الاسم على قَدرِ شرفِ مُسَمّاه؛ ولا أَشرفَ مِمّن أَعلى اللَّهُ ذِكره على جميع خلقه وأسماه. وإن نالَ ذلك المكتوبَ شيء ممّا يُكرَهُ من الأَقذار، فيجبُ عليكَ غَسْلُه وتطهيرُه، وتطييبه وتنويره بما أمكن من الأَنوار.

وكثيراً ما يقعُ في هذه الأَزمان من تمكّن المَحبّة، والحمد لله في قلوبِ الإخوان، إذا رأوا المحبوبَ ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ لعلاّم الغيوب في مَنامِهم بمكان، طهّروا ذلكَ المكان، وأحْسَنُوا حاله بأتمّ إحسان، وحَملُوا المؤمنين على تعظيمه في جميعِ الأَزمان وهذا يدلُّ على حُسن الاعتقاد، وكمال المحبّة، وصدق الوداد.

ولكنْ ربّما غفَل الرّائي بجهلِه عن مقامِ المُصطفى، وما يجبُ له من كمال البِرّ والوَفا (6ب). فإنّه عليه السلام لا يُرى إلاّ على كمللِ صورة، وأحسنِ هيئة، وخيرِ مَكان.

ونصوصُ العلماء في ذلك مشهورة.

ويكونُ الرّائي عالماً بصفاتِه عارفاً بسِمَاته، وإنْ رُئي على غيرِ أَوصافِه، فذلك لنقصٍ في دين الرّائي، وأَوصافِه.

فينبغي لكَ إذا رأيتَ اسْمَهُ في مكانٍ أن تحمَيه من الآفات، وعلى قَدْرِ قوّة الحب في قلبك، يكونُ إسراعُك في مَحْو تلك السّيئات. وابْتَغِ بذلك مَحبّته، فإنّ مقامَهُ عندَ مولاه عظيم؛ واطلبْ من الله سبحانَهُ الثّوابَ في إكرامِه، فإنّ فضلَ مولانا عميم.

واستحضرْ كما رواه جعفر الصّادق عن أبيه عن الحُسَين بن علي؛ رضي الله عنهم أَجمعين، أَنَّهُ دَخلَ ذاتَ يومٍ الخلاء فوجدَ فيه كسرةً من خُبز، فأخذها وغَسلها، وناولَها لعبدِه، وقال له: ذكّرْني إذا خرجتُ وفَرغت. فَلمّا فَرغ من شُغله، قال لعبده: أين الكِسرة؟. قال العبدُ لسيّده: إني أَكَلْتُها. فقال له سيّده: أنتَ حُرٌّ لِلَّهِ تَعالى. فقل العبدُ له: يا مولاي، لأيّ شيءٍ أَعْتَقتني؟. قال السيّد: حَدَّثَتْنِي أُميّ فاطمة، عن أبيها جَدّي محمد ــــ صلى الله عليه وسلم أنّه قال: «مَنْ دَخل خلاءً أو مِرحاضاً، فوجدَ فيه كسرةً أو لُقمةً فغَسلها، وأحسنَ غَسْلَها وطيَّبَها، ثم أكلَها، غَفر الله له ذنوبه كُلّها». فأنْتَ أيها العبدُ مغفورٌ لك؛ فكرهتُ أن أَملكَ رَجُلاً من أهلِ الجَنّة؛ فأعتقتك.

لذلك فاقْتَدِ ــــ أيُّها الطالبُ للمحبّةِ ــــ بهذه الآثار، واقتطفْ من هذه السُّلالة الكريمة مشمُوماً من الأَزهار، فإذا كانَ هذا الكَرَمُ لمن أحْيَ ما تقومُ به الأَجسادُ والأَبدانُ، فكيفَ بِمَنْ أَحيى، وحَمى اسم مَن قامت برحمته الأرواح والأكوان، وقد قال عليه السَّلام:
«من أَحْيى سُنَّةً من سْنْتي قد أُميتت، فكأنّما أَحيانِي ومَنْ أَحْياني كانَ مَعِي في الجَنّة».

وإذا كان هذا الثّواب في إحياءِ السُّنّة إكراماً لها فكيف بِمَنْ كرَّم أسماءَهُ، وحَفِظها، وعَظّمها؟.

وربما كان بعضُ الصالحين يبتلعُ المكتوبَ الذي فيه الأسماءُ الشَّريفة كأَسمائِه تعالى، وأسماءِ رُسله ــــ عليهم السَّلام ــــ ويرون أنّ ذلك من كمال التّعظيم (7أ).

قاصداً بذلك فضلَ ثَوابِ اللَّهِ تَعالى، وإكرامه، وخيره العميم، وَأبوابُ الخير كثيرة، وقد وَسِعَها اللَّهُ تعالىُ رحمةً منه بأهل المخالفات، فمن كَرَمِه وَجُودِه، أَنْ قال جلّ جلاله:
{ إِنَّ الحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ} (هود 114) " اهـ.



الفائدة الخامسة:

من كمال محبّته، وبرّه وتعظيمه، ومحبّة أَسمائه، التسميةُ بما يجوز لنا أن تسمّى به منها، وكثرة ذلك، وتوقيرُ من سُمّيَ بها والسلوك به أحسنَ المسالك، والحذرُ من نداءِ ذلك الاسم وخطابه بقبيح الكلام، تعظيماً لمن تسّمى به عليه أَفضل الصلاة والسلام.

وقد ذكر لي بعض الشُّيوخ الفُضَلاء، والجهابذة النبلاء عن بعض العَلماء من أَهل تِلمسان، المتخلّقين بالعلم، المُمتثلين لآداب الرحمن، أنه كان سمّى ولداً له باسم أبيه، وكان يَستحيي إذا عَرضت له حاجةٌ عنده أَن يناديه، كراهةَ أن يذكرَ اسم والده بلفظه، ويرى أَنّ ذلك عنده منقصةٌ لقدره، ولحظّه.

فإذا كان هذا السيّد يرى أنْ هذا الأَدب مع والده مطلوب فكيف لا يرى أنّ فعل هذا مع من تَسمّى باسم حبيب اللَّه محبوب مَرغوب؟ فالمحبَّةُ الصّادقة الفائقة إذا تحكّمت في القلوب ربّما تفطّر القلبُ منها عند سَماع ذكرِ المحبوب.

وربّما كان بعض المحبين إذا سمع نداءَ من تَسَّمى باسم الحبيب ــــ صلى الله عليه وسلم ــــ لأَنْ يذكر اسمه المسمّى به، اشتقاق قلب المحبّ إليه، فتعيّنت الصَّلاةُ عليه عند ذكره، وإلاّ كانَ بخيلاً، وكان مَذْمُوماً على بُخله بها ذَمّاً طويلاً.

ولا شك أَنْ تارك الصّلاة عليه عند ذكره أبخل من مادِر ولا يصدرُ مثل ذلك قاصداً له إلاّ من جاحد.

وسنذكر مع بعض من أسمائه عليه السلام ــــ إن شاء الله تعالى ــــ ما يجوز منه التّسمية به منها، وما لا يجوزُ، وأنّ مَنْ تَسمَّى ببعض أَسمائِه حقّ له في الدّنيا والآخرة أَن يفوز." اهـ.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس