الموضوع: الشعاع الخامس
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-02-2008
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

ثانيتهما:

ان قسماً من الاحاديث قد ورد من حيث كثرة المسلمين في تلك المنطقة، او من حيث وجود الحكومة الاسلامية هناك، او من حيث مركز الخلافة الاسلامية، لكنه ظُنَّ أنه شامل لجميع المسلمين، ولجميع أنحاء العالم، وعلى الرغم انه خاص من جهة، الا انه تُلقي كلياً وعاماً.

_____________________

1 روى مسلم في كتاب الزهد، وصفة الجنة والايمان، عن ابي هريرة رضي الله عنه قال: (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ سمع وجبة (اي سقطة) فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تدرون ما هذا؟ قلنا: الله ورسوله اعلم، قال: هذا حجر رمي به في النار منذ سبعين خريفاً فهو يهوي في النار الآن حتى انتهى الى قعرها) زاد في رواية "فسمعتم وجبتها" (4/2184 - 2185 رقم 2844).

وروى عن جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم من سفر، فلما قرب المدينة هاجت ريح شديدة تكاد ان تدفن الراكب، فزعم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "بعثت هذه الريح لموت منافق، فلما قدم المدينة فاذا منافق عظيم من المنافقين قد مات". ( 4/2145 رقم 2782 ). ورواه احمد بغير هذا اللفظ (3/341، 346). وانظر شرح الشفا لعلي القاري (1/697).

الشعاع الخامس - ص: 106

فمثلاً: ورد في الحديث الشريف: (لاتقوم الساعة حتى لايقال في الارض: الله.. الله) 1.

أي: ستغلق ابواب أماكن الذكر، وسيُنادى بالاذان وباقامة الصلاة بالتركية.

النقطة الرابعة:

مثلما حُجبت امور غيبية كالاجل والموت لحكم ومصالح شتى، فان القيامة - التي هي سكرات موت الدنيا واجل البشرية وموت الحيوان - قد أخفيت كذلك لمصالح كثيرة.

اذ لو كان الاجل معيناً وقته، لاختلت الموازنة بين الخوف والرجاء، تلك الموازنة المبنية على مصالح وحكم؛ اذ كان نصف العمر يمضي في غفلة مطبقة، يعقبه خوف رهيب كمن يساق خطوة خطوة نحو المشنقة.

واجل الدنيا وسكراتها اي القيامة يشبه هذا تماماً، اذ لوكان وقتها معيناً، لكانت القرون الاولى والوسطى غير متأثرة بفكرة الآخرة الا قليلا ولا ينفعل بها الا جزئياً، اما القرون الاخرى فكانت تعيش في رعب مستديم. وما كانت لتبقى - حينئذ - للحياة متعة وقيمة، ولا للعبادة - التي هي طاعة الفرد باختياره ضمن الخوف والرجاء - أهمية وحكمة.

ثم، لو كان وقت القيامة معيناً، لدخل قسم من الحقائق الايمانية ضمن البديهيات، أي يصدق بها الجميع سواء أرادوا أم لم يريدوا، ولاختل عندئذ سر التكليف وحكمة الايمان المرتبطان بارادة الانسان واختياره.

وهكذا اخفيت الامور الغيبية لأجل مصالح كثيرة امثال هذه، فصار الانسان يتوقع مجئ أجله كل دقيقة مثلما يتوقع بقاءه فيها، ويفكر فيهما معاً، ويسعى بجد للدنيا سعيه للآخرة، ومثلما يتوقع قيام الساعة في كل عصر يتوقع دوام الدنيا فيه ايضاً. ومن هنا غدا الانسان متمكناً من العمل للحياة الابدية وهو ينظر الى فناء الدنيا، ويعمل في الوقت نفسه لعمارة الدنيا، وكأنه يعيش أبداً.

ثم أنه لو كان وقت المصائب والبلايا معيناً، لتجرع الانسان أذى وألماً معنويين من جراء انتظاره وقوع المصيبة ونزول البلاء أضعاف أضعاف ألم المصيبة نفسها. لذا

_____________________

1 حديث صحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه، رواه مسلم 148 واحمد والترمذي والحاكم 4/494 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات

التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 01-24-2010 الساعة 07:08 PM
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس